لبنان مخطوف من يدفع فديته؟
لبنان مخطوف من يدفع فديته؟
شنت قوى 8 اذار ولا تزال حملة عنيفة ضد رئيس الجمهورية الامر الذي اثار استغراب الكثيرين وتساءلوا عن سبب هذا الهجوم، مع ان الرئيس سليمان يعمل بوحي من الدستور اللبناني وينطلق من الصلاحيات التي منحه اياها هذا الدستور. ويعمل لمصلحة البلد. وجندت هذه القوى كل ازلامها واتباعها للمشاركة في الحملة، فأطلوا على الشاشات الصغيرة مطلقين العنان لما جادت به ألسنتهم. والأغرب في الامر ان من بين الحاملين على الرئيس اناساً لا يمثلون الا انفسهم، سواء في المجتمع الذي يسخر ويتندر بما يصدر عنهم، أو في طوائفهم. ولكن الاوامر صدرت اليهم وهم لا يستطيعون ان يخالفوا امراً.
المراقبون لم تفاجئهم هذه الحملة المغرضة، لانهم يعلمون ما هي اسبابها واهدافها. فهذه القوى آلمها التحرك المكثف الذي يقوم به الرئيس سليمان لمواجهة الفراغ ومنع حصوله، على الاقل في سدة الرئاسة الاولى، وهو لا يترك وسيلة او باباً الا ويطرقه من اجل تشكيل حكومة تتولى تسيير شؤون الناس، وتعمل على انقاذ البلد وابعاده عن الازمات التي تعصف في المنطقة، وتهدد الساحة اللبنانية، بعدما حولوها الى صندوق بريد لتوجيه الرسائل، دون مراعاة لمصلحة البلد. فالهم الاول لديهم تلبية المصالح الاقليمية ومصالحهم الخاصة. اما المصلحة الوطنية فتأتي في آخر اولوياتهم.
لماذا يعرقلون تشكيل الحكومة وقد مضى نحو تسعة اشهر على تكليف الرئيس تمام سلام بتشكيلها باكثرية هي اقرب الى الاجماع. يومها ظن الكثيرون بان جميع القوى ستسهل مهمة الرئيس المكلف ، الا ان ظنهم خاب عندما رأوا فئة من القوى السياسية تنقلب على ذاتها وتبدأ بفرض الشروط، التي اقل ما يقال فيها انها شروط تعجيزية، من المستحيل تلبيتها. فسدت الطريق في وجه تشكيل الحكومة. فلماذا؟
من الواضح ان بعض القوى في لبنان لا تريد حكومة، الا اذا كانت حكومتها هي تنفذ رغباتها وتغطي اعمالها، وهذا بالطبع امر غير وارد في حسابات القوى الاخرى.
اما لماذا يريدون حكومة لهم هم، فذلك لأنهم مدركون او بالاحرى هم يعملون على منع اجراء انتخابات رئاسية، لأن الرئيس المقبل قد يكون مثل الرئيس سليمان يرفض الخضوع لارادتهم فبات اضمن لهم الا تجرى الانتخابات. وفي هذه الحالة، ولأن الرئيس سليمان يرفض التمديد لنفسه، فان الحكومة القائمة هي التي ستتولى مهام الرئاسة مجتمعة. وبما ان اي حكومة جديدة تتشكل لن تكون لهم وحدهم، فانهم يفضلون ان تبقى الحكومة المستقيلة قائمة لتتولى الرئاسة، كيف لا وهي حكومتهم ومن صنع ايديهم، وقد شكلوها اثر انقلاب شارك فيه البعض تحت التهديد والتهويل وهي من لون واحد. فهذه الحكومة عندما تتسلم المهمات الرئاسية ينتقل كل شيء الى ايديهم ويصبحون مسيطرين على كل السلطات فيغطون بواسطتها اعمالهم ومخالفاتهم القانونية والدستورية.
طبعاً هم يعلمون ان هذه الحكومة ساقطة وقد دفنها الشعب، خصوصاً بعدما فاحت منها رائحة الفساد على لسان وزرائها انفسهم، الذين تحولوا الى التحقيق على امل ان يستمر القضاء في اكمال خطوته الى النهاية، فلا تتدخل القوى الفاعلة وتلملم الموضوع وتسحبه من التداول. ولكن حتى لو تم ذلك فهل يعتقدون ان الشعب سينسى ما سمعه من فضائح وردت على لسان الوزراء؟ وهل يقبل بان تتولى هكذا حكومة المسؤولية الكبرى وتصبح الآمر الناهي؟
ان لبنان مخطوف بكل ما للكلمة من معنى فهل يقيض له الله من يدفع الفدية عنه ليخرج الى النور؟
ان الامل يبقى قائماً مهما اشتد سواد الايام الحالكة وعلى هذا الامل نحيا ونردد مع القائلين: ما اضيق العيش لولا فسحة الامل.
«الاسبوع العربي»