رئيسي

بنغازي تدخل المرحلة «الاكثر عنفاً»، وحرائق النفط تخرج عن السيطرة

في تطورات متسارعة شهدتها الايام الاخيرة، ارتفعت دوامة العنف بشكل غير مسبوق في اكثر من مكان على الارض الليبية. الامر الذي دفع ببعض الدول الى مطالبة رعاياها بمغادرة البلاد. بينما ارتفعت وتيرة القتل والعنف بصورة قومها مراقبون بانها الاشد منذ اطاحة نظام الرئيس القذافي.

فقد قتل 38 شخصاً على الأقل واصيب اكثر من 50 شخصاً بجروح ليلة السبت – الاحد الفائتة، في اشتباكات عنيفة بين الجيش وكتائب مسلحة مكونة من ثوار سابقين بمدينة بنغازي.
وبحسب مصدر عسكري هاجمت كتائب مسلحة من الثوار السابقين مقر قيادة القوات الخاصة والصاعقة في منطقة بوعطني جنوب وسط مدينة بنغازي بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
وأضاف المصدر العسكري إن الهجوم الذي استمر حتى صباح الأحد كان يهدف للاستيلاء على المعسكر الذي يضم نخبة الجيش الليبي.
وأشار إلى أن عدداً من القتلى والجرحى في صفوف العسكريين سقطوا خلال دفاعهم عن المعسكر الذي يعد خط الدفاع الأخير عن مدينة بنغازي، لافتاً إلى أن «سقوطه يعد سقوطاً للمدينة في أيدي متشددين على حد وصفه».
وبحسب المصدر، تمكن هؤلاء الثوار السابقون والذين ينتمي معظمهم الى التيار الإسلامي من الاستيلاء على مقرات تابعة للجيش وللقوات الخاصة والصاعقة منذ أسبوع، ولم تتوقف هجماتهم منذ ذلك الحين.

قتلى وجرحى
من جهته قال مصدر طبي إن مركز بنغازي الطبي تلقى خلال الساعات الماضية جثث 28 شخصاً بينهم مدنيون وعسكريون إضافة إلى قرابة الخمسين جريحاً آخرين.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه ان «العسكريين قتلوا وأصيبوا خلال الاشتباكات في محيط معسكر القوات الخاصة فيما قتل عدد من المدنيين وجرح آخرون منهم جراء سقوط قذائف صاروخية عشوائية على منازلهم».
وقال مصدر طبي آخر من مستشفى مدينة المرج (100 كلم شرق بنغازي) إن «المستشفى تلقى قتيلين من الجيش اضافة الى عشرة جرحى سقطوا خلال الاشتباكات».
من جهة أخرى كشف مصدر من الثوار السابقين الذين شاركوا في إسقاط نظام معمر القذافي في العام 2011، واحتفظوا بسلاحهم منذ ذلك الحين في شكل كتائب مسلحة أن «ثمانية من الثوار قتلوا خلال اشتباكات السبت والأحد».
وكتائب الثوار السابقين في مدينة بنغازي أعلنت في 20 حزيران (يونيو) الماضي عن تأسيس «مجلس شورى ثوار بنغازي».

حريق خارج السيطرة
وفي الاثناء، اعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، ان الحريق الذي اشتعل في خزانين كبيرين للوقود في طرابلس بات «خارج السيطرة» بسبب المعارك التي تدور على مقربة منهما، داعية المجتمع الدولي الى المساعدة. وقال محمد الحراري المتحدث باسم المؤسسة ان رجال الاطفاء غادروا الموقع «نهائياً» والوضع بات «خارج السيطرة»، داعياً الى المساعدة الدولية. وطلبت الحكومة من جهتها من المواطنين المقيمين في شعاع من ثلاثة كيلومترات من موقع الحريق مغادرة منازلهم «على الفور».
واوضح الحراري ان بلداناً مثل ايطاليا واليونان مستعدة لارسال طائرات لمكافحة الحرائق لكنها اشترطت لذلك توقف المعارك بين الميليشيات المتنازعة. واضاف «حاولنا الاتصال بالجانبين لاقناعهما بوقف المعارك لكن من  دون جدوى». واكدت الحكومة من جهتها ان الحريق بات خارج السيطرة، داعية «المواطنين المقيمين في شعاع ثلاثة كيلومترات من مكان الحريق الى مغادرة منازلهم على الفور».
واندلع الحريق مساء الاحد في خزان يحوي اكثر من ستة ملايين ليتر من الوقود بعد ان اصيب بصاروخ. وتقع الخزانات على طريق المطار حيث تدور في محيطه معارك شرسة بين ميليشيات متنازعة منذ 13 تموز (يوليو). وتحتوي الخزانات مجتمعة اكثر من 90 مليون ليتر من الوقود، اضافة الى خزان للغاز المنزلي بحسب المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا. ويعمل رجال الاطفاء منذ مساء الاحد على اخماد النيران بوسائل محدودة. لكن المعارك التي تدور بالقرب من الموقع اضطرتهم الى مغادرة المكان مرات عدة. ودعت الحكومة مجددا في بيان الى «وقف اطلاق النار فوراً». وفي منتصف يوم الاثنين كانت الصواريخ لا تزال تسقط قرب الموقع.
وبثت التلفزيونات الليبية مساء الاحد نداءات الى السكان المقيمين على بعد 5 كلم في محيط الخزان لمغادرة المنطقة من اجل تجنب «انفجار هائل». وصرح المتحدث باسم المؤسسة النفطية الحكومية محمد الحراري «حاول رجال الاطفاء طوال ساعات اخماد النار بلا جدوى. في النهاية استنفدوا مخزونهم من المياه وغادروا المكان».

طلب مساعدة دولية
وكانت الحكومة اعلنت في بيان أنها طلبت «مساعدة دولية» مؤكدة أن «دولاً عدة اعربت عن الاستعداد لارسال طائرات» بحسب البيان. وفي طرابلس يخزن الوقود والغاز المنزلي في موقع واحد تديره شركة البريقة العامة المسؤولة عن توزيع مشتقات النفط والغاز.
وتقع خزانات الوقود والغاز على طريق المطار المغلق منذ 13 تموز (يوليو) الجاري بسبب اندلاع معارك عنيفة بين ميليشيات متناحرة.
وأعلن المتحدث ان الخزانات الموجودة في الموقع تحتوي مجتمعة على اكثر من 90 مليون لتر من الوقود. وحذر الحراري من كارثة طبيعية وانسانية اذا ما امتدت النيران الى خزانات اخرى ولا سيما الى خزان الغاز المنزلي.
وقال في تصريحات صحفية، «اذا حصل هذا الامر هناك خطر في حصول انفجار ضخم من شأنه أن يلحق اضراراً بمنطقة شعاعها يمتد لما بين 3 الى 5 كلم».                                 
ووسط اجواء العنف دعت بلدان اوروبية بينها بريطانيا والمانيا مواطنيها الى مغادرة ليبيا، حيث تمت مهاجمة موكب للسفارة البريطانية الاحد دون سقوط ضحايا.
وكانت الولايات المتحدة التي توجد سفارتها بطرابلس على طريق المطار، حيث تدور معارك، اخلت موظفيها الدبلوماسيين السبت براً تحت غطاء جوي.
وجاء على موقع وزارة الخارجية البريطانية الالكتروني في التوصيات الموجهة للمسافرين مساء السبت «بسبب كثافة المعارك في طرابلس وعدم الاستقرار في كل انحاء ليبيا، تحذر وزارة الخارجية من أي سفر الى ليبيا. وعلى الرعايا البريطانيين في ليبيا أن يغادروا الآن». واضافت ان «سفارة بريطانيا لا تزال مفتوحة لكن مع عدد قليل من الموظفين. إن قدرة السفارة على تقديم مساعدة قنصلية في ليبيا محدودة جداً».
ودعت برلين ايضاً الاحد كل رعاياها الى مغادرة ليبيا. وقالت وزارة الخارجية الالمانية إن «الوضع بالغ الغموض وغير مستقر». واضافت أن «الرعايا الالمان يواجهون خطر التعرض المتزايد للخطف والاعتداءات».
وكانت بلجيكا اوصت اعتبارًا من 16 تموز (يوليو) رعاياها بمغادرة ليبيا. كما اصدرت كل من تركيا واسبانيا ومالطا التوصيات نفسها. ونصحت دول اوروبية عدة رعاياها بتجنب السفر الى ليبيا مثل فرنسا والبرتغال والنمسا ورومانيا وسويسرا وهولندا والسويد والنروج والدنمارك وفنلندا.

نقص طبي
وازاء عمليات المغادرة هذه حذرت وزارة الصحة الليبية من نقص العاملين في المجال الطبي خصوصاً بعد اعلان الفليبين ترحيل مواطنيها وضمنهم ثلاثة آلاف طبيب وممرض. وعلاوة على انعدام الامن يواجه الاجانب وسكان طرابلس تدهوراً غير مسبوق في ظروف العيش مع تواتر انقطاع التيار الكهربائي والماء الصالح للشرب، اضافة الى نقص الوقود. الى ذلك، دعا زعيم حركة النهضة الاسلامية في تونس، الشيخ راشد الغنوشي، الفرقاء المتقاتلين في ليبيا إلى الجنوح إلى السلم وعقد مؤتمر حوار وطني.
ودعا الغنوشي الليبيين إلى «كف الدماء بين الإخوة الأشقاء والى اللجوء للحوار والتصالح الوطني »وفق ميزان الحق والعدل، «والتخلي عن كل نوازع الثأر والانتقام». وقال راشد الغنوشي زعيم «النهضة» التونسية، إن حزبه يتابع «بألم وانشغال شديدين ما يجري في ليبيا الشقيقة شرقاً وغرباً من احتدام للصراع ولجوء واسع إلى السلاح، سبيلاً خاطئاً وخطيراً لحسم الاختلاف بين الأشقاء، وهو وضع يمثل خطراً شديداً لا على القطر الشقيق وحسب، بل على جملة الإقليم، وبالخصوص على الجوار التونسي لما يربط بين البلدين من صلات الجوار ووشائج القربى والمصالح المشتركة».
ولمّح الغنوشي إلى قيامه بوساطة بين الميليشيات الليبية والسلطة المركزية الضعيفة في الأيام السابقة.
وتشير آخر الاحصائيات، الى مقتل أكثر من 97 شخصاً وأصابة 400 آخرين بجروح منذ بدء المعارك في 13 تموز (يوليو) بين مجموعات مسلحة متنافسة للسيطرة على مطار العاصمة الليبية طرابلس، كما أفادت حصيلة أعدتها وزارة الصحة.
وهذه الحصيلة تستند إلى تقارير من ثمانية مستشفيات عامة في طرابلس وضواحيها ولا تأخذ في الاعتبار الضحايا الذين عولجوا في مستشفيات ميدانية أو مدن أخرى.
وكانت آخر حصيلة تعود للعشرين من تموز (يوليو)، أشارت إلى مقتل 47 شخصاً وجرح 120.
وتقع مواجهات منذ 13 تموز (يوليو) بين مجموعات مسلحة متخاصمة بهدف السيطرة على مطار طرابلس في إطار صراع نفوذ سياسي وإقليمي.
وأعمال العنف هذه قد تغرق البلاد في الحرب الأهلية وخصوصا بسبب ضعف السلطات الانتقالية التي فشلت حتى الآن في بناء جيش وشرطة محترفين.

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق