افتتاحية

صححوا الطائف وطبقوه… فتستقيم الامور

اللبنانيون لم يستغربوا هذه المرة ايضاً موقف السياسيين المتنقل من فراغ الى فراغ. فقد مرت ذكرى الاستقلال، وهي اللحظة الاهم في حياة الاوطان والشعوب، كغيرها من المرات. ناقصة وغير مكتملة. وحدهم المواطنون شعروا بها، اما السياسيون فكان همهم محصوراً في الكيدية والنكايات والخلافات التي دمرت البلد ولا تزال. صحيح ان الذكرى هذه السنة اكتسبت رمزية بارزة بوجود رئيس للبلاد هو رمز الدستور وحامي العلم، ولكنه احتفل بالمناسبة بلا حكومة تقف الى جانبه، وتلتف حوله لاعادة اصلاح ما دمرته السياسة منذ سنوات. لقد راهن العهد الجديد ومعه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، على اكمال الصورة التي غابت عن الوطن لسنوات نتيجة الفراغ في رئاسة الجمهورية، ولكن غياب المسؤولية وبروز المواطنية الناقصة اديا الى فشل الرهان ولم تشكل الحكومة بسبب مطالب الاطراف المتصارعة وكيديتهم وفيتواتهم الواحد ضد الاخر، واطماعهم التي فاقت المعقول. لقد عملوا على ابتزاز الدولة غير عابئين بمصلحة البلاد، وغير مدركين للاخطار التي تتهدد الوطن، من جراء ما يدور حولنا.
هذا الموقف اللاوطني نتمنى ان يكون حافزاً للعهد، للاسراع في وضع قانون انتخاب جديد، قانون عادل، يؤمن التمثيل الصحيح، عل الوعي الشعبي يلعب دوره هذه المرة، فيقصي من كانوا سبباً في تدمير الحياة السياسية في البلاد، ويأتي بطبقة مثقفة واعية تتمتع بالحس الوطني، فتعمل على اعادة  اصلاح ما هدمه بعض السياسيين.
لقد وعد رئيس الجمهورية بتطبيق اتفاق الطائف، وهذه خطوة لها اهميتها في حياتنا السياسية. ولكن قبل التطبيق يجب اعادة النظر ببعض الشوائب التي ظهرت في اتفاق الطائف من خلال الممارسة، وهي تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية وببعض الامور الاخرى. فهل من المعقول ان يكون مجلس النواب السلطة التي لا حسيب ولا رقيب عليها، وهو غير خاضع لاي عقاب في حال اخطأ؟ لو كان هناك من سلطة عليه لما استطاع ان يمدد لنفسه مرتين متتاليتين، وهو الان يتهرب من تسهيل تشكيل الحكومة الجديدة في محاولة لتأخير وضع قانون جديد للانتخاب، وفي هذه الحالة اما يجدد ويمدد لنفسه مرة ثالثة، واما ان تجرى انتخابات على اساس قانون الستين، فتعود الطبقة السياسية المشكو منها اياها الى التربع على مقاعد النيابة. ثم هل من المعقول الا تكون هناك مهلة زمنية لولاية رئيس المجلس فيبقى متربعاً على عرش السلطة التشريعية مدى الحياة؟ هل نحن في بلد ديمقراطي تداول السلطة فيه امر اساسي، ام اننا تحولنا الى نطام ملكي يطبق فقط على رئيس مجلس النواب؟
هذه بعض الاصلاحات التي يجب ان تدخل على الطائف لتستقيم الامور، فتتحدد المدة الزمنية لولاية رئيس المجلس، وتعود السلطة التي انتزعت من رئيس الجمهورية، فيصبح قادراً على حل مجلس النواب وفق شروط محددة وقاسية، ولكن يجب ان تكون هناك سلطة تتولى هذا الامر، في حال قضت مصلحة البلاد بذلك.
ان رئيس الجمهورية الذي هو رافض للطائف في الاساس، وقبل به بعد مناقشات ومساع كبيرة، يدرك تماماً خطورة هذه الثغرات في الطائف. فالوزير مثلاً يتمتع بسلطة عدم توقيع القوانين دون اي مهلة ملزمة بذلك، بينما رئيس الجمهورية ليس لديه سوى مهلة قصيرة، فاما يوقع او يرفض، واما يصبح القانون نافذاً. وهكذا فان سلطة الوزير تصبح اهم من سلطة رئيس الجمهورية.
ان بلداً هذه هي قوانينه، وهؤلاء هم سياسيوه لا يمكن البتة ان يعرف الاصلاح والتطور، فاما ان يتم تصحيح الاخطاء التي تبدو بسيطة في الظاهر وقاتلة في الحقيقة، واما لا امل بأي اصلاح. فعلى رئيس الجمهورية. وهو معروف بانه شجاع ومقدام، ان يتحرك بسرعة في تشكيل الحكومة وفي تعديل الطائف وتطبيقه بالكامل، وبذلك يضمن النجاح لهذا العهد.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق