أبرز الأخباردولياترئيسي

خريطة النقاط السبع: انطلاقة حذرة للاتفاق النووي الايراني

بدا واضحاً ان ايران التي تمسكت طويلاً ببرنامجها النووي، وبعدم تقديم اية تنازلات في ما يخص هذا المشروع، بدأت مشوار القبول بالامر الواقع. وبدا واضحاً ايضاً ان حكومة روحاني تحاول اللعب على اكثر من حبل، ليس حفاظاً على ماء وجهها فقط، وانما بهدف توجيه رسائل طمأنة الى الداخل، خصوصاً الى من يعارضون الاتفاق النووي، والمتشددين من مدنيين وعسكريين، ومن تيار محافظ، وفي الوقت نفسه العمل على اخراج البلاد من سطوة العقوبات التي دفعت الى سلسلة ازمات داخلية.

المؤشر على ذلك حالة التناقض التي ظهرت عليها الجمهورية الاسلامية وهي تعلن عن اتفاق تفصيلي جديد، بالتزامن مع تلويح باستخدام القوة. وتأكيد على تحريك اسطول بحري في مياه المحيط الاطلسي.
حالة التناقض تلك تمثلت باقرارها جملة من التطبيقات التي كانت تمثل شرطاً غربياً لوقف العقوبات او تخفيفها، بالتزامن مع محاولة للحفاظ على تقليد طالما اتبعته الحكومات المتعاقبة يقوم على تغليب العرف الفارسي «العنيف» في الخطاب، وبحيث يتم تقديم خطاب التهديد على ما سواه من خطابات.
باختصار، اقرت ايران بخطة طريق من سبع نقاط جاءت غالبيتها كمطالب للوكالة الدولية. وسبق ذلك تقديم «عربون» صداقة ايذاناً ببدء سريان الاتفاق النووي، حيث قررت فوراً تعليق تخصيب اليورانيوم بنسبة مرتفعة، مقابل تخفيف تدريجي في العقوبات.
اما العامل الاستعراضي والذي تمسكت به الحكومة الايرانية، والذي جاء متزامناً مع الاعلان عن خريطة الطريق الجديدة، فقد تمثل باعلان آخر عن تحريك الاسطول البحري الايراني في المحيط الاطلسي، والتأكيد على قدرة ذلك الاسطول على الردع في حال واصلت الولايات المتحدة تأكيداتها على ابقاء الخيار العسكري على الطاولة.

الاتفاق الجديد
فما هي حقيقة الاتفاق الجديد؟  وما هي تفاصيله؟
يعتقد متابعون لتطورات الملف النووي الايراني ان الاتفاق الذي ابرم بين الوكالة الدولية والحكومة الايرانية خطا خطوات كبيرة نحو التطبيق، ويرون ان الايام القليلة الفائتة شهدت تحولاً مهماً في المجال التطبيقي للاتفاق الرئيس الذي تم التوقيع عليه في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت.
ووسط كم من الحركات الاستعراضية الايرانية، تم الكشف قبل يومين عن اتفاق جديد مثل خريطة طريق لتطبيق الاتفاق الرئيس الذي اثار ضجة كبرى، كما اثار الشكوك برغبة الولايات المتحدة اعتماد قراءات جديدة لبناء تحالفاتها في المنطقة.
فقد أصدرت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بياناً مشتركاً في ختام يومين من المفاوضات المكثفة التي جرت بينهما في طهران، اعلنتا فيه التوصل الى اتفاق يتضمن 7 خطوات عملية.
ويفيد البيان بأن الاتفاق يتضمن زيارة مفاعل اراك، الذي تعتقد دوائر غربية أنه مخصص لاجراء ابحاث لإنتاج الماء الثقيل الذي يستخدم في صناعة القنبلة النووية. كما يتضمن الاتفاق الجديد زيارة منجم لليورانيوم في منطقة غاشين جنوب البلاد، اضافة الى نقاط اخرى تتعلق جميعها بتنفيذ مطالب الوكالة الدولية.
وجاء في البيان الذي تلاه اولاً باللغة الانكليزية مساعد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ترو واريورانته، ومن ثم تلاه باللغة الفارسية مندوب ايران الدائم في الوكالة رضا نجفي، انه تمت مناقشة مسيرة التقدم في تنفيذ الخطوات العملية الابتدائية التي تم الاتفاق بشأنها قبل 3 اشهر.
واوضح البيان، أن طهران نفذت الخطوات العملية الاولية، ومنها وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة مرتفعة  «20 بالمائة»، وان الجمهورية الاسلامية الايرانية والوكالة اتفقتا بشأن 7 خطوات عملية ستنفذ من قبل ايران لغاية 15 ايار (مايو) المقبل. ولم يتم الاعلان رسمياً عن البنود السبعة المتفق عليها لغاية الآن، لكن رضا نجفي مندوب إيران الدائم في الأمم المتحدة قال إن مدير الوكالة الدولية سيبلغ مجلس المحافظين بالخطوات التي اتفق عليها الطرفان.
وكانت إيران والدول الست المعنية بملفها النووي، قد نجحت في اختبار اليوم الأول لتنفيذ اتفاق جنيف الذي أبرمه الجانبان في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إذ أشرفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تجميد طهران نشاطات نووية، بينها تخصيب مرتفع لليورانيوم (بنسبة 20 في المئة) فيما رفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات عن إيران. الا ان الخطوة لم تعجب التيار المحافظ في ايران، والذي وجه انصاره نقداً شديداً ووصفاً بأن الاتفاق يعني تجميد 60 بالمائة من البرنامج النووي.
في المقابل، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه علق بعض عقوبات الاتحاد على إيران مع دخول خطة العمل حيز التنفيذ.

رفع العقوبات
ووفقا للاتفاق الانتقالي الدولي الذي أبرم في 24 تشرين الثاني (نوفمبر)، فإن العقوبات التي رفعها الاتحاد الأوروبي تتعلق بقطاع المنتجات البتروكيميائية الرئيسي وتجارة الذهب والمعادن الثمينة والتحويلات المالية.
وبذلك يتناول تعليق العقوبات حظر استيراد وامتلاك أو نقل المنتجات الكيميائية إضافة إلى الخدمات الملحقة مثل التمويل والتأمين وإعادة التأمين بما في ذلك بالنسبة الى دول اخرى، وفق الاتحاد الأوروبي.
ويمكن للمتعاملين الأوروبيين البدء باستئناف شحن النفط الخام الإيراني إلى الدول الست الزبائن (الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا وتايوان) التي بات بإمكان إيران حالياً إمدادها بفضل استثنائها من العقوبات الدولية، إضافة إلى تأمين السفن التي تنقل النفط.
ويمكن للشركات الأوروبية أيضاً استئناف حركة نقل وتأمين وكذلك شراء واستيراد منتجات بتروكيميائية على الرغم من أن صناعة هذا القطاع تخضع لمراقبة وزارة النفط الإيرانية المدرجة مبدئياً على لائحة الكيانات التي حظرت التعاملات معها.
من جهة أخرى، يمكن لمصارف الاتحاد الأوروبي أن تشارك في تعاملات محتملة من أصل الـ 4،2 مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية المجمدة في الخارج والتي ينص الاتفاق على الإفراج عنها تدريجياً.

تحريك الاسطول الايراني
في تلك الاثناء، أعلنت إيران أن سفن أسطولها الحربي ستبحر قريباً من الحدود البحرية للولايات المتحدة في المحيط الأطلسي للمرة الاولى، بينما لوحت بالرد على تهديد الخيار العسكري.
واكد الأدميرال أفشين رضائي حداد، قائد الاسطول الشمالي في البحرية الإيرانية، أن الخطوة الإيرانية تأتي رداً على انتشار البوارج الأميركية في مياه الخليج.
وتضم السفن الإيرانية مدمرة بحرية وحاملة مروحيات وسفينة إمداد.
ونقلت وكالات انباء عن المسؤول الإيراني تأكيده أن السفن أبحرت بالفعل الشهر الماضي ووصلت حالياً إلى مياه المحيط الأطلسي عن طريق رأس الرجاء الصالح. وأضاف رضائي قوله: «إن البوارج الحربية الإيرانية تقترب من الحدود البحرية الأميركية وهذه الخطوة هي بمثابة رسالة».
وتحمل السفن الإيرانية بالإضافة إلى أطقم العمل  30 من طلبة الأكاديمية البحرية بهدف تدريبهم. ويقول مراسلون إن الخطوة الإيرانية تأتي بهدف إثبات القوة في منطقة الشرق الأوسط. ويرى آخرون انها رسالة استعراضية موجهة الى متشددي الداخل، والى التيار المحافظ عموماً.  وقالت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية إن الخطوة تأتي رداً على الزيادة الملحوظة مؤخراً للبوارج الأميركية في مياه الخليج.
من جانبه، شكك مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية في أن تكون البوارج الإيرانية في طريقها بالفعل إلى الحدود البحرية الأميركية. وأضاف المسؤول أن هذه السفن أو غيرها لها مطلق الحرية في التحرك في المياه الدولية.

احمد الحسبان
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق