اليمن: «سنة الوسط» يوقفون الزحف الحوثي، والحراك الجنوبي يطرد الشماليين من مؤسسات الدولة

بدون تخطيط او تنسيق مسبق بين القبائل السنية، وتنظيم القاعدة، وجد الحوثيون انفسهم في مواجهة مباشرة مع هذين المكونين، الامر الذي اعطى انطباعا بان الصراع الدائر هناك مرشح للتحول الى العناصر الطائفية.
وفي الوقت نفسه تشير القراءات الخاصة بتطورات الموقف اليمني الى ان البلاد تتهيأ الى مشروع تفكيك قد يكون العامل الطائفي ابرز عناصره، وخصوصاً في مناطق الشمال والوسط والشرق. بينما في الجنوب الذي قد تنطلق شرارة التقسيم منه سريعا يعتمد العامل السياسي. ميدانيا، يسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء، وعلى جميع مناطق الشمال، المحاذية الى الحدود السعودية. ويمتد نفوذه الى الشرق وصولاً الى البحر الاحمر.
اما في الوسط، فقد نجحت القبائل السنية في وقف تقدم الحوثيين، وادارت مواجهات حامية معهم، وصولاً الى سقوط عشرات القتلى والجرحى. اما في الجنوب، فقد اتخذ الاشتراكيون الذين ينضوون تحت لواء «الحراك الجنوبي» قرارهم بالانفصال، ووجهوا انذاراً الى الحكومة اليمنية بسحب الموظفين الشماليين من مؤسسات الدولة.
الازمة اليمنية تتفاعل، وسط تأكيدات بان مشروع التفكيك دخل حيز التنفيذ. الا ان الامر بمجمله مرهون بحالة من التفاؤل غير المفهومة من قبل الرئاسة اليمنية التي ترى – في العلن – في ما يحدث مشروعاً اصلاحياً. وتؤكد في الخفاء انه مشروع مؤامرة لا قبل لها بمواجهته.
مواجهات دموية
ميدانياً، اوقعت مواجهات بين مسلحين قبليين والمتمردين الحوثيين 20 قتيلاً الجمعة في جنوب غرب اليمن حيث يحاول الحوثيون احكام سيطرتهم مستفيدين من غياب سلطة الدولة، وفقاً لما اعلنه مسؤولون محليون. وقتل 12 من الحوثيين وثمانية من ابناء القبائل في هذه المعارك للسيطرة على مدينة اب ذات الغالبية السنية والتي سيطر عليها المتمردون الشيعة هذا الاسبوع.
وافاد شهود عن وقوع انفجارات في المدينة وتعرض الحوثيين لهجمات بالقذائف من قبل مسلحين قبليين تجمعوا على مشارف المدينة. وتاتي هذه المعارك غداة تظاهر مئات من افراد القبائل مطالبين برحيل الحوثيين عن المدينة.
وتقدم الحوثيون الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وميناء الحديدة الاستراتيجي على البحر الاحمر، الاربعاء باتجاه وسط البلاد ما ادى الى هجوم مضاد من تنظيم القاعدة الذي سيطر على مديرية في محافظة اب.
على صعيد اخر بدأ أنصار الحراك الجنوبي بالتوافد إلى ساحة الإعتصام في ساحة العروض في محافظة عدن جنوب العاصمة، بعد أن سقط خمسة جرحى في صفوفهم أحدهم في حالة خطيرة، إثر إعتداء قوات من معسكر بدر القريب من الساحة على مظاهرة إنطلقت منها بعد صلاة الجمعة.
وقال الأمين العام لمنظمة صح للحقوق والحريات عصام الشاعري إن مؤيدي الحراك الجنوبي بدأوا بالتوافد إلى الساحة ونصب الخيام الجديدة دعماً للمعتصمين، وتنديداً بالإعتداء الذي تعرضوا له.
وأشار الشاعري إلى أن الساحة تشهد هدوءاً حذراً في الوقت الحالي في ظل نصب المعتصمين الجدد للخيام، ولم يتخذ المعتصمون أي إجراء تصعيدي حتى اللحظة.
وقال مصدر في إدارة أمن محافظة عدن إن أحد المتظاهرين في المسيرة التي إنطلقت من ساحة العروض بدأ بإطلاق عيار ناري بإتجاه المعسكر وهو الأمر الذي أدى إلى إطلاق بعض الجنود في المعسكر للنار كردة فعل.
وأشار المصدر إلى أن المتظاهرين إتجهوا نحو معسكر بدر ما أدى إلى رفع اليقظة لدى الجنود في المعسكر وبقائهم في حالة إستنفار يصعب السيطرة عليها.
ويرى الشاعري أن الجنود التابعين لمعسكر بدر هم من بدأوا بعملية الإستفزاز حيث قاموا بأكثر من عملية إعتقال للمعتصمين على الرغم من إطلاق سراحهم بعد قرابة نصف ساعة إلى ساعة.
الحراك الجنوبي
وأعطت إحدى فصائل الحراك الجنوبي الدولة مهلة حتى 30 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لإفراغ المؤسسات الحكومية من أبناء الشمال. وتعتبر هذه هي أول جمعه يحييها أنصار الحراك الجنوبي في ساحة الإعتصام للمطالبة بفك الإرتباط.
ويرى محللون سياسيون أن الإعتداء على المتظاهرين سيؤدي إلى زيادة الأمر تعقيداً كونه سيؤدي إلى تعاطف شعبي مع المعتصمين، كما يرون أن المعتصمين لن يحققوا مطالبهم بالشكل المطلوب في حال بقوا في الساحات ولم يقوموا بخطوات تصعيدية. بينما يقول العديد من المراقبين أن أنصار الحراك الجنوبي يحاولون محاكاة التجربة التي قام بها أنصار الله «الحوثيين» في شمال اليمن لتحقيق مطالبهم، ولكنهم يستبعدون القيام بمثل هذه الخطوة كونهم لا يملكون السلاح والقوة كما هو حال أنصار الله.
ودارت اشتباكات بين مقاتلين حوثيين شيعة وانصار حزب الاصلاح السني في وسط اليمن في مؤشر جديد على خطر نشوب حرب طائفية في البلاد. وتأتي المعارك الجديدة في بلدة يريم بمحافظة إب بعد مقتل 15 شخصاً في معارك الجمعة بين مقاتلين حوثيين ورجال قبائل سنية في المدينة وضواحيها. وتبعد إب 150 كيلومتراً جنوبي صنعاء. وقال سكان ان المقاتلين الحوثيين كانوا يهاجمون منزل علي بدير عضو حزب الاصلاح في يريم. وجاء الهجوم عقب نصب كمين للحوثيين فجراً في يريم ما اسفر عن مقتل أربعة منهم.
من جهة ثانية، أمهل الحراك التهامي أنصار الله الحوثية 24 ساعة للخروج من محافظة الحديدة غرب اليمن. يأتي ذلك في الوقت الذي جابت فيه مسيرات محافظة الحديدة للمطالبة بخروج ميليشيات الحوثي من المحافظة. وقال أحمد هبه المسؤول الإعلامي للحراك التهامي إن من خرجوا بالمسيرة كانوا يحملون الأسلحة الخفيفة لاستعراض قوتهم، لافتا إلى أن الدولة أصبحت لا تعترف إلا بالقوي.
تهديد بالعنف
وأوضح هبه أن مسيراتهم حتى الوقت الراهن سلمية، لافتاً إلى أنهم قد يضطرون لاستخدام العنف من أجل حماية أرضهم.
وأشار إلى أن مدينة الحديدة لم تشهد أي عنف على مدى السنوات الماضية، لكن الوضع تغير بعد دخول الحوثيين إليها.
وأضاف أن الحوثيين دخلوا المدينة بمسمى اللجان الشعبية لحماية المحافظة من تهديدات خارجية ولكن لا توجد أي تهديدات على المحافظة هم فقط يختلقون الأسباب للسيطرة عليها.
واتهم الأجهزة الأمنية بالتخاذل مع الحوثيين ومساندتهم في السيطرة على المحافظة، ملوحاً بمسيرات حاشدة تطالب بخروجهم. من جهة أخرى أوضح ضيف الله الشامي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله أن الموجودين في الحديدة هم أبناؤها الذين قاموا بتشكيل لجان شعبية لحمايتها وتأمين ممتلكاتها، مشيراً إلى أن هؤلاء أتوا لنصرة المظلومين في المدينة ومن يطلب خروجهم فهو يطالب بخروج أبناء مدينة الحديدة. واعتبر الشامي أن ما يوجه للحوثيين من اتهامات حيال سيطرتهم على مدينة الحديدة، إنما هي افتراءات لا وجود لها.
وسيطر مسلحون حوثيون على منفذ الطوال الحدودي في محافظة حجة على الحدود الشمالية لليمن مع السعودية، وسقط عدد من القتلى والجرحى في اشتباكات بين الحوثيين ومسلحي قبائل في يريم بمحافظة إب وسط البلاد.
كما سيطر مسلحون حوثيون على منطقة الوَقَاع في مديرية حرَض بمحافظة حجة على الحدود الشمالية لليمن مع المملكة. وكان المسلحون الحوثيون قد طالبوا مدير الجمارك في المنفذ ومدير فرع البنك المركزي اليمني في دائرة الجمارك بعدم توريد العائدات المالية مركزياً إلى العاصمة صنعاء، وإبقائها في الجمرك حتى إشعار آخر.
انسحاب الحوثيين
وانسحب مسلحو جماعة «أنصار الله» الحوثية، من مدينة رداع بمحافظة البيضاء، وسط اليمن، بعد معارك عنيفة مع تنظيم القاعدة. وقال سكان محليون إن معارك عنيفة دارت منذ منتصف ليل الجمعة السبت بين مسلحين من تنظيم القاعدة، ومسلحي جماعة الحوثي وسط مدينة رداع، استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من الطرفين.
وأضاف السكان أن نقاط الحوثيين اختفت من المدينة، السبت، ولم يعد يتواجد فيها سوى الحوثيين من أبناء المنطقة، لافتين إلى أن الحوثيين كانوا قد أقاموا 10 نقاط بعد دخولهم المدينة. وتصدى مسلحون من القبائل لمسلحي جماعة الحوثي خارج مدينة رداع قبل أن تنسحب القبائل من المشهد وتتولى عناصر القاعدة مواجهة الجماعة بعد تمكنها من دخول المدينة الجمعة.
وعن حصيلة هذه المواجهات، تحدث السكان عن مقتل أكثر من 30 حوثياً وأحد مسلحي القبائل، دون أن يتسنى بشكل فوري تأكيد هذه الحصيلة من مصادر مستقلة أو من جماعة الحوثي أو من مصادر رسمية يمنية. كما لم يعرف ما إذا كانت المواجهات أسفرت عن سقوط قتلى من القاعدة من عدمه.
وبحسب المصدر ذاته، تشهد المنطقة، منذ ليل الجمعة السبت، تحليقاً مكثفاً لطائرات الاستطلاع الأميركية (الدرونز) في سماء المنطقة، والتي تستهدف عادةً مسلحي القاعدة في مناطق تواجدهم.
ا. ح