معارض

أعمال نخبة من المصورين «بلا عنوان»

بعد انتهاء عطلة الصيف، تستأنف غاليري تانيت – بيروت، بإدارة نايله كتانه كونيغ، نشاطها الفني في  ايلول (سبتمبر) وحتى الثاني والعشرين منه بمعرض تصوير جماعي يظهر هذا الفن بأفضل حالاته واوجهه بفضل عرض اعمال  نخبة من المصورين ستكون بلا شك متعة لمحبي هذا الفن من الزوار الذين لا بد ان يجدوا انفسهم مفتونين امام عدد لا بأس به منها، فيما يستمر متاحاً بالتزامن معرض هبه العقاد «الاشياء تبقى نفسها» في الغاليري لمن لم تتسن له بعد فرصة الإطلاع عليه.

يشارك في معرض التصوير الجماعي  «بلا عنوان» كل من: لميا ماريا ابي اللمع – نديم اصفر- كريستيان كارل كتافاغو- ساره شارلز وارث – فرانك كريستين – نانسي دبس حداد – وليام اغلستون – فؤاد الخوري – جيلبير حاج – جمانه جمهوري – هدى قساطلي – رندى ميرزا – سيرج نجار- جيليو ريموندي وروي سماحة.

غنى ومتعة
والواقع انه قد يكون اتيح للزائر التعرف على طريقة واسلوب بعض من هؤلاء الأسماء، الذين يعدون نخبة من المصورين، في وقت سابق في الغاليري عينها او في مكان آخر من خلال معارض فردية او جماعية، الا ان اجتماع هذه المختارات الجديدة من الاعمال الفنية في صالة واحدة  يعطي الناظر اليها غنى ما بعده غنى وتؤمن له متعة ما بعدها متعة.
واذا استهلينا جولتنا من عند وليام اغلستون وهو مصور لبناني – أميركي معروف، من مواليد 1939، اليه يعود الفضل الكبير في استخدام الألوان في التصوير كوسيلة فنية مشروعة لعرضها في المعارض الفنية. ونرى ان  أعماله الناضجة تتميز بموضوعاتها العادية أو البسيطة التي قد تشتمل على إطارات السيارات القديمة والآلات ومكيفات الهواء وآلات البيع وزجاجات الكولا الفارغة أو القذرة، الى ملصقات ممزقة، أعمدة وأسلاك الكهرباء، المتاريس في الشوارع، مقطع عرضي للأشجار، حفلات شواء، علامات المرور في اتجاه واحد، أشجار النخيل تتزاحم على رصيف واحد. وهكذا نرى ان معظم  صوره مستوحاة من الفوضى المدينية والحياة اليومية العادية.
أغلستون يؤمن بأن التعقيد والجمال موجودان في العالم الدنيوي، وهو يعتبر في اي حال من رواد التصوير الفوتوغرافي الملون في أوائل 1970.
ويذكر ان أعمال أغلستون كانت موضوع العديد من المعارض الفردية والجماعية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك «وليام أغلستون وتقليد اللون»، ومتحف جون بول غيتي، لوس أنجلوس (1999)، «وليام أغلستون»، مؤسسة كارتييه، باريس.

صائدة الصور
اما  صور جمانه جمهوري فتظهر بوضوح قدرة الفنانة على الخلق والابداع وبراعتها كصائدة للصور كما تعكس حسها الفني والنفس السينمائي الذي تتمتع به.
ترصد جمهوري في صورها حركة الناس في الشارع بالتوازي مع حركة الطبيعة، خصوصاً في الصور البحرية فحين ننظر اليها نشعر كأننا نشاهد فيلماً سينمائياً عبر وصف حركة الرياح وتردداتها على الماء والارض والاشجار والناس.
المصورة  جمهوري تنقل الواقع كما هو، اذ اضاءت على زحمة البنايات والسكان وفي هذا يبرز دور الصور كدليل او وثيقة وهي الوظيفة الأقدم للصورة التي لم تعد تقتصر اليوم على هذه الوظيفة بل تتعداها الى البعد الجمالي الفني. وعموماً نلاحظ ان كل صور جمانه جمهوري تتمتع بالنقاء والإضاءة المناسبة وتستحق التوقف عندها.
اما فؤاد خوري فقد تابعناه في غير معرض ابرزها عن «الحرب والحب» في الغاليري عينها وابرز ما يميز عمله انه يمزج بين الشخصي والتوثيقي، والمعروف ان الجانب الشخصي هو الذي يجذب المتلقي ويثير فضوله اكثر من الأحداث السياسية التي عاشها المجتمع وهو بإشراكه الجمهور في تجربته الشخصية وقلقه الوجودي على المصير والمستقبل يصبح اقرب الى المشاهد الذي مر بدوره بهذه التجربة وأحس القلق ذاته. ولا يتردد الخوري في ادخال المتلقي في ادق التفاصيل في قصته العاطفية احياناً وهذا عنصر كفيل  بحد ذاته  بنقل الاحساس الفني الى المتلقي.

ألفة وارتياح
بالإنتقال الى صور جيلبير حاج، فهي تتميز بأنها حقيقية واقعية، معظمها لقطات قريبة تظهر زاوية او ركناً معيناً داخل البيت او النافذة او شيئاً من الأثاث. صور غير خاضعة للتزيين والزخرفة توحي للمتلقي بشعور الألفة والإرتياح، وقعها على المتلقي كوقع مسلسل تلفزيوني يتابعه من ضمن كل الأمور اليومية التي نفعلها خلال النهار، فما يحببنا اكثر بهذه الصور هو بساطتها.
رندى ميرزا تتناول بدورها في صورها موضوعات الموت والحياة، الماضي والحاضر والذكريات والتحولات في الوطن. ميرزا متخصصة بالفنون البصرية وسبق لها ان قدمت مشروعاً في العام 2007 يعتمد على استخدام اسلوب التباعد الرقمي بالصور والفيديو مما يسمح للمشاهد بالإنتقال الى سيل غير متناه من مشاهد الأزمات في العالم، وتعالج الحد الفاصل بين معلومات التواصل واستخدام الصدمات في الترفيه.
على اي حال لم ننس بعد النجاح الذي عرفته صورها على سور حديقة الصنائع تحت عنوان «بيروتوبيا» الذي استوحته من الإعلانات الموزعة في بيروت التي تشكل سياجاً لورش بناء واعدة بأبراج شاهقة. انتقدت ميرزا هذه الظاهرة المتفاقمة مع انتشار الجشع الإستثماري وبالتعاون مع جمعيات لإنقاذ تراث بيروت المعماري قررت تجسيدها ضمن صور فنية بغية تحريض المشاهد على اتخاذ موقف من مسار تتخذه المدينة في تحديد معايير عمرانية جديدة عبر خلق وهم ان ما يراه المستهلك يستطيع امتلاكه بالمال.

اضفاء الروح للآلات
من جهتها نانسي دبس حداد وفقت في اضفاء الروح على الآلات الميكانيكية التي صورتها وجعلتنا نتأمل اوجه الشبه بين سائر الكائنات وبينها. نانسي دبس حداد قصدت المصانع في قلب بيروت وعاينت الماكينات اثناء دورانها بغرض اظهار التشابه بين الآلة والانسان، بينها وبين الحيوانات والطيور والاسماك، وعادت بصور قريبة من تفاصيل الآلات، اشكالها تشبه الفيلة والديناصورات والعصافير والأقنعة. وفي عملها هذا تطرح الفنانة أخطر موضوع فرضته التكنولوجيا الحديثة وعصر السرعة والنمطية، وهو تحويل الإنسان الى آلة لكثرة تعامله اليومي والدائم مع الآلات. من خلال صورها توصل نانسي دبس حداد الرسالة الى المتلقي بفضل لعبة الظل والنور ممزوجة بألوان ابهتتها الآلات وان تعطي الحيوية لأشكال جامدة بالأساس.  وشارك في المعرض ايضاً نديم أصفر، وهو مصور ومخرج لبناني ولد عام 1976 في بيروت، درس التصوير السينمائي في الأكاديمية اللبنانية  للفنون الجميلة “ALBA”  – بيروت، ثم التصوير الفوتوغرافي في المدرسة الوطنية العليا «لويس لوميير» باريس. قدم معرضه الفردي الأول في حزيران (يونيو) في معرض “Fadi Moghabghab”.

كوثر حنبوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق