للرجال فقط… سرطان البروستات يرصدكم!
في “موفمبر” أرخوا شواربهم وفي “يناير” يُكملون
لأن في التضافر قوة وفي حملات التوعية ثقافة، وضع الرجال إشارات زهرية على صدورهم ووضعت النساء شوارب على وجوههن! وإذا كانت حملات سرطان الثدي قد انطلقت ناجحة في كل العالم فها هي حملات سرطان البروستات “موفمبر” تنطلق بقوة في لبنان والعالم… فما هو سرطان البروستات؟ لماذا “موفمبر”؟ وهل كل الرجال معرضين؟ في الخمسين؟ أصغر قليلا؟ أكبر بقليل؟ أنت إذا على لائحة “موفمبر”…
كلمة “موفمبر” مركبة من كلمتين: شارب وتشرين الثاني (نوفمبر)… ففي كل تشرين الثاني تنطلق حملة سرطان البروستات وها نحن نطل على كانون الثاني (يناير) فماذا حققت حملة 2013 في شهرين؟
حملة ونجوم
سلمى جوهر، المرأة التي توفي قريبها بداء سرطان البروستات، تعهدت أن تخلق نواة حملة حول ذاك الخبيث في لبنان، تنفجر معلومات وثقافة، بأسلوب شيّق… وهذا ما كان؟ والشعارات بداية: حكي بشواربو بيتشجع! مواطن أو سلطان منحارب السرطان! ودخل الفنانون والممثلون في صلب الحملة. المخرجة رندلى قديح أعدت إعلانا توعويا. كريستينا صوايا وضعت شاربين. عادل كرم أطل بشاربين سميكين. فادي الخطيب شارك. وبدأ الشباب يتبارون حول أجمل شارب على الفيسبوك ومن يأخذ “لايكات” إعجاب أكثر يربح… ابتسم الجميع. ضحكوا. تسلوا. تسابقوا. وربح الرجال، كل الرجال، ثقافة مطلوبة حول ذاك الخبيث الذي يصيب 77 رجلا من كل ألف رجل!
ما هو إذا البروستات؟ أين يتكوّن؟ وما لزوم غدة البروستات أصلا؟
طبيب المسالك البولية الدكتور حسان أبو مراد يقول: أن البروستات كناية عن غدة موجودة عند كل الرجال، وليست موجودة عند الجنس اللطيف، وتتكون مع تكوّن الجنين وتظل تكبر حتى عمر العشرين، ثم تتوقف عن النمو لتعود وتكبر من جديد بعد سن الخامسة والأربعين، وهي بالتالي العضو الوحيد في جسم الإنسان الذي يبقى، بعد سن الأربعين، في حال نمو، وهذا ما يؤدي الى حالات تضخم في البروستات قد يكون حميدا أو لا… فماذا يعني أن يكون تضخما خبيثا؟ وأين تقع هذه الغدة بدقة؟
غدة البروستات تناسلية وهي توجد في أسفل البطن، عند عنق المبولة، وتحيط بالإحليل، في مكان خروجه من المثانة، وهي تشبه في شكلها حبة الجوز، وتكون مسؤولة عن إنتاج السائل المنوي الذي يغذي الحيوانات المنوية. صعب طبعا أن نراها بالعين المجردة أو أن نلمسها. وتكبس هذه الغدة المتضخمة على المبولة فتصبح عملية التبول صعبة. ويمكن أن تكبر وتظل تكبر وهناك غدة أزالها طبيب المسالك البولية وزنها 235 غراما!! ويفترض أن تعرفوا أنكم قد لا تشعرون بعوارض غدة البروستات حتى ولو لامس وزنها المئتي غرام ويمكن أن يشعر رجل آخر بانزعاج كبير حتى ولو لم يكن حجم تضخم غدة البروستات قد تجاوز الستين غراما! فليس الحجم هو المهم بل مدى تسببها بأعراض مزعجة.
لو سُئل طبيب المسالك البولية حسان أبو مراد: أي خبيث تختار إذا خيرك الله بين أنواع السرطان فسيجيب: سرطان البروستات! لماذا؟ لأن نمو هذا النوع بطيء جدا!
الاكثر تعرضا
ليس معروفا سبب تكوّن سرطان البروستات ومن يصيب لهذا يفترض بالرجال أن يأخذوا كل الحيطة والحذر… كيف؟ إليكم التعليمات: ارتفاع مستوى خطر الإصابة يزيد بعد عمر الخمسين، ووجود مصاب من أفراد العائلة، من الدرجة الأولى أي الأب أو الأخ، يزيد من احتمال الإصابة بنسبة أربع الى ثماني مرات عن الآخرين. أما بالنسبة الى وجود حالات بين الأقارب من جهة الأم فلا يكون هذا عامل خطر أما من جهة الأب فيبقى إحتمال الإصابة واردا. لماذا؟ لأن هذا السرطان ينتقل عبر الكروموسوم الذكوري. وفي النسب نحو عشرة في المئة من الحالات تحدث لمن لديهم إصابات في نفس العائلة. وتحدث عادة مضاعفات نفسية وجسدية إثر الإصابة، قد تشتد أو تضعف، بينها: الإكتئاب وآلام في الحوض وصعوبات في التبول “تقطيش” وفقدان السيطرة على هذه العملية، كما أن الأداء الجنسي يضعف، وقد يؤدي سرطان البروستات إذا أهمل الى انتشار الخبيث في أماكن أخرى في الجسم.
كيف نتأكد أن الأعراض الظاهرة سببها تضخم في البروستات؟ وهل يمكن التمييز بين التضخم الحميد والتضخم الخبيث عبر الفحص السريري وطبيعة الأعراض؟
لعلّ الفحص الأهم هنا هو الكشف عن “المستضد البروستاتي النوعي” ويُختصر بثلاثة حروف أبجدية: PSA .
فماذا عن هذا المستضد؟ يجيب أبو مراد: انه بروتيين تنتجه خلايا غدة البروستات، ولا تتعدى نسبته عند الأشخاص الأصحاء أربعة في المئة، لكن حين تحصل الإصابة بالتضخم الخبيث ترتفع هذه النسبة، لهذا يعتبر هذا الفحص الإختبار الأهم للتشخيص المبكر. ويهم جدا أن تعرفوا أن الشفاء التام من هذا الخبيث ممكن جدا إذا اكتشف في بداياته، لهذا يُنصح بإجراء هذا الفحص سنويا منذ عمر الخمسين، أو أقل إذا كانت في العائلة إصابات سابقة، لكن لا ضير أن تعرفوا أن بعض الحالات السرطانية، من نوع بروستات، ظهرت عند أناس لم ترتفع نسبة هذا المستضد البروستاتي النوعي في أجسامهم وبالتالي أتت نتائج الإختبار سلبية في وقت كان الخبيث يسرح ويمرح! والحل؟ يعمد الأطباء الى إجراء فحوصات سريرية للتأكد لأن البدانة تحد من مستويات مصل هذا المستضد في الجسم فتأتي النتيجة كاذبة!
كيف يجري الفحص السريري؟
يجيب الطبيب: يُصار الى فحص الغدة بالأصبع عن طريق المستقيم، أي عبر باب البدن، فإذا شعر الطبيب أن الغدة المتضخمة طرية يرجح أنها نظيفة أما إذا كانت قاسية فيمكن تصوّر وجود سرطان أو ربما بحصة في الغدة، ويُصار الى التأكد من نوعية الإصابة عبر فحص بول يحدد وجود التهابات في الجهاز البولي أو عدمه، كما يستخدم التصوير بالموجات فوق الصوتية وتؤخذ خزعة من غدة البروستات للتثبت من حالة التضخم.
حين يسمع الرجال عن أخذ خزعة من غدة البروستات يهربون! ولهم، بحسب طبيب المسالك البولية، كامل الحق: لأن الفحص مؤلم جدا، لهذا يطلب الطبيب من مريضه قبل اللجوء الى أخذ الخزعة إجراء فحص “المستضد البروستاتي النوعي” في مختبرين مختلفين للتأكد من نسبته في الجسم من دون اللجوء الى خيار أخذ الخزعة.
ماذا عن العلاج؟
يتحكم بطبيعة علاج سرطان البروستات مستوى المرحلة التي وصل إليها. ويعتمد عادة العلاج الهورموني من أجل تخفيف مستوى الهورمونات الذكورية، كما يستخدم العلاج الكيميائي من أجل إبطاء تكاثر الخلايا أو حتى إيقافها كليا. ويستخدم هذا العلاج في الحالات المتقدمة وفي خطوة تلي العمل الجراحي الذي يهدف الى استئصال الورم من البروستات والنسيج الطبيعي الذي يحوط به، كما هناك من يلجأ من الأطباء الى استئصال البروستات كليا. وهناك من يستخدم العلاج بالأشعة عبر توجيهها الى العضو المصاب ما يؤدي الى الإضرار بالخلايا السرطانية.
مذهل أن نعرف أن سرطان البروستات موجود عند ثلاثين في المئة من الرجال ممن تعدوا الخمسين من دون أي أعراض سريرية! ألم نقل أن هذا الخبيث قد يأتي بلا أعراض وأن نموه يبقى بطيئا! فها هو مثلا فرانسوا ميتران، الرئيس الفرنسي السابق، الذي انتخب عام 1981 وكان مريضا بسرطان البروستات وحكم مدة 14 عاما ومات بعدها بثلاث سنوات. يوحنا بولس الثاني، بابا روما الراحل، كان مصابا هو أيضا بسرطان البروستات مدة 13 عاما من ولايته البابوية ومات لسبب آخر لا علاقة له بسرطان البروستات! تطور الداء إذا، نكرر، بطيئ واكتشافه في بداياته قد يُنجي. ذكورٌ؟ لا تتركوا في اختصار غدة البروستات تتحكم بكم!
الشارب علامة الرجولة… فضعوا أصابعكم على شواربكم وأقسموا: لن نهمل تضخم البروستات!
نوال نصر