سياسة لبنانيةلبنانيات

لا رئيس للجمهورية لا في جلسة اليوم ولا في المستقبل المنظور والبلد الى الانهيار الشامل

الجلسة الخامسة لانتخاب رئيس للجمهورية التي يعقدها المجلس النيابي اليوم، لن تختلف عن الجلسات الاربع التي سبقتها. باستثناء بعض التغييرات الطفيفة في الارقام، صعوداً او نزولاً. ويستدل من غياب بعض النواب عن الجلسة، الاستهتار الذي يتعامل به البعض مع هذا الاستحقاق الذي ربما يكون الاهم في حياة لبنان. ميشال معوض باق مرشح فريق من المعارضة حتى اشعار اخر، وعصام خليفة الذي ظهر فجأة على الساحة السياسية سيبقى متمتعاً بتأييد بعض الاصوات القليلة. اما الورقة البيضاء فلها النصيب الاكبر. وهكذا تنقضي جلسة بعد اخرى، والوضع على حاله من التشرذم والتعطيل فلا رئيس للجمهورية اليوم ولا في المستقبل القريب. وقد وصل البلد الى درجة غير مسبوقة من الانهيار. انه الانهيار السياسي والاقتصادي والمعيشي، بحيث ان تأمين العيش والحياة الكريمة بات من المستحيلات.
الدولار تجاوز عتبة الاربعين الف ليرة، وهو مستمر في التصاعد دون تحديد سقف له. واسعار المحروقات باتت خيالية اذ تجاوز سعر صفيحة البنزين الثماني مئة الف ليرة، والحبل على الجرار، في وقت تسجل الاسعار العالمية انخفاضاً، خوفاً من الركود الذي يهدد العالم. اما اسعار السلع الحياتية والمواد الغذائىة فباتت فوق قدرة 80 بالمئة من الشعب اللبناني. فالتجار يسعرون على اساس سعر صرف 47 الف ليرة للدولار الواحد، الى غيرها من القطاعات، ويقابل ذلك انهيار في سعر صرف الليرة اللبنانية التي لا يزال المواطنون يقبضون رواتبهم على اساسها، هذا اذا اسعفهم الحظ، وعثروا على عمل، باعتبار ان البطالة في ارتفاع دائم، وهذا ما ساهم في افراغ لبنان من شبابه الذين اتبعوا طريق الهجرة، بحثاً عن وظيفة ترضي طموحهم وتؤمن لهم حياة كريمة عجزت المنظومة الحاكمة عن تأمينها لهم، لا بل انها ساهمت في انهيارها وتدهورها.
مقابل هذا الوضع المهترىء، حكومة تصريف اعمال مكبلة، وعاجزة حتى عن الاجتماع. ولكن ما الفرق، فعندما كانت حكومة كاملة المواصفات، وتتمتع بكل الصلاحيات، لم تنجز شيئاً، بل تعاونت مع المجلس النيابي على التعطيل. فلا الكابيتال كونترول اقر رغم مضي ثلاث سنوات على طرحه، ولا اعادة هيكلة المصارف. واقرت مع المجلس موازنة جاءت مخالفة لكل ما يتطلبه الوضع القائم، وتضمنت ارقاماً بعيدة عن الحقيقة والواقع. اقرت السرية المصرفية فجاءت خالية من اي مضمون فاعيدت الى المجلس النيابي واقرها من جديد ولكنها بقيت بعيدة عما هو مطلوب.
ستة اشهر وصندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي يطالبان بتنفيذ الاصلاحات والحكومة والمجلس النيابي لا يستجيبان، وكأن البلد بالف خير والناس فيه بافضل حال. واخر ما سجل في مجال نحر المواطنين اطل وزير الاتصالات، مبشراً اياهم بان رفع تعرفة الاتصالات الذي بلغ ستة اضعاف قبل اشهر، لا يكفي ولوح لهم باعادة النظر بالتعرفة لرفعها من جديد، متجاهلاً قدرة المواطنين على تحمل المزيد، ولم يشر الوزير الغيور على مغارة اوجيرو الى مليارات الدولارات الضائعة التي انفقت، وهدرت بطرق غامضة وقد حولت ملفاتها الى القضاء، مع علم اكيد لدى المواطنين بان التحقيقات لن تدخل مسؤولاً واحداً الى ما وراء القضبان، لقد اعتاد اللبنانيون على المنظومة تهدر وتنهب وتنفق بلا حساب، والشعب يدفع الى ان وصل الى درجة العجز الكامل. فيا ليت الوزير، يرفع يده عن جيوب المواطنين الخاوية والممزقة ويحولها الى جيوب من نهبوا وهدروا اموال الخزينة والادارات العامة. انه بسياسته هذه يؤسس الى ثورة لن تكون اسوة بثورة 17 تشرين، بل اشد وادهى.
يقول احد المواطنين لماذا اذهب الى العمل وادفع 800 الف ليرة ثمن صفيحة البنزين. فان ما سأقبضه من عملي لا يوازي هذا المبلغ. لذلك بات من الافضل ملازمة المنزل. فما رأي الحكومة بهذا الكلام؟ صحيح انها مكبلة بقانون تصريف الاعمال، ولكنها قادرة على مواجهة الامور الحياتية فلماذا لا تواجه هذا الوضع المدمر قبل فوات الاوان؟ لماذا تتجاهل ان اموال الناس نهبت في المصارف وهدرت وحول بعضها الى الخارج وهي تأتي اليوم لتدخل الى السجن كل من يطالب بوديعته. لقد كان الاجدر بها ان تلقي القبض على من خانوا الامانة وضيعوا جنى عمر الناس وتدخلهم الى السجون حتى يعيدوا المال الى اصحابه. ولكن في ظل هذه المنظومة كل الامور تسير الى الوراء وبالطريقة المعاكسة. فالى متى؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق