رئيسيسياسة عربية

تونس: حركة «تمرد» تعبىء الشارع وتنظم يوم غضب

اتهامات متبادلة بين اطراف الازمة، ولكن ضمن بوادر انفراج يتوقف عندها المتابعون، اساسها قبول حركة النهضة بالمبادرة التي اطلقتها جهات عدة عاملة على الساحة. الحالة الانفراجية التي يجري التركيز عليها راهناً تستند الى امتداد شعبي ابرز معطياته رفض الشارع التونسي الاستجابة لدعوات تنظيمات بالخروج الى الشارع والتظاهر للضغط على الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة الاسلامية.

الانفراج لا يعني – بحسب محللين – ان البلاد تجاوزت ازمتها، وان طريق السلام اصبحت ممهدة، وجاهزة لتجاوز الازمة ولطي الملفات الخلافية. فالشارع التونسي يرى انه محاط بكم من الاخطار ابرزها التنظيمات المتطرفة من حركة السلفية الجهادية التي تدير مواجهة مسلحة على الساحة، والتي تواصل تنفيذ عمليات اغتيال لبعض الشخصيات الفاعلة، بهدف تفجير الشارع وتثويره.
من هنا يتوقف بعض المحللين عند جملة عناصر اعتقاداً بانها من ابرز الاسباب التي تشجع على التهدئة، وتدفع بالفرقاء المتخاصمين الى الاجتماع على طاولة حوار واحدة وصولاً الى حلول سياسية محورها تراجع من قبل حركة النهضة عن بعض مطالبها التي كانت سبباً في اتهامها بالتفرد في الحكم.
غير ان ما جرى في مصر، ما زال ينعكس بصورة او باخرى على مجريات الساحة، ويدفع ببعض الاطراف الى الضغط من اجل اطاحة حركة النهضة، والعودة الى بناء مرحلة تعددية بعيدة عن ضوابط عقائدية كتلك التي يجري التعاطي معها راهناً والتي تتمسك بها حركة النهضة وتصر على ان تشكل اساس الدستور والقوانين الاساسية للدولة.
ميدانياً، وبينما أعلنت حركة النهضة الاسلامية الحاكمة قبول مبادرة طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل، وثلاث منظمات أهلية أخرى، لاخراج البلاد من الازمة السياسية الحادة التي اندلعت اثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز (يوليو) الفائت. توالت الاتهامات لـ «الحركة» بالمماطلة والتسويف، وانتقاء بعض العناصر من بنودها وترك البعض الآخر. جاء ذلك بالتزامن مع قرار الاتحاد تنظيم تظاهرات وتحركات احتجاجية في كل انحاء البلاد للضغط على الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تقوده حركة النهضة  للقبول بـ «مبادرة» و«خريطة طريق» طرحهما الرباعي لحل الأزمة.

مبادرة وخريطة طريق
تنص المبادرة وخريطة الطريق بهذا الخصوص على استقالة الحكومة التي يرأسها علي العريض القيادي في حركة النهضة، وتعويضها بحكومة كفاءات غير متحزبة، والزام المجلس التأسيسي (البرلمان) بآجال لإتمام صياغة الدستور الجديد لتونس والتصديق عليه.
واعلنت حركة النهضة في بيان اصدره رئيسها راشد الغنوشي مجدداً قبولها بمبادرة رباعية المجتمع المدني، والدخول فوراً في الحوار الوطني مع المعارضة على قاعدة تلك المبادرة.
ووجهت الحركة الدعوة الى الاطراف كافة الى تجاوز خلافاتها بالحوار، والبحث عن التوافقات التي تجنب البلاد مخاطر العنف وتضعها على طريق استكمال المسار الانتقالي. لكن «المركزية النقابية» استنكرت في بيان لها ما اسمته «أسلوب المماطلة والتلكؤ وربح الوقت» الذي مارسه الائتلاف الحاكم وخصوصاً حزب حركة النهضة. وقالت ان الائتلاف «عمل بكل ما في وسعه على إفشال المبادرة الرباعية، رغم الجهود التي بذلت وطول المشاورات والتنازلات التي قُدّمت ورغم التحذيرات من خطورة الوضع بالبلاد».
واتهمت في بيانها حركة النهضة باستخدام وسائل «المغالطة الإعلامية» بإيهام الرأي العام بأنّها قبلت المبادرة في حين أنها نسفت نصفها المتعلّق باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات غير متحزّبة ترأسها شخصية مستقلّة، ورهنت مسار تكوينها، دون تحديد طبيعتها، بانتهاء التصديق على الدستور الجديد لتونس. واعتبرت ان ذلك مخالف تماماً لخريطة الطريق الرباعية.
وأعلنت المركزية النقابية تشبثها بمبادرة المنظمات الراعية للحوار بين الحكومة والمعارضة، وبخريطة الطريق المنبثقة عنها كاملة دون تعديل، باعتبار انها جاءت نتيجة مشاورات ومقترحات ساهمت فيها كل الأطراف. ولفتت الى أن أحزاب المعارضة العلمانية أعلنت عن قبول خريطة الطريق دون تحفّظات، وقدّمت تنازلات جدّية عن بعض مطالبها السياسية السابقة مراعاة لمصلحة الوطن، وبحثاً عن إيجاد توافقات ضرورية لإنهاء مرحلة الانتقال الديمقراطي بأخف الأضرار وتجنيب البلاد الانزلاق إلى المجهول.
في المقابل، رفضت حركة النهضة الإسلامية تحميلها مسؤولية فشل الحوار الوطني لإيجاد مخرج سياسي للأزمة التي تعصف بالبلاد، ودعت إلى هدنة سياسية واجتماعية واعلامية للتصدي للتحديات الإقتصادية.

بيان النهضة
وقالت الحركة في بيان لرئيسها راشد الغنوشي، إنها فوجئت بما صدر عن «المركزية النقابية» من تبشير بتأزيم الأوضاع في البلاد، ومن محاولات لـ «التهجم المجاني» على الترويكا الحاكمة وخصوصاً حركة النهضة.
وأضاف البيان، أن حركة النهضة والإئتلاف الحاكم قدما مواقف واضحة تتمثل في القبول بالمبادرة والدعوة إلى الإنطلاق الفوري في الحوار للإتفاق على تفاصيلها في مختلف أبعادها من صياغة الدستور، وتحديد موعد الانتخابات وتشكيل الحكومة. وأكد أن الحركة مع الحوار والتوافق من أجل إدارة شؤون البلاد والعبور بها من هذه المرحلة الانتقالية إلى اجراء انتخابات في أسرع الآجال بعد انهاء الدستور والقانون الانتخابي والهيئة المستقلة للانتخابات في أجل لا يتجاوز 3 أسابيع إذا تضافرت كل الجهود. ودعا البيان إلى هدنة سياسية وإجتماعية وإعلامية مما يساعد على الإستقرار ومواجهة المخاطر والتصدي للصعوبات الإقتصادية ودعم التنمية والتشغيل.
في المقابل، رد اتحاد الشغل «المركزية النقابية» بدعوة الاطراف كافة الى تحديد تاريخ لبدء الحوار الوطني بشأن وضع خطة للخروج من الازمة. وقال الاتحاد في بيان انه يعتبر ان حزب النهضة الاسلامي الحاكم قبل هذه الخطة ومستعد لتنفيذها. جاء ذلك في اعقاب فشل الدعوة التي اطلقها الى تنظيم اضرابات عامة في كل انحاء البلاد.
في تلك الاثناء، اطلقت حركة «تمرد» التونسية  عملية تعبئة للشارع من خلال الدعوة إلى تنظيم يوم غضب، بهدف  تحقيق جملة مطالب من ابرزها حل الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني برئاسة شخصية مستقلة. وقالت الحركة في بيان لها إنها قررت وبالتعاون مع الاتحاد العام لطلبة تونس (أكبر منظمة طلابية في البلاد) واتحاد العاطلين عن العمل إعلان الاضراب.

تونس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق