صحة

الفتق… حين تخرج الأحشاء من البطون!

زار الطبيب ليُراقب كبده المنتفخ فحذره من فتقٍ ممكنٍ في المعدة! ارتاح لكبدِهِ لكنه قلِقَ لمعِدتِهِ… فلماذا هو معرضٌ للفتقِ؟ وماذا يعني فتق المعدة؟ هل من عوارض؟ هل العلاج جراحي؟ وهل هناك مجال لتداركِ الإصابة؟
الفتق نسمع به ويحذروننا منه: لا ترفعوا أوزانا كي لا تصابوا بفتقٍ! نسمع فنضحك. لكن هل نحن فعلا (نكرر) معرضون؟ هل كلنا معرضون؟ وهل الذكور أكثر عرضة للإصابة من الإناث؟ أسئلة مفتوحة…

السؤالُ الأول الذي طرحه من حذره طبيبه من فتق: وكيف أعرف أنني مصاب؟ هل من علامات؟ هل من إشارات؟ صحيح، وكيف يعرف هذا؟ جواب طبيب الجهاز الهضمي واضح: الفتق مثل الشمس لا يمكن أن يُحجب عن النظر وستعرف به، يا من تخشى منه، كما تعرف أن النهار بزغ من ضوء الشمس! تشبيهٌ لا يحتمل أي شك فالشمس لا تحجب والفتق لن يُحجب. ممتاز، لكن ماذا يعني وجود فتق؟

الفتق انواع
ظهور فتق معناه بروز عضو من مكانه من خلال جدار التجويف الذي يحتويه. ماذا يعني هذا بشكلٍ أدق؟ معناه خروج عضو من مكانه. بروزه. نتوئه. في كل حال، حين نسمع بفتقٍ نخال دائماً أنه في البطن بينما الفتق أنواع أهمها ثلاثة: فتق البطن وفتق السرة وفتق الفخذ.
متى يكون المرء في عين الخطر؟ متى يمكن للطبيب أن يتكهن ويقول لزائره: إنتبه مستقبلاً من فتق في المعدة؟
السمنة الشديدة عامل خطر. الرياضات العنيفة عامل إضافي قد يزيد الضغط على تجويف البطن ما يتسبب بفتق. السعال الشديد قد يؤدي أيضاً وأيضاً الى حدوث فتق. الإمساك لا يقل هو أيضاً خطراً. فهل أنت في خانة مثل هؤلاء الأشخاص؟ نعم؟ أنت إذاً معرض.
ماذا لو أهملت هكذا إصابة؟ ماذا لو عرفت وغضيت النظر؟
كلما كان الفتق كبيراً كلما بات خروج الأحشاء منه متاحاً أكثر وهذا ما قد يؤدي، بحسب الإختصاصي في الجهاز الهضمي جورج الحاج، الى انسداد في الإمعاء الغليظة والدقيقة ما يستلزم إجراء عمل جراحي فوري وسريع، كي لا يؤدي إختناق الأحشاء هذا الى عرقلة مرور الدم إليها وهذا ما قد يتسبب إذا أهمل بحدوث غرغرينة وكلنا نعرف معنى الإصابة بغرغرينة. في كل حال إذا ظهرت أعراض ارتفاع في الحرارة واشتدت آلام البطن كثيراً تكون الغرغرينة قد ضربت ضربتها!


اعراض
أهم الأعراض إذاً التي قد تنتج عن فتقٍ هي حصول تسمم عام في الجسم ناتج عن غرغرينة وقد يتزامن هذا مع ألم شديد في البطن وتقيؤ متكرر، وقد يبقى الألم خفيفاً أحياناً لكن هذا لا يعني أن الخطر أقل.
علاج الفتق يكون عادة جراحياً من خلال المنظار ويكون الشفاء غالباً سريعاً. ويمكن تفادي في بعض الحالات العمل الجراحي وذلك بإجراء «رتق» وبعدم إجهاد العضلات فترة من الزمن بالإمتناع عن حمل أشياء ثقيلة أو القيام بتمارين عنيفة وتجنب طبعا السمنة والإمساك. والفتق، لمن لا يعلم، قد يكون أولياً حدث لأول مرة أو مرتجعاً سبق إن عولج وتكرر. والفتق أنواع قد يكون غير مرتد أي لا يمكن إعادة وضعية الأحشاء على ما كانت عليه قبل حدوثه أو مسدوداً أي أن الإمعاء تكون مسدودة ما يستلزم عملاً جراحياً عاجلاً أو يكون مختنقاً وهذه علامة تؤشر الى اقتراب موت الأحشاء أولاً ثم موت المريض لاحقاً هذا طبعاً (نكرر) إذا أهملت الإصابة.
علمنا أن الفتاق قد يصيب من يعاني من السمنة الشديدة ومن الإمساك أو يحمل شيئاً ثقيلاً لكن هل هذا كل شيء؟ أليست هناك أسباب أخرى ترفع إمكانية الإصابة؟
ثمة أسباب خلقية قد تؤدي الى خروج الأحشاء من منطقة ضعيفة في البطن أو في السرة. ثمة إذاً حالات فتاق كثيرة قد تحدث بين الأطفال سببها إما خلقي أو بسبب كثرة بكاء الطفل ربما أو معاناته من الإمساك الشديد.
يظهر الفتق على شكل كتلة بارزة، هذا في الظاهر، والسؤال: ماذا تحتوي هذه الكتلة؟
تضم الكتلة الناتئة، لمن يهمه الأمر، دهون البطن والإمعاء الغليظة وربما الإمعاء الدقيقة أيضاً وحتى الزائدة الدودية نفسها ويمكن أن تدخل فيها أيضاً أجزاء من الأحشاء الأخرى إذا كان الفتق كبيراً. في كل حال يفترض أن تتذكروا دائماً أن الأنسجة التي تكون قد تمزقت في منطقة الفتق لا يمكن أن تعود وتلتئم وحدها أبداً ما يعني أن التدخل العلاجي يكون قد أصبح بمجرد حدوث التمزق ضرورة لتجنب وصول أطراف الأمعاء الى تجويف البطن.

لماذا الرجال غالباً؟
سؤال يُطرح دائماً: لماذا نسمع عن رجال يعانون من الفتاق أكثر مما قد نسمع عن نساء أصبن به؟
الجواب قد لا يعجب كثيراً من الرجال وفيه: أن هناك ثمانية رجال يصابون بالفتاق مقابل إمرأة واحدة وسبب هذا أن عضلات الرجال في هذه المنطقة من الجسم تكون أضعف منها عند النساء. خبرٌ طبعاً لن يسرّ، كما سبق وقلنا، أبناء الجنس الخشن.  ونبقى في الإطار عينه لنشير الى أن الرجال يعانون أيضاً أكثر من بنات حواء من «الفتق الأربي» ويُقصد به ذاك الفتق الذي يحصل تحت البطن وسببه المباشر طبعا الإمساك المزمن. أما فتق السرة فتصاب به النساء أكثر من الرجال بسبب الحمل والولادة.
نعود الى الصغار الذين أكثر ما يعانون من الفتق الأربي الخلقي وهو شائع طبعاً بين البنين أكثر بكثير من البنات وينتشر خصوصاً بين من ولدوا منهم خدجاً أكثر من انتشاره بين من ولدوا في الموعد الصحيح المحدد، ويكون الفتق غالباً عند جهة اليمين ويمكن أن يكون من الجهتين، على اليمين وعلى اليسار، لدى نسبة قد تصل الى ثلاثين في المئة من الأطفال ونسميه الفتق الثنائي!
أتريدون تفصيلاً أدق عن الفتق عند الصغار؟
موقع المصران الطبيعي إذاً في البطن، ويجب أن يظل فيه ليكون في مكانه الطبيعي، لكن في حال خرج منه عبر فتق ما، لسبب من الاسباب، وتمدد عند طفل نحو الصدر فهذا يُردّ غالباً الى تشوّه خلقي ويُسمى فتق داخلي. ويكون سبب الفتاق الطبيعي، الذي نعرفه في أسفل البطن عند الصغار، خلقياً. ثمة قناة تتكون عند كل جنين وهو في بطن أمه، تنزل عند الصبيان من البطن الى الخصية، وعند البنات من البطن الى المبيض، وحين يرى الجنين، ذكراً كان أو أنثى، النور تقفل هذه القناة أوتوماتيكياً. وفي حال حدوث خلل ما يبقي عليها مفتوحة، يصبح الطفل معرضاً الى حدوث فتق في مرحلة لاحقة، قد يتأخر حدوثها أو لا لأسباب غير واضحة بعد، والفحوصات التي تُجرى عادة على الأطفال إثر الولادة لا تبين وجود هذا الخلل، الذي قد يكبر مع الطفل ولا يمكن معرفة وجود قناة مفتوحة للأسف إلا إثر بدء المعاناة.
وماذا بعد؟
الفتق قد يحدث عند الكبار وقد يولد عند الصغار أيضاً وفي الحالين لا تهملوه… الفتق يحتاج الى رتي وإلا اتسع وتمدد وبات عصياً فنكون في مشكلة ونصبح في مشكلات!

نوال نصر
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق