معرض ماركو سيرافولو في بيروت رحلة «عصرية» عبر العصور
بتنظيم من السفارة الايطالية في لبنان والمعهد الثقافي الايطالي، وبالتعاون مع سوليدير، انطلق المعرض الفني الاول للفنان الايطالي ماركو سيرافولو في الشرق الأوسط من بيروت واكثر تحديداً من غاليري بياس اونيك في منطقة الصيفي وسط بيروت. معرض رائع امن للزوار رحلة استكشافية غنية عبر العصور القديمة والوسطى، عبر اطلالة مميزة على عصر النهضة الفنية في ايطاليا في عز القها الى جانب مشاهد من الطبيعة، ليلية وبحرية، بريشة معاصرة وبالوان واجواء شاعرية يسرح فيها الخيال. يتضمن المعرض 19 لوحة من الأحجام المتوسطة والكبيرة مرسومة على القماش نفذها الرسام بتقنيات ومواد مختلفة.
جولة على الاعمال المعروضة تظهر سريعاً تأثر ماركو سيرافولو بفناني ايطاليا، خصوصاً من عصر النهضة، من جيوتو الرسام والمهندس المعماري الايطالي الذي يعتبر من كبار الفنانين الذين ساهموا في النهضة الايطالية اواخر العصور الوسطى، الى بيارا دي لا فرنشسكا من عصر النهضة ايضاً الذي تميزت لوحاته باستخدام اشكال هندسية وادخال نظريات الهندسة والابعاد، وصولاً الى فناني القرن العشرين مثل الشهير ماريو سيروني وهو الرسام والنحات والمصمم الذي طرح نمطاً جديداً قريباً من الفن المستقبلي.
واننا حين نحكي عن تأثره بفناني عصر النهضة نقصد تقاسمه خصائص هذا الفن معهم مثل اعتماد البساطة في تفاصيل الصورة والعمق، حيث تزداد مساحة هذا العمق التي تقود النظر الى نقطة النهاية والاهتمام بشكل خاص بمعالجة الظل والضوء كما وبتعبيرات وجوه الاشخاص، وذلك يظهر من خلال لوحاته التي يطل عبرها على آلهة اليونان والرئيسات الرومانيات والاميرات الاتوريات. لكن اللافت ان كل ذلك يحدث باسلوب معاصر جداً.
ومما لا شك فيه ان ماركو سيرافولو اراد ان يضيء على قدرة النساء ويقدم اليهن اجمل تحية وهو على اي حال لم يخف اعجابه بالنساء اذ يقول: «انا مقتنع بأن النساء هن اللواتي يمسكن بزمام السلطة في الواقع».
انتقائية وابتكار
لكن وعلى الرغم من كون أعماله الأخيرة التي نحن في صددها مستوحاة من الفن الكلاسيكي وعصر النهضة الايطالية، يتميز الفنان الايطالي بأفكار غاية في الابتكار، اذ يبرهن من خلال مجموعته عن انتقائية استثنائية وتنوع كبير، كما يتضح من لوحاته المجازية التي تصوّر النساء العاريات. وفي حين بدا جلياً تكريمه لـجيوتو وبيارو ديلا فرنشيسكا كما اسلفنا من خلال هذه الأشكال الصامتة والأشكال الهندسية الواضحة، الا انها تبقى مطبوعة بالحداثة ويمكن القول انها تلقي بظلالها على الصورة التقليدية.
وبذلك أثبت ماركو سيرافولو قدرته على الانضمام إلى المفاهيم الشكلية خلال استكشافه الفضاء الأمامي. ولعل اكثر ما يجذب في لوحاته انها تخفي الكثير من الألغاز، حيث انه من خلال التمعّن فيها تبرز تدريجياً عناصرعديدة مخفية.
ونجد في معرضه من خلال المناظر الطبيعية التي قدمها ذاك الجمال الصامت ونعني أثر الإنسان اذ ان المشاهدات الليلية شيدت من الرمال البحرية والشاش والخيش والطلاء. اي ان هذه الاماكن الشاعرية الساحرة التي تغدو مرتعاً لخيال الزائر لا تعكس موقعاً او مكاناً محدداً من الواقع، لكنها ليست بعيدة او مختلفة جداً عن المناظر الطبيعية المألوفة.
من هو؟
ولد ماركو سيرافولو في بيرغامو (ايطاليا) في العام 1962. وتخرج كمهندس معماري من البوليتكنيك في ميلانو. بدأ في سن مبكرة جداً مشواره الفني. وفي العام 1977 أي في سن الـ 15، قام بتنظيم أول معرض فردي له في برغامو. وعلى مر السنين، أقام العديد من المعارض الأخرى، الشخصية والجماعية، على الصعيدين الوطني والعالمي، حيث لاقت إعجاب الجمهور وحصدت العديد من المقالات المادحة لعمله من النقاد الإيطاليين والأجانب. ومعروف عن مسيرته الفنية انها تطورّت مع الوقت وتحولت لوحاته من تجريدية في البدء إلى تصويرية مفضّلاً الطبيعة الصامتة والنساء العاريات وأخيراً المناظر الطبيعية.
كوثر حنبوري