اليمن: 120 قتيلاً حصاد مواجهات جديدة بين الحوثيين والجيش والطيان يتدخل
تصفها التقارير بـ «المواجهات»، مع انها في حقيقة الامر حرب اهلية تتصاعد احداثها ومعطياتها، لتشكل خطراً جسيماً على الامن الوطني، ولتضرب المنظومة الامنية في صميمها، وصولاً الى حالة الفوضى التي يراها بعض المحللين غير مستبعدة، والتي يعتقد آخرون انها قد تفضي الى تقسيم البلاد الى مجموعة من الدويلات، انسجاماً مع حراكات طورت طروحاتها لتتحدث صراحة عن المشاريع الانفصالية بدلا من المشاريع الاتحادية التي تسعى الهيئات الحوارية لتكريسها.
في اليمن، يتوقف المتابعون عند التطورات الاخيرة، ويتحدثون عن استنتاجات مفادها ان الوضع اصبح خطيراً جداً. ويكتفون بالتأشير على تدخل سلاح الجو من اجل ضبط الامور، ومواجهة تلك الاخطار، ولسان الحال يقول انه لولا خطورة الوضع لما تدخلت الطائرات. وفي بعد آخر ادت خطورة الوضع الى ارتفاع كبير في الخسائر البشرية حيث تجاوز عدد القتلى المائة شخص في مواجهات بين الحوثيين والجيش.
من هنا يخلص المحللون الى تأكيد خطورة الوضع على الساحة اليمنية اولاً، والى ما يفيد بان الجبهة الشمالية تجاوزت مرحلة التسخين، ودخلت مرحلة الغليان، في اشارات الى مشاريع يعتقد انها اصبحت شبه جاهزة.
اتهام ايران
وتشير المعلومات المتسربة الى ان تلك المشاريع تحظى بدعم خارجي، وهو ما تؤكده مرجعيات رسمية في مقدمتها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي اتهم ايران مباشرة في اكثر من مناسبة بانها هي التي تغذي الصراع، وتقدم الدعم لمشاريع انفصالية على اساس طائفي. وهو ما تنفيه ايران وتعتبره اتهاماً لا يستند الى اسس.
ميدانياً، قال مسؤول حكومي يمني إن نحو 120 شخصاً قتلوا خلال اشتباكات عنيفة بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية في شمال اليمن الإثنين.
وقال أحمد البكري نائب محافظ عمران إن طائرات حربية يمنية قصفت مواقع يسيطر عليها الحوثيون في عمران كما اشتبكت القوات الحكومية مع المتمردين وقتلت نحو 100 منهم.
وأضاف إن 20 جندياً قتلوا أيضاً في الاشتباكات.
وقال إن القتال توقف بحلول مساء الإثنين بعد أن إتفق الجانبان على وقف لإطلاق النار ولم يتم الإبلاغ عن وقوع قتال أمس.
وفي الاثناء، أكدت مصادر محلية وقبلية أن الطيران الحربي اليمني شن الثلاثاء، ولليوم الثاني على التوالي، غارات على مواقع المتمردين الحوثيين بمحافظة عمران.
وأكد مصدر محلي أن المعارك بين الحوثيين والجيش انتقلت الى الجهة الجنوبية من مدينة عمران وباتت بالتالي أقرب إلى صنعاء.
وشمل القصف الجوي مناطق سحب وروى وبني ميمون في جنوب وجنوب شرق مدينة عمران، وهي المناطق التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الحوثيين والجيش.
ولم يتم الكشف عن حصيلة غارات الثلاثاء.
وضع خطر
في الاثناء، تم الاثنين قطع الطريق بين عمران وصنعاء. واعتبر بيان للحوثيين الذين يتخذون اسم «انصار الله» ان مشاركة الطيران في القصف على مدينة عمران يشكل «منزلقاً خطيراً للغاية وأمراً غير مقبول ومرفوضاً». بينما اشار محللون الى ان تدخل الطيران يؤشر الى تفاقم الوضع وخطورة الموقف والرغبة في الحسم السريع لاشكالات تكررت وهددت بنيان الدولة.
ورأى البيان الصادر عن «المجلس السياسي لأنصار الله»، ان «من يسعى إلى هذا المنزلق يرغب بتوريط الجيش في حرب عبثية».
والمواجهات في عمران تدور بشكل أساسي منذ اسابيع بين الحوثيين والقبائل المتحالفة معهم من جهة، ومن الجهة الأخرى اللواء 310 الذي يقوده العميد حميد القشيبي القريب من اللواء النافذ علي محسن الاحمر ومن التجمع اليمني للاصلاح (الاخوان المسلمون).
ويساند الجيش في المعارك المستمرة منذ اسابيع مسلحون من التجمع اليمني للاصلاح، فيما يساند الحوثيين مسلحون من قبيلة عيال فريش، ليتخذ الصراع في هذه المنطقة طابعاً سياسياً قبلياً.
ويؤكد الحوثيون الذين يشاركون في العملية السياسية انهم ليسوا في مواجهة مع الدولة بل مع التجمع اليمني للاصلاح ومع اللواء علي محسن الأحمر الذي انشق عن الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعد ان كان احد ابرز أركان نظامه.
في المقابل، يتهم الحوثيون بانهم يسعون الى السيطرة على اكبر قدر ممكن من الاراضي في شمال اليمن استباقا لتحويل البلاد الى دولة اتحادية.
وسبق ان حقق الحوثيون في عمران تقدماً على حساب آل الاحمر، وهم زعماء قبيلة حاشد النافذة التي معقلها عمران.
ومعقل الحوثيين الزيديين الشيعة في الاساس هو محافظة صعدة الشمالية، الا انهم تمكنوا من توسيع حضورهم بشكل كبير منذ 2011، وذلك بعد ان خاضوا ست حروب مع صنعاء بين 2004 و2010.
سلاح الجو
الى ذلك، توقف محللون عند تدخل سلاح الجو في المواجهة الدائرة، وخصوصاً يومي الاثنين والثلاثاء الفائتين، وصولاً الى تأكيد خطورة الحرب الدائرة بين الدولة اليمنية وجماعة الحوثي، وسط معلومات تؤشر على رغبة الحوثيين في الاستيلاء على جبل ضين الإستراتيجي المطل على مدينة عمران ومطار صنعاء الدولي.
وتزامن قصف الطيران الحربي لمواقع الحوثيين مع خروج تعزيزات عسكرية من داخل العاصمة صنعاء، إذ شوهدت عشرات الدبابات والعربات المدرعة تخرج من مقر الفرقة الأولى-مدرعة باتجاه مناطق الصراع في عمران لدعم قوات اللواء 310 التي تتصدى لهجمات الحوثيين.
في الاثناء، تتوقف التحليلات عند قراءة جديدة للمشهد، مفادها ان دخول الطيران الحربي إلى ساحة المعركة ضد المسلحين الحوثيين في عمران، يؤكد أن الدولة بدأت تستشعر الخطر على أمن العاصمة صنعاء ومطارها الدولي. وسط معلومات تتحدث عن تجاوز الحوثيين لمناطق الصراع في محافظة عمران، وعن ضربة وقائية من سلاح الجو لمنع تقدمهم نحو صنعاء. كما أن شن مسلحي الحوثي هجمات على مواقع اللواء 310 المتمركز على جبال بمشارف مدينة عمران يعد اعتداء على الجيش اليمني، لا يمكن للقيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي السكوت عليها.
تأييد دولي
من جانب آخر توقع محللون ان يكون تحرك سلاح الجو اليمني ضد مسلحي الحوثي تأكيد على مباركة المجتمع الدولي لمشروع يتبناه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ويتعلق بالتصدي لخطر اقتراب الحوثيين من العاصمة صنعاء. وهو المشروع الذي ينطلق من فكرة تصنيف الحوثيين على اساس انهم جماعة ارهابية. وتتوقع التحليلات الى احتمال ان يكون هادي قد حصل على مباركة الولايات المتحدة على الفكرة. وان ارسال الطائرات بمثابة رسالة للحوثيين بهذا المضمون.
وعلى الرغم من اعلان رسمي باتفاق لوقف اطلاق النار بين الجانبين، الا ان مصادر متابعة تعتقد ان الموقف ما يزال متوتراً. وان الخيارات باتت محدودة. فإما ان يفهم الحوثيون الرسالة، ويدركون جدية الدولة في مواصلة ضربهم فيما اذا لم يتوقفوا عن مشاريعهم الانفصالية، واما ان تعود المواجهات من جديد. ولكن بشكل اكبر.
ا. ح