نصائح دولية واقليمية بالتزام لبنان النأي والمهل الدستورية

وضع المسؤولون الكويتيون القمة العربية التي تنعقد في الكويت في 25 و26 الجاري تحت عنوان «قمة التضامن لمستقبل افضل». ويقول احد المشاركين في القمة ان المسؤولين احسنوا اختيار عنوانها بعدما تبين لمسؤول عربي متابع ان هناك صعوبة في الوصول الى حل للازمات والمشاكل التي تعصف في العالم العربي، وبالتالي «لا يمكن تحميل الكويت حل كل المشاكل والخلافات العربية» وفق ما قال وزير الخارجية المصري نبيل فهمي الذي زار لبنان قبل ان ينتقل مع نظيره اللبناني جبران باسيل الى الكويت للمشاركة في الاجتماعات.
حرصت الكويت على ان تنعقد القمة في اجواء هادئة تؤسس في المستقبل لاعادة التضامن العربي المفقود. وزاد في تأزم العلاقات العربية التوتر الذي خيم على العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد ان اقدمت السعودية والامارات والبحرين على سحب السفراء من قطر، احتجاجاً على السياسة التي تتبعها، في خطوة اعتبرها مسؤول عربي غير مألوفة، خصوصاً بين دول التعاون التي تعتبر علاقاتها بين بعضها مميزة، وان لم يتمكن الاعضاء من تحقيق حلم تحويل المجلس الى تحالف بعد اعتراض قطر على الخطوة.
انعكس جو التوتر هذا على زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي حرص على ان تقتصر زيارته الى المنطقة على السعودية من دون مصراواي دولة من مجلس التعاون، وكان يفضل ان يجتمع مع اعضاء المجلس الخليجي في السعودية، الا ان الاوضاع المستجدة بين الاعضاء حالت دون حصول مثل هذا الاجتماع.وحرص الكويتيون على الا تنعكس اجواء التوتر هذه على القمة العربية التي ارادوا ان تنعقد في مناخ تضامني من دون اثارة المشاكل والخلافات. ولخص احد المراقبين القمة بالقول ان اهميتها ونجاحها يعودان الى ان الكويت بادرت، والقادة العرب رغم الخلافات تجاوبوا وقبلوا المشاركة، وبالتالي فان نجاح القمة في انعقادها، على ان ينسحب هذا المناخ التضامني لاحقاً من خلال مبادرات قد يقدم عليها امير الكويت، بعدما اعلن وزير الاعلام الكويتي الشيخ سلمان صباح السالم الصباح عشية القمة انها تنعقد تحت عنوان التضامن على ان يتحمل الجميع المسؤولية في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به المنطقة. وان معالجة المشاكل تحتاج الى تواصل واتصال وجهد مشترك من الجميع. لذلك كان شعار القمة «قمة القرارات والتوقعات». وقد تستكمل الكويت لاحقاً الخطوة بتحرك انطلاقاً من دورها وموقعها والسياسة التي تعتمدها».
انفراج
بماذا يعود لبنان من القمة وما هي المراحل اللاحقة على الصعيد العربي؟ يقول احد المراقبين ان لبنان قد يحصد لاحقاً انفراجاً في العلاقات مع دول الخليج كما قال وزير خليجي، مشيراً الى عدم وجود قرار بمنع الرعايا من زيارة لبنان، بل تعليمات بوجوب اخذ الحذر والحيطة في ظل ما يجري، مع السعي العربي لمساعدة لبنان شرط ان يتحمل المسؤولون اللبنانيون المسؤولية في مساعدة انفسهم، بالتزام اعلان بعبدا لتحييد لبنان، والالتزام قولاً وفعلاً بسياسة النأي بالنفس وتجنب نقل النار السورية الى الساحة اللبنانية، وعدم التورط في الحرب السورية. ويحمل بعض العرب حزب الله مسؤولية ما تتعرض اليه الساحة اللبنانية من تداعيات الحرب السورية، وذلك بسبب قرار المشاركة في القتال في سوريا الى جانب النظام ضد الشعب، وهذا ما ورط كل لبنان على رغم سياسة النأي التي اعتمدتها حكومة نجيب ميقاتي، والتي لم يلتزم بها بعض القوى المشاركة في الحكومة. ويأمل وزير عربي ان تلتزم الاطراف المشاركة في حكومة تمام سلام سياسة النأي واعلان بعبدا. وقد رحب بدعوة الرئيس ميشال سليمان اعضاء هيئة الحوار الى الاجتماع في بعبدا في 31 الجاري، ويأمل ان تؤدي الخطوة الى دعم حكومة سلام وتحصين الساحة بعد التفجيرات المتنقلة الاخيرة في اكثر من منطقة، والتي عزاها وزير في حكومة سلام الى تورط الحزب في الحرب السورية، ورفضه التزام سياسة النأي.
ويقول مسؤول عربي ان توتر العلاقات بين دول المنطقة لا يساعد على تهدئة الاوضاع خصوصاً في لبنان، الذي لا يزال ينتظر، وفق ديبلوماسي عربي مقيم في باريس، قيام معادلة س. أ. اي السعودية – ايران. ويأمل ديبلوماسي غربي ان تشهد العلاقات بين البلدين بعد القمة السعودية – الاميركية تقارباً بعد دخول عُمان على خط الوساطة. وقد تترك الخطوة في حال حصولها انفراجاً في المنطقة وفي الداخل اللبناني وتضع حداً للتفجيرات المتنقلة وتسهم في تنفيس الاحتقان في الشارع المسلم وفي تبريد الاجواء ووأد الفتنة في مهدها.
معيار التضامن
ويرى مراقب عربي ان المنطقة مقبلة على مزيد من التوتر والتصعيد وقد ينعكس ذلك على اجواء التضامن في المنطقة وعلى الساحة اللبنانية. ويضيف ان معيار التضامن هو في الاتفاق على ايجاد حل للازمة السورية وان هذا مستبعد في الوقت الحاضر، وقد زادت الازمة الاوكرانية المستجدة في تأزيم الوضع وتصعيد المواقف على الصعيدين الدولي والاقليمي، خصوصاً وان سياسيين محسوبين على النظام السوري يروجون منذ الان ان الرئيس بشار الاسد سيترشح الى ولاية جديدة، وقد تترك الخطوة انعكاساتها على الساحة اللبنانية وعلى مصير الاستحقاق الرئاسي الذي تبدأ مهلة الشهرين الدستورية لانتخاب رئيس جديد في 25 اذار (مارس) وتنتهي في 25 ايار (مايو) بحيث يفترض في النواب انتخاب رئيس جديد خلال هذه الفترة بعد سقوط حظوظ التجديد، على اُثر اعتراض قوى دولية واقليمية على تعديل الدستور في هذا الظرف. وعكس السفير الاميركي في لبنان ديفيد هيل العائد من واشنطن بعدما شارك في مؤتمر للسفراء الاميركيين مع كبار المسؤولين، موقف ادارته من موضوع الاستحقاق اذ أكد «ان دور بلاده ليس في الاختيار بل في المساعدة مع المجتمع الدولي على تمكين اللبنانيين من ان تكون لهم فرصة في هذا الاختيار بالتوافق مع دستورهم وبحرية بعيداً عن التدخل الخارجي. فنحن نريد حماية هذا الاستحقاق وعدم السماح للتدخلات الخارجية بتحديد الخيار لانه حق للبنانيين فقط». ويؤكد ديبلوماسي غربي ان مهمة المجتمع الدولي هو في مساعدة لبنان على انجاز الاستحقاق في موعده الدستوري مع تقديم النصح الى الحكومة بوجوب انجاز قانون جديد للانتخابات ليتسنى انجاز الاستحقاق الدستوري في انتخاب مجلس جديد ضمن المهلة الدستورية، والا يلجأ النواب مرة جديدة الى تمديد ولاية المجلس.
الكويت – فيليب ابي عقل