رئيسيسياسة عربية

ليبيا: قصف صاروخي متواصل في محيط المطار والبرلمان ينفي «الاستقواء بالخارج» ويحذر من تقسيم البلاد

لماذا يتركز القصف على محيط المطار؟
سؤال يردده البعض في اشارات ضمنية الى معلومات عن محاولات قيادات مغادرة البلاد. وعن احتمالية وصول تعزيزات عسكرية من «دول صديقة» لم يتم الافصاح عنها. فالمعلومات تتردد حول احتمالية وصول خبراء عسكريين اجانب، قد يكونون من الولايات المتحدة، او احدى دول الجوار.

هي معلومة لم يتم تأكيدها بشكل رسمي، لكن محللين يعتقدون انها غير مستبعدة، بحكم تصريحات لمسؤولين اميركيين قالوا ان البنتاغون اجرى اتصالات مع جهات صديقة طالباً تقديم العون العسكري وخصوصاً في مجال الخبرات للجانب الليبي.
وسواء اكانت خبرات تتعلق بالتدريب، أو بالعمل الميداني المباشر، ثمة قراءات تشير الى تقسيم الدعم الخارجي لليبيا الى شقين. الشق الاول، تسليحي، ويتم تقديمه بناء على اتفاقات ثنائية عاجلة بين القيادات الليبية والاطراف المزودة وفي مقدمتها الولايات المتحدة. اما الشق الثاني والمتعلق بالدعم الخاص بالخبرات البشرية والفنية، فالمعلومات التي تتردد تشير الى تعدد مصادر ذلك الدعم. وفي مقدمة الداعمين مصر التي يقال انها تعهدت للواء خليفة حفتر بمساندته، اضافة الى بعض الدول العربية التي ابدت استعداداً مشابهاً.
الا ان اوجه الدعم لم تتضح بعد، بحكم ما تحاط به من سرية تتطلبها مقتضيات الظروف. وسط معلومات تشير الى ان تلك المساعدات قد لا تحتاج الى مطار من هذا النوع لايصالها. وان بعض الطائرات العسكرية المخصصة للنقل، مجهزة بامكانات للهبوط في اي مكان، بما في ذلك المناطق الصحراوية.

قصف صاروخي
وبعيداً عن الجدل الخاص بالمطار، والقصف المتواصل لمحيطه، ثمة موضوع آخر، يتعلق بطبيعة القصف، وما ترك من آثار. حيث تعرض محيط المطار الدولي بالعاصمة الليبية طرابلس لقصف صاروخي شديد. وأفاد شهود عيان أن ستة صواريخ على الأقل سقطت على المطار وعلى حديقة الأحياء البرية، وهو طريق جانبي متفرع من طريق المطار. ما ادى الى حالة من الرعب على ما تبقى من سكان مناطق قصر بن غشير والسبيعة وسوق السبت المجاورة للمطار.
ويشهد مطار طرابلس الدولي والمناطق المحيطة به منذ 13 تموز (يوليو) الماضي، اشتباكات مسلحة عنيفة بين ثوار الزنتان الذين يسيطرون عليه وقوات غرفة عمليات ثوار ليبيا وبعض من ثوار مصراتة ومدن الغرب الليبي.
من جهة ثانية عين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدبلوماسي الأسباني برناردينو ليون مبعوثاً خاصاً للمنظمة الدولية إلى ليبيا. وقال بان في بيان إن ليون سيحل محل طارق متري اعتباراً من الأول من أيلول (سبتمبر) كرئيس للبعثة السياسية التابعة للأمم المتحدة في ليبيا والمعروفة باسم يونسميل. وأضاف بان يجلب السيد ليون لهذا المنصب سنوات كثيرة من الخبرة السياسية والدبلوماسية من خلال عمله مع حكومته الوطنية والاتحاد الأوروبي بما في ذلك شغله في الاونة الاخيرة لمنصب الممثل الخاص للاتحاد الاوروبي في ليبيا والممثل الخاص للاتحاد الاوروبي في جنوب المتوسط.
ويخوض فصيلان متنافسان منذ أكثر من شهر قتالاً بالصواريخ والمدفعية حول جنوب طرابلس إلى ساحة قتال مما أجبر الأمم المتحدة والحكومات الغربية على اغلاق سفاراتها واجلاء الدبلوماسيين. ويسعى وفد تابع للأمم المتحدة إلى وقف اطلاق النار بين قوات الزنتان ومصراتة المتناحرتين.

رفض قرار البرلمان
وفي العاصمة طرابلس، احتشد بضعة آلاف من الاشخاص للتعبير عن رفضهم لقرار للبرلمان الليبي السماح بالتدخل الاجنبي في البلاد.
كما احتشد ألاف من المحتجين في بنغازي ومصراته ومدن اخرى للاحتجاج ضد مجلس النواب الذي دعا الامم المتحدة إلى حماية المدنيين.
وقال مراسل لرويترز ان مسلحين هاجموا ساحة الشهداء في وسط طرابلس وردت الشرطة بالنيران. ولم يتضح ما اذا كانت قد وقعت اصابات. وفي علامة على الاستقطاب العميق في البلاد خرجت جماعة تؤيد اجتماع البرلمان في بلدة طبرق الشرقية وقراره دعوة الامم المتحدة إلى التدخل الى الشوارع في مدينة بنغازي.
ويصف ساسة من ذوي الميول الاسلامية وحلفاؤهم من مدينة مصراتة اجتماع البرلمان بانه غير دستوري لانعقاده في طبرق بدلا من طرابلس او بنغازي.
وقال احد منظمي الاحتجاج في طرابلس انهم يحتجون للتعبير عن الرفض التام لأي تدخل أجنبي في ليبيا.
وزادت معركة منفصلة تدور في مدينة بنغازي في شرق ليبيا من صعوبة الوضع الأمني في ليبيا حيث طرد تحالف من المتشددين الإسلاميين ومقاتلي المعارضة السابقين الجيش من المدينة.
ولا تزال الحكومة الهشة في ليبيا بدون جيش وطني وتصرف رواتب منتظمة غالباً لمقاتلي المعارضة السابقين باعتبارهم قوات أمن شبه رسمية كطريقة لاستمالتهم لتأييد الدولة الجديدة.
لكن الفصائل المدججة بالسلاح تتحالف مع فصائل سياسية متنافسة وهم غالبا ما يبدون ولاء لمناطقهم أو مدينتهم أو للقادة العسكريين المحليين أكثر من ولائهم للحكومة المركزية.

دفاع البرلمان
في الاثناء، دافع مجلس النواب الليبي (اعلى سلطة سياسية في البلاد)  عن اصداره هذا الاسبوع قراراً يطالب المجتمع الدولي بالتدخل فوراً لحماية المدنيين والمؤسسات الليبية، مؤكداً أنه اقدم على هذه الخطوة «مضطراً» بهدف بسط الأمن في البلاد، ومنع «تقسيمها»، نافياً ان يكون الهدف من القرار الاستقواء بالخارج.
وبعد انتقادات وجهت اليه بسبب اتخاذه هذا القرار، اعلن البرلمان في بيان له انه «اضطر الى اصدار هذا القرار الذي دعا مجلس الامن الدولي وهيئة الامم المتحدة للتدخل مبدئيا في ليبيا وممارسة بعض الضغوط على ذوي العلاقة بالنزاع في الداخل أو الخارج».
وأضاف البيان ان القرار جاء لفرض الامن وحماية المدنيين، ولم تكن الغاية منه الاستقواء بالاجنبي كما يروج البعض وتسوق له بعض وسائل الإعلام في حملات إعلامية «غايتها بث الفتنة والتفريق بين أبناء الشعب الواحد».
وأضاف البيان، ان «أرواح الليبيين عادت لتكون مهددة وفي خطر يفوق الخطر الذي استدعى مجلس الأمن للتدخل إبان بدايات ثورة السابع عشر من شباط (فبراير) وفي الوقت الذي لم تخل فيه ليبيا من التدخل الأجنبي خفياً كان أو ظاهراً وبأشكال متعددة».
وتابع البرلمان الذي يعقد جلساته في مدينة طبرق الواقعة في أقصى الشرق الليبي أنه لن يكون هناك تدخل أجنبي على أرض ليبيا العزيزة إلا بغية حمايتها من العبث والتقسيم، لافتاً إلى أن مجلس النواب وممثلي الشعب الليبي يؤكدون على حرصهم على امن وامان جميع الليبيين ووحدة تراب ليبيا.
وكان البرلمان وهو أعلى سلطة في البلاد أقر الأربعاء قرارين يقضي احدهما بحل جميع المليشيات المسلحة، ويطلب الثاني من المجتمع الدولي التدخل الفوري لحماية المدنيين والمؤسسات الليبية.
وينص القرار على أن «مجلس النواب الليبي يطالب هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتدخل العاجل لحماية المدنيين ومؤسسات الدولة في ليبيا».
وقال البرلمان في بيانه الجمعة ان المجلس أصدر قراراً سابقاً لقرار طلب التدخل الدولي، يقضي بدعوة أطراف النزاع كافة إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار والاقتتال بين أطراف النزاع، لكن أطراف النزاع لم يلتزموا بتنفيذ ذلك القرار رغم صدور الأوامر الى جميع التشكيلات العسكرية بضرورة الالتزام بالتنفيذ، ما حمل البرلمان على اتخاذ القرار اللاحق.
وفي مناطق عدة من ليبيا خرجت مظاهرات مساء الجمعة منددة بقرار طلب التدخل الدولي، لكن شهود عيان قالوا إن متظاهرين بينهم من يؤيد القرار ومن يرفضه في العاصمة طرابلس اشتبكوا بالأسلحة دون وقوع ضحايا.
وكان مفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني انتقد في مقال نشر الخميس على موقع دار الإفتاء الليبية قرار البرلمان. وقال إن «الحكومة شرعت منذ زمن علي زيدان واستمرت بطريقة مستهجنة تستجدي دول العالم لتدخل بجيوشها إلى ليبيا، وفي كل مرة تجد الصد والاستهجان والرد، لكنها لم تيأس ولم تتوقف، ولم تخجل من هذا العار».
وأضاف الغرياني، وهو شخصية دينية تحظى بثقل كبير لدى أوساط عديدة من المجتمع الليبي، أن «من دعتهم وتدعوهم الحكومة إلى التدخل بجيوشهم من الدول كانوا أعقل منها وأبعد نظراً، فقد كانوا يدركون أن تدخلهم لن يجلب الأمن والاستقرار لبلد يعرفون مدى كراهية شعبه المدجج بالسلاح للتدخل الأجنبي، فكان في ردهم الحكمة والتبصر، وفي طلب الحكومة حماقة غير مسبوقة».
وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد دعيا اطراف النزاع في ليبيا للتعقل والشروع في حوار فوري ينهي الاقتتال الدائر في البلد والذي راح ضحيته زهاء 300 قتيل وأكثر من 1000 جريح خلال الأسابيع الاخيرة، فيما نزح من مناطق النزاع في بنغازي وطرابلس قرابة ال100 ألف مواطن.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق