دبي تكتسح منافساتها وتفوز بـ «اكسبو 2020 الدولي»
فازت دبي بشرف تنظيم معرض «اكسبو 2020» الدولي لتكون بذلك أول مدينة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحتضن هذه التظاهرة العالمية الكبيرة التي تعد احدى أكبر الفعاليات العالمية من حيث التأثير الاقتصادي والثقافي بعد بطولة كأس العالم لكرة القدم، ودورة الألعاب الأولمبية.
كسبت امارة دبي رهانها وتمكنت من الفوز باستضافة وتنظيم معرض «اكسبو 2020» الدولي، أكبر وأعرق معرض اقتصادي وعلمي في العالم لتكون بذلك أول مدينة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا تحتضن هذه التظاهرة العالمية التي تأمل الإمارات أن تجذب إليها استثمارات بمليارات الدولارات.
وتفوقت دبي الممثلة للعرب ودولة الإمارات العربية المتحدة على ثلاث منافسات بشدة، هي: أزمير ممثلة لتركيا، ايكاترينبرغ ممثلة لروسيا، وساو باولو ممثلة للبرازيل.
واحتضنت العاصمة الفرنسية باريس التصويت عبر مشاركة 168 دولة في «المكتب الدولي للمعارض» لاختيار البلد المستضيف للحدث الذي يقام كل خمس سنوات ويستمر فترة أقصاها ستة أشهر. وجاء اختيار دبي، بغالبية 116 صوتاً في الدورة الثالثة، متقدمة على مدينة ايكاترينبرغ الروسية التي لم تحصل سوى على 47 صوتاً، بعد ان اخرجت مدينتا ساو باولو البرازيلية وأزمير التركية من المنافسة خلال الدورتين الأولى والثانية.
دعم فرنسا
وعولت دبي كثيراً على دعم فرنسا لترشحها لاحتضان هذه التظاهرة العالمية حيث شهدت العاصمة باريس على مدار أشهر تظاهرات وزيارات رسمية لأكبر المسؤولين الإماراتيين لعرض ملف دبي وتأكيد أحقيتها بهذا الفوز، وكان على رأسهم حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء، والذي زار باريس في هذا الإطار خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي.
وكان جناح «الفن المتحرك» ببهو معهد العالم العربي، على ضفاف نهر السين، قد احتضن في الفترة ما بين 26 إلى 28 أيلول (سبتمبر) الماضي، تظاهرة «دبي قادمة» قدمت خلالها الإمارة خلاصة عن تجاربها التنموية وما حققته من إنجازات.
ويذكر أن الإمارات تقدمت بطلب استضافة معرض «اكسبو الدولي 2020» في دبي، تحت شعار «تواصل العقول وصنع المستقبل».
احتفالات واعلى العاب نارية
وما ان تم إعلان النتيجة في باريس حتى عمت الاحتفالات في دبي حيث احتشد آلاف المواطنين الإماراتيين والمقيمين حول برج خليفة لمشاهدة الألعاب النارية التي انطلقت للاحتفال بالفوز. وسادت حالة كبرى من الفرح في شوارع الامارات، خصوصاً مدينة دبي التي كانت تملكتها رغبة كبيرة للفوز بهذا الحدث. وعبرت دبي عن فرحتها باطلاق أعلى ألعاب نارية في العالم من قمة برج خليفة الذي يعد أعلى ناطحة سحاب في العالم.
وغطت الألعاب النارية مبنى البرج من قاعدته إلى قمته وبالقرب منه انطلقت عروض «نافورة دبي» التي تعد أضخم نافورة في العالم والتي تقذف المياه لارتفاعات تصل الى ما يعادل مبنى من 50 طبقة.
وتجمع الآلاف من الاماراتيين والمقيمين بالامارات من مختلف الجنسيات في منطقة «وسط دبي» حاملين أعلام بلادهم احتفالاً بهذا الفوز، وطافت مسيرات بالسيارات تحمل اعلام الامارات واعلام مختلف دول العالم تعبيراً عن الفرح باستضافة المعرض.
وكان ملف الإمارات هو الأقرب الى استضافة الحدث، في ظل جهوزيته على مختلف الصعد، بعد أن تحولت الدولة إلى مركز عالمي للتجارة والسياحة والأعمال في ظل الإنجازات التي تحققت خلال العقود الماضية، مع الاشارة الى أن البنى التحتية والقدرات التي تمتلكها ستوفر للزوار والمشاركين في المعرض خدمات عالية الجودة ويوفر لهم تجربة استثنائية.
نذير ازدهار فانفجار؟
ورأى محللون ان فوز دبي باستضافة معرض «وورلد اكسبو 2020» سيجلب استثمارات بمليارات الدولارات إلى الإمارة لكنه قد يكون نذيراً بتكرار دورة الازدهار ثم الانفجار مما كاد ان يتسبب في انهيار مالي قبل بضع سنوات.
ويذكر انه قبل نحو أربع سنوات كادت الامارة التي يسكنها 2،2 مليون نسمة تعجز عن سداد ديونها بعد انفجار الفقاعة العقارية التي خفضت اسعار العقارات أكثر من 50 بالمئة بين 2008 و2010. والآن بدأ الازدهار في التجارة والسياحة والقطاع المالي في إصلاح الأضرار، وتمتلك الإمارة مرة أخرى الموارد للتخطيط لمشروعات كبيرة. لكن بعض رجال الأعمال يخشون أن يصعب على الاقتصاد استيعاب الاستثمارات الاضافية الناجمة عن معرض اكسبو.
وساهمت الآمال في نجاح محاولة الفوز باستضافة المعرض بالفعل في إذكاء المضاربة في السوق العقارية حيث قفزت الأسعار حوالي 20 بالمئة خلال الشهور الاثني عشر الماضية في حين زاد مؤشر سوق الأسهم 79 في المئة هذا العام. وقد تبدأ زيادات كبيرة أخرى في إلحاق الضرر بالقدرة التنافسية لاقتصاد دبي من خلال رفع قاعدة التكلفة لديها وتضع الامارة على الطريق لانهيار ثان في المستقبل.
وقال سايمون وليامز كبير خبراء الشرق الأوسط في اتش.اس.بي.سي: «إن المعرض يرمز بقوة إلى أن دبي تضع انهيار 2009 خلف ظهرها وأن العالم يدرك متانة استقرارها السياسي واقتصادها الحقيقي المفتوح الذي يعتمد على التصدير». لكنه أضاف ان «التحدي الرئيسي الذي يواجهه صناع السياسة حالياً ليس توليد النمو وإنما إدارته وضمان استدامته وتوازنه. ستحدد القرارات بخصوص السياسة خلال الشهور الاثني عشر المقبلة مدى النجاح الذي ستحققه دبي في تفادي تكرار دورة الازدهار ثم الانفجار في المستقبل».
25 ملييون زائر
ونظراً لقلة عدد سكان الامارة فقد يكون تأثير المعرض عليها أكبر من أغلب المناطق الأخرى. وتعتقد الحكومة أن المعرض سيجذب أكثر من 25 مليون زائر، 70 بالمئة منهم من خارج الامارات ويوفر 277 ألف وظيفة وهذا الرقم يقترب من رقم الوظائف الذي سجلته الصين من استضافتها للإكسبو والذي بلغ 600 ألف وظيفة.
وسيتم بناء مركز ضخم للمعارض على موقع المعرض الذي تبلغ مساحته 438 هكتاراً إلى جانب عشرات الآلاف من الغرف الفندقية الجديدة كما سيتم تمديد خط مترو دبي.
وتتوقع الحكومة أن يبلغ الانفاق الاجمالي على البنية التحتية نحو 6،8 مليار دولار في حين تشير تقديرات اتش.اس.بي.سي إلى أن النفقات الاجمالية المرتبطة بالمعرض بما فيها مشروعات القطاع الخاص قد تصل إلى 18،3 مليار دولار.
ويبدو من الممكن بالنسبة لاقتصاد دبي الذي يبلغ حجمه 90 مليار دولار إدارة تلك الأرقام التي توزع على سبع سنوات لكنها تأتي عقب مشروعات ضخمة أعلنتها شركات تطوير عقاري بالامارة في العام الماضي ومنها محاكاة لتاج محل ومنطقة سكنية فيها هرم ضخم.
وتوقع ألان روبرتسون الرئيس التنفيذي لعمليات شركة جونز لانغ لاسال للاستشارات العقارية التي قدمت المشورة لدبي بخصوص عرض استضافة المعرض زيادة الاهتمام بالعقارات. وقال: «في حين ان المعرض سيدر فوائد طويلة الأجل لاقتصاد دبي والسوق العقارية، ينبغي إدارة التأثير في المدى القصير بعناية لتجنب تحول الدعم الحتمي للمعنويات إلى نمو مفرط في الأسعار أو عمليات تطوير زائدة عن الحد».
وتفتقر دبي أيضاً الى الثروة النفطية والاحتياطات المالية الكبيرة ومن ثم يبدو أن الكيانات المرتبطة بالحكومة ستمول أغلب الأعمال المتعلقة بالمعرض بواسطة قروض مصرفية. وأشارت كابيتال ايكونيمكس في لندن إلى أن الاقتراض الكبير من جانب تلك الكيانات – التي تعادل ديونها بالفعل نحو 90 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي للامارة – كان سبباً أصلياً في أزمة 2009. لكن السلطات كانت قد اكدت بأنها اتخذت خطوات للحد من المخاطر.
الأسباب العشرة لاهتمام العالم بـ «اكسبو 2020»
يعتبر معرض إكسبو، الحدث العالمي الأقدم والأكبر في العالم، إذ بدأ في العاصمة البريطانية لندن في العام 1851، تحت اسم «المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم» كإحدى الفعاليات المتميزة التي ترمي إلى تعزيز العلاقات الدولية، والاحتفاء بالتنوع الثقافي، وتقدير الإبداعات التكنولوجية.
ويشارك في المعرض حوالي 166 دولة، حيث تتمتع كل منها بجناح خاص، تعرض فيه منتجاتها وخدماتها. وهو يستقطب ملايين الزوار القادمين لاستكشاف الأجنحة والفعاليات الثقافية التي ينظمها مئات المشاركين بما في ذلك الحكومات، والمنظمات الدولية، والشركات.
وفي ما يلي 10 معلومات توضح أهمية استضافة معرض «إكسبو 2020» واعتباره حدثاً مهماً يستحق الهالة الإعلامية التي تحوط به حسب شبكة «سي إن إن» الإخبارية:
1- وفقاً لمنظمي المعرض العريق فإنه يعد فرصة للمجتمع العالمي لاكتشاف الحلول المبتكرة لتلبية ثلاثة عوامل تعدّ محرك التنمية في العالم ، وهي: الاستدامة مصدر دائم للطاقة والمياه والتنقل وتحقيق النمو الاقتصادي.
2- تعود فكرة إطلاق أول إكسبو عالمي إلى الأمير ألبرت زوج الملكة فكتوريا في عام 1851، وتم التركيز خلاله على عرض الابتكارات والاكتشافات وعروض ثقافية ما حوله إلى مهرجان ضخم.
3- أُسس في باريس في 1928 مكتب المعارض الدولية، وتوسع ليضم 167 دولة ويتولى مسؤولية اختيار المدينة التي تتولى التنظيم.
4- منذ عام 1995، أصبح تنظيم معرض إكسبو كل 5 سنوات ويستمر لمدة ستة أشهر، وتحول وفقاً للمشرفين إلى مناسبة ترسم «فترة مقبلة من الحضارة الإنسانية».
5- منذ «معرض لندن العظيم» عام 1851، أصبحت هذه المناسبة فرصة لعرض آخر تقاليد الإبداع والابتكار التي شكّلت علامات راسخة في حضارة الإنسان.
6- شعار أول دورة كان «المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم»، وشهد حضور 6 ملايين شخص، وانعكست أهميته في استخدام مداخيله المالية لتمويل بناء متحف فيكتوريا وألبرت.
7- يعدّ «برج إيفل» واحداً من أبرز نتائج المعرض حيث تم تشييده ليكون بمثابة مدخل إلى «معرض إكسبو 1889» في باريس.
8- خلال «معرض إكسبو الدولي» في الولايات المتحدة الأميركية عام 1876، تمّ عرض أول جهاز هاتف، وصلصة طماطم هاينز.
9- تنظيمه مهم للاقتصاد العالمي، إذ حوّل منطقة الصناعات الثقيلة إلى قلب نابض للاقتصاد في العالم، واهتم به نحو 73 مليون شخص.
10- المعرض المقبل ستنظمه ميلانو الإيطالية عام 2015 وستشارك فيه 120 دولة ومن المتوقع أن يستقطب 21 مليون زائر وتعول عليه إيطاليا للتعافي اقتصادياً من أزمتها العميقة.