سياسة لبنانية

معدات اوروبية متطورة لضبط الحدود اللبنانية – السورية

لماذا لا يطالب لبنان عبر المجلس الاعلى اللبناني – السوري ومن خلال الامانة العامة لهذا المجلس او من خلال اللجان الامنية المشتركة اللبنانية – السورية التي شكلت منذ سنوات، بضبط الحدود بعد استفحال الفلتان وازدياد حالات التسلل والتهريب وتدفق عناصر التنظيمات الاصولية والتكفيريين والداعشيين وغيرهم من العناصر التي تعيث فسادا في البلاد؟

لماذا لا تتحمل سوريا مسؤولياتها بضبط الحدود ومنع تسلل الاصوليين، بدل قصف فلول مسلحي المعارضة في الاراضي اللبنانية بعد ان دخلوها هرباً من مطاردة عناصر الجيش السوري وحزب الله لهم وقد تشظت مناطق لبنانية من جراء القصف وسقط قتلى وجرحى ووقع دمار، وسط صمت السلطات السورية وعدم تقديم الاعتذار، وتجنب لبنان تقديم شكوى الى مجلس الامن او الى الجامعة العربية عن اعمال الخرق السورية للسيادة اللبنانية؟ ولماذا يتولى حزب الله علانية مهمة ضبط الحدود متجاوزاً الدولة واجهزتها ومتخطيا تداعياتها، لا سيما داخل الاجهزة العسكرية والامنية، بعد اتهام قوى 14 اذار الدولة واجهزتها بالانحياز في الحرب السورية وتخطي سياسة النأي بالنفس واعلان بعبدا، الذي وافق عليه الحزب ثم تنكر له لاحقاً من دون تبرير، على رغم  اعلان الرئيس نبيه بري اكثر من مرة انه عراب سياسة النأي بالنفس واعلان بعبدا، وقد تنصل بدوره لاحقاً منهما  ولم يعد يأتي على ذكرهما بعد مواقف الحزب منهما؟ هذه اسئلة تطرحها قيادات في 14 اذار في مجالسها وعلى المسؤولين عساها تحظى بالجواب الشافي.

وضع عرسال
ان الدولة هي على المحك وفق ما يقول سياسي بقاعي. وهناك خوف يزداد ويتسع من انفجار الوضع في عرسال ومنه في سائر مناطق البقاع. واطلق رئيس بلدية عرسال علي الحجيري نداء استغاثة لانقاذ البلدة سريعاً وقبل فوات الاوان، بعدما تبين ان في عرسال ومحيطها نحو 120 الف نازح سوري وفق مسؤول امني، وان سكان عرسال لا يتجاوزون الـ 35 الفاً. وان المواجهات بين مقاتلي حزب الله ومسلحي المعارضة السورية تحصل ضمن نطاق عرسال وجردها، وتترك الاشتباكات تداعياتها على الاوضاع في البلدة، مما يزيد الحالة الاجتماعية والانسانية تفاقماً امام عجز الاهالي عن تحمل عبء النزوح. ويطالبون الدولة بتوفير الحماية ومعالجة ملف النازحين، خوفاً من انفجار الوضع الاجتماعي، ومن تداعيات الاشتباكات بين الجيش السوري وحزب الله ومسلحي المعارضة، ان النار بدأت تقترب من الساحة اللبنانية. وان مسلحي المعارضة السورية قرروا التصدي لمقاتلي حزب الله بعدما قررت قيادتهم المشاركة في الحرب السورية الى جانب النظام ضد الشعب السوري. واعتبرت الخطوة لافتة لاعتماد الحزب القتال خارج الحدود، من خلال قرار وصفه سياسيون بانه عابر لحدود الدول، الامر الذي حمل عناصر التنظيمات  الاسلامية المتطرفة على اعتماد الخطوة ذاتها بالقتال داخل لبنان، وهذا ما ورط الدولة في ساحة الصراع الاقليمي المذهبي. وان الحرب الاستباقية التي قام بها الحزب في سوريا وفق تبرير مشاركته فيها، استجلبت ويلات المتطرفين الى لبنان من خلال داعش واخواته. اضافة الى ان قتال حزب الله في سوريا  كان مغطى من قبل بعض مؤسسات الدولة الامر الذي حمل نواباً بقاعيين على طرح السؤال، لماذا يحق لمقاتلي الحزب المحاربة الى جانب النظام في سوريا، وبتسهيل من بعض المؤسسات الامنية، ولا يحق للبنانيين مؤيديي المعارضة مساعدتها، لا بل تتم مطاردتهم واعتقالهم تحت تهم واهية ابسطها التعاون مع القاعدة؟ ان هذا التصرف يثبت انحياز الدولة وعدم التزام بعض مؤسساتها سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان وفق اعلان بعبدا.

ترسيم الحدود
ان ترسيم الحدود وضبطها كان هاجس الرئيس ميشال سليمان منذ توليه الرئاسة، وهو الذي عانى الكثير خلال حرب البارد من تسلل عناصر فتح الاسلام من سوريا. اثار سليمان الموضوع في اول قمة لبنانية – سورية عقدت في اب (اغسطس) 2008 في دمشق. يومها اعترضت سوريا على الترسيم والتحديد وحتى ضبط الحدود لاغراض المقاومة من دون ان تعلن ذلك، بل اشترطت ان ترسّم الحدود من الجنوب من شبعا المحتلة بعد ان تتحرر باتجاه الشمال، في حين طالب لبنان بان تبدأ اعمال الترسيم وضبط الحدود بدءاً من الشمال باتجاه الجنوب. وشكلت لجان امنية لدرس الموضوع ومعالجة نقاط الخلاف الحدودية قبل الترسيم وتوقفت قبل ان تصل الى نتيجة.واعترض حلفاء سوريا على اثارة الموضوع من قبل سليمان في بداية عهده. وشن هؤلاء اعنف الحملات عندما اقترحت الكتيبة الالمانية العاملة في اليونيفيل وتطبيقا للقرار 1701 تقديم المساعدة لترسيم الحدود وضبطها لمنع تهريب السلاح الى لبنان. وتقرر تزويد لبنان بالمعدات الحديثة والمتطورة لضبط الحدود وربطها بجهاز انذار مبكر واقامة ابراج مراقبة وربط المراكز ببعضها عبر شبكة الكترونية لمنع التسلل. فاعترضت قوى 8 اذار معتبرة ان الخطة تستهدف الحزب لشل قدراته وحشره، اذا ما تعرض لحرب اسرائيلية جديدة. وتم الالتفاف على المبادرة الالمانية واجهضت قبل ان تولد.
ويقول وزير سابق لقد انقلبت الاية اليوم وباتت سوريا هي التي تطالب بضبط الحدود بعد لجؤ مسلحي المعارضة الى المناطق اللبنانية الحدودية واتخاذها ملجأ لهم. ويضيف «ان طابخ السم اكله» وان سوريا التي استخدمت في الماضي الحدود السائبة لاغراضها السياسية تعاني اليوم من تدخل مسلحين من خارج الحدود في شؤونها. وانقلب السحر على الساحر. لذلك عادت الدولة لاثارة الموضوع من خلال احياء مبادرة اوروبية لضبط الحدود وتحييد الساحة اللبنانية عن تداعيات الحرب السورية، تنفيذاً لسياسة النأي بالنفس ولاعلان بعبدا، ومنع تسلل الارهابيين والانتحاريين بعد الكشف عن مخططات ارهابية لتنظيمات اصولية تستهدف ضرب الاستقرار في لبنان، الذي يحظى بمظلة دولية واقية. واثير الموضوع  في مؤتمر دعم الجيش الذي عقد في روما مؤخراً، عندما اعلنت بريطانيا عن تقديم مساعدة لاقامة ابراج مراقبة عند الحدود لضبطها، على ان يتولى الجيش التنفيذ. ويكشف مسؤول امني عن اجتماعات عقدت مؤخراً في بروكسل تحت عنوان «كيفية ادارة الحدود بطريقة علمية» يتولى الاتحاد الاوروبي تأمين  التمويل للمشروع الذي ينطوي على مرحلتين: الاولى ضبط المعابر الشرعية من خلال تطوير استراتجية ادارتها ومكننة مراكز الحدود واعتماد اجهزة متطورة لضبط الاسلحة والممنوعات، يتولى التنفيذ الامن العام والجمارك وقوى الامن الداخلي. والثانية تتناول المعابر غير الشرعية وهذا يحتاج الى تعاون امني بين الدولتين يتعذر تأمينه في الوقت الحاضر اضافة الى التعقيد العائد الى العامل الجغرافي الذي يعيق عمليات المراقبة، لتعذر تأمينه لطول الحدود 260 كيلومتراً ملأى بنقاط عبورغير شرعية وسيتولى الجيش المهمة. وتشير معلومات امنية الى ان الاتحاد الاوروبي يتولى تزويد الجيش باجهزة تقنية متطورة قد تكفل ضبط الحدود بالحد الاقصى.

مهمة تعثرت
ان موضوع ضبط الحدود اثير عام 2007 بعد صدور القرار 1701 لمنع تهريب السلاح واشتركت قوى لبنانية مع اليونيفيل واقيمت منشآت على الحدود البرية وتولت الكتيبة الالمانية مهمة الحدود البحرية والبرية لمنع تهريب السلاح الا ان المهمة برا توقفت بحجة ان الهدف منها التضييق على حركة المقاومة واستهداف سلاح الحزب. واليوم يعاد بحث الموضوع من ضمن دعم الجيش اللبناني. ويقول مسؤول امني ان مسؤولين امنيين اوروبيين سيزورون لبنان لوضع خطة امنية لضبط الحدود، خصوصاً وان الجانب السوري مستعد اليوم للمساعدة على ضبط الحدود مع لبنان وهذا يعتبره وزير سابق للداخلية عاملاً ايجابياً مساعداً. ويكشف المسؤول الامني ان هناك خطوات مرتقبة على صعيد ضبط الحدود بعد وصول المعدات المتطورة من ضمن المساعدة الاوروبية للجيش اللبناني ومن ضمن الثلاث مليارات التي قدمتها السعودية لتزويد الجيش بالمعدات اللازمة من فرنسا. وقد ادرجت القيادة في اللائحة معدات تقنية الكترونية لضبط الحدود ربما تسلمها لبنان قريباً.

ف. ا. ع

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق