من طرابلس الى جنيف مع اطيب التمنيات
يقول وزير الداخلية العميد مروان شربل انه لو وافق بعض الوزراء منذ اكثر من سنة، وابان قيام «حالة الاسير» في صيدا على اعلان حالة الطوارىء في المدينة، لما كانت حصلت «عبرا»، ولما وصلت الامور في طرابلس الى ما هي عليه الان، ولما كانت الحالة الامنية في اكثر من منطقة متردية وتشهد حالاً من الفلتان وانتشار السلاح؟
ان اعلان حالة الطوارىء في اية منطقة، يعني وفق مسؤول امني، وضع جميع القوات تحت امرة الجيش، لان في الخطوة ضبطاً ومراقبة وتحديداً للمسؤولية. وتبين ان الاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يوم السبت الفائت في طرابلس وحضره وزير الداخلية ونواب المدينة والقادة الامنيون انتهى الى اتخاذ قرار، بعد تشاور ميقاتي مع رئيس الجمهورية ومع قائد الجيش، بتوحيد الامرة ووضع الاجهزة والقوى بتصرف الجيش.
ويبدي مسؤول وزاري وعدد من الامنيين، استناداً الى معلومات وردت اليهم من الخارج عبر تقارير «تخوفهم من الوضع الامني لان شهر كانون الاول (ديسمبر) سيكون شهراً صعباً ودقيقاً ومفصلياً وهو يأتي قبل استحقاقات مهمة ابرزها انطلاقة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان للنظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وانعقاد مؤتمر «جنيف – 2» لمعالجة الازمة السورية في 22 كانون الثاني (يناير). فقد يقدم اطراف الصراع في سوريا على استخدام لبنان كصندوق بريد سريع لبعث الرسائل بحجة تعزيز المواقف وتحصين المواقع قبل المفاوضات». وتدعو قيادات في 8 اذار الى عدم الاخذ بالشائعات التي تسوقها 14 اذار عن امكان انهيار الاستقرار، بفعل خروقات امنية، وتصعيد قد يشمل مناطق جديدة اضافة الى المناطق الساخنة حالياً في مخيم عين الحلوة وفي طرابلس. وتؤكد جهات غربية «ان الوضع الامني في لبنان سيشهد مزيداً من الاستقرار تماشياً مع التطورات الاخيرة وانعكاساً لاجواء الانفراج الدولي والاقليمي التي واكبت تدمير السلاح الكيميائي و«جنيف الايراني» حول النووي بالحوار، وقد تنسحب على الساحة اللبنانية».
الامن والاستقرار
وتقول اوساط 8 اذار «ان التدهور والتصعيد اللذين شهدتهما طرابلس مؤخراً، هما من ذيول العاصفة التي كانت تخيم على الساحة الاقليمية ولبنان». وتوضح هذه المصادر ان الاستقرار في لبنان والامن المضبوط باتا حاجة دولية واقليمية تترافق مع استمرار مظلة الامان لتعزيز الاستقرار الاقتصادي في ظل امكان دخول لبنان نادي الدول النفطية مع بدء اعمال التنقيب عن الغاز والنفط في البحر وفي اليابسة. وتندرج زيارات السفير الاميركي ديفيد هيل الى المسؤولين في سياق تأكيد اهتمام بلاده في الاستقرارين الامني والاقتصادي. وجاءت زيارته في توقيت لافت اعتبرتها مصادر سياسية لبنانية مستقلة «مؤشراً بالغ الدلالات في هذا الظرف بعد توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الست. وحرص السفير هيل على طمأنة اللبنانيين عبر المسؤولين «ان ابعاد الاتفاق النووي ترمي الى وقف الحروب في المنطقة، ومنع تصدير الثورات، والقضاء على الارهاب والاصوليات المتطرفة، ووقف استخدام السلاح وتصديره وتعزيز انتشاره تحت اي عنوان، ووقف استخدام العنف لحل الملفات الخلافية على انواعها، واعتماد التفاوض والحوار والسعي لتعزيز الاعتدال من خلال تعميم الديموقراطيات وتداول السلطة». كما طمأن الى «ان لبنان باق تحت مظلة الرعاية الدولية ولن يتأثر سلباً بمفاعيل التحولات الخارجية لا سيما الملف النووي الايراني، لان الثوابت الاستراتيجية الاميركية تجاه لبنان والمنطقة هي ذاتها لن تتغير».
واعتبرت مواقف هيل التوضيحية بمثابة رد على اقدام سياسيين لبنانيين على تسويق معلومات مغلوطة حول الاتفاق النووي في عملية «تشبيح اعلامي» كما قال احد نواب 14 اذار. فالاتفاق النووي لن يكون له تأثيره على الساحة، الا اذا واكبه تفاهم ايراني – سعودي وقيام معادلة س. أ. ويضيف نائب اذاري ان الملف السوري هو الذي يؤثر على الساحة. وقد تترك «جنيف السورية» تداعيات ايجابية وانفراجاً على الساحة خصوصاً اذا ما تمكنت القوى الدولية والاقليمية من انتزاع موافقة النظام والمعارضة على وقف النار قبل انعقاد «جنيف – 2»، في خطوة قد تساعد على تعزيز مناخ الوفاق والاتفاق، وهناك بوادر مشجعة عبر مواقف ايجابية لاطراف الصراع.
التقاط انفاس
وتعزو اوساط دبلوماسية غربية تصعيد المواجهات في سوريا عشية «جنيف – 2» الى محاولة النظام التقاط انفاسه من خلال استرداد سيطرته على مناطق كانت للمعارضة. وتقول: «لو استرد النظام كامل سيطرته على الاراضي لا يمكنه ان يحكم كل سوريا بعد الان، كما ان المعارضة التي فشلت في قلب النظام والسيطرة لا يمكن تجاهلها، وبالتالي يفترض ايجاد التسوية ضمن هذه المعادلة. وطرأ تطور لافت على الساحة بعد معارك القلمون تمثل باقدام انصار جمعية «مسلمون بلا حدود» على قطع طريق المصنع واقامة صلاة يوم الجمعة وسط الطريق الدولية في رسالة بالغة الاهمية تحمل في طياتها رسالة الى النظام الذي يعمل على السيطرة على القرى المحاذية للحدود اللبنانية بقصد قطع الطريق على المعارضة السورية لاستخدام الساحة اللبنانية، من ان خطوة من هذا النوع تقابل بخطوة مماثلة من الجانب اللبناني بحيث لن يسمح المؤيدون للمعارضة السورية باقفال طريق الجهاد في وجههم بينما تبقى مشرعة امام حزب الله للتوجه الى سوريا.
فهل يفجر الوضع المتدهور في طرابلس الاستقرار الامني وينتقل الى مناطق اخرى على رغم تطمينات الالتزام بالمحافظة على الاستقرار؟ ام ان التدهور الامني سيبقى محصوراً في طرابلس بين جبل محسن وباب التبانة؟ وهل ان توحيد الامرة في طرابلس سيدفع بالخطة الامنية باتجاه التنفيذ وقيام هدنة ثابتة؟ يتهم وزير مطلع جهات سياسية واشخاصاً معروفين بالوقوف وراء التفجير لاغراض سياسية بقصد ابقاء الجبهة ساخنة، وقد ابلغ الوزير كبار المسؤولين باسماء المتورطين في تفجيرات طرابلس لاعتقالهم، لان احداً من الاطراف السياسيين لا يريد المغامرة في الملف الامني. ويعتبر ان للبنان خصوصية يفترض المحافظة عليها. وتفضل اطراف سياسية في 8 اذار ان تبقى المواجهة على الساحة السورية وليس في لبنان. كما اعلن الامين العام لحزب الله حسن نصرالله عندما برر المشاركة في المعارك في سوريا.
فيليب ابي عقل