آلاف من عرب إسرائيل يتذكرون تهجيرهم من قراهم: «يوم استقلالكم يوم نكبتنا»

تحت عنوان «يوم استقلالكم، يوم نكبتنا»، شارك الآلاف من عرب إسرائيل الثلاثاء في مسيرة في ذكرى النكبة وقد جاؤوا من قرى عربية عدة داخل إسرائيل الى قريتي الكساير والهوشة اللتين دمّرتا في حرب العام 1948.
قبل أن ينطلق من مدينة شفاعمرو للمشاركة في المسيرة، قال عبد الرحمن الصباح (86 عاماً) المتحدّر من الكساير شرق مدينة حيفا، لوكالة فرانس برس، «كنت لا أزال في سن التسع سنوات عندما تهجّرنا الى شفا عمرو. وكنت أتسلّل الى قريتنا مع والدتي بعدما احتلّها الجيش الإسرائيلي، لنأتي بفرش وأغراض من منزلنا».
لكن منازل القرية دُمّرت في ما بعد على أيدي قوات الهاغانا (منظمة عسكرية تأسست خلال الانتداب البريطاني وقاتلت من أجل إقامة دولة إسرائيل) التي احتلّت القرية في نيسان (أبريل) 1948، وفق ما يروي الفلسطينيون ووثائق تاريخية.
وتصادف اليوم، حسب التوقيت العبري، ذكرى تأسيس دولة إسرائيل قبل 76 عاماً. وغالباً ما يردّد عرب إسرائيل، وهم أبناء وأحفاد 160 ألف فلسطيني ظلّوا في أراضيهم بعد قيام الدولة العبرية، «يومُ استقلالِهم، يومُ نكبتِنا».
ودعت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين في إسرائيل، بدعم ومشاركة لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، الى ما سمّي «مسيرة العودة السابعة والعشرون» التي جالت في قرى قضاء حيفا. وهي مسيرة تتكرّر منذ العام 1997 سنوياً في ذكرى النكبة.
كما حملت المسيرة الشعار الذي بات معروفا بين عرب إسرائيل والفلسطينيين «باقونَ ما بقيَ الزعترُ والزيتونُ».
وطغت الحرب في قطاع غزة هذه السنة على الشعارات. فهتف المشاركون في المسيرة «غزة لن تركع للدبابة والمدفع»، «حرية حرية لغزتنا الحرية»، و«لا للتجويع لا للهدم لا للتهجير».
وتتواصل الحرب بين إسرائيل وحركة حماس منذ أكثر من سبعة أشهر.
وكتب على لافتة كبيرة حملها المتظاهرون بالعربية والإنكليزية والعبرية «أوقفوا الحرب الآن».
ولفّ شبان وشابات أنفسهم بالكوفية الفلسطينية وحملوا أعلاما فلسطينية ولافتات صغيرة تحمل أسماء قرى هُجّروا منها ويعيش أهلها في قرى ومدن عربية أخرى داخل إسرائيل بعد أن هدمت قراهم الأصلية خلال الحرب.
وشهدت الهوشة والكساير معارك ضارية في منتصف نيسان (أبريل) 1948.
وتوجد على أراضيها اليوم كيبوتسات أوشا ورمات يوحنان وكفار همكابي.
ويقول عبد الرحمن وقد امتلأت عيناه بالدموع، وهو يحمل صورة والده ووالدته «الجيش الإسرائيلي نسف قريتنا وقرية الهوشة حتى لا نعود اليهما وزرع الألغام. لكننا ظللنا لفترة طويلة نأتي الى هنا، أنا وأمي ومجموعات من القرية، لأنه كان موسم الحصاد ونريد أن نعيش وأن ناكل. كان والدي حينها سجيناً لدى الإسرائيلين».
وروى أنه في إحدى هذه الزيارات «السرية»، «انفجر لغم بأحد الأطفال بينما كان يحاول قطف ثمرة رمان».
وأشار الى أنه تعرّض للاعتقال عندما كان صغيراً. وتابع «جميع أعمامي هاجروا الى لبنان. بقي والدي فقط هنا، وبقينا معه».
مهجرون في بلادهم
سقطت قريتا الكساير والهوشة في 14 نيسان (أبريل) 1948 قبل الإعلان عن استقلال دولة اسرائيل في 14 أيار (مايو) 1948.
وكانت هيئة الأمم المتحدة أصدرت في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 قراراً بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى ثلاثة كيانات جديدة: دولة عربية، ودولة يهودية، وأن تكون القدس وبيت لحم تحت وصاية دولية.
وقال الناشط موسى الصغير (75 عاماً) في جمعية الدفاع عن المهجرين، وهي جمعية تعنى بالمواطنين العرب الذين هجروا من قراهم العربية التي هدمت أو منعوا من العودة اليها، «أخذ والدي بعد الهجوم على قريتنا الهوشة وسقوطها، والدتي وركبا حصاناً وتوجّها الى مدينة شفاعمرو. عندما عادا الى القرية، كانت قوات الهاغانا نسفت القرية وبيوتها».
وكان يسكن قرية الهوشة عرب من أصول جزائرية، بينهم موسىى الصغير الذي قال إن عائلته تتحدّر من مدينة قسنطينة الجزائرية. وتحتوي الهوشة على أساسات أبنية وبقايا معمارية بينها آبار. كما توجد فيها مدافن محفورة في الصخر.
ويقدّر عدد عرب إسرائيل بمليون و400 ألف، وتبلغ نسبتهم 17،5% من سكّان إسرائيل، وهم يشكون من التمييز، خصوصاً في مجال الوظائف.
وقالت الناشطة النسوية نائلة عواد (50 عاماً) القادمة من قرية الرينة بالقرب من الناصرة، «هذه المسيرات لتأكيد المطالبة بعودة النازحين الى قراهم المهدمة داخل الدولة وعودة اللاجئين من الشتات».
وأضافت إن المسيرات «صوت غضب واضح لنقول لهم مهما حاولتم كسرنا واعتقالنا، نحن باقون على أراضينا وسنكون شوكة في حلقكم».
ا ف ب