الجزائر… على طريق سلالة سياسية
الانتخابات الرئاسية في الجزائر، مقررة في شهر نيسان (ابريل) من السنة المقبلة، ولكنها بدأت، منذ مدة، وضبطاً منذ ان عاد الرئيس بوتفليقة الى البلاد، بعد ان امضى، في باريس، اسابيع من العلاج والنقاهة، ولم يعرف بأية حالة صحية حقيقية هو. وتقول جريدة «الوطن»، في نسختها الفرنسية، انه يتنقل على كرسي متحرك.
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (76 سنة)، اصيب بنوبة مرضية، استوجبت نقله الى احد مستشفيات باريس ثم الى احدى دور النقاهة طوال ثلاثة اشهر، ثم عاد الى الجزائر، ليظهر للمرة الاولى امام زواره الاجانب، في 4 تشرين الثاني (نوفمبر). ثم اعلن الحزب الحاكم، ترشيحه لولاية رابعة في رئاسة الجمهورية، التي امضى فيها 14 سنة. وادراكاً منه لحالة الرئيس، المرشح، الصحية، اعاد الامين العام لجبهة التحرير الوطنية، الحزب الحاكم الاوحد السابق، الذي يستمر مهيمناً على الحياة السياسية، عمار سيداني، الى الذاكرة، ان الرئيس فرانكلين روزفلت، حكم الولايات المتحدة، من على كرسي متحرك.
واذا استمر بوتفليقة في ترشيح نفسه، فانه يضمن اعادة انتخابه بفضل آلة جبهة التحرير الحزبية، ودعم مجموعة من الاحزاب السياسية الصغيرة، واجهزة الدولة. ويكون بلغ الثانية والثمانين عندما تنتهي هذه الولاية الجديدة، من دون اية حملة انتخابية لا تسمح بها حالته الصحية.
رئيس مريض
ولكن يبدو من خلال الحالة القائمة، انه لن يكون في استطاعة اي مرشح آخر، ان ينافس بوتفليقة، الذي سيصبح رئيساً مريضاً، معاقاً جزئياً، كان خضع في 2005 الى عملية استئصال ورم سرطاني في المعدة، على رأس الدولة الاكثر سكاناً، والاكبر وزناً اقتصادياً في المغرب العربي، بفضل ثروته النفطية والغازية.
ولانه يدرك، انه لن يكون في استطاعته، ان يعمل اكثر من ساعات قليلة، في اليوم، اعد عبد العزيز بوتفليقة مشروعاً لتعديل الدستور، سيكون الجديد الرئيسي فيه، انشاء منصب نائب للرئيس، يتولى ادارة الشؤون اليومية. ومن المفروض ان تتولى الجمعية الوطنية الشعبية البرلمان الموافقة عليه، قبل آخر السنة.
وبعد هذا المسعى لابقاء عبد العزيز بوتفليقة، على رأس الدولة، شكك البعض في الجزائر، من ان شقيقه الاصغر، سعيد، الذي يبلغ السادسة والخمسين، من العمر، هو الذي يمارس السلطة، من وراء الستار بصفة كونه رسمياً، مستشاراً للرئيس. ولاحظ موظف سابق في قصر المرادية، الرئاسي: «ان الابن البكر في العائلة لا يمارس مسؤولية تذكر، بينما السلطة الحقيقية هي في يد سعيد».
وكتب الصحافي الجزائري المزعج، كامل داود: «اننا لن نشهد قيام الولاية الرابعة، لعبد العزيز، وانما ولاية سعيد بوتفليقة الاولى». واردف متسائلاً: «كيف استطاع الاخوان بوتفليقة تحويل جمهورية، ذات تقليد عميق في السلطة الجماعية الى تسلط عائلي؟!».
وتوقف سمير علاّم، في موقعه الانترنيتي اليومي، عند مرض الرئيس، فكتب ان ولاية بوتفليقة الجديدة، ستكون «في غاية الخطورة» لان «في البلاد رغبة عميقة في التغيير»، فالجزائر، «في حاجة الى سلطة شرعية تستطيع حكم البلد انطلاقاً من برنامج جديد، وليس من رئيس كل همه ان يموت وهو في الحكم».
وتذهب جريدة «الوطن» في نسختها الفرنسية، الى ابعد، «فان كل المؤشرات في نظرها، مقلقة وكل المكتسبات الديموقراطية مهددة والوضع الاقتصادي غير مطمئن. والازمة الاجتماعية مستوطنة، ويشكل الفساد ونهب الثروات العامة، وتبديدها، مؤشرات العقد الاخير في الجزائر.
«فسنوات بوتفليقة، انتهت الى ابقاء الجزائر في الجمود التاريخي، الذي انغلقت فيه منذ الاستقلال. اصحاب السلطة، يرون في ذلك «استقراراً»، بينما تمضي البلاد، تراوح مكانها، في صورة خطرة، فاعتماد ولاية رابعة لبوتفليقة، يعني تعريض الجزائر الى خطر مؤلم، ولكن تنظيم الخلافة في شكل غير ديموقراطي، يعني الحكم عليها، بمصير موجع».
مرشحون
وفي الانتظار، طرح مرشحون رغبتهم، في منافسة بوتفليقة والنظام، ابرزهم الكاتبة الشهيرة ياسمين خضرا (59 سنة).
وهناك مشروع ترشيح، الامين العام السابق لجبهة التحرير، ورئيس الحكومة السابق علي بنفليس، الذي بدأت تقوم لجان دعم شعبية، لترشيحه، منافساً لبوتفليقة في انتخابات 2014. وفي طليعة الشخصيات التي تدعم ترشيحه، رئيس الجمهورية الاسبق امين زروال، الذي ينتظر ان يعلن بنفليس ترشيحه، ليفصح عن دعمه له، شأن سائر التنظيمات الداعمة.
بينما هناك من يتساءل عما اذا كان الاعلان عن ترشيح عبد العزيز بوتفليقة هو لاعطاء مزيد من الوقت للاعبين في ملعبه، للاتفاق على مرشحهم؟
ويعتقد وزير الاتصالات السابق عبد العزيز رحابي، ان الترشيح جدي، وان جماعة بو تفليقة يسعون وراء مزيد من السنوات لتركيز قواعدهم اكثر، وجعل الناس ينسون حالياً، مرض الرئيس!.
ج. ص