الـ «ايبولا»… رعب يتمدد!

1069 حالة وفاة و1975 إصابة منذ تفشي الفيروس في آذار
اسفرت موجة انتشار وباء الـ «ايبولا» الحالية، والتي تعتبر الأسوأ والأكبر والأكثر فتكاً وشراسة منذ ظهور هذه الحمى النزفية عام 1976، عن وفاة 1069 شخصاً حتى الأن في غرب افريقيا، من بينهم 171 في غينيا حيث رصدت في مطلع العام قبل ان تنتشر الى ليبيريا ثم سيراليون، وتبث رعباً في كل انحاء العالم، ما دفع منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي الى اعلان حالة طوارىء دولية.
أعلنت منظمة الصحة العالمية امس الأربعاء عن 128 حالة إصابة جديدة بفيروس إيبولا و56 حالة وفاة في غرب افريقيا خلال يومين حتى 11 آب (أغسطس)، ما يرفع إجمالي عدد الوفيات إلى 1069 وهو أسوأ تفش للمرض على الإطلاق.
وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في بيان إنه منذ تفشي الفيروس في آذار (مارس) بلغ إجمالي عدد الحالات المؤكدة والمحتملة والمشتبه بها في غينيا وليبيريا وسيراليون ونيجيريا 1975 حالة.
الامم المتحدة: لتجنب الذعر
وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون قد اعلن الثلاثاء الفائت تعيين منسق للامم المتحدة لادارة الازمة الناجمة عن وباء ايبولا في غرب افريقيا داعيا الحكومات المعنية الى تجنب الذعر.
واكد بان من مقر الامم المتحدة في نيويورك «علينا تجنب الذعر والخوف، من الممكن ايقاف ايبولا».
وعين بان الطبيب البريطاني ديفيد نابارو منسقاً في الامم المتحدة لشؤون ايبولا، وهو مكلف الاشراف على الرد العالمي على انتشار الوباء الذي ادى الى مقتل اكثر من الف شخص حتى الان.
واضاف بان «مع الموارد والمعارف والارادة والعمل السريع يمكن التغلب على المرض. تم احتواء ايبولا في اماكن اخرى ويمكننا فعل ذلك هنا ايضاً».
ويملك نابارو تجربة في مجال الامراض المعدية علماً انه ادار رد الامم المتحدة في اثناء انتشار فيروس انفلونزا الطيور وسارس عامي 2003 و2006.
وصرح بان كي مون «في الايام المقبلة ستعزز الامم المتحدة عملها لمكافحة الوباء…نحتاج الى الجميع معنا». وتحدث عن الحاجة الى معالجة مشاكل عدة، كقلة الاطباء او الممرضين او المعدات ولا سيما ملابس الحماية او خيم العزل في غينيا وليبيريا وسيراليون.
ما هي أعراضه؟ وكيف ينتشر؟
ويذكر ان فيروس الإيبولا والمرض المصاحب له هو وباء غزا بلدان غرب أفريقيا وجعل دولاً تغلق مطاراتها خوفاً من انتقاله اليها، وأخرى تعلن حالات الطوارىء وتستنجد بدول الغرب لإعطائها العقاقير، وهو مرض قديم جديد، فما هي أعراضه؟ وكيف ينتشر؟ وما الخطر الذي يمثله على العالم؟
يرصد مرض الإيبولا في مراحله الأولى بالارتفاع المفاجىء في درجة الحرارة والآلام الشديدة بالرأس وآلام العضلات وفي مرحلة ثانية يشهد الجسم نزيفاً داخلياً وخارجياً بالإضافة للتقيؤ والإسهال وقصور في وظائف الكلى.
وينتقل الفيروس بالاتصال المباشر مع الدم أو السوائل الحيوية أو أنسجة الأشخاص أو الحيوانات المصابة. وتشكل مراسم الدفن حيث يحتك الأهل والأقارب بجثة المصاب عنصراً مهما في انتقال المرض.
وقال الناطق باسم منظمة الصحة إن «فيروس الإيبولا معد لكنه لا ينتقل بالمياه ولا بالجو والأهم هو عدم لمس الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض المرض». وشدد على أهمية «إجراءات دفن آمنة» لأنه «في كثير من الثقافات يلمس أعضاء الأسرة الجثمان خلال الجنازة. وفي هذه اللحظة ينتقل إليهم المرض».
الدواء: بين التجربة والموت؟
يشهد الوباء الحالي تطوراً سريعاً في أفريقيا والعلاقة بين عدد الوفيات وعدد الحالات كبيرة جداً وتبلغ من 50 إلى 90 بالمئة، لانعدام العلاج النوعي وإلى حد الآن لا يوجد أي علاج أو لقاح محدد مضاد لإيبولا. وأبدت بعض الدول رغبتها في استخدام العقار «زماب» الذي لا يزال في طور التجربة في الولايات المتحدة ، اذ اختبر العقار على القرود فقط ولم يختبر على البشر حتى الآن.
واستخدم عقار «زماب» في الولايات المتحدة من قبل اثنين من عمال الإغاثة، وهما طبيب وراهبة، بعد إصابتهما في ليبيريا وتحسنت حالتهما الصحية بعد حقنهما به، فيما توفي الكاهن الإسباني ميغيل باجاريس – الذي أصيب بالفيروس بينما كان يعمل في غرب أفريقيا ويعتقد أنه تناول عقار «زماب» التجريبي – في أحد مستشفيات العاصمة الإسبانية مدريد.
وبدا ان فرصة المرضى في التحسن أفضل في حال تناول العقار في وقت مبكر.
وقد أوصت منظمة الصحة العالمية باستخدام عقاقير تجريبية لم تختبر لعلاج المرضى المصابين بفيروس إيبولا. وقالت المنظمة إن هذا يعد شيئاً أخلاقياً في ضوء تفشي المرض وارتفاع عدد الوفيات، في غرب أفريقيا.
جاء هذا في بيان أصدرته المنظمة بعد اجتماع خبرائها في سويسرا الاثنين الماضي لمناقشة هذه القضية.
الإيبولا معد لكنه لا ينتقل بالمياه ولا بالجو والأهم هو عدم لمس الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض المرض
وقال البيان: «في ضوء الظروف الخاصة بهذا المرض المتفشي، وبشرط استيفاء شروط معينة، توصل الفريق بالإجماع إلى أنه من الأخلاقي تقديم علاجات ذات فعالية غير معروفة أو آثار سلبية، كعلاج محتمل أو للوقاية من المرض».
وقال وزير الإعلام الليبيري، لويس براون، لـ «بي بي سي» يوم الاثنين إن الحكومة الليبيرية تعلم تماماً المخاطر المرتبطة بتناول عقار «زماب»، بيد أن البديل هو وقوع عدد أكبر من الضحايا. وأضاف: «البديل لعدم اختبار هذا العقار هو الموت المحقق».
وقال براون: «نعتقد أن الذين أصيبوا بالعدوى ينبغي أن يحصلوا على فرصة الخضوع لاختبار العقار إذا وافقوا على القيام بذلك». وأضاف: «ندرك احتمال وجود مخاطر مرتبطة بذلك، لكن الاختيار بين المخاطر والموت يجعلني متأكداً من أن كثيرين يفضلون المخاطر».
فيروس إيبولا لا ينتقل بسهولة، لكن الوفاة مؤكدة وغالبا ما تحصل في اليوم الثامن
ماهو فيروس الإيبولا وأين ظهرت أولى حالاته؟
وباء فيروس الإيبولا أو «حمى الإيبولا النزفية» اكتشف في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 1976 قرب نهر إيبولا ويعتقد أنه انتقل من هناك إلى دول غرب أفريقيا. وحسب خبراء فإن «فيروس إيبولا لا ينتقل بسهولة، لكن الوفاة مؤكدة وغالباً ما تحصل في اليوم الثامن، وفي أغلب الأحيان على إثر التهاب حاد للبنكرياس». وقالت منظمة الصحة العالمية إن ليبيريا أصبحت اليوم بؤرة وباء الحمى النزفية الذي ينتشر منذ آذار (مارس) في غرب إفريقيا ويواصل تقدمه.
وقد ظهر الوباء الذي تفشى منذ بداية السنة، في غينيا أولاً، ثم تمدد إلى ليبيريا فسيراليون المجاورتين وينتشر الآن في نيجيريا. وقد تجاوز عدد قتلى مرض الإيبولا في غرب إفريقيا الألف إصابة حسب آخر إحصاءات منظمة الصحة العالمية. وقد ارتفع العدد الإجمالي لحالات الإصابة إلى 1975.
تشكل مراسم الدفن حيث يحتك الأهل والأقارب بجثة المصاب عنصراً مهماً في انتقال المرض
ما هو مدى خطورة الوباء على العالم؟
قال أحد الخبراء إن «المشكلة هي أن لا أحد يعرف كم من الوقت سيستمر هذا الوباء» خصوصاً وأن تفشي وباء إيبولا يتفاقم في غرب أفريقيا وقد يطاول دولاً جديدة كما قال المسؤول عن العمليات في منظمة «أطباء بلا حدود» بارت يانسن في حديث نشرته «لا ليبر بلجيك». وأضاف «يتفشى الوباء بشكل غير مسبوق ويخرج عن السيطرة ويتفاقم بما أنه يطاول مناطق أخرى خصوصاً في ليبيريا وسيراليون مع بؤر مهمة جداً» وأوضح «إننا قلقون جدا لتطور الأحداث خصوصاً في هذين البلدين حيث هناك نقص في الرؤيا حول هذا الوباء». وحذر من أنه «إذا لم يتحسن الوضع سريعاً هناك خطر حقيقي بانتقاله إلى بلدان جديدة وهذا الأمر غير مستبعد لكن من الصعب توقعه لأننا لم نشهد مثل هذا الوباء قبلاً».
طارىء صحي دولي
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، الجمعة الفائت، «إيبولا» الفيروس الفتاك المتفشي في دول غرب إفريقيا، كطارىء صحي دولي يتطلب تنسيقاً عالمياً لمواجهته بعدما فتك بمئات القتلى وسط مخاوف من انتشاره كوباء.
وأوضحت المنظمة الاممية بعد يومين من الاجتماعات الطارئة في جنيف: «العواقب المحتملة لانتشار دولي خطيرة نظراً لشراسة الفيروس، وأنماط انتقاله، وضعف الأنظمة الصحية في الدول المتأثرة والدول الأكثر عرضة له».
ووصفت الانتشار الحالي للفيروس بأنه الأسوأ خلال العقود الأربعة الماضية.
وأشارت منظمة الصحة الدولية إلى ضرورة تنسيق دولي للتصدي للفيروس ووقف انتشاره.