سياسة لبنانيةلبنانيات

الاحداث تتلاحق من الترسيم الى الموازنة والخلافات السياسية عاصفة والمنظومة لا تريد الانتخابات

هل يحمل هوكشتاين حلاً مقنعاً، فيسرع لبنان باستخراج ثروته النفطية وقد تأخر كثيراً

يشهد هذا الاسبوع محطات مهمة، ان على صعيد ثروة لبنان النفطية او على الصعيد الاقتصادي واقرار الموازنة العامة في صيغتها النهائية. فهل تسير الامور وفق مصلحة لبنان والشعب اللبناني، ام ان المناقشات ستعطي الاولوية لمصالح المنظومة الحاضرة ابداً لتحويل كل مسار نحو منافعها الخاصة؟
غداً الثلاثاء يصل الى بيروت آتياً من تل ابيب الموفد الاميركي آموس هوكشتاين، حاملاً الموقف الاسرائيلي من ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. فهل تكون المقترحات الاميركية عادلة وتراعي الحقوق اللبنانية التي تحاول الدولة العبرية الاعتداء عليها وقضمها، فيطوى هذا الملف؟ الجواب يتظهر بعد الكشف عما يحمله هوكشتاين. لقد حان الوقت ليستفيد لبنان من ثرواته النفطية، خصوصاً وانه يعاني من انهيار اقتصادي ومعيشي لا مثيل له. جميع دول المنطقة تستفيد من هذه الثروات الا لبنان الذي لم يباشر بعد بالعمل، وربما عائد ذلك الى ان عيون المنظومة على هذا الملف وكل طرف يسعى الى ان يستغل الفرصة للانقضاض على هذه الثروة وفق اساليب تتقنها المنظومة جيداً.
الحدث الثاني البارز هو مناقشة واقرار الموازنة العامة في جلسة تعقد يوم الخميس في القصر الجمهوري في بعبدا، بدون ادخال السلفة التي طلبها وزير الاقتصاد للكهرباء. وهنا لا بد من تسجيل موقف ايجابي للرئيس نجيب ميقاتي الذي رفض السلفة معلناً اما ان تكون هناك كهرباء دائمة واما لا تكون. فقوبل قراره بالترحيب والثناء. والغريب كيف ان وزارة الطاقة لا تخجل من طلب السلفة، بعد كل الانهيار الذي اوصلنا اليه نظام السلفات. فهدر اكثر من 45 مليار دولار الى ان وصلنا الى العتمة الشاملة، ولو انفق ربع المبلغ في طريقه الصحيح لكان لبنان ينعم اليوم بالكهرباء 24/24، كما هو حاصل في كل دول العالم. وقد طلبت الحكومة من وزير الطاقة اعداد خطة متكاملة لتأمين الكهرباء على مدى ساعات النهار والليل لمناقشتها في جلسة خاصة لمجلس الوزراء واقرارها واحالتها بمرسوم الى مجلس النواب. فعسى ان تأتى هذه السياسة ثمارها هذه المرة، خصوصاً وان هناك من يعمل للابقاء على نظام السلفات وهو لا يزال يطالب بها.
الحدث الاخر هو استمرار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي فهل تلبي الموازنة طلباته؟ ان ما بدأ يتسرب من هنا وهناك يوحي بان هذه الموازنة لا تتضمن اي اصلاحات تذكر، بل انها تغرق المواطنين بالضرائب والرسوم التي لا قدرة للشعب اللبناني المنهك والمدمر على تحملها وهي بعيدة عما يطلبه الصندوق لدعم لبنان والعمل على اعادة انهاض اقتصاده، ويقول الخبراء الاقتصاديون ان هذا البلد ليس بحاجة لا للتسول ولا لطلب الدعم لا من الصناديق والمؤسسات الدولية ولا من الدول الداعمة. فالمال الذي نهب واوصل الى هذه الحالة الكارثية كاف وحده لنهوض الاقتصاد والعودة الى ايام العز. ولكن اين هي الجهة المسؤولة القادرة على استعادة هذه الاموال من ناهبيها. ان قراراً بهذه الاهمية يحتاج الى ديكتاتور عادل وحازم، يفتح تحقيقاً جدياً في كل الملفات وبدقة متناهية، فيستعيد الاموال التي تقدر بمئات المليارات ويضع الناهبين في السجون. فهل هذا الشخص موجود؟ فكيف نطالب المنظومة بالعمل على استرجاع الاموال المنهوبة، هل هي قادرة على ذلك؟ وهل من المعقول ان تحاكم نفسها بنفسها. ان الاموال الضائعة التي افقرت لبنان، ليس الشعب اللبناني مسؤولاً عن ضياعها، بل هي المنظومة عينها التي بددت المليارات على فسادها وهدرها وصفقاتها المشبوهة. ولذلك فان الحديث عن استرجاع الاموال المنهوبة هو كلام في الهواء لا معنى له. وكذلك ما يقال ويحكى عن محاربة الفساد. حتى الاموال المهربة واستعادتها اسهل بكثير من الاموال المنهوبة، والمنظومة لا تعمل على استعادتها. بل تأتي اليوم وبالتعاون مع المصارف المسؤولة الاولى عن تبديد اموال الناس، لتحمل المودعين الخسائر التي تسببت بها الدولة والمصارف معاً. فيفقد السواد الاعظم من اللبنانيين جنى عمرهم ويغرقون في الفقر.
كل ذلك يجري امام اعين العالم، وامام الامم المتحدة المسؤولة الاولى عن حياة الشعوب. فهي ترى الشعب اللبناني يقتل ويدمر وهي تقف متفرجة، لا بل انها تعاقب لبنان، فتقع النتائج على رؤوس الشعب دون ان تطاول المنظومة باي اذى. الا اننا للامانة والحقيقة فان هذا الشعب المتخاذل هو المسؤول الاول عما يحل به. قلنا ذلك مراراً ونكرره اليوم، عله يستفيق من سباته العميق، فيعمل على استرجاع حقوقه المسلوبة، ويتصدى وبقوة للساعين اليوم الى نسف الانتخابات لمنع التغيير. فتصوروا ان مئات الاف اللبنانيين المغتربين تريد المنظومة حرمانهم من حقهم في اختيار مرشحيهم، وتعمل على وضعهم في قمقم الستة نواب وهو القرار المخالف للدستور. نعم لقد وصلنا الى هذا الحد من الانهيار والتطاول على الحقوق. وما كان ذلك ليتم لو كان هناك شعب يحمي حقوقه وينقذها من طمع الطامعين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق