افتتاحية

كلمتنا

اقدموا قبل فوات الاوان
سياسة تعميم الفراغ مستمرة في لبنان على قدم وساق والهدف كما بات معلوماً، تغيير النظام، واعادة النظر في تقسيم الدولة الى حصص، بدل العمل على توحيدها لتتمكن من الوقوف في وجه العواصف العاتية التي تحوط بالبلد من كل جانب، وكلها تتسابق لتحط في ساحته السائبة، بعد ان غابت الدولة بكل مؤسساتها. ولولا وجود الجيش الذي لا يزال حتى الساعة المؤسسة الوحيدة العصية على المؤامرات والفتن لانهار كل شيء.
بدأوا بتعطيل الدولة وقضمها رويداً رويداً انطلاقاً من الادارات العامة بحيث باتت اكثرية المراكز المهمة التي من شأنها تسيير امور الناس والعباد، فارغة ولا اتفاق سياسياً حول من يشغلها. السنوات تمضي بسرعة والموظفون يكبرون في السن ويتقاعدون، تاركين مناصبهم عرضة لمهب الرياح، اذ ان الخلاف السياسي يسد كل الطرقات ويمنع تعيين بدائل، وهذا كله مدروس ومخطط له، والهدف الوصول الى الفراغ.
الخطوة الثانية وبعد ان امنوا شل الادارات العامة بجميع مرافقها، انصرفوا الى تعطيل المؤسسة الرئيسية التي وحدها تستطيع ملء الفراغ، الا وهي مؤسسة مجلس الوزراء، فسقطت الحكومة بطريقة او بأخرى، وهي في الاساس حكومة تشكلت بصورة شاذة وخارج الميثاق والمألوف، لانها ضمت فريقاً من لون واحد، ورغم ذلك لم تكن متجانسة لان الخلاف على المكاسب طغى على كل شيء، وادى الى انهيارها، فسنحت الفرصة للمخططين لينشروا الفراغ في هذه المؤسسة، فحالت خلافاتهم وشروطهم اللامعقولة الى منع تشكيل حكومة جديدة تدير البلاد، وترد عنها ويلات العواصف  العاتية التي تحوط بها، وعلى الاقل تدير شؤون المواطنين الحياتية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا اقل ما يطلب من الذين يدعون الحرص على حياة الناس.
هذا التعطيل امتد بصورة تلقائية الى المجلس النيابي، وبما ان لكل تعطيل سبباً كان لا بد من ايجاد هذا السبب فتمثل بدعوة النواب الى جلسة عامة وفق جدول اعمال فضفاض وصفه فريق من السياسيين بأنه مخالف للدستور في ظل حكومة تصريف اعمال، فدب الخلاف وتصاعد وتوقف  المجلس عن الاجتماع فتعطل هو بدوره. فكأن ليس في لبنان رجال قانون واختصاص يفتون بالحق وينهون المشكلة.
وبعدما اصبح كل شيء معطلاً في البلد ولكي تكتمل الخطة بتعميم الفراغ التام، بدأ العمل على رئاسة الجمهورية، ونشط السياسيون في العمل لمنع انتخاب رئيس جديد خلفاً للعماد ميشال سليمان، الذي بات زاهداً ومتخوفاً مما يحاك. وبما ان التعطيل والفراغ يلزمهما سبب وجيه اختلفوا على النسبة اللازمة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. فهناك فريق  يقول بان النصف زائداً واحداً يكفي لعقد الجلسة وانتخاب الرئيس. وهناك فريق آخر يقول ان جلسة انتخاب الرئيس يلزمها توفر ثلثي اعضاء المجلس النيابي. وهكذا وجد السبب وبدأ التركيز علىه لمنع اجراء الانتخابات، حتى ان رئيس المجلس نبيه بري اعلن انه لن يعقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية اذا لم يتوفر لها نصاب الثلثين.
وسط هذا التباين المفتعل في الاراء يعمل السياسيون للوصول الى اهدافهم. وبات شبه مؤكد ان جلسة انتخاب الرئيس لن تعقد، وان الفراغ سيطاول رئاسة الجمهورية. ومن هنا علا صوت رئيس الجمهورية داعياً النواب للحضور الى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد، لان الواجب والاصول يحتمان عليهم الحضور، وبعدها لكل منهم الحق في ان ينتخب من يشاء، ومن كانت له الحظوظ الاكبر  فليحكم.
هذا هو المنطق السليم فلماذا لا يسيرون وفق الاصول فيؤمنون النصاب سواء كان الثلثين او الاكثرية، فتتأمن اللعبة الديمقراطية وينقذ الوطن ومن عليه، والا فان السفينة ستغرق بكل من فيها، ولا يعود ينفع الندم.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق