أبرز الأخبار

حرب شوارع في «كوباني»، والمدينة على وشك السقوط

بينما ابتعدت سوريا عن ساحة المواجهات مع تنظيم الدولة «داعش»، وسلمت الملف كاملاً الى التحالف الدولي، وتفرغت لمواجهة الجيش الحر، وبعض التنظيمات الاخرى، بدا واضحاً ان مدينة كوباني الكردية تركت لتقرير مصيرها بنفسها، ولمواجهة ما يعتقد انه مصيرها المحتوم امام ضربات داعش.

ويبدو ان التحالف الدولي اصبح غائباً بشكل شبه تام عن تلك المدينة، التي تشهد حالياً حرب شوارع، بينما ارتفع علم داعش على احدى البنايات في احد اطرافها.
وعلى بعد كيلومترات قليلة، تتوقف دبابات وآليات تركية على اهبة الاستعداد. غير انها ترقب ما يجري، دون ان تطلق اية قذيفة في هذا الاتجاه او ذاك. حيث سربت معلومات مفادها ان انقرة التي تسلحت بقرار برلماني يعطيها حق التدخل خارج الحدود، لن تدافع عن مدينة كوباني (عين العرب)، وان ردها سيقتصر في حال تعرضت الاراضي التركية الى اي اعتداء من قبل تنظيم الدولة. كما انها تشكل طوقاً يمنع وصول اية مساعدات من اكراد تركيا الى تلك المدينة المنكوبة. وتربط حكومة اردوغان اي تطور في موقفها باعلان اميركي ينص صراحة على ان الهدف هو اسقاط النظام السوري. وربما تطالب باطلاق يدها في هذا المطلب.  وترى ان القضية ليست قضية «كوباني» وانما قضية النظام وسقوطه.
من جهته، وبينما ابدى النظام السوري تأييده لاي طرف يمكن ان يقاتل داعش، ويصف تلك المواجهة بانها حرب ضد الارهاب، ولا يمانع في السماح لتلك القوى في اختراق الاجواء السورية لهذا الغرض، فإنه يحذر تركيا تحديداً من مثل تلك الخطوة، ويعتبرها اعتداء على ارضه.

معادلة معقدة
إذاً، المعادلة لا تخلو من التعقيد، والمشهد اكثر من خطير. والتوتر يسود تلك المنطقة، وقد يكون اكثر تعقيداً من اية بقعة اخرى على الارض السورية. وفي الوقت نفسه، فإن الايام الاخيرة يمكن ان تكون الاكثر عنفاً في تلك البقعة من العالم.
والمشهد بشكل عام يكشف عن ان الحملة الدولية ليست ذات فاعلية، حيث لا يزيد عدد الطلعات الجوية عن عشر طلعات يومياً فقط. وان تركيا تربط التدخل بمتطلبات محددة، ما يعزز الفرضية التي تصف ما يجري بانه اشبه بـ «حوار الطرشان»، حيث يرد عليها امين عام حلف الاطلسي بان الحلف سيساند انقرة في حال تعرضت الى هجوم من داعش.
ميدانياً، تقول التقارير ان الغموض ما يزال يلف مصير المعارك المحتدمة بين تنظيم الدولة الإسلامية ومقاتلي وحدات الحماية الكردية في مدينة عين العرب شمالي سوريا، وسط تضارب للأنباء بشأن سيطرة تنظيم الدولة على المدينة التي يقال انها تشهد اشتباكات عنيفة منذ الليلة الماضية أسفرت عن مقتل العشرات من الجانبين.
وأعلن تنظيم الدولة سابقاً سيطرته على كامل تلة مشتى نور وعلى عشرات المنازل في أحياء تقع في الجهة الشرقية داخل عين العرب،  إلا أن وحدات الحماية الكردية نفت دخول التنظيم للمدينة، وقالت إن الاشتباكات لم تجاوز أطراف مشتى نور, ومن الجهة الشرقية للمدينة التي يسميها الأكراد كوباني.

رفع راية داعش
من جهتها قالت وكالة رويترز إن تنظيم الدولة رفع رايته على مبنى من أربع طبقات بالجانب الشرقي من عين العرب، وهو أمر أكده أيضاً ضابط بالجيش التركي.
في المقابل، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلين أكراداً صدوا هجوماً ليلياً لتنظيم الدولة على عين العرب بعد معارك عنيفة أسفرت عن مقتل 19 مقاتلاً كردياً و27 مقاتلاً من التنظيم.
وتخلل الهجوم تفجير انتحاريين من التنظيم نفسيهما في موقع قريب من المقاتلين الأكراد على هضبة مشتى نور جنوب المدينة. وجاء الهجوم بعد تفجير مقاتلة كردية نفسها أمام مقاتلين من التنظيم، مما أوقع عدداً من القتلى في صفوفهم.
ويحاول تنظيم الدولة منذ نحو ثلاثة أسابيع دخول عين العرب بهدف السيطرة على شريط طويل ممتد بمحاذاة الحدود السورية – التركية، غير أن الضربات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع التنظيم ساهمت في إعاقة جهوده لاقتحام المدينة.
وعلى الجانب التركي من الحدود، استخدمت قوات الأمن التركية الغاز المسيل للدموع لتبعد عشرات الصحافيين والمدنيين ومعظمهم من الأكراد يتابعون حصار المدينة.
ووجهت قوات الأمن إنذاراً بمكبرات الصوت قالت فيه «ارحلوا أو سنتدخل»، قبل أن تغرق المنطقة بسحابة من الغاز المسيل للدموع. وأبعد المدنيون ووسائل الإعلام إلى مسافة 700 متر تقريباً عن الخط الفاصل بين سوريا وتركيا. وعلى سبيل الاحتياط من سقوط قذائف، عمدت قوات الأمن التركية إلى إخلاء قريتين صغيرتين.
في الوقت نفسه، اعتبرت وزارة الخارجية السورية اي تدخل تركي في سوريا «عدواناً موصوفاً»، وذلك غداة اقرار البرلمان التركي مشروع قانون يجيز للجيش شن عمليات ضد مقاتلي تنظيم «الدولة الاسلامية» في سوريا والعراق.

رسالتان متطابقتان
وجاء في «رسالتين متطابقتين» بعثت بهما وزارة الخارجية الى الامين العام للامم المتحدة ورئيس مجلس الامن ونشرت نصهما وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا»، ان «النهج المعلن للحكومة التركية يشكل انتهاكاً سافراً لميثاق الامم المتحدة، الذي ينص على احترام السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية». واضافت «كما يشكل عدواناً موصوفاً على دولة هي عضو مؤسس في منظمة الامم المتحدة».
ورأت الخارجية السورية ان على «المجتمع الدولي، وبشكل خاص مجلس الامن، التحرك لوضع حد لمغامرات القيادة التركية، التي تشكل تهديداً للامن والسلم الاقليمي والدولي، وان يقفا وقفة جادة، ويتخذا موقفاً حازماًا ومسؤولاً لوضع حد لنهج أنقرة المدمر». ودعت المجتمع الدولي الى «ارغام انقرة على الامتثال لقرارات مجلس الامن ووقف الدعم اللامحدود الذي تقدمه للتنظيمات الارهابية المسلحة ومطالبتها بوقف تدخلها في الشؤون الداخلية لسورية».
ويجيز قرار البرلمان التركي للجيش شن عمليات ضد مقاتلي تنظيم «الدولة الاسلامية» في سوريا والعراق. ويعطي القانون الضوء الاخضر للجيش للقيام بعملية عسكرية في الاراضي السورية والعراقية، ويجيز له كذلك نشر قوات اجنبية على الاراضي التركية يمكن ان تشارك في تلك العملية.
واعتبرت صحيفة الثورة السورية ان الرئيس التركي رجب اردوغان يتخذ من حماية ضريح سليمان شاه الموضوع تحت السيادة التركية في محافظة حلب في شمال سوريا، من تنظيم «الدولة الاسلامية»، ذريعة من اجل التدخل في سوريا.

تحذير اردوغان
وكان اردوغان حذر التنظيم المتطرف من المس بضريح سليمان شاه، جد مؤسس الامبراطورية العثمانية، الذي يحرسه جنود اتراك. وقال «لن نتردد بتاتاً في الرد في حال حصل اي شيء هناك»، معتبراً ان الارض التي عليها الضريح «ارض تركية».
ويقع الضريح على بعد 25 كلم من الحدود التركية داخل الاراضي السورية، ووصل تنظيم «الدولة الاسلامية» على مقربة منه منذ اسبوعين في اطار هجومه الواسع في اتجاه مدينة عين العرب الحدودية مع تركيا.
واجرى رئيس ابرز حزب سياسي كردي في سوريا محادثات مع مسؤولين في اجهزة الاستخبارات التركية حول الوضع في مدينة عين العرب (كوباني) السورية.
والتقى رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي صالح مسلم السبت في انقرة مسؤولين في وكالة الاستخبارات الوطنية شجعوه خصوصا على الانضمام الى صفوف المعارضة المعتدلة لنظام الرئيس السوري بشار الاسد، كما ذكرت صحيفة حرييت.
وتأتي هذه المحادثات بعد لقاء هذا الاسبوع بين رئيس الوزراء التركي الاسلامي المحافظ احمد داود اوغلو والمشارك في رئاسة حزب الشعب الديموقراطي (الموال للاكراد) صلاح الدين دمرداش الذي طلب مساعدة تركيا لمنع سقوط كوباني  بين ايدي جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية.

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق