أبرز الأخباردوليات

ترتيبات سرية لـ «حرب داعش البرية» وايران ترفض ودمشق تصمت والتحالف يستعد

تقاطعات عديدة، ونقاط غامضة، تلقي بظلالها على المرحلة الثانية من حرب التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية «داعش». ففي الوقت الذي استكمل قادة جيوش 22 دولة تندرج ضمن اطار التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش، اجتماعاتهم في قاعدة اندروز الجوية في الولايات المتحدة، تشير المعلومات المتسربة الى ان القادة اتفقوا في ما بينهم على تفاصيل الحرب البرية، التي يعول عليها في القضاء على التنظيم، ولكن ضمن فترة طويلة، قال عنها الرئيس الاميركي باراك اوباما انها قد تصل الى 30 عاماً. بينما اشار العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني خلال لقاءاته مع سياسيين اردنيين، انها قد تصل الى ما بين 10 – 15 سنة.

الشارع الدولي الذي بات مهيئاً لحرب طويلة، ما يزال يعتقد ان الصورة غير واضحة المعالم. وفي الوقت نفسه بات يدرك ان الحرب ستكون مكلفة جداً، وان الكلفة قد تتجاوز العوامل المادية الى ما هو ابعد من ذلك. وبالتزامن، هناك احساس عام بان تلك الحرب ضرورية الى الدرجة التي تعتقد كل دولة انها حربها الخاصة مع الارهاب.
غير ان ذلك لم ينه حالة التناقض في فهم المشروع، ومدى تقبله من بعض الجوانب، استناداً الى خلفيات تاريخية، والى معلومات متقاطعة قدمتها الولايات المتحدة، وبالتالي الى مواقف مبدئية يصر البعض على الجهر بها.

الحرب البرية
ومع ان ملف الحرب البرية جديد في تفاصيله، الا ان آخر مستجداته يتمثل بكم من المواقف، ابرزها الرفض الايراني لاي تدخل عسكري في العراق، وكذلك في سوريا، والصمت السوري الحذر، والموقف التركي المعدل. بينما تشير المعلومات الى ان دول التحالف قد استكملت وضع تصوراتها واقرار الاطار العام للحرب. وقيام الولايات المتحدة بارسال مائة عسكري قالت انهم «مستشارون» ليرتفع عدد «المستشارين» الذين وصلوا الى بغداد الى خمسمائة مستشار. وهناك معلومات عن خطة لرفع هذا العدد الى 1200.
الدول الاخرى المشاركة في التحالف، تلوذ جميعها بالصمت. غير ان زيارات مكوكية لعسكريين وخبراء، وسياسيين تتواصل على مدار الساعة. في اشارة الى ان ساعة الصفر للعمليات البرية اصبحت قريبة. ومعلومات تتحدث عن ان تلك الحرب لن تأخذ الشكل التقليدي، وانما تنفذ على شكل عمليات خاطفة، ومن قبل وحدات خاصة، دون تحديد مسبق للاهداف، التي قد تشمل مدينة عين العرب «كوباني»، وقد تمتد الى مواقع منتقاة ضمن اطار المخطط الشمولي للحرب ضد التنظيم.
ففي الموضوع التركي، عدلت انقرة من موقفها بخصوص الحرب ضد داعش، بدءاً من كوباني، وتوصلت واشنطن وأنقرة إلى ما يمكن ان يكون «حلاً وسطاً» بحيث تسمح الحكومة التركية بتسهيل عبور مقاتلي البشمركة من كردستان العراق إلى عين العرب الكردية والسماح لطائرات أميركية باسقاط شحنات سلاح إلى مقاتلي حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي من دون تغيير جوهري في سياسة واشنطن إزاء الحزب الذي تعتبره أنقره تنظيماً إرهابياً.

تدمير امدادات
وفي السياق، أعلن الجيش الأميركي أن مقاتلاته دمرت إمدادات سقطت خطأ على مشارف عين العرب شمال سوريا قرب حدود تركيا، خشية سقوطها بيد تنظيم الدولة الإسلامية بدل المقاتلين الأكراد. وذكرت القيادة الأميركية الوسطى أن كل مجموعات الإمدادات تم تسليمها بنجاح، وتضمنت أسلحة وأغذية وأدوية في أول عملية من نوعها منذ بدء القتال في عين العرب.
وكان الناطق باسم وحدات حماية الشعب الكردية ريدور خليل قال إن الأسلحة والذخائر التي ألقتها طائرات أميركية قرب المدينة ستساعد المقاتلين الأكراد كثيراً في مواجهة «الدولة الإسلامية». وأضاف انه سيكون لها تأثير إيجابي على سير المعركة معنوياً أو حتى عملياً. لكنه اشار الى انها غير كافية لحسم المعركة.
وفي أنقره، قالت نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فاليري آموس إن المنظمة الدولية ستعرض تقديم مساعدة إنسانية لمناطق آمنة مقترحة في سوريا حتى ولو تم إنشاؤها من دون قرار لمجلس الأمن. وتريد تركيا إقامة مناطق آمنة قرب حدودها لكن داخل سوريا حيث يمكن توفير الحماية للمدنيين. وقالت آموس، إذا ما أقيمت مناطق آمنة أو مناطق محمية من سوريا، فسنذهب إلى تلك المناطق لتقديم العون للناس.
وقالت آموس إن أي منطقة آمنة تتطلب قوة على الأرض لضمان حماية المدنيين، وهذا يجب أن يتم في شكل مثالي بناء على قرار من مجلس الأمن. لكنها زادت: «الاختلافات السياسية التي رأيناها في مجلس الأمن تقلل من احتمالات صدور قرار من مجلس الأمن بإقامة المناطق الآمنة».
من جهته، قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن مدينة عين العرب (كوباني)، تعتبر مدينة استراتيجية لتركيا وليس للولايات المتحدة الأميركية.
وتابع قائلاً، «إن التدابير التي سنتخذها حيال ذلك، ستكون ذات أهمية خاصة»، منتقداً ما وصفها سياسة الكيل بمكيالين متسائلاً: لماذا لا تشعرون بأي قلق حيال بقية المدن السورية التي تشهد أحداثاً مماثلة. وأضاف: إن كوباني حالياً خالية من سكانها المدنيين، الذين هم في استضافة تركيا، وعددهم نحو 200 ألف سوري كردي من سكان عين العرب.

رفض ايراني
في الاثناء، وبينما تشير المعلومات الى ان عسكريين اميركيين وصلوا الى العراق، اعلنت ايران رفضها لاي تدخل خارجي على الارض العراقية.
فقد رأى محمد شريعتي مستشار الرئيس الايراني الاسبق محمد خاتمي، أن بلاده لن تسمح لقوات التحالف الدولي ضد داعش في تنفيذ تدخل بري في العراق. وأشار شريعتي في تصريحات صحفية، إلى أن العراقيين لن يقبلوا بوجود أي جندي أجنبي على اراضيهم، لان  لهم تجربة مريرة مع الاحتلال الاميركي. وأضاف شريعتي أن إيران وافقت ضمنياً على الضربات الجوية ضد اهداف داعش، مشيراً إلى أن إيران والعراق متفقتان على عدم السماح للتحالف بالتدخل البري.
وبينما تلوذ سوريا بالصمت احياناً، وتتحدث بما يعزز فرضية مباركة أي جهد من شأنه ان يقلم نفوذ داعش، فقد سربت دمشق معلومات عن تنسيق مع «اصدقائها» من اجل مواجهة «التدخل الخارجي في شؤونها». وقد اثارت تلك التسريبات قراءات متقاطعة على اكثر من صعيد، وفسرها البعض بانها معلومات استخبارية مفادها ان الحرب البرية لن تقتصر على تنظيم داعش والنصرة، وانما قد تتعداها الى ضرب بعض المفاصل في النظام السوري. املاً باطاحته.
وفي مسار آخر، تعتقد دمشق ان هناك من سيحاول استغلال الموقف من اجل تصفية حسابات مع نظام دمشق، في اشارة الى تركيا التي ترفع شعار اسقاط النظام قبل الحديث عن أي بعد آخر.

تكثيف القصف
في الاثناء، كثفت قوات التحالف الدولي قصفها بشكل لافت على مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية، وشنت عشرات الغارات على مواقع التنظيم قرب مدينة كوباني السورية ما ادى الى ابطاء تقدمه، في حين اعلن البيت الابيض ان استراتيجيته بمواجهة هذا التنظيم تحقق نجاحا. وفي الوقت نفسه، عقد القادة العسكريون لـ 22 دولة في التحالف الدولي ضد الجهاديين اجتماعهم في واشنطن لتحديد استراتيجيتهم بمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، وذلك بعد اكثر من شهرين على بدء الضربات الجوية.
واعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما في ختام الاجتماع عن قلقه الشديد حيال الوضع في كوباني.
وقال، «نتابع عن كثب المعارك التي جرت في محافظة الانبار العراقية ونحن قلقون جدا من الوضع في مدينة كوباني السورية وحولها. هذا الامر يجسد التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا على السواء» مشيراً الى ان الضربات الجوية ستتواصل في هذين البلدين.
واضاف «نحن موحدون في هدفنا المتمثل باضعاف وتدمير الدولة الاسلامية، مكرراً انها حملة بعيدة المدى ستتخللها اخفاقات من دون شك».
وكان جوش ارنست المتحدث باسم البيت الابيض قال في وقت سابق «نحن لا نزال في الايام الاولى من وضع هذه الاستراتيجية، الا ان العناصر التي نملكها حتى الان تفيد بان هذه الاستراتيجية تحقق نجاحاً».

تبادل معلومات
من جانبه اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري انه قرر ونظيره الروسي سيرغي لافروف تكثيف تبادل المعلومات الاستخباراتية حول تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق. وأكد كيري في باريس ان تركيا سمحت للتحالف باستعمال بعض منشآتها.
واعتبر كيري انه لا يوجد اي خلاف في الموقف بين البلدين بعد المحادثات التي جرت بين القادة الاتراك والموفدين الاميركيين.
واضاف ان تركيا وافقت بالتأكيد على استعمال بعض منشآتها – دون الدخول في تفاصيل الاتفاق -.
وبحسب كيري، فان تركيا بوصفها عضواً في الحلف الاطلسي، ستحدد دورها مع جدوله الزمني في موازاة التقدم في تحديد المسؤوليات وتوزيعها داخل التحالف.  مشدداً على ان لتركيا دوراً مهماً جداً تمارسه في هذه العملية.
وفي واشنطن نظم قائد الجيوش الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي اجتماعاً طارئاً في قاعدة اندروز الجوية في ماريلاند بضاحية العاصمة الفدرالية ضم القادة العسكريين لـ 22 دولة في التحالف الدولي ضد الاسلاميين الجهاديين في سوريا والعراق. وهذا اللقاء هو الاول من نوعه منذ تشكيل التحالف الدولي في ايلول (سبتمبر).

تقويم الوضع
وقال اليستير باسكي المتحدث باسم مجلس الامن القومي في البيت الابيض ان هذا الاجتماع هو فرصة لمناقشة التقدم الذي حققه التحالف ومواصلة تنسيق ودمج القدرات الفريدة لشركاء التحالف في شكل كامل.
واضاف ان الرئيس باراك اوباما انضم الى الاجتماع في وقت لاحق لمناقشة اجراءات اضافية يمكن ان يتخذها التحالف لاضعاف تنظيم الدولة الاسلامية، والقضاء عليه نهائياً.
وقال اوباما:ان الحرب على داعش ستكون حملة طويلة الأمد فيها تقدم وانتكاسات.
واعتبر ان هدف التحالف ضد داعش هو تدميره كي لا يصبح خطراً على المنطقة والعالم.
واضاف، انا قلق بشدة من الوضع حول كوباني وفي محافظة الانبار والضربات الجوية ستستمر.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع رفض كشف هويته ان «الهدف ببساطة هو التاكد من ان الجميع على موجة واحدة».
وقدم قائد القيادة الاميركية الوسطى التي تشرف على الحملة الجوية في العراق وسوريا الجنرال لويد اوستن خلال الاجتماع عرضاً للوضع امام القادة العسكريين. وشارك في الاجتماع ضباط كبار بينهم رؤساء اركان يمثلون 22 بلداً هي: استراليا والبحرين وبلجيكا وبريطانيا وكندا والدنمارك ومصر وفرنسا والمانيا والعراق وايطاليا والاردن والكويت ولبنان وهولندا ونيوزيلندا وقطر والسعودية واسبانيا وتركيا والامارات والولايات المتحدة.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق