جدة: قمة سعودية – اردنية – اماراتية تنسق المواقف ازاء قضايا المنطقة
مع ان البيان الذي صدر عن القمة الثلاثية التي استضافتها مدينة جدة السعودية الاسبوع الفائت كان مقتضباً واقتصر على الاشارة الى «تطورات المنطقة»، الا ان المتابعين يؤكدون انها قد تكون الاكثر اهمية من بين اللقاءات التي تشهدها عواصم عديدة في المنطقة وغيرها. القمة كانت ثلاثية، وشارك فيها كل من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني وولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد. اما ملفاتها فكانت متعددة وطروحاتها معمقة وتناولت العديد من القضايا الخاصة بالمنطقة والتي تمتد تأثيراتها وانعكاساتها الى اكثر من مكان.
يمكن هنا التوقف عند ملفات كل من سوريا، ومصر، وعملية السلام باعتبارها الاكثر حضوراً ليس على الساحة العربية فحسب، وانما ايضاً على الساحتين الاقليمية والدولية والتي تمتد تأثيراتها الى امن دول المنطقة مباشرة.
مشاركة ثلاثية لافتة
اللافت هنا ان القمة التي جرى التنسيق بخصوصها بين الدول الثلاث، شارك فيها مسؤولون امنيون من الدول الثلاث، ما دفع بالمحللين الى التأكيد على البعد الامني الذي يخص المنطقة ككل، وكذلك التنسيق الامني بين الدول الثلاث، سواء في ما يتعلق بتبادل المعلومات، او التنسيق في ما يخص التطورات التي يمكن ان تكون لها انعكاسات على المنطقة ككل وعلى الدول الثلاث، والتي يعتقد محللون انها مستهدفة من قبل تنظيمات متطرفة جرى تفكيك بعض منها، ويعتقد ان بعضها الاخر ما زال يحاول تنفيذ مخططاته باستهداف امنها.
ويستذكر المحللون ما حدث قبل اشهر عدة عندما فككت دولة الامارات العربية المتحدة تنظيماً «اخوانياً» مدعوماً من قبل الاخوان ويستذكرون ما يجري في اكثر من مكان واحتمالية تأثيره على امن هذه الدول.
ولفتت الانتباه مشاركة كل من الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز، رئيس الاستخبارات العامة الأمين العام لمجلس الأمن الوطني السعودي، والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، والأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع. ومن الجانب الاردني مدير المخابرات الأردنية الفريق أول فيصل الشوبكي، بينما شارك من الجانب الاماراتي الشيخ محمد بن زايد الذي يشغل منصباً عسكرياً رفيعاً، اضافة الى موقعه السياسي. وحضر معه عدد من المسؤولين الامنيين الامر الذي فسر بانه تعاط مع الخصوصية الأمنية العالية التي تم عرضها لجهة التطورات السورية وغيرها من المعطيات. المدققون في تفاصيل المشهد يتوقفون عند التنسيق الثلاثي بين السعودية والاردن والامارات ، وفي الوقت نفسه فإنهم يرون ان ذلك التنسيق لا يمكن وصفه بـ «المحور» بحكم ان هذه الدول ترفض سياسة المحاور والاحلاف. لكنها ترى ان من مصلحتها ومصلحة المنطقة ككل التنسيق وصولاً الى اتخاذ مواقف محددة من كل ما يجري، وبحيث يتكامل جهدها في دفع البلاء عن المنطقة، ونصرة الشعوب المتضررة وفي مقدمتها الشعب السوري الذي ما زال يعاني من كم من المآسي، بينما يسود اعتقاد بأن التطورات التي يشهدها الملف غير منصفة له وترفع من منسوب معاناته.
نقاش حول «جنيف – 2»
يبدو ان النقاش قد توقف عند مؤتمر «جنيف – 2» الذي يجري الترتيب لعقده، والذي يقوم على فكرة الحل السياسي للازمة. بينما تفاصيله تؤشر على تراجع حظوظ المعارضة في الحصول على القوة المناسبة التي من شأنها ان تحفظ التوازن مع النظام.
وبحسب مصادر متابعة للقمة الثلاثية السعودية – الأردنية – الإماراتية فإن أقطابها استعرضوا التجهيزات الدولية لعقد مؤتمر «جنيف – 2» مع إصرارهم على العمل لتوحيد فصائل المعارضة وحثها على المشاركة في المؤتمر استناداً إلى ما كان دعا إليه مؤتمر «جنيف – 1» بوجوب تشكيل حكومة انتقالية باتفاق بين الجانبين (النظام والمعارضة) بصرف النظر عن هوية الطرف المتفوق على الأرض. وفي مسار آخر، هناك تقارير تتحدث عن فهم مغلوط للمؤتمر، سواء بالنسبة لدول الغرب او حتى للنظام السوري، وسط خشية من ان يتعمق ذلك الفهم المغلوط لفرض حلول غير ملائمة ولا تفضي الى انهاء الازمة وحلها من جذورها.
فالدول الثلاث تناصر الحل السياسي وتدعمه، ولكن ضمن ثوابت من شأنها ان تدفع بقدر من العدالة الى واجهة الطروحات. وبالتالي فالقضية تشكل محوراً مهماً من محاور النقاش على اجندة القمة الثلاثية. اما في البعد الاخر، فقد جرى التركيز على الملف المصري وتطوراته، خصوصاً دعم خيارات الشعب المصري، وصولاً الى مسيرة ديمقراطية تتخلص من نظام الحزب الواحد الذي حاولت جماعة الاخوان المسلمين تكريسه.
ومن جهة ثانية، علم أن العاهل الأردني وولي عهد ابوظبي أيدا موقف المملكة العربية السعودية من رفض المقعد غير الدائم في مجلس الأمن، لكنهما حثا المملكة على إعادة النظر في الموقف استناداً لرغبة عربية.
وكانت المجموعة العربية دعت المملكة العربية السعودية إلى إعادة النظر في قرارها بعدم قبول مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي، احتجاجاً على إخفاق المجلس في إنهاء الحرب في سوريا والتعامل مع غيرها من قضايا الشرق الأوسط.
وقالت المجموعة في بيان لها: «مع تفهمنا واحترامنا للأشقاء في المملكة، إلا أننا نتمنى عليهم وهم خير من يمثل الأمتين العربية والإسلامية في هذه المرحلة الدقيقة والتاريخية، خصوصاً بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، أن يحافظوا على عضويتهم في مجلس الأمن، من أجل مواصلة دورهم المبدئي والشجاع في الدفاع عن قضايانا وتحديداً من على منبر مجلس الأمن».
وعلى صعيد آخر، أعرب خادم الحرمين الشريفين والعاهل الأردني وولي عهد أبو ظبي عن اعتزازهم بالمستوى المتقدم الذي وصلت إليه العلاقات بين بلدانهم، مؤكدين الحرص على تعزيزها في مختلف المجالات، وبما ينعكس إيجاباً على المصالح المشتركة. وجرى خلال المباحثات استعراض سبل تعزيز التضامن والعمل العربي المشترك خدمة للشعوب العربية وقضاياها، إضافة إلى التطورات التي تشهدها المنطقة.
وكانت المملكة العربية السعودية قد اصدرت بياناً حول القمة قالت فيه: ان مدينة جدة استضافت قمة ثلاثية بين العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبد العزيز وملك الأردن، الملك عبدالله الثاني، وولي عهد إمارة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد، واكتفت الرياض بإعلان أنها شهدت مباحثات حول تطورات المنطقة. وقالت وكالة الأنباء السعودية إن العاهل السعودي استقبل في قصره بجدة، ملك الأردن وولي عهد أبوظبي، وجرى خلال اللقاء: «بحث مجمل الأحداث والتطورات التي تشهدها الساحات الإسلامية والعربية والدولية إضافة إلى آفاق التعاون بين البلدان الشقيقة» دون تقديم المزيد من التفاصيل.
جدة – «الاسبوع العربي»