سياسة لبنانية

جعجع: لنا جيشنا اللبناني قلعتنا الوحيدة في الدفاع عن الوطن

سلم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الدفعة الأولى من بطاقات الانتساب الحزبية لألفين وثلاثمئة شخص من منطقة كسروان – الفتوح في معراب، في حضور النائب انطوان زهرا، الوزيرين السابقين جو سركيس وطوني كرم، أمين عام الحزب الدكتور فادي سعد، مستشار رئيس الحزب وهبي قاطيشا، مرشح القوات في كسروان – الفتوح شوقي الدكاش، منسق منطقة كسروان الفتوح في القوات الدكتور جوزف خليل.
وقال جعجع: «في 27 شباط (فبراير) 1994 دوى انفجار في كنيسة سيدة النجاة – ذوق مكايل، أحد عشر شهيداً سقطوا على مذبح الرب ومعهم عشرات الجرحى. وعندما فجرت كنيسة سيدة النجاة، كانت داعش مجرد تلميذة روضة في معاهد النظام الأسدي العليا للارهاب والقتل والإجرام، وما ترتكبه داعش اليوم من قتل وإجرام، مشابه تماماً لما قاساه وعاناه اللبنانيون من نظام الأسد وأعوانه لاعوام طوال. وكان على النظام الأمني اللبناني الأسدي آنذاك، أن يسعى إلى توجيه ضربة قاصمة للقوات اللبنانية استكمالاً لفرض سيطرته على ما تبقى من لبنان الحر».
وسأل: «هل من ضربة أشد وجعاً من توجيه تهمة للقوات بتفجير كنيسة في كسروان، معقل المسيحية في لبنان؟ لقد ظن النظام الأمني السوري – اللبناني أن ذلك سيكون بمثابة نهاية معنوية للقوات اللبنانية قبل أن يكون نهايتها التنظيمية. لم يكن النظام الأمني يسعى إلى القضاء على القوات كحزب وهيكلية وتنظيم فحسب، وإنما كان يريد تحطيم صورتها أمام الرأي العام المسيحي واللبناني أيضاً، وهذا ما هو مستمر به حتى اليوم. وكان المطلوب رأس لبنان، من خلال قطع رأس القوات. ركب ملف كنيسة سيدة النجاة على قياس تطلعات سلطة الوصاية، حل الحزب، اعتقلت قياداته، بات كل شيء تقريباً منجزاً للاجهاز على القوات. وكاد النظام الأمني أن يتنفس الصعداء بعد أن جارته الضابطة العدلية وأكثرية ساحقة من القضاة المولجين بالقضية، إلا أن ثمة ما ظهر أمامه ولم يكن في حسبانه. لقد رفض جميع ذوي شهداء كنيسة سيدة النجاة، جميعهم تماما كما جميع الجرحى، تقديم أي ادعاء شخصي بحق القوات».
وحيا شهداء وجرحى كنيسة سيدة النجاة وذوي شهداء سيدة النجاة، وقال: «كيف لنا أن ننسى مثل هذا الموقف البطولي المحق العادل الوطني والمشرف. كان هذا الأمر في ذلك الوقت، بمثابة معجزة، ولكن التفجير المجرم حصل في كنيسة للرب، فكيف لا تحصل المعجزات؟ ان الموقف المشرف لأهالي شهداء كنيسة سيدة النجاة كان من الأسباب المباشرة التي أفشلت مخطط النظام الأمني وعرقلت خطة القضاء العضومي آنذاك في تحميل القوات جريمة تفجير الكنيسة. فيا شابات وشبان كسروان، ويا نساءها ورجالها، ماذا تريدون أن يسمى احتفال تسليمكم بطاقاتكم الحزبية اليوم؟ فليسم احتفالنا اليوم: «احتفال شهداء كنيسة سيدة النجاة».
أضاف: «ليست القوات اللبنانية غريبة عن كسروان، ولا كسروان عن القوات: كسروان هي معقل المقاومة وقلعتها وعرينها، والقوات هي هذه المقاومة، القوات قوية بكسروان، وكسروان قوية بقواتها، اذا كانت القوات اللبنانية تحمل تجارب نضالية كثيرة على امتداد لبنان، فذلك بوحي من تجارب تاريخية كان لكسروان حصة كبيرة فيها. من قرى الجرد والفتوح كانت المقاومة الشرسة حتى الرمق الأخير لحملة المماليك في العام 1305، ولو تعرفون من قاد تلك الحملة؛ لقد قادها، والتاريخ بالتاريخ يذكر، نائب دمشق جمال الدين الافرم، فقضى من قضى بالسيف بعد مقاومة أسطورية، وسويت البيوت بالأرض، وتشرد من بقي شمالاً وبقاعاً وجنوباً، لكن أهل كسروان عادوا إليها وأعادوا البناء بإصرار وعناد. أما في القرون الوسطى فكان الرهبان، من أديرة كسروان، يقاومون الجهل والتعصب والأمية. وفي القرن التاسع عشر، ومن وسط كسروان بالذات، كانت الثورة على الإقطاع وإعلان أول جمهورية في الشرق بشرت بسطوع فجر إنساني جديد. وفي تاريخنا المباشر كانت المقاومة اللبنانية تتنظم وتتدرب في عيون السيمان حتى تقول لكل محتل وغاصب إن كسروان عاصية عاصية عاصية».
وتابع: «من أبي نوفل الخازن والبطريرك بولس مسعد، إلى بطريرك الاستقلال الثاني نصرالله بطرس صفير، الى جميع الشهداء والأبطال والاستقلاليين في كسروان، حكاية واحدة في الكرامة والعنفوان تتجسد في هذه البطاقة الحزبية التي تتسلمونها اليوم، فحافظوا عليها محافظتكم على تاريخكم وتراثكم وإيمانكم بلبنان السيد الحر الكريم، إن التزامكم ما هو إلا مدماك آخر من مداميك هذا البنيان التاريخي العظيم، من له إيمان بحجم حبة الخردل يقول لهذا الجبل انتقل فينتقل، ومن له إيمان وتاريخ وإرث مشرق بحجم جبل ككسروان، يقول للخائفين اليوم: لا تخافوا، لا تخافوا على لبنان».
وأردف: «إن الاستقرار النسبي الذي تنعمت به كسروان أيام الحرب، بفعل ابتعادها عن خطوط التماس، جعل منها مركزاً لمعظم الأنشطة التي حولت القوات قدوة في التنظيم والعمل السياسي والإعلامي والمؤسساتي الرصين. فمن جامعة الروح القدس في الكسليك استقطبت المقاومة مفكري ومثقفي القضية واكتسبت معهم بعدها الثقافي والفكري، وفي طبرية زرعت ذكرى شهدائها فصارت كل غابة في لبنان تحسد غابتها. ومن معهد بشير الجميل في غوسطا تعهد المتخرجون تحرير لبنان شبراً شبراً، ومن ثكنة أدونيس زرعت القوات سنابلها وشهداءها على امتداد الوطن من بيروت وزحلة إلى بلا وقنات، وفوق صخور وطى الجوز تعلمت القوات فنون القتال في الحرب حتى يكون خطها السياسي صلباً كصخور وطى الجوز في زمن السلم، وفي ثكنة الصدم في دلبتا، تعلمت القوات أن تخوض التحدي والتصدي حيث لا يجرؤ الآخرون. وفي معهد الإعداد الفكري في بلونة، أكدت القوات أن البندقية من دون عقيدة وفكر وإيمان تصبح مجرد سلاح لا هدف له، وفي الذوق استحالت البندقية ريشة مسننة بالحق تعبد دروب المسيرة، وفي أدونيس صدحت حناجر الأحرار للبنان الحر مع لبنان الحر، وفي جونيه، ولاحقا في أدما أشرقت شمس الـ ال بي سي في سماء القوات الفسيحة، وفي سماء لبنان والشرق، وستشرق من جديد، ومن غدراس اقتيدت القوات وحيدة إلى الجلجلة بعدما قالت لا، لكنها عادت وارتفع مع جميع اللبنانيين يوم القيامة الوطنية في 14 آذار 2005. اما في يسوع الملك فقاومت عين القوات مخرز سلطة الوصاية، فكانت كالسنبلة في انحنائها أمام العواصف العاتية وكالسنديانة في تجذرها في إيمانها ومبادئها، وفي معراب عاد لبنان ارزة خضراء، والقوات خطها الأحمر».
وقال: «إن القوات كانت وستبقى في كسروان، من البحر إلى الجرد، إلى الجرد يحرسه أبطالها، وفي طليعتهم شهيدنا الغالي سليمان عقيقي. يبدو لي أن المتنبي مر في كسروان يوما، لأن فيها عناصر بيته الشعري الشهير كله: ألخيل والليل والبيداء، والرمح والسيف والقرطاس والقلم. بدلاً من أن تدفن القوات الى الأبد تحت أنقاض مذبح كنيسة سيدة النجاة، لم يصح إلا الصحيح مرة من جديد، فارتفعت بين ذراعي يسوع الملك إلى أعلى وأعلى وأعلى، وما وجودنا اليوم هنا إلا خير دليل على ذلك. أما بعد حان وقت العمل، حان وقت إعلاء بنياننا الحزبي مدماكاً فوق مدماك. واذا أردنا القوات اللبنانية حزبا يواكب التطورات، يجابه التحديات وينهض للمستقبل، فعلينا البناء على أسس صلبة، قوامها التجرد والتضحية لا على قاعدة رملية متحركة تتحكم بها رابطة عائلية أو مناطقية، أو مزاجية شخصية أو مصلحة ذاتية، قاعدتنا الذهبية في كل ذلك: ألالتزام ثم الالتزام ثم الالتزام، والعطاء ثم العطاء ثم العطاء».
وتوجه جعجع الى اللبنانيين بالقول: «بالأمس وقعت القوات اللبنانية ورقة إعلان النوايا مع التيار الوطني الحر، والهدف تصفية النوايا، وحصر التنافس السياسي، في إطار من الروح الديموقراطية الراقية، والبدء بالتحرك نحو المستقبل. وكلنا أمل بكتابة صفحة لا بل صفحات جديدة في تاريخ الحزبين ولبنان. إن القوات لا تتوخى من هذه الخطوة تحقيق مصلحة تكتيكية أو آنية، ولا تريد منها إقصاء أو تحجيم أي طرف آخر، وإنما تتطلع إلى المصالحة والعلاقة من منظار استراتيجي واسع يحقق المصلحة العليا للبنان. بحسب نواياكم ترزقون. وها قد رزقنا ورقة نوايا ومصالحة عملنا لها، وانتظرناها بفارغ صبر طويل، فهنيئا للبنانيين جميعاً بهذا الإنجاز الكبير، آملين أن يكون برعماً لإنجازات مستقبلية أكبر إن شاء الله».
ولفت الى أنه «كثرت في الآونة الأخيرة حملات التهويل والتخويف، ويبدو أن أصحاب هذه الحملات نسوا أن لنا مع داعشيين كثر، قبل داعشيي هذه الأيام، حكايات لا تنتهي من المواجهة والصمود والبطولات تشهد عليها تلة المزار، وعيون السيمان وكل ذرة من تراب كسروان ولبنان. إن لنا مع كيماويي اليوم داعشيي الأمس واليوم، ألف جولة وجولة كانت آخرها جولة ملف الأسد – مملوك – سماحة. ولكن من عنده بكركي وسيدة لبنان، فكل دواعش العالم وكيماوييه لا تخيفه. يقول أحد المؤرخين الأجانب الذين عاشوا في القرن الثاني عشر: «هناك أناس بين قمم لبنان غير قليلي العدد، مدربون، بارعون في استعمال القوس والسهم في الحروب، على قدر كبير من الشجاعة والبراعة في الحرب والفروسية»، هذا ما دونه التاريخ عنا، وهذا ما نحن عليه: أبطال في الحرب وشجعان في السلم، هكذا كنا، هكذا نحن، وهكذا نبقى إلى أبد الآبدين آمين».
وشدد على أنه «لم ينشىء أجدادنا وطناً على مقاس أحلامنا وتطلعاتنا، حتى يأتي اليوم من يريد التلاعب بحدوده وتفصيلها على مقاس سياساته الإقليمية. لم ننشىء جيشاً لبنانياً وطنياً من عشرات آلاف العسكريين ، حتى نولي أمر حمايتنا إلى سرايا مسلحة من هنا، وألوية قلعة من هناك. لنا جيشنا اللبناني قلعتنا الوحيدة في الدفاع عن الوطن. لنا جمهوريتنا القوية، وليتذكر الجميع صخور نهر الكلب وذكرى من مر ورحل، لنبقى نحن ويبقى لبنان».
وأكد «أنهم يعملون على تثبيت قواعد النظام الديكتاتوري في سوريا وعلى زعزعة قواعد النظام الديموقراطي في لبنان. يحدثوننا عن رئيس قوي، ولكنهم يعطلون الانتخابات الرئاسية فننتهي من دون رئاسة، ولا رئيس لا قوي، ولا وسط، ولا ضعيف. يقولون أنهم يريدون رئيساً قوياً، ولكنهم يحولون كل يوم الدولة دولة ضعيفة، والمواطن مواطناً ضعيفاً يتنقل من حال عدم استقرار سياسي وأمني إلى حال عدم استقرار اقتصادي ومعيشي واجتماعي. بالأمس شرعوا الحدود أمام قوافل السلاح غير الشرعية، واليوم يسعون لتشريع أبواب التعطيل والفراغ أمام ما تبقى من مؤسسات شرعية».
وقال: «بعض الناس في لبنان متأثرون بأبي النواس، ولا يتصرفون إلا وفق قوله «وداوني بالتي كانت هي الداء»؛ إذا كان التعطيل الرئاسي يتسبب بأزمات حكومية، فالحل لا يكون بالمزيد من التعطيل وإنما بالشروع فوراً بانتخاب رئيس يعيد الانتظام إلى عمل الحكومة والمجلس النيابي وباقي المؤسسات. مارتا مارتا… تهتمين بأمور كثيرة خارج الحدود وداخلها والمطلوب واحد فقط، إنتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وأشار الى أنه «ليست القضايا السياسية وحدها بانتظاركم في كسروان، وإنما القضايا البيئية والإنمائية والاجتماعية وسواها. في ساحل كسروان السموم المنبعثة بحاجة الى حل فوري وجذري ، وفي اعالي كسروان، المرامل والكسارات التي تعمل بفوضوية وتعيث خراباً وتشويها في البيئة الكسروانية، بحاجة الى ضبط وتنظيم، وكذلك الأملاك البحرية على طول الشاطىء الكسرواني. من جهة أخرى لن نقبل بالمزيد من المماطلة في ما خص مرفأ جونيه الموعود أسوة ببيروت وطرابلس وصيدا وصور. وبأي حق يستمر الإهمال الفظيع لقضية الزحمة الخانقة على أوتوستراد جونيه في عقاب يومي لمئات الآلاف من اللبنانيين؟ إن هذه القضايا وسواها ستكون من صلب اهتماماتنا كقواتيين، فكونوا مستعدين».
ورأى ان «كسروان قبلة نحج فيها إلى بكركي وحريصا والبولسية ومقر البطريركيتين في الشرفة وبزمار، ونتبارك روحياً ووطنياً، كسروان الأمير بشير الشهابي الكبير وشهداء الاستقلال، وفي مقدمهم الأخوان فيليب وفريد الخازن، وباني المؤسسات الرئيس فؤاد شهاب. كسروان الياس أبو شبكة. كسروان الاب يعقوب الكبوشي إبن غزير».
وختم جعجع: «ان انتسابكم الى القوات اللبنانية هو انتساب لهذا التاريخ، إنه انتصار لنمط العيش الذي اختاره شعبنا منذ فجر التاريخ. واليوم تتسلمون بطاقاتكم، لا لتدشنوا بها مسيرتكم الحزبية وجلكم من المناضلين المتمرسين في العمل الوطني منذ سنوات وسنوات، وإنما لتكون هذه البطاقات وسام شرف يعلق على صدوركم بعد طول نضال والتزام، فليكن التزامكم مثالاً للأجيال الصاعدة وحافزاً لها للانضواء في المسيرة الحزبية، مسيرة خلاص الوطن والمواطن. هيا يا شابات القوات وشبانها، هيا يا نساءها ورجالها، ان ساحات العمل والنضال بانتظاركم، إن كسروان – الفتوح بانتظاركم، إن لبنان بحاجة اليكم فلا تتأخروا».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق