رئيسيسياسة عربية

السودان: معالجات هزيلة، وازمات متجذرة

يوماً بعد يوم تتجذر الازمات السودانية، وسط قناعات بان جميع المعالجات القائمة انما هي معالجات هزيلة لا ترتقي الى مستوى الحدث او الى جسامة الاشكاليات القائمة.
فالشمال يعاني من اشكالات كبيرة، يحاول الرئيس عمر البشير التعاطي معها باسلوب «العصا والجزرة» لكن معالجاته تبقى عاجزة عن التعاطي بعمق وبجذرية مع تفاصيلها. والجنوب يعاني من الانقسام غير المنظم، حيث تتواصل المواجهات بين قوات الرئيس سلفاكير، ونائبه المنشق اريك مشار.

السودانان، يتواجهان مع بعضهما البعض في الكثير من المفاصل، والمحطات، ويعجزان عن حل اشكالياتهما، رغم التواصل بين المسؤولين فيهما، ورغم تقديم كل طرف نفسه بانه الحريص على مصلحة الطرف الاخر.
بكل تلك التعقيدات يواجه السودان بشقيه الشمالي والجنوبي مصيراً تؤكد مرجعيات دولية انه مصير اسود، وان الازمات المتفاقمة لا يمكن ان تفسح المجال امام الشعبين لتجاوز الازمات التي تتخذ شكل الاواني المستطرقة، والتي تنعكس على مجالات الحياة كافة وفي مقدمتها النواحي الامنية والمعيشية.

صد هجوم للمتمردين
في هذا السياق، أعلن العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية عن صد هجوم ثان شنه  متمردون في ولاية جنوب كردفان لاستعادة مدينة العتمور بعد طردهم منها.
وقال العقيد سعد في تصريحات صحفية، أنه «في محاولة يائسة أخرى، شنت مجموعات من متمردي ولاية جنوب كردفان هجوماً كثيفاً على منطقة العتمور بغرض إستردادها بعد أن طردتهم القوات المسلحة منها في السادس من حزيران (يونيو) الماضي، ليفقدوا بذلك أهم قواعدهم العسكرية شرق مدينة كادوقلى»، مضيفاً انه  توالت بعد  ذلك محاولاتهم لإستردادها ففقدوا فيها عشرات القتلى والجرحى.
واضاف الصوارمي أنه فى هذا الهجوم الأخير تمكنت القوات المسلحة من إرجاع المتمردين على أعقابهم بعد أن حققت فيهم خسائر كبيرة فى الأرواح بلغت خمسين قتيلاً وعدداً كبيراً من الجرحى وأستولت على عتاد حربى  ومركبات وقامت بتمشيط المنطقة.
من جهة أخرى قال الرائد النذير محمد أبكر الناطق بإسم قوات الدعم السريع  إنه بعد طرد متمردي الجبهة الثورية من  العتمور، قامت جماعة منهم تحمل مدفع هاون 120 بقصف مدينة كادقلي مما أدى الى اصابة ثلاثة  أطفال أبرياء، وذلك لإحداث فرقعة إعلامية للتغطية على  الهزائم التي تلقوها خلال محاولاتهم الإنتحارية اليائسة.
وأضاف أن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع تصدت للمتمردين  وتمكنت من  تشتيت فلولهم مخلفين وراءهم عدداً كبيراً من العتاد العسكري.
وتخوض القوات السودانية قتالاً ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع  الشمال في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان.
يذكر أن الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال عضو  في الجبهة الثورية التي تضم ايضاً حركة العدل والمساواة، وحركتي تحرير السودان  فصيلي مني اركو مناوي وعبد الواحد محمد نور.

الازمة الشمالية
اما في ما يخص الازمة الشمالية منفردة، فقد انعقد البرلمان السوداني امس للتداول حول تعديلات في قانون الانتخابات، بينما أكدت قوى  المعارضة مقاطعتها للجلسة ووصفت الخطوة بالعبث وأنها مجرد تظاهرة سياسية لواجهات الحزب الحاكم.
وكان مجلس الوزراء السوداني صادق في 19 حزيران (يونيو) الماضي على تعديلات في قانون الانتخابات،وجرى لاحقا إيداع القانون بتعديلاته الى  البرلمان.
وأرسل البرلمان دعوات لأكثر من 165 حزباً وجهة سياسية للمشاركة في جلسة  تعديل قانون الانتخابات.
وانتقدت القيادية في حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي خطوة تبني تعديلات في قانون الانتخابات من الأساس، واعتبرت العملية برمتها «عبثاً سياسياً»، وقالت إن مجرد الإعلان عن  التعديلات ينطوي على إساءة للحياة السياسية ، وان مناقشتها في  البرلمان يندرج ضمن اطار العبث ايضاً.
من جانبه، وصف القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل علي السيد، جلسة البرلمان المقررة لبحث تعديلات قانون الانتخابات بالتظاهرة السياسية التي يقصد منها حزب المؤتمر الوطني الحاكم حشد واجهاته لتمرير التعديلات وإيهام الجميع بأن السودانيين ناقشوها وأقروها.
وأشار علي السيد إلى أن حزبه تلقى دعوة لحضور الجلسة لكنه لن يلبيها، رغم أنه لم يستبعد مشاركة قيادات الحزب المشاركة في السلطة، موضحاً أن حزبه يفكر جديا في الانسحاب من مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس  عمر البشير في كانون الثاني (يناير) الماضي.

وقف الحوار
وأعلن كل من حزب الأمة القومي وحركة «الإصلاح الآن» تعليق مشاركتهما في  الحوار الوطني لحين إجراء إصلاحات على العملية برمتها بعد اعتقالات طاولت  زعماء أحزاب وناشطين ومصادرة صحف.
وتضمن مشروع القانون المعدل رفع نسبة التمثيل النسبي من 40% الى 50% بزيادة الحد الأدنى المخصص للمرأة من 25% الى 30%  ولقائمة التمثيل الحزبي من 15% الى 20%، كما ألغى النسبة المؤهلة  للتمثيل الحزبي في أي هيئة تشريعية قومية أو ولائية والتي كانت محددة بـ 4%.
وقال القيادي بالحزب الاتحادي إن بعض التعديلات قصد منها الحزب الحاكم  إيجاد ثغرات للتزوير والتلاعب بصناديق الانتخابات، خصوصاً التعديلات  المتعلقة بتصويت القوات النظامية والعرب الرحل.
وضمنت تعديلات قانون الانتخابات لمنسوبي القوات النظامية امكانية الإدلاء بأصواتهم، بدون التقيد بفترة الثلاثة أشهر التي كانت شرطاً للإقامة في الدائرة الانتخابية.
من جانبه، اعتبر رئيس البرلمان الفاتح عز الدين أن التوافق حول التعديلات المطروحة على قانون الانتخابات مسألة ملحة.
وتتمسك قيادات الحكومة السودانية بإجراء الانتخابات في موعدها المعلن في  العام 2015، بينما تطالب الأحزاب المعارضة بتأجيلها وتحقيق مطلوبات  تضمن شفافية ونزاهة العملية الانتخابية.
وفي الملف الجنوبي، دعت رئيسة بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان هيلدي جونسون الاثنين الاسرة الدولية الى زيادة الضغط على الطرفين المتنازعين كي يلتزما بتعهداتهما من اجل  السلام قبل 10 اب (اغسطس) المقبل.
وكان رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق وخصمه الحالي رياك مشار قد تعهدا في 10 حزيران (يونيو) بوقف اطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية خلال 60 يوماً.

ضغط دولي
وقالت هيلدي جونسون خلال مؤتمر صحافي في الامم المتحدة قبل ايام على انتهاء مهمتها على رأس بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان، ان «الوقت يدهم وان الضغط الدولي ضروري».
وشددت على ان حماية اكثر من مئة الف مدني في تسع قواعد للامم المتحدة في جنوب السودان هو «جهد جبار» من قبل بعثة الامم المتحدة و«تحد ضخم». واضافت «هذا ليس حلاً على المدى الطويل». واوضحت ان «الحل الوحيد هو في ان يعود هؤلاء الناس الى بيوتهم ومن اجل ذلك يجب ان يفي اطرف النزاع بتعهداتهم».
وتخطى عدد المدنيين في جنوب السودان الذين لجأوا الى قواعد الامم المتحدة في البلاد عتبة المئة الف شخص للمرة الاولى منذ اندلاع النزاع في كانون الاول (ديسمبر) 2013.
وقالت جونسون ايضاً ان التعزيزات المقررة لبعثة الامم المتحدة «يجب ان تصل في شكل كامل قبل ايلول (سبتمبر)» ما يرفع عدد جنود البعثة الى 12500 بدل نحو 8100 حالياً. وشددت ايضاً على ضرورة محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان في جنوب السودان «والا فقد لا تكون هناك مصالحة بعد النزاع».
وتعتبر الامم المتحدة ان جرائم ضد الانسانية قد تكون ارتكبت من قبل انصار سلفا كير ورياك مشار.

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق