أبرز الأخبارسياسة عربية

ليبيا: حركة حفتر تدخل منظومة الفوضى، وانصار الشريعة على خط الرفض

وسط اجواء تتحدث عن نجاح محتمل للحركة التي يقودها اللواء خليفة حفتر، وعن ظروف ملائمة لتحقيق نجاح نسبي يوازي ما يمكن ان يتحقق في مصر، طفت على السطح من جديد اشارات تعزز الفرضية التي تتحدث عن ان كل ما يجري يمكن ان يكون بمثابة حالة جديدة من حالات الفوضى التي تميزت بها الساحة الليبية.

بينما يرد البعض تعمق تلك الحالة الفوضوية الجديدة الى عمليات التحشيد التي ينفذها اسلاميون من جماعة الاخوان، يتقدمهم الداعية يوسف القرضاوي، الذي افتى بجواز قتال حفتر وانصاره، هناك من يرى ان نجاح العملية بمجملها مرهون بمدى الدعم الخارجي، الذي يتلقاه حفتر وانصاره. وبمدى قدرة الحركة الجديدة على استقطاب المؤيدين. الا ان الواقع يؤشر على قدر كبير من الفوضى، والى اخطاء يعتقد انها تفضي الى تعميق الازمة، وتضيف بنداً فوضوياً جديداً الى البنود العديدة التي تصبغ الساحة بصبغتها الفريدة. وتضيف ردود افعال اضافية الى ردود الفعل الرافضة اصلا للتغيير والمتشبثة بالواقع الراهن بكل تفاصيله المقلقة.
في هذا السياق، يتوقف المتابعون عند نجاح حكومة احمد معيتيق في انتزاع ثقة المؤتمر الوطني «البرلمان»، وسط تشكيك بمدى قانونية وشرعية تلك الثقة بحكم تدني عدد الحضور من النواب، وبالتالي تدني عدد المصوتين لصالحها. وانقسام المجلس بين مؤيد ومعارض لحركة حفتر. وهي الخطوة التي يعمد كل طرف الى تفسيرها لصالحه. ففي احد جوانبها تفسر بانها مصدر قوة لمجموعة حفتر، وفي جانب آخر تفسر بانها في غير صالحه. لكنها في المحصلة مؤشر على «تولد» عناصر فوضى جديدة. وهي التهمة التي تحاول اطراف عدة نفيها، تأكيداً على ضرورة النهج الذي يتبعه حراك حفتر، والذي من شأنه ان يجابه كل الاطراف وصولاً الى صيغة حكم وفاقية جديدة.

انصار الشريعة تتوعد
ميدانياً، دعت مجموعة «انصار الشريعة» الليبية الاسلامية المتطرفة الليبيين الى عدم الانضمام الى حملة «الكرامة» التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يقول انه يحارب الارهاب، وتوعدت المجموعة حفتر بانه سيلقى مصير الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي قتل في 2011. ودعا محمد الزهاوي قائد هذه المجموعة التي صنفتها الولايات المتحدة «تنظيماً ارهابياً»، في بيان عبر قنوات تلفزيون ليبية الى عدم الاستماع الى من وصفتهم بانهم «يريدون تقسيمنا».
وتوجه الزهاوي خصوصاً الى القبائل الليبية داعياً اياها الى عدم «جر ابنائها الى الفتنة». واتهم اللواء حفتر بانه «قذافي جديد» و«عميل للمخابرات الاميركية» وتوعده بالمصير ذاته الذي لقيه القذافي. واكد مجدداً تصميم مجموعته و«حلفائها» على قتال من وصفه بـ «الطاغية حفتر».
وحذر زهاوي من انه اذا اصر حفتر على «هذه الحرب القذرة» فسيفتح ابواب جهنم عليه وعلى المنطقة، كما حذر واشنطن من التدخل في ليبيا.
وظهر هذا التنظيم بعد اطاحة نظام القذافي وهو يدعو الى تطبيق متشدد للشريعة الاسلامية ولا يعترف بالمؤسسات الانتقالية للدولة ويصف اجهزة الامن بانها «كافرة».  وبالتوازي، أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة في وقت مبكر الاربعاء ان قوة معارضة لتولي رئيس الوزراء الجديد «احمد معيتيق» مهامه ومكلفة حماية الفريق الحكومي المنتهية ولايته تعرضت لهجوم ليلاً.
وقالت الحكومة في بيان لها انها «تشجب وبأشد العبارات ما تعرضت له القوة التابعة لوزارة الداخلية والمكلفة بتأمين مبنى رئاسة مجلس الوزراء من اعتداء من قبل عناصر خارجة عن القانون». وجددت الحكومة «التأكيد على أن هذه القوة شرعية وتتبع إحدى مؤسسات الدولة وهي وزارة الداخلية».
ومن جهتهم قال شهود ان ميليشيا موالية للاسلاميين شنت هذا الهجوم على وحدة تابعة لوزارة الداخلية يتحدر عناصرها من الزنتان ويعارضون تولي رئيس الوزراء الجديد مهامه. وكان رئيس الوزراء الجديد احمد معيتيق تعرض لهجوم ايضاً في منزله ليل الاثنين – الثلاثاء.
وارغم المهاجمون هذه الوحدة على مغادرة المكان الذي تسلمت مسؤوليته قبل ساعات فقط من ذلك. وطلبت الحكومة الموقتة الثلاثاء من هذه الوحدة تأمين وحماية مبنى رئيس الوزراء كما جاء في بيان نشر على موقع الحكومة الالكتروني. ولم تفسر الحكومة اسباب هذا القرار. ومن المفترض ان تسلم حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبدالله الثني هذا الاسبوع السلطة الى احمد معيتيق الذي نال الاحد ثقة المؤتمر الوطني العام وسط توترات حادة يؤججها صراع النفوذ بين رجال السياسة والميليشيات المسلحة.

بين حفتر ومعيتيق
ووصل معيتيق، خامس واصغر رئيس حكومة منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، والمدعوم من الاسلاميين، الى الحكم، فيما تتعثر العملية الانتقالية وتنتشر الميليشيات المسلحة. وهو يرأس حكومة من 18 وزيراً اقسموا اليمين الاثنين امام رئيس المؤتمر الوطني العام  (البرلمان) نوري ابو سهمين.
الا ان قائد عملية «كرامة ليبيا» رئيس المجلس العسكري الأعلى اللواء خليفة حفتر، لم يعترف بشرعية رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق، ودعاه إلى الرحيل، مبرراً ذلك بانه «لن يستطيع إعادة الاستقرار إلى البلاد»، مؤكداً أن «لا شرعية لحكومته».
وبعد يوم من منح المؤتمر الوطني العام الثقة لحكومة معيتيق القريب من الإسلاميين دعا حفتر إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في  حزيران (يونيو) المقبل.
وقال حفتر إنه مستعد للحوار مع من يستطيع الدفاع عن البلاد بصرف النظر عمن يكون، وأضاف «هو رجل أعمال وليس رجل حرب» في إشارة الى رئيس الوزراء الليبي الجديد.
وهاجم مسلحون موالون له مبنى المؤتمر الوطني العام (البرلمان)  في طرابلس قبل أسبوع ليطالبوا النواب بتسليم السلطة مما أدى الى أسوأ اشتباكات تشهدها العاصمة منذ شهور.
ولم يستبعد حفتر الذي تحدث بالهاتف الى وكالة رويترز من مكان غير معلوم في شرق ليبيا الحوار مع رئيس الوزراء احمد معيتيق لكنه قال إنه ليست له شرعية ولا يستطيع القيام بهذه المهمة.
وفاز معيتيق باقتراع على الثقة في حكومته بمساعدة جماعة الاخوان المسلمين في البرلمان يوم الاحد. وكان قد صرح بأنه مستعد للتواصل مع حفتر لأنه يريد ايضاً التركيز على مكافحة الإرهاب.
وترفض طرابلس حفتر بوصفه «قائد انقلاب» وهو احدى الشخصيات التي تواجه الحكومة المركزية التي لا تستطيع السيطرة على الميليشيات والإسلاميين المتشددين ورجال القبائل المسلحين الذين ساعدوا في اطاحة القذافي عام 2011 لكنهم يتحدون الآن سلطة الدولة.
وأعلنت وحدات عدة بالجيش وضباط كبار الولاء لحملته على جماعة أنصار الشريعة وغيرها من الجماعات الإسلامية وإن كان حجم التأييد الذي يتمتع به غير واضح.
وتخشى القوى الغربية والدول المجاورة لليبيا من أن تؤدي حملته الى انقسام داخل الجيش حديث العهد والميليشيات المتحالفة معه لتنزلق البلاد إلى فوضى شاملة. كما رفض حفتر فكرة إجراء الانتخابات في 25 حزيران (يونيو) وهو الموعد الذي حدده البرلمان الليبي ولجنة الانتخابات. معتبراً أن الوقت غير مناسب بينما يكافح هو وقواته الإرهاب.
وشدّد اللواء حفتر أن حملته لتطهير ليبيا من الجماعات الإرهابية ستستمر ثلاثة اشهر على الأقل لكنه أحجم عن الحديث عن حجم القوات او المناطق التي يسيطر عليها، مؤكداً «إنه يجري إحراز تقدم».

اميركا تسحب رعاياها
في الاثناء، طلبت الولايات المتحدة مجدداً من رعاياها مغادرة ليبيا «على الفور» بسبب الوضع «الطارىء وغير المستقر» الذي يخيم على البلاد، حسب ما اعلنت وزارة الخارجية في مذكرة نشرت الثلاثاء. وقالت الوزارة «بسبب الادعاء بان الاجانب وخصوصاً المواطنين الاميركيين المتواجدين في ليبيا هم على علاقة بالحكومة الاميركية او بمنظمات غير حكومية اميركية، يجب ان يدرك المسافرون انهم قد يتعرضون للخطف او الاعتداء او القتل».
واضاف المصدر انه «بسبب المشاكل الامنية، لم يعد لوزارة الخارجية سوى طاقم محدود في السفارة الاميركية في طرابلس وليس لها سوى وسائل محدودة جداً لنجدة المواطنين الاميركيين في ليبيا».
وقررت الولايات المتحدة الاميركية الثلاثاء نشر بارجة هجومية برمائية وعلى متنها الف جندي من مشاة البحرية (مارينز) قرب السواحل الليبية لتكون على اهبة الاستعداد لاجلاء محتمل لطاقم السفارة الاميركية في طرابلس.
وفي سياق مواز، يعقد وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي «اجتماعاً طارئاً» حول الوضع في ليبيا الاحد المقبل في العاصمة التونسية، بحسب ما اعلن الاثنين المتحدث باسم الخارجية التونسية.
وقال مختار الشواشي انه تم الاتفاق على عقد اجتماع طارىء لوزراء خارجية اتحاد المغرب العربي في الاول من حزيران (يونيو) في تونس لبحث الوضع في ليبيا. واضاف الشواشي انه سيعقب اجتماع وزراء خارجية الدول المغاربية «تونس وليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا»، الاثنين المقبل اجتماع للمبعوثين الخاصين الى ليبيا من دول ومنظمات عدة مثل الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية.
وكانت تونس الجار الغربي لليبيا دعت في الاونة الاخيرة مواطنيها الى تفادي السفر الى ليبيا «الا للضرورة القصوى» خصوصاً بعد خطف دبلوماسيين تونسيين في طرابلس منذ اسابيع. وتشهد ليبيا وضعاً سياسياً غامضاً، حيث يدور صراع بين المؤتمر الوطني العام والحكومة، في حين تتسع دائرة تاييد لواء متقاعد منشق وتشهد البلاد خصوصاً مناطقها الشرقية عنفاً دامياً كل يوم.

أ. ح

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق