لبنان في مناقشات القمة السعودية – القطرية – الكويتية
فجأة، وبدون اية ترتيبات معلنة، وصل كل من امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر، وامير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الى العاصمة السعودية الرياض، والتقيا مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في قمة اثارت اهتمام المتابعين في كل انحاء العالم.
القمة التي امتدت لساعات قليلة فقط، كانت اجندتها غنية بالمواضيع، وكانت حافلة بالمضامين الكبيرة والمتعلقة بمجمل التطورات التي تشهدها المنطقة، وفي مقدمتها ملفا سوريا، والمفاوضات النووية الايرانية – الغربية، والتي اسفرت لاحقاً عن اتفاقات محددة كان السفير السعودي في لندن، الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز قد استهجنها، حيث اعتبر اندفاع أميركا لضم طهران ضمن تحرك لإعادة تقويم واسعة للسياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، بالأمر الغامض.
وحمّل سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة، دول الغرب المسؤولية عن تبعات ما وصفها بـ «الصفقة» التي تتم بين الغرب وإيران حول الملف النووي وأوضاع المنطقة.
هذه التأكيدات، وما يجري التصريح والتلميح عنه ضمن المنظومة الخليجية، وجه انظار المحللين نحو هذا الملف كواحد من ابرز الاهتمامات الخليجية، وبالتالي احد ابرز مواضيع القمة الثلاثية التي استضافها خادم الحرمين الشريفين في العاصمة الرياض.
المتابعون لمجريات القمة يحددون اجندتها بكم من الملفات الساخنة، وفي مقدمتها تطورات الموضوع السوري، خصوصاً الموقف الغربي من هذه التطورات، وما يجري في منطقة القلمون، حيث المعركة الفاصلة، وحاجة المعارضة الى الدعم.
وفي مسار آخر، تطورات الموقف في لبنان والتي يعتقد انها باتت تشكل امتداداً لتلك التطورات، ونتيجة حتمية لعناصر الازمة السورية بكل تفاصيلها.
التقارب الاميركي – الايراني
اما العنوان الرئيس فتمثل بتطورات الموقف الاميركي من كل تلك الملفات، وصولاً الى التقارب الايراني – الاميركي الذي تعتقد دول الخليج العربي انه سيكون على حساب المنطقة وامنها. والى جانب ذلك كيفية التعاطي الخليجي مع تلك التطورات وصولاً الى تنسيق عالي المستوى، وترميم لما اصاب العلاقات البينية الخليجة من خلل بات من الضروري ترميمه وصولاً الى موقف اكثر متانة وقوة لمواجهة التطورات.
وفي المقدمة ايضاً، ما اصاب العلاقات السعودية – القطرية من «احتقان» ابان فترة حكم الشيخ حمد، وقبيل تسلم الامير تميم مقاليد الحكم، حيث يشير بعض المصادر الى ان امير الكويت الشيخ صباح يقود مشروعاً لتصفية اية خلافات في وجهات النظر بين الدولتين، وصولاً الى موقف موحد من شأنه ان يكون فاعلاً في التعاطي مع التطورات التي يجمع الخليجيون على اعتبارها على درجة كبيرة من الحساسية.
الشيخان الصباح وتميم سبق ان عقدا جلسة مصالحة قبل اسبوعين، حيث ابتدأ الامير القطري جولته الخليجية بالعاصمة الكويتية، وانهى ازمة كانت قائمة بين البلدين.
وبحسب تقارير غير مؤكدة حتى اللحظة، يحاول الشيخ تميم تغيير سياسة بلاده التي كانت سائدة ابان فترة حكم والده، لكنه لا يريد ان يبدو التغيير وكأنه نوع من الانقلاب. وبالتالي هناك رغبة في التدرج بتغيير الموقف وصولاً الى اعادة الزخم للعمل الخليجي المشترك في ما يخص الملفات الخارجية. وفي الوقت نفسه هناك عقبات تحول دون قيامه بتلك التغييرات بشكل سريع. ابرزها الاتفاقات التي كان والده الشيخ حمد قد ابرمها مع اطراف اخرى والتي تضيق من بعض هوامش قدرته على الحركة، وتظهر نوعاً من عدم التناغم بين الموقف القطري والموقف الخليجي عموماً. ومن ذلك – على سبيل المثال – الموقف من التطورات التي تشهدها الساحة المصرية، حيث تقف قطر مع الرئيس المقال محمد مرسي، بينما تدعم الدول الخليجية كافة النظام الجديد. وعلى العكس من ذلك الموقف من الازمة السورية حيث تقف قطر مع الدول الخليجية الاخرى في الخندق عينه.
وفي هذا السياق، نقلت مصادر إعلامية قطرية أن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كان قد تلقّى اتصالاً هاتفياً – الجمعة – من أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وهو الاتصال الثاني خلال أقل من 48 ساعة. وقالت وكالة الأنباء القطرية الرسمية، إن الاتصال الهاتفي الذي تم بين الجانبين جرى خلاله بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وبحسب تحليلات سياسية – جاء الاتصالان الهاتفيان بين أميري قطر والكويت، ثم القمة الثلاثية – في اليوم التالي – في الرياض، والتي جمعت الزعماء الثلاثة في ظل الحديث عن خلاف وانقسام بين دول الخليج حول الملف المصري، ولا سيما بين السعودية – المؤيدة للسلطات الحالية في مصر-، وقطر – الداعمة للرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين-، وهو الانقسام الذي لم يعرف بعد إلى أي مدى سيكون تأثيره على أركان مجلس التعاون الخليجي، في ظل محاولات عدد من تلك الدول، ولا سيما الكويت، التي ستستضيف القمة الخليجية المرتقب عقدها في كانون الأول المقبل (ديسمبر)، لمحاولة رأب هذا الصدع. وسط معلومات عن عدم ممانعة قطرية في تعديل مواقفها في ما يخص الموضوع المصري. والتنسيق مع المملكة ومنظومة التعاون الخليجي في ما يتعلق بـ «النووي الايراني» والتقارب الاميركي – الايراني.
وفي هذا الصدد اشارت تقارير صحافية الى أن القيادة القطرية الجديدة، عرضت أن تتولى ضخ المزيد من الأموال لدعم الاقتصاد المصري دون أية شروط أو فوائد، كما تعهدت بوقف دعمها للإخوان المسلمين.
وقف التحريض
ونقلت التقارير عن مصادر في الكويت إن الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور أكد في آخر زيارة له إلى الكويت، أن بلاده تطلب من الدوحة وقف التحريض الإعلامي الذي تقوده قناة الجزيرة ضد مصر، معتبرة ان ذلك التحريض يؤثر على صورتها الخارجية ويغذي ما وصفته بـ «العمليات الإرهابية». وطالب عدلي منصور من الوسطاء الكويتيين الذين فاتحوه بخصوص إعادة الدفء إلى العلاقة بين القاهرة والدوحة، بأن يشمل وقف التحريض توقف القناة عن تقديم الفتاوى التي يطلقها الداعية يوسف القرضاوي من العاصمة القطرية، والتي تحرض على العنف، وترتقي الى مستوى الدعوة الى «الجهاد» ضد نظام الحكم المؤقت هناك. ما يوهم باعطاء المشروعية الدينية للمتطرفين لمواصلة التفجيرات والاغتيالات. الى ذلك، تعهدت القيادة القطرية الجديدة بأن تدعم الدور السعودي في سوريا بالكامل، وأن توقف أية علاقة لها مع المجموعات المتشددة الناشطة في سوريا، والتي تعمل على تحويل وجهة الصراع ضد النظام إلى حرب أهلية لاعتبارات دينية وطائفية. كما وافقت على أن تتولى السعودية مهمة التنسيق بين المعارضة والدول الغربية المؤثرة في الملف السوري.
الرياض – «الاسبوع العربي»