أبرز الأخباررئيسي

عرض «سكود» يفتح باب الشك ويثير التساؤلات حول «دولة الخلافة»

«دولة الخلافة»، شعار يشكل احد ابرز ادبيات العديد من الجماعات الاسلامية. وجرت محاولات عديدة لاخراج هذا الشعار من اطاره النظري الى الواقع، وبحيث يحاكي اصحابه ما كان قائما قبل 1400 سنة.

مع وجود اختلافات في التعاطي مع هذا الشعار بين الجماعات الاسلامية، يتوقف المتابعون عند كم من الحقائق ابرزها ان التيارات المتشددة هي التي تتمسك بهذا الشعار، وان حزب التحرير الذي يمثل ذروة التشدد في التنظيمات الاسلامية يضع هذا الشعار في راس اولوياته غير انه لم يكتف به وانما يكفر كل الانظمة في الدول الاسلامية لعدم تطبيقها هذا الاسلوب في الحكم.
ومن هنا يمكن التوقف عند نوعين من التيارات والتنظيمات الاسلامية، فمع انها كلها تسلم بفرضية «دولة الخلافة» ليس كمطلب فقط، وانما كشرط لصوابية الحكم من وجهة نظرها. الا انهما تنقسمان في مجالات التكفير من عدمه. لتنقسم التنظيمات ما بين تكفيرية وجهادية من جهة. وتنظيمات ترفض التكفير.
من هنا يمكن التوقف عند «الحالة الداعشية» كنموذج شكل حالة جدلية على الارض، وفرض واقعاً ليس من السهل استيعابه، رغم وجود تجارب عديدة سابقة كان مصيرها الفشل.

مرجعية التنظيم
فعلى الرغم من ان داعش انطلق في العراق كامتداد لتنظيم القاعدة، فقد تطورت الفكرة من خلال المقاومة السورية، عندما توافقت بعض التنظيمات على التوحد ضمن اطار تسمية «دولة العراق والشام الاسلامية»، واختصارها «داعش»، واثار هذا المشروع جدلاً واسعاً بين المتابعين للملف، بحكم انه لا يقتصر في فكرته على سوريا لوحدها، او العراق لوحده، وانما دمج بين الدولتين معاً وفكر باقامة دولة واحدة.
الا ان علامات الاستفهام لم تكن تبتعد كثيراً عن هذا المشروع، الذي تصدى للتنظيمات الاخرى ومنها جبهة النصرة التي كانت شريكاً له في مشروعه. وثارت تساؤلات حول مرجعية التنظيم الذي ساد اعتقاد بانه ينسق مع النظام السوري، ورصدت بعض الاطراف ما يمكن ان يعزز تلك الفرضية.
وتدريجياً تشعبت المواجهات على الارض السورية لتتحول المواجهات مع النظام الى الحلقة الاضعف. ولتصبح مواجهات المعارضة هي التي تتصدر المشهد. وادخلت العملية في حسابات الغرب لجهة تقسيم المعارضة الى «راشدة» ومتطرفة.
اما نقطة التحول الابرز في هذا الملف، فقد تمثلت باعلان دولة الخلافة، ومبايعة ابو بكر البغدادي ليكون «خليفة للمسلمين». والكشف عن خريطة دولة الخلافة والتي تتجاوز حدود سوريا والعراق وتمتد من خراسان شرقاً الى الاندلس غرباً.
وقد تزامن اطلاق هذه الخريطة، واعلان الدولة مع تحقيق نتائج على الارض تمثلت بطرد الجيش العراقي من مناطق عدة في العراق، والسيطرة على مناطق حدودية من سوريا. وازالة بعض النقاط الحدودية بين الدولتين، والبدء بترسيم الدولة الجديدة.

استعراض قوة
وضمن التطورات المتسارعة في ذلك الملف، سارعت «دولة الخلافة» الى استعراض قوتها من خلال تسريب صور لعرض عسكري، تضمن من بين فقراته عرضاً لصواريخ سكود، ومنصات لاطلاق صواريخ متعددة الانواع. الامر الذي تجاوز حدود الدهشة، واسس لكم من التساؤلات حول هذا المشروع الوليد، ومن يقف خلفه.
ملف «دولة الخلافة» بتفاصيله بدا وكأنه مشروع اعلامي اكثر من كونه واقعياً، ما يفتح بابا اضافياً للتحليل والبحث في ثنايا ما يجري، وصولاً الى تصور يمكن ان يحدد بعضا من ملامح المستقبل. فالسرعة في اعلان الدولة، وتحديد حدودها ما بين «خراسان» اي ايران وشرق آسيا وحتى الاندلس، هناك فجوة يصعب على العقل تخيلها، وقفزة لا يمكن ان يسلم منفذها. وامور لا يمكن تصديقها.
فما هي حقيقة ما يجري؟
في تسجيل صوتي للمتحدث باسم تنظيم داعش – سابقاً – ودولة الخلافة حالياً،  ابو محمد العدناني تم الاعلان عن قيام «دولة الخلافة الاسلامية»، ومبايعة زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي «خليفة للمسلمين».
وقال العدناني في التسجيل ان «الدولة الاسلامية» قررت «اعلان قيام الخلافة الاسلامية وتنصيب خليفة دولة المسلمين ومبايعة الشيخ المجاهد ابو بكر البغدادي». وجاء في التسجيل ان البغدادي «قبل البيعة وصار بذلك اماما وخليفة للمسلمين في كل مكان». ودعا الجميع الى مبايعته.
واضاف المتحدث انه تبعاً لذلك «يلغى اسم العراق والشام من مسمى الدولة من التداولات والمعاملات الرسمية ويقتصر على اسم الدولة الاسلامية ابتداء من هذا البيان».
ويسيطر تنظيم الدولة الاسلامية حالياً على مناطق شاسعة في محافظات دير الزور في شرق سوريا والرقة في شمالها وبعض مناطق حلب المجاورة، كما يسيطر على مناطق واسعة من شمال وشرق وغرب العراق منذ اكثر من ثلاثة اسابيع في هجوم كاسح شنه هذا التنظيم الى جانب تنظيمات متطرفة اخرى.
وسبق واكد تنظيم الدولة الاسلامية نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.

خريطة الدولة
وفي الاثناء، تناقلت وسائل إعلام صورة لخريطة دولة الخلافة الإسلامية التي أعلنها تنظيم داعش يوم الأول من رمضان، وهي تمتد من خراسان شرقاً حتى الأندلس غرباً.
وتضم خريطة الخلافة الإسلامية الجديدة جميع دول الشرق الأوسط ودولاً إفريقية واليونان ودول البلقان بما في ذلك رومانيا وبلغاريا وصولاً إلى النمسا.
ويبدو أن الخريطة استندت إلى حدود ما قبل الحرب العالمية الأولى من الإمبراطورية النمساوية المجرية، ووضع «أمراء دولة الخلافة» خططاً لضم تلك الديار بحلول العام 2020.
وتعليقاً على إعلان قيام دولة الخلافة الذي قوبل بالاستهجان من واشنطن والصمت من جانب الدول الإسلامية وحتى الجماعات الإسلامية الأخرى، قال تشارلز ليستر، وهو زميل زائر في معهد بروكينغز بأنه «أهم تطور في الحركة الإسلامية الجهادية منذ تفجيرات 11 ايلول (سبتمبر) 2001».
وأضاف ليستر أن «وقع هذا الإعلان سيكون عالمياً لأن الجماعات التابعة للقاعدة والجماعات الجهادية المستقلة سيتعين عليها الآن أن تختار بين تأييد الدولة الإسلامية والانضمام إليها أو معارضتها».
الى ذلك، افاد ناشطون من داخل مدينة الرقة في شمال سوريا ان مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية اقفلوا كل الطرق المؤدية الى المدينة الاثنين وهم ينقلون اليها اسلحة جديدة بينها صواريخ من العراق.
وقال ناشط لوكالة فرانس برس طالباً عدم كشف اسمه «لقد قطعوا كل الطرق الى الرقة ولا يمكن لاحد الدخول اليها او الخروج منها، كما نقلوا اليها صواريخ ارض  -ارض».
وتظهر صورة ارسلها هذا الناشط الى فرانس برس صاروخاً كبيراً محملاً على الية عسكرية وقد عرض في وسط مدينة الرقة.

اسلحة ثقيلة
من جهته قال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان «الدولة الاسلامية تنقل يومياً اسلحة ثقيلة الى الرقة».
كما وضع ناشط اخر في الرقة قدم نفسه باسم ابو ابرهيم صوراً على صفحته على فايسبوك تظهر فيها صواريخ منقولة على آليات ورشاشات ثقيلة ودبابات وآليات مدرعة ومدافع استعرضها مقاتلون من الدولة الاسلامية في شوارع الرقة.
وتأتي هذه المعلومات غداة اعلان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام الخلافة الاسلامية، واستبدال اسمه باسم «الدولة الاسلامية». الا ان مصادر اخرى متابعة ترى ان تلك المعلومات مشكوك بدقتها، لجهة ان السلاح الثقيل المنقول مصدره سوريا وليس العراق. وبحسب بعض المصادر، فإن كميات السلاح التي يتم نقلها من العراق الى سوريا غالبيتها من النوع البسيط وليس من الثقيل. اما بالنسبة الى الصواريخ وخصوصاً «صاروخ سكود» الثقيل، وقاعدة الاطلاق فمصدرها سوريا.
وهي المعلومة التي تفتح باب التشكيك بملف الدولة ككل، وسط اعتقاد بانها صنيعة النظام السوري، وان نظام الاسد هو من زودها بالاسلحة الثقيلة بهدف توجيه رسائل في اتجاهات متعددة، تتعلق بعضها بقوة التنظيم «الدولة لاحقاً»، او بتوجيه الانظار الى اتجاهات اخرى بعيدا عن تفاصيل الملف السوري.
ما يعزز تلك الفرضية ان غالبية الاطراف المعنية لم تأخذ موضوع «داعش» و«دولة الخلافة» على محمل الجد.
من ذلك، رفض مجموعات مقاتلة في المعارضة السورية اعلان قيام «الدولة الاسلامية» بين سوريا والعراق معتبرة انه «باطل شرعاً وعقلاً». وقالت هذه المجموعات في بيان «اننا نجد ان اعلان الخوارج للخلافة الاسلامية باطل شرعاً وعقلاً ولا يغير شيئاً من وصفهم ولا طريقة التعامل معهم».
ومنها تأكيدات الولايات المتحدة بان اعلان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام «الخلافة الاسلامية» على الاراضي التي يسيطرون عليها في العراق وسوريا «لا يعني شيئاً».
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جين بساكي «سمعنا من قبل مثل هذه الكلمات من تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام». واكدت ان هذا الاعلان لا يعني شيئاً للناس في العراق وسوريا، مشيرة الى ان التنظيم يحاول «السيطرة على الناس بالخوف».
واعلن البنتاغون ان اعمال العنف في العراق قد تؤدي الى تأخير تسليم مقاتلات اف-16 الاميركية الى الحكومة العراقية بعد اجلاء المتعاقدين من قاعدة جوية رئيسية في البلد المضطرب. وصرح الكولونيل ستيفن وارن المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية للصحافيين انه رغم ان الولايات المتحدة تعمل على تسريع تسليم الاسلحة والذخائر للحكومة العراقية التي تقاتل متطرفين مسلحين سنة، فان الاوضاع المتفجرة على الارض تهدد بعرقلة التحضيرات لتسليم مقاتلات اف-16.
واضطر متعاقدون خاصون يعملون على برنامج اف-16 الى الخروج من قاعدة بلد الجوية والانتقال الى مكان اكثر امانا في بغداد بسبب سيطرة المسلحين السنة على مناطق في شمال البلاد.
وقال المتحدث ان المتعاقدين «لم يعودوا يعملون في «قاعدة بلد» وذلك سيؤثر على الوضع ومن المبكر توقع مدى هذا التأثير تحديداً». وتأتي تصريحاته بعد تسلم العراق اول دفعة من مقاتلات سوخوي سو-25 من روسيا، الا ان البنتاغون اكد ان الخطوة الروسية لن تؤثر في مبيعات الاسلحة الاميركية لبغداد.
وقال وارن ان «شراء العراق لمعدات عسكرية روسية لا يؤثر على شراء العراق لمعدات عسكرية اميركية»، مضيفاً «نحن نواصل برنامجنا لمبيعات الاسلحة العسكرية الخارجية للعراق».
ورفض وارن انتقادات بعض القادة العراقيين بان الولايات المتحدة تماطل عمدا في تسليم اسلحة وطائرات يحتاج اليها العراق بشدة من بينها مقاتلات اف-16.
واضاف وارن «نحن على علم بحاجة العراق الملحة للاسلحة المتطورة. ونحن نعمل بالسرعة الممكنة لضمان تسلمهم جميع مشترياتهم من الاسلحة الاجنبية التي طلبوها ودفعوا ثمنها». وقال «نحن لا نعتقد ان سير العملية ابطأ» مما كان مقرراً.
الا انه قال ان جميع مبيعات الاسلحة يجب ان تخضع للتدقيق لكي تطابق شروط السلامة اللازمة لنقل بعض التكنولوجيا العسكرية الحساسة.
واشار الى ان واشنطن سلمت 400 من اصل 500 صاروخ هيلفاير مؤخراً الى العراق، وان الدفعة الاخيرة من 100 صاروخ ستصل الى بغداد خلال اسابيع.
واكد ان البنتاغون يواصل امداد القوات العراقية بالاسلحة الخفيفة والذخيرة المخصصة للاستخدام «الفوري». واشار الى ان الوزارة تعتزم بيع العراق 24 مروحية اباتشي قتالية، الا ان بغداد لم تدفع ثمنها بعد. وقال ان مفتاح الحل للازمة في العراق لا يكمن في امداد بغداد باسلحة، ولكن في التوصل الى تسوية سياسية لمعالجة التوترات الطائفية في ذلك البلد. وتابع ان «الحل لهذه المشكلة هو في تشكيل حكومة شاملة وليس في استخدام قوة السلاح».

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق