أبرز الأخبار

ليبيا: انتخابات تشريعية على صفيح ساخن، ومشروع حرب اهلية

رغم كل المعوقات، خاض الليبيون التجربة الانتخابية بكل تفاصيلها، ومعطياتها، وسط آمال بان تفضي العملية عن مرحلة جديدة من شأنها ان تطوي صفحة الخلافات المتعددة والمتشابكة التي ما زالت تؤثر على المشهد بصورته الكاملة.

اللافت هنا، هو اصرار السياسيين الليبيين على اجراء الانتخابات رغم كل الظروف والمعوقات. معتبرين ان مجرد اجرائها في موعدها انتصار. لكن محللين يعتقدون ان ما يجري هو مشروع حرب اهلية. وان استكمالها واعلان نتائجها يعزز تلك الحرب ويجعلها تطفو على السطح.
فقد توجه الناخبون الليبيون الأربعاء الى مراكز الاقتراع للادلاء بأصواتهم في اهم واخطر استحقاق انتخابي عنوانه انتخاب برلمان جديد يأمل المسؤولون بأن يساهم في وضع حد لحالة الفوضى التي تجتاح البلاد منذ اطاحة معمر القذافي قبل ثلاثة اعوام.
ويتجاوز عدد المرشحين في انتخابات مجلس النواب 1600 مرشح، في حين بلغ عدد الناخبين المسجلين داخل ليبيا أكثر من 1،5 مليون ناخب. وجرت الانتخابات في ظل حالة انقسام تعيشها البلاد والتي يتوقع أن تؤثر على سير العملية الانتخابية. بينما يعتقد ساسة ان الانتخابات ستسهم في نزع فتيل التوترات المتصاعدة في البلاد.
وشكك كثيرون في إمكانية تنظيم هذه الانتخابات، حيث تعيش البلاد على إيقاع المواجهات العسكرية في بنغازي والخلافات السياسية في طرابلس وحصار المنشآت النفطية في أماكن ليبية عدة.

تفاؤل بالنجاح
ورغم كل الظروف والمخاوف السائدة، عبّر رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح عن ثقته في نجاح هذه الانتخابات رغم ما يحدث في مدينة بنغازي.
وكان السايح قد أعلن أنه تم تخصيص 32 مقعداً للنساء من أصل 200 مقعد، مضيفا أن 1628 مرشحاً سيتنافسون فيها، وهو ما يقل عن عدد المتنافسين في الانتخابات السابقة بنحو ألف شخص.
وبدأ الليبيون في الخارج السبت انتخاب أعضاء مجلس النواب للمرحلة الانتقالية، حيث تجاوز عدد الناخبين المسجلين في الخارج عشرة آلاف ناخب. وأجريت الانتخابات في 22 مركزاً انتخابياً وزعت على 13 دولة، وسط آمال بأن تخرج البلاد من الوضع الصعب الذي تعيشه.
في الأثناء أكد وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز مجدداً ان الاضطرابات الأمنية وانعدام الاستقرار السياسي لن يؤثرا على العملية الانتخابية. مشيراً الى ان اجراءها يعني ان العملية تسير في اتجاهها الصحيح. وان المسار الديمقراطي متواصل ومستمر.
الى ذلك، أوضحت المفوضية في مؤتمر صحفي أن عشرة مراكز اقتراع من أصل 15 لم تفتح أبوابها في منطقة «الكفرة» جنوب البلاد لأسباب أمنية. وأضافت أن 97% من مراكز الاقتراع فتحت أبوابها، مؤكدة أنه لم يسجل أي حادث كبير حتى بعيد ظهر يوم الاقتراع.
غير أن اشتباكات بين قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر وكتائب ثوار 17 فبراير وقعت في بنغازي مساء.
ورغم هذه الظروف والمخاوف، عبّر رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح عن ثقته في نجاح الاقتراع رغم ما يحدث في مدينة بنغازي، وقال إن «المؤشرات كلها إيجابية بخصوص العملية الانتخابية في بنغازي».

دعوة الى السلام
من جهته، قال رئيس حكومة تسيير الأعمال في ليبيا عبدالله الثني إن حكومته ستناقش الأوضاع في مدينة درنة شرق البلاد والتي أرجىء فيها التصويت لاعتبارات أمنية.
وحث الثني عقب الإدلاء بصوته في العاصمة طرابلس، الليبيين على نبذ السلاح والمضي قدما في العملية السياسية بطريقة سلمية.
وظهر رئيس الوزراء السابق علي زيدان بصورة مفاجئة للإدلاء بصوته في طرابلس، بعدما عاد من أوروبا التي سافر إليها عندما أقاله البرلمان في مارس (آذار) الماضي. ونقلت رويترز عنه قوله إنه يأمل أن تحقق الانتخابات أهدافها المرجوة، وأن يبدأ مجلس النواب مرحلة جديدة أفضل مما سبق.
وأعلنت وزارة الداخلية اتخاذ «كل التدابير الضرورية» لضمان أمن العملية الانتخابية، مؤكدة نشر 15 شرطياً في كل مكتب تصويت.
وفي طرابلس كما في بنغازي كبرى مدن الشرق، تحدثت وكالات انباء عن إقبال ضعيف مع بدء اليوم الانتخابي الذي أعلنته السلطات يوم عطلة رسمية. ومن المتوقع أن تكون مشاركة الناخبين في هذه الانتخابات أقل من مشاركتهم في انتخابات تموز (يوليو) 2012.
وسجل 1،5 مليون ليبي فقط أنفسهم للمشاركة في التصويت مقابل أكثر من 2،7 مليون عام 2012، من أصل 3،4 ملايين لهم حق الانتخاب، وسيكون عليهم الاختيار بين 1628 مرشحاً.
وكان الليبيون في الخارج بدأو السبت انتخاب أعضاء مجلس النواب للمرحلة الانتقالية، وعلى مدار يومين، حيث يتجاوز عدد الناخبين المسجلين في الخارج عشرة آلاف ناخب. وجرت الانتخابات في 22 مركزاً انتخابياً وزعت على 13 دولة.

حرب اهلية
الى ذلك، يعتقد محللون ان الانتخابات ستشكل منعطفاً خطيراً قد يفضي الى حرب اهلية. وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي الاردني محمد خروب ان ليبيا تبدو على أهبة الدخول في حرب اهلية شاملة، بينما تشيرالمعطيات الى ان عملية إعداد المسرح لحرب كهذه تجري على قدم وساق.
ويضيف خروب انه لم يبق سوى اختيار المبررات والاسباب «المُقنعة» لها، بعد أن استقر المتحاربون في خنادقهم،  وبات اللواء خليفة حفتر الشخصية المركزية التي تُسلّط الاضواء عليها. في الوقت الذي راحت فيه ميليشيات الاسلام السياسي بعناوينها وراياتها وخطاباتها المختلفة تتحدث عن جهاد ومواجهة لرد الهجمة على الاسلام وتوجيه اتهامات للقوى الاخرى بأنها صناعة اميركية، حيث ساقت الاتهام لحفتر واتباعه بأنهم هم الذين اعتقلوا أحمد الختالة المُتّهم بقتل السفير الاميركي ستيفنز في القنصلية الاميركية ببنغازي وتسليمه للقوات الاميركية قبل اسبوع.
في الاثناء، أفادت تقارير إخبارية بأن اشتباكات عنيفة دارت في بنينا بمدينة بنغازي الليبية وحول معسكر 17 فبراير بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وأنصار الشريعة وحلفائها. وأضافت صحيفة الوسط الليبية أن مسلحين متحصنين بمناطق القوارشة وسيدي فرج قاموا باستهداف منطقة بنينا بصواريخ «غراد» بشكل عشوائي، ما أسفر عن سقوط قتيل وإصابة اثنين آخرين، وأسفر القصف عن أضرار مادية بأحد المنازل.
الى ذلك، بدأت تركيا إجلاء المئات من رعاياها من ليبيا بعد مطالبة اللواء خليفة حفتر بمغادرة الرعايا الاتراك والقطريين المناطق والمدن الشرقية في غضون 48 ساعة.  وغادر نحو 420 من الأتراك جوا عائدين الى بلادهم من مطار مصراتة، بينما قالت السفارة التركية في طرابلس إن نحو 140 آخرين سيتم إجلاؤهم من مطار الابرق في شرق البلاد في منتصف الليل.

منظمة ارهابية
ولم يصدر أي قرار من دولة قطر في شأن إجلاء رعاياها من ليبيا، وكان اللواء خليفة حفتر اتهم قطر الأسبوع الماضي بدعم الميليشيات المسلحة في ليبيا. وكانت تركيا نقلت موظفي قنصليتها في بنغازي إلى طرابلس هذا الشهر.
وتدعم تركيا وقطر جماعة الاخوان المسلمين التي أعلنتها مصر ودول خليجية عربية مثل السعودية منظمة «ارهابية».
وكان العقيد محمد الحجازي المتحدث باسم قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر اتهم كلاً من تركيا وقطر بدعم المجموعات الإرهابية في ليبيا.
وطالب الحجازي جميع الرعايا القطريين في ليبيا بمغادرة المناطق والمدن الشرقية في غضون ثمان وأربعين ساعة.
وشدد الحجازي على أن قوات حفتر ليست مسؤولة عن الرعايا القطريين والأترك الموجودين في المنطقة التي تمتد من بلدة مساعد على الحدود مع مصر إلى مدينة سرت وسط ليبيا.
يذكر أن اللواء حفتر كان أعلن في ايار (مايو) الماضي الحرب على الإسلاميين المتشددين في شرق ليبيا في ظل اضطرابات متنامية بالبلد الذي يعجز في التصدي لمجموعات مسلحة ساهمت باطاحة الزعيم معمر القذافي عام 2011، لكنها أصبحت الآن تتحدى سلطة الدولة.
وتقول حكومة طرابلس إن حفتر لا يملك أي سلطة، لكن أوامرها تقابل بالتجاهل في الكثير من مناطق ليبيا خصوصاً في الشرق حيث يتنافس الإسلاميون والقبائل والميليشيات على بسط السيطرة.
وتسري تكهنات بين المحللين بأن حفتر يحظى بدعم مصر ودول خليجية كالامارات تخشى مثل الغرب أن يستغل الاسلاميون المتشددون الفوضى في ليبيا.

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق