رغم التصريحات الرسمية التي تؤشر على تحقيق تقدم مهم في مفاوضات «النووي» الايراني، والاشادات بالمستوى الذي وصلت اليه نتائج تلك المحادثات، لا تزال بعض المرجعيات تتمسك بتوجيه رسائل تحمل قدراً من التشاؤم. وتؤشر على نوع من الازمة التي يصنفها البعض بانها «نار تحت الرماد». ويعتبرها البعض الاخر مؤشراً على وجود فجوة في الفهم العام لتفاصيل المشهد.
في هذا الصدد، يتوقف المتابعون عند تصريحات لمسؤولين ايرانيين تشيد بالمستوى الذي وصلت اليه المحادثات، والتي تتقاطع مع تصريحات اخرى تتحدث عن حراك برلماني هدفه تعطيل مشروع المحادثات من اساسه.
فقد وصفت طهران المحادثات الفنية التي تجري على مستوى الخبراء بينها وبين الدول الست الكبرى حول برنامجها النووي بـ «المفيدة»، مشيرة الى ان صياغة الاتفاق النهائي حول هذا الملف المعقد قد تبدأ خلال اسابيع.
ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن رئيس الوفد الفني الايراني حميد بعيدي نجاد اشادته بالمحادثات «المفيدة» التي جرت بين الطرفين في فيينا واستغرقت ثلاثة ايام. واضاف «ان المواقف من الناحية الفنية تساعد على فهم افضل للطرفين».
واكد بعيدي نجاد في تصريحات صحفية، ان وفد ايران مع وفد الدول الست سيباشران صياغة نص الاتفاق النهائي خلال الاجتماع المقبل المتوقع بين اخر نيسان (ابريل) واوائل ايار (مايو).
وكانت دبلوماسية اميركية مشاركة في هذه المحادثات اعلنت الجمعة ان واشنطن تتوقع بدء صياغة هذا الاتفاق خلال الاجتماع المقبل مطلع ايار (مايو). غير انها توقفت عند معلومات تم تسريبها وتتعلق باتفاق ايراني – روسي يقضي باقامة مفاعل نووي جديد مقابل كميات من النفط.
بناء مفاعل نووي
واعتبرت الدبلوماسية الاميركية ان التفاوض بين ايران وروسيا حول بناء مفاعل نووي مقابل النفط سيعتبر «متعارضاً» مع اتفاق جنيف «ويمكن ان يتسبب في فرض عقوبات اميركية جديدة على الاشخاص المعنيين» بهذا الاتفاق المحتمل.
ويرى الاميركيون ان اتفاقاً من هذا النوع بين موسكو وطهران يقوض جهود واشنطن الهادفة الى قطع الموارد المالية عن طهران.
إلى ذلك، يستعد مجلس الشورى الإيراني لمناقشة اقتراح يدعو إلى تعليق المفاوضات النووية ردًا على قرار البرلمان الأوروبي ومزاعمه حول حقوق الإنسان في إيران.
وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى محمد حسن آصفري في تصريحات صحافية، أن النواب سيعرضون وجهة نظرهم في إطار مقترح يقدمونه إلى الحكومة، لأنهم يريدون من وزارة الخارجية اتخاذ موقف جاد حيال هذا الموضوع. وأكد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية أنه في حال عدم إبداء الحكومة دعمها لهذا الاقتراح، فإن النواب سيقدمون مشروع قرار، يلزم الحكومة باتخاذ موقف جديد حيال هذا الأمر. وأعرب عن أمله بأن تتخذ الحكومة خطوة جادة في إطار هذا الاقتراح.
قرار اوروبي
وكان البرلمان الأوروبي أصدر قراراً حول حقوق الإنسان في إيران، دعا فيه الوفود الأوروبية الزائرة إلى لقاء العناصر المناوئة للنظام السياسي في إيران.
وناقش الاتحاد الأوروبي في جلسة عمومية مسودة القرار، التي تضم سبع صفحات بشأن إيران، وسيجرى التصويت على القرار. وتضم هذه المسودة قضايا كثيرة، منها الملف النووي، والعلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي، والقضايا الإقليمية، وحقوق الإنسان وتضمنت مسودة القرار كل قرارات البرلمان الأوروبي السابقة ضد إيران، التي شملت موضوعات مختلفة، منها قضية حقوق الإنسان. وذكرت أن “الانتخابات الرئاسية في إيران لم تتمتع بالمعايير الديمقراطية للاتحاد الأوروبي»، وأنه «ينبغي على إيران والاتحاد الأوروبي القيام بمفاوضات حول قضايا كثيرة، مثل حقوق الإنسان، والاستقرار الإقليمي، إلى جانب الاتفاق النووي».
في تلك الاثناء تواترت انباء عن بدء شركات عالمية كبرى رفع الحظر المفروض على ايران. وقالت شركة «بوينغ» لصناعة الطائرات إنه تم إصدار الترخيص من أجل توفير الأمان لرحلات الطيران.
ترميم محركات
بدورها أعلنت شركة جنرال إلكتريك الأميركية أنها تلقت تصريحًا بترميم 18 محركاً بيعت إلى إيران في أواخر السبعينيات من القرن الماضي. ومن المقرر القيام بهذه المهمة في منشآت جنرال إلكتريك أو لدى شركة «إم تي يو أيرو» الألمانية.
وما زالت الخطوط الجوية الإيرانية تستخدم طائرات ركاب يعود تاريخ شرائها إلى ما قبل أزمة عام 1979، عندما احتجز 52 أميركياً رهائن في طهران لمدة 444 يوماً.
وتقول إيران إن العقوبات التي فرضت عليها بعد أزمة الرهائن حالت دون قدرة طهران على تحديث أسطولها من الطائرات، وقللت مستوى الأمان على متن رحلاتها.
وأوضحت بوينغ أن الترخيص يشمل الأجزاء الضرورية لضمان سلامة رحلات الطائرات، التي بيعت قبل الثورة الإيرانية في عام 1979، ولن يسمح بإجراء مناقشات بشأن مبيعات طائرات جديدة الا إذا رفعت العقوبات بالكامل.
على صعيد آخر، قالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إن القوات البحرية الإيرانية والباكستانية تعتزمان إجراء تدريبات عسكرية مشتركة في القطاع الشرقي من مضيق هرمز الاسبوع الحالي. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن بيان للبحرية الإيرانية القول إن قطعاً بحرية باكستانية عدة بينها سفينة حربية وغواصة وصلت الى ميناء بندر عباس الإيراني يوم السبت الفائت.
وقال القائد البحري شهرام إيراني للوكالة، ان أهم نشاط سيقوم به الأسطول الباكستاني خلال فترة بقائه في بندر عباس هو إطلاق مناورات مشتركة مع وحدات منتقاة من البحرية الإيرانية في المياه الشرقية لمضيق هرمز.
وذكرت الوكالة أن التدريبات البحرية المشتركة تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين طهران وإسلام أباد لكنها لم تذكر تفاصيل عن الخطط.
ويمر أكثر من ثلث حجم صادرات العالم البحرية من النفط عبر مضيق هرمز، وهو ممر مائي بين إيران وسلطنة عمان. وتراقب قوات بحرية غربية بقيادة الولايات المتحدة المنطقة لضمان مرور هذه الشحنات بأمان.
رفض اتهامات
في مسار آخر، رفضت ايران اتهامات وجهها الرئيس اليمني الى طهران بدعم الانفصاليين الجنوبيين والحوثيين في شمال البلاد، مشددة على انها «اتهامات لا اساس لها».
ونقلت وكالة الانباء الطلابية عن مرضية افخم المتحدثة باسم وزارة الخارجية الايرانية ان «اتهامات التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية لا اساس لها».
واتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الاسبوع الفائت ايران بدعم الانفصاليين الجنوبيين والحوثيين في شمال البلاد داعياً طهران الى رفع يدها عن اليمن، والى وقف دعمها للتيارات المسلحة والمشاريع الصغيرة.