الثورة الحوثية تدق ابواب صنعاء

يعتقد محللون ان ما يقوم به الحوثيون في مناطق صعدة، وعمران، وصولاً الى مشارف العاصمة صنعاء انما هو ثورة بكل تفاصيلها. ويعتقد المتابعون لتفاصيل العمليات المتواصلة ان الحراك الحوثي تجاوز ما يعتقد انه محاولات لاستباق النظام الفدرالي، وتوسيع مناطق النفوذ. وصولاً الى ثورة تحاول الخروج عن وثيقة الحوار.
التحليلات تستند الى ما يجري على الارض من معطيات، حيث يواصل التيار الحوثي توسيع مناطق نفوذه مستغلاً كل ما هو متاح له من امكانيات داخلية وخارجية. وبالتزامن، هناك معلومات استخبارية تشير الى ان التيار غير في استراتيجياته بما يؤشر على التراجع عن مخرجات الحوار والبحث عن مظلة مستقلة تشير قراءاته الى ان الظروف باتت مهيأة لتنفيذها. فالقراءات التي بات يمنيون يتحدثون عنها تؤشر على مشروع تفكيك للدولة اليمنية قد يكون التيار الحوثي راس حربة له.
ضمن هذا الاطار، تكثفت المعارك بين متمردي انصار الله الشيعة والجيش اليمني بالرغم من تحذير وجهه الرئيس عبد ربه منصور هادي من تصعيد عسكري ملموس شمال العاصمة.
تدخل الطيران
وتدخل الطيران اليمني ثماني مرات على الاقل يوم الجمعة الفائت في محاولة لفك الحصار الذي فرضه المتمردون على الجيش في عدد من المواقع، التي يقع بعضها على بعد 15 كلم من العاصمة، بحسب مسؤولين في الادارة وزعماء قبليين. وفي الاثناء، اكد مصدر قبلي ان المعارك ادت الى مقتل العشرات من الطرفين في الساعات الـ 48 الاخيرة. حيث قصفت مدفعية الجيش مواقع في همدان وبني مطر وعيال سريح الواقعة كلها في محافظة عمران وخاضعة للمتمردين بحسب مسؤولين محليين.
واستهدف الطيران بشكل اساسي مواقع المتمردين في بني ميمون وبني الزبير فيما شوهدت قوافل للجيش تنقل تعزيزات مغادرة العاصمة باتجاه مناطق القتال. واتهم مسؤول حكومي المتمردين بمحاولة السيطرة على جبل الظفير على المخرج الشمالي الغربي لصنعاء في مسعى لقطع الطريق التي تربط العاصمة بمدينة الحديدة الساحلية الكبرى غربي البلاد. وفي الاثناء، نقلت وسائل اعلام يمنية تصريحات للرئيس هادي مضمونها انه ينبغي «عدم السماح بتوسع المواجهات أو تجاوز اتفاقات التهدئة المبرمة وأنه يجب عدم السكوت عن أي تهديد أو خروقات». «وأن على الحوثيين الالتزام بمخرجات الحوار الوطني الشامل وعدم تجاوز الخطوط الحمراء».
الى ذلك تشير المعطيات الى ان الهدنة التي ابرمت في الرابع من حزيران (يونيو) الجاري انهارت تماماً. وان المتمردين من انصار الله الشيعة وسعوا نفوذهم في شمال البلاد ويسيطرون الآن على محافظة صعدة. ويشتبه في سعيهم الى السيطرة على مزيد من الاراضي لتوسيع منطقة نفوذهم في الدولة الفدرالية المقبلة التي ستشمل ست محافظات.
وفي الاثناء، شن الطيران الحربي اليمني غارة جوية على منطقة حصن ذيفان بمحافظة عمران شمال العاصمة صنعاء، استهدف موقعا لمسلحي الحوثيين هناك.
احتلال مواقع
وقال مصدر محلي إن الحوثيين احتلوا مواقع عدة في قرى بني ذيفان كالمدارس، والمرافق الصحية اضافة الى اعتلائهم عددا من الجبال.
واضاف المصدر أن الطيران الحربي وجه ضربة واحدة لموقع الحوثيين، الأمر الذي ادى الى تشتتهم وهروبهم الى مزارع القات، ودخول بعضهم المنازل على الرغم من اعتراض اصحابها.
وقال المصدر ان جميع الطرق المؤدية الى بني ذيفان مغلقة، مشيراً الى أن الجيش وجه المشايخ بالتعاون معهم من خلال منع الحوثيين من التوسع ودخول مناطق أخرى في المنطقة.
من جهة أخرى نصب الحوثيون مساء الخميس الفائت كميناً للجيش في قرية بني سعيد اثناء توجه حملة عسكرية من كتيبة العمليات الخاصة للقوات المسلحة الى منطقة الظفير الواقعة في بني مطر شمال العاصمة صنعاء.
وقال مصدر محلي إن تلك الحملة وجهت لإخراج الحوثيين من جبل الظفير في بني مطر غرب محافظة صنعاء، الذي سيطر عليه الحوثيون الأربعاء الماضي.
ويستطيع الحوثيون من خلال ذلك الجبل توجيه ضربات مسلحة عدة الى مواقع مهمة.
من ناحية اخرى قتل في منطقة ثرة بمديرية لودر في محافظة أبين جنوب اليمن القيادي في تنظيم القاعدة علي علوي البركاني إثر خلافات مع أخيه عند عودته إلى منزله الكائن في المنطقة.
وقال رئيس شعبة الاستخبارات في محافظة أبين العميد محمد بن محمد إن صالح علوي البركاني قام بقتل أخيه علي أثناء عودته لأنه يعتبره شخصاً خرج عن القانون في أعماله التخريبية في البلاد.
واوضح محمد أن صالح قتل من قبل أخيه الأكبر عبدالله البركاني الذي يؤيد فكر علي المتطرف، مشيراً إلى أنه لم تكن توجد اي خلافات أسرية بين الأخوة سوى نبذ الأخ صالح للفكر الإرهابي الذي يعتنقه علي وأخوه عبدالله.
ويعتبر علي علوي البركاني من ضمن قيادات تنظيم القاعدة في اليمن وهو من العائدين من افغانستان في تسعينيات القرن الماضي، وظل مؤيداً لفكر تنظيم القاعدة حتى مقتله حيث شارك في تنفيذ العديد من العمليات ضد الجيش والأمن واللجان الشعبية في محافظة أبين بشكل عام ومديرية لودر التي ينتمي إليها على وجه الخصوص.
عناصر القاعدة
ويعيش العديد من عناصر تنظيم القاعدة المنتمين لمحافظة أبين في الخفاء بعيدين عن منازلهم بعد عملية تطهير المديرية من الجماعات المسلحة عام 2012.
واعتبر محللون سياسيون عودة البركاني إلى مديرية لودر في أبين على الرغم من ظهوره قبل قرابة شهرين في محافظة شبوة دليلاً واضحاً على سهولة تنقل قادة تنظيم القاعدة بين المحافظات.
وعزا محللون السبب في ذلك إلى ضعف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وبالمقابل قدرة الجماعات المسلحة على التحرك بشكل أكبر مما يساعدها في تحقيق الكثير من أهدافها.
وتشن قوات من الجيش والأمن بمرافقة اللجان الشعبية حملة عسكرية منذ نهاية نيسان (ابريل) الماضي ضد الجماعات المسلحة في محافظتي أبين وشبوة اللتين تعتبران من أكثر المحافظات التي تتواجد فيها الجماعات المسلحة.
وفي حادثة اخرى، أصيب 17 شرطياً بجروح في كمين نصبه حوثيون شيعة في صنعاء اثناء عملية لاعتقال عدد من المطلوبين الامنيين، وذلك بالتزامن مع اقتراب المعارك الدائرة بين الحوثيين والجيش الى مشارف العاصمة اليمنية.
وذكرت وكالة الانباء اليمنية الرسمية ان مجاميع مسلحة تابعة لأنصار الله، قامت بالاعتداء بالأسلحة النارية على الدوريات الأمنية التابعة لأمن أمانة العاصمة صنعاء أثناء قيامهم بواجبهم الأمني وتنفيذ الدوريات المعتادة لترسيخ الأمن والاستقرار بجميع أحياء أمانة العاصمة.
اعتداء على الشرطة
وقام مسلحون من الحوثيين باغلاق الطريق في حي الجراف حيث يوجد مكتب تمثيلي للتيار في مكان قريب من وزارة الداخلية، واطلقوا النار على دورية للشرطة من مبان قريبة. وذكرت وكالة الانباء الرسمية نقلاً عن اللجنة الامنية الخاصة بصنعاء ان اطلاق النار اسفر عن اصابة 17 عنصراً من الامن بجروح.
واكدت مصادر امنية ان الحادث وقع عندما قامت السلطات بالقاء القبض على عنصرين من انصار الله وكانت تحاول القاء القبض على آخرين. اما الحوثيون فقد اتهموا السلطات في بيان على موقعهم، باستهداف مكتبهم في صنعاء وبمحاولة اشعال «حرب عبثية».
وكان مئات اليمنيين تظاهروا امام مقر الرئيس عبد ربه منصور هادي في العاصمة صنعاء للاحتجاج على تراخي السلطات في مواجهة تقدم المسلحين الحوثيين الى صنعاء.
ويؤكد الحوثيون الذين يشاركون في العملية السياسية انهم ليسوا في مواجهة مع الدولة بل مع التجمع اليمني للاصلاح ومع اللواء علي محسن الاحمر الذي انشق عن الرئيس السابق علي عبد الله صالح بعد ان كان احد ابرز اركان نظامه. في المقابل، يتهم الحوثيون بانهم يسعون الى السيطرة على اكبر قدر ممكن من الاراضي في شمال اليمن استباقاً لتحويل البلاد الى دولة اتحادية. وسبق ان حقق الحوثيون في عمران تقدماً على حساب آل الاحمر، وهم زعماء قبيلة حاشد النافذة التي معقلها عمران.
في مسار مواز، تظاهر مئات اليمنيين امام مقر الرئيس عبد ربه منصور هادي في العاصمة صنعاء للاحتجاج على ما اعتبروه «تراخي السلطات» في مواجهة تقدم المقاتلين الحوثيين الذي يهدد العاصمة نفسها.
وهتف المتظاهرون مطالبين الحكومة بـ «وقف تقدم مقاتلي حركة انصار الله التي تمثل الحوثيين». وشارك في التظاهرة بعض القادمين من محافظة عمران، وهي منطقة في شمال صنعاء شهدت مواجهات بين المقاتلين الحوثيين والجيش.
ا. ح