حين يُصبح القدّ المياس في ذمة «اليويو»!
نازل طالع، نازل طالع، نازل طالع… مثل اليويو! هي لعبة، وهو الوزن. هي نلعب بها وهو يلعب بنا. هو يُقاس بالكيلوغرامات وهي تُقاس بالاتقان. هي فيها تحدٍ وهو فيه تحدٍ! والتحدي، فيها وفيه، يُقاسان بارادة الفرد وقدرته على المثابرة، هنا وهناك، حتى النهاية! لعبتم اليويو وأنتم صغار؟ وزنكم يلعب مثل اليويو وأنتم تكبرون؟ اليكم سرّ اللعبة…
نتعامل مع الميزان كمن يتعامل مع أمر محرم! ننظر يميناً ويساراً وحين نتأكد أن لا أحد يسترق النظر إلينا نصعد عليه، ننظر الى الرقم، نرفع قدماً، نلوي أخرى، نحاول أن نُخفف من ثقل الوزن عليه. عبثاً! الرقم عالٍ! لم يرنا أحد. ننزل بسرعة. قطوع ومرّ! نُقرر أن نخضع الى نظام غذائي قاس. نأكل وجبة إلا! أسبوع الى عشرة أيام، نخسر ثلاثة الى أربعة كيلوغرامات. نرتدي الثوب الجميل. نفرح. أسبوع الى عشرة أيام ونعود و«نخبص» بالأكل! أسبوع، اثنان، ونستعيد ما خسرناه وهكذا: طالع نازل، نازل طالع، مثل اليويو!
ماذا نفعل بأنفسنا؟ نغمض عيوننا ونتابع «اليويو» أم نفتح عيوننا ونرسو عند وزن مثالي أو واقعي؟
ممنوع و… مسموح
نكذب على أنفسنا إذا قلنا أن الوزن المثالي ليس هاجساً عندنا! كلنا، كل النساء، يحلمن بقدٍّ مياس ممشوق مثل قصبة الخيزران. وكلنا، كل النساء، خضعن أقله مرة في العمر الى نظام غذائي ما! فهل نحن نُخطىء في حق أنفسنا؟ هل نحن من يهتم بكل شيء، كل كل شيء، إلا بطبيعة الغذاء؟ ألسنا نحن، بكلام آخر، من نحذف ساعة نشاء وجبات أساسية ونزيد حين نشاء وجبات غذائية؟
لنحسمها منذ البداية: ممنوع حذف وجبة أو اثنتين من وجبات الطعام. الوجبات الثلاث ضرورية وسناك بعد الظهر أيضاً يفيد. اختصاصية التغذية كريستيل باشي جدعون تشدد على هذا وتقول: المناقيش تضر. المنقوشة الواحدة تعادل أربع قبعات خبز متوسط قمحة كاملة. فهل تستطيعون تناول أربع قبعات؟ طبعاً لا، بينما تستطيعون أن تأكلوا بدل المنقوشة اثنتين! ماذا يعني هذا؟ يعني أن تبتعدوا قدر ما تستطيعون عن تناول المناقيش. نبقى في المناقيش لنشير الى أن منقوشة الجبنة تحوي على 600 سعرة حرارية بينما سندويش اللبنة يحوي 170 سعرة حرارية فقط. ولكم طبعاً أن تختاروا بين الإثنين!
تريدون شرب القهوة؟ افعلوا فالقهوة التركية المرة تحوي سعرة حرارية واحدة بينما كوب النيسكافيه، ثلاثة في واحد، يحوي تسعين سعرة حرارية. تحبون تناول البطاطا الجاهزة؟ لايت؟ النتيجة تقريباً ذاتها فكيس البطاطا، سعة مئة غرام، يضم 559 سعرة حرارية بينما سعرات الكمية ذاتها من البطاطا اللايت تصل الى 502 وحدة حرارية! والدهون في العادية 38،4 غرامات بينما هي في اللايت 26،1 غرام! ويخبروننا عن اللايت! نأكل السكر الأبيض أم الأسمر؟ السعرات الحرارية ذاتها موجودة، لمعلوماتكم، في النوعين. خمسة غرامات من السكر الأبيض أو من السكر الأسمر تحوي 19 سعرة حرارية.
دوامة اليويو
هل «اليويو» سببه لغط في المعلومات أم سوء في التعامل مع هذه المعلومات؟
ريجيم اليويو سببه الخلل العشوائي الذي نمارسه في كليهما، فنعيش على اللبن مثلاً أو على التفاح مدة أسبوع كامل، فنخسر المياه والعضل، وطبيعي أن نخسر، في هكذا أسلوب، الوزن لكن لا يلبث الجسم، الذي يشعر بالتغيير القاسي، أن يحتفظ بمؤونته في خزائنه الدهنية فلا يعود يحرق الطاقة ويُصبح أمر خسارة الوزن صعباً جداً إذا لم يكن مستحيلاً، وحينها، أمام هذا الواقع الجديد، نعود لنأكل ما لذ وطاب انتقاماً من أجسامنا فنستعيد ما سبق وخسرناه وفوقه كيلوغرامين أو ثلاثة! وهكذا دواليك نصبح في دوامة اليويو!
الرجال يعتقدون أن أقصى أحلام المرأة أن تجد فارسها الآتي على حصان أبيض بينما كثير من النساء يصححن: أقصى أحلامنا أن نأكل ونأكل من دون أن نسمن!
أضرار ريجيم اليويو ليست شكلية فقط بل لليويو مخاطر جسدية أيضاً خصوصاً عند النساء المتقدمات في العمر، اللواتي بلغن سن انقطاع الطمث، فقد يتسبب التغيير المتكرر في أوزانهن في ارتفاع خطر أصابتهن بأمراض القلب.
ما يجهله كثيرون هو أن نسبة العضل هي من أهم العوامل التي تساعد على حرق الطاقة والدهون، وبما أن الحمية العشوائية تؤدي الى خسارة العضل، فهذا يعني أنه مع كل حمية وتغيير في الوزن، صعوداً ونزولاً، تخف فعالية حرق الطاقة في الجسم، بسبب خسارة نسبة من العضل، ما يتسبب طبعاً ببطء عملية الحرق أكثر فأكثر.
والحل؟
يكمن الحلّ في عدم صدم الجسم بحمية صارمة بهدف تحقيق خسارة سريعة في الوزن! يفترض أن يكون أي ريجيم غذائي متوازناً بالوحدات الحرارية، قليل الدهون وغني بالألياف، ويفترض لتعزيز عملية حرق الطاقة تناول وجبة طعام أو سناك كل ثلاث ساعات. ويفترض ألا ننسى أبداً أن تناول نوع واحد من الطعام يومياً، أو لمدة ثلاثة أيام متواصلة، كما يفعل البعض غير مستحب، لأنه لا يوجد نوع واحد من الطعام يحوي كل العناصر الغذائية التي يحتاج إليها الجسم يومياً. ناهيك عن أن التنوع يبعد الضجر. وبالتالي فلنرض بخسارة متواضعة، نصف كيلوغرام الى كيلوغرام واحد في الأسبوع، عوض أن نخسر ثلاثة وأربعة ولا نلبث أن نستعيدها!
كثيرات هن اللواتي يعانين من ريجيم اليويو. كيث وينسلت، الممثلة البريطانية، مثال، فقد نزل وزنها يوم شاركت في فيلم تايتانيك الى 59 كيلوغراماً، وكان قبلها بأشهر قليلة نحو ثمانين! وما إن انتهت من تايتانيك حتى عادت واستعادت الوزن الذي خسرته وما لبثت أن عادت وفقدته… وهكذا دواليك نازل طالع مثل اليويو! وزن جنيفر لوبيز يتأرجح أيضاً زيادة ونقصاناً!
اليويو إذاً ليس نظاماً غذائياً بل هو حمية غير مستقرة، عبثية، تضرّ بدل أن تنفع. إنه بكلام آخر مثل الموج، مدّ وجزر ولا ركون على شاطىء الأمان!
تعشقون لعبة اليويو؟ ممتاز… تعيشون ريجيم اليويو؟ أنتم إذاً في الدائرة المفتوحة على أمراض وعثرات وتوترات وعدم رضى هائل عن النفس واللاإستقرار!
نوال نصر