مؤتمر باريس: مظلة دولية لحماية لبنان وتمسك باعلان بعبدا

وسط حشد كبير من وزراء خارجية الدول الكبرى انعقد مؤتمر باريس من اجل لبنان في قصر الاليزيه، وحضره العديد من رجال الاقتصاد والمال ومسؤولين عن الشركات الكبرى في العالم.
سبق انعقاد المؤتمر اجتماع بين الرئيس اللبناني ميشال سليمان والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وتناول البحث هواجس لبنان الامنية بسبب انفلات الحدود التي طلب الرئيس اللبناني من نظيره الفرنسي المساعدة على ضبطها لمنع التفجيرات ووقف مسلسل السيارات المفخخة. وكانت وجهات النظر متطابقة بين الجانبين. وحضر هذا الاجتماع الى جانب الرئيس سليمان اعضاء الوفد اللبناني المرافق.
كذلك بحث الرئيس سليمان مع الرئيس هولاند تدفق اللاجئين السوريين الى لبنان الذي لم يعد قادراً على تحمل المزيد. كما تناول البحث الازمة السورية من جميع جوانبها وانعكاساتها على لبنان. واخيراً بحثا في تسليح الجيش اللبناني بموجب الهبة السعودية وقيمتها ثلاثة مليارات دولار لمساعدته على تسلم زمام الامن وحده في لبنان وحماية حدوده وردع اي عدوان يقع عليه.
وشدد الرئيس الفرنسي على ضرورة استكمال تنفيذ الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها وخصوصاً مثول الحكومة امام المجلس النيابي واجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ثم الانتخابات النيابية.
سليمان وهولاند
في بداية المؤتمر ألقى الرئيسان اللبناني والفرنسي كلمتين بالمناسبة شددا فيها على ضرورة مساعدة لبنان. وقال هولاند ان الدعم المعنوي للبنان لا يكفي بل يجب تمكينه من المحافظة على استقراره وامنه وتوازنه الاقتصادي، مشيراً الى العبء الكبير الذي يمثله وجود اكثر من مليون لاجىء سوري على ارضه.
كذلك شدد هولاند على ضرورة الالتزام باعلان بعبدا والنأي بلبنان عن الازمة السورية. ودعا هولاند الى الاسراع باتخاذ التدابير الضرورية التي ستمكن لبنان من الاستفادة من تقديمات الصندوق الائتماني الجديد الموضوع تحت اشراف البنك الدولي لمساعدة الاقتصاد اللبناني وتمويل المشاريع التي يوافق عليها البنك.
ألقى الرئيس سليمان كلمة مطولة حذر فيها من ان تدفق اللاجئين الى لبنان يشكل «خطراً وجودياً» يهدد الوحدة الوطنية، داعياً العالم الى التضامن مع لبنان، خصوصاً، وان عدد اللاجئين شارف المليون لاجىء.
هذا وتوافقت مجموعة الدعم الدولي للبنان على مواصلة دعم هذا البلد وذلك تجاوباً مع نداء سليمان. وطالب البيان الختامي بوجوب احالة المسؤولين عن استمرار الاعمال الارهابية والتفجيرات والاغتيالات الى القضاء.
وشدد البيان على مركزية التمسك بـ «اعلان بعبدا»، وذكّر بالاهمية التي ينطوي عليها النأي بالنفس عن الازمة السورية. كما اقر سلة مساعدات اقتصادية وعسكرية لمساعدة لبنان على تجاوز الازمة التي شكلها اللاجئون.
تظاهرة دولية
ووصف المراقبون المؤتمر بانه تظاهرة دولية لمصلحة لبنان بامتياز وان الرئيس سليمان كان مرتاحاً جداً للنتائج التي تحققت، معرباً عن تفاؤله بان تكون حصيلة المؤتمر في مستوى التوقعات اللبنانية منه. ذلك ان مشاركة اكثر من عشرة وزراء خارجية اوروبية عدا عن ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن تحمل مدلولاً غير قابل للاخذ والرد بان ثمة قراراً دولياً بتوفير كل ما يلزم للبنان حكومة وشعباً وجيشاً وامناً وحماية من تداعيات الازمة السورية.
وكان الرئيس سليمان قد التقى على هامش المؤتمر عدداً من الوزراء الغربيين وفي مقدمهم وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري ووزير خارجية روسيا سيرغي لافروف بالاضافة الى وزير خارجية السعودية وممثل الامين العام للامم المتحدة جيفري فيلتمان والامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي وممثلين لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وقد اعرب المؤتمرون عن سرورهم بتشكيل الحكومة واستعدادهم للعمل والتعاون مع رئيسها تمام سلام. كما طالبوا باجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية وشكروا للرئيس سليمان عمله على المحافظة على السيادة والاستقرار في بلده واستمرار المؤسسات وتشجيعه الحوار الوطني ووضعه لبنان بمنأى عن الازمة السورية، مؤكدين على ضرورة احترام اعلان بعبدا. كما شددوا على دور الجيش وتعزيز امكاناته واخذوا علماً بآلية التنسيق التي تقررت في شباط (فبراير) الماضي لدعم الخطة الخمسية للجيش، معلنين انتظارهم اجتماع روما الذي سيعزز المساعدات الدولية للجيش.
اشادة سليمان
ويقول المراقبون ان ما تحقق في باريس امس هو تأمين مظلة دولية واقية للبنان، حتى ان وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا المختلفين على اوكرانيا توافقا على الاستقرار في لبنان. كذلك كان هناك اجماع على الاشادة بالرئيس سليمان بشكل غير مسبوق، وفي ذلك رد شديد اللهجة وبصوت عال على منظمي الحملة التعسفية ضد رئيس الجمهورية والتي بات الكل يعلم من يقف وراءها وما هي اهدافها الحقيقية، مع العلم بأن هذه الحملة اكسبت الرئيس تأييداً عالمياً لم يكن يتوقعه احد.