اتفاق تحت التهديد يجمد الازمة السورية
مرة اخرى يتوقف العالم مع تطور جديد ومهم يتعلق بالملف السوري باطاره العام، وبالملف الكيميائي بشكل خاص. فقد حركت الاتفاقية التي تم التوصل اليها «اميركياً – روسياً»، والتي حظيت بموافقة سورية، وبصمت ايراني، الوضع من جديد، وسط حالة انقسامية حادة تجاوزت تقويم الاتفاقية، ودخلت في مجالات تحليلية محورها مدى نجاح او فشل ذلك المشروع في وقف الضربة، والغائها، وانعكاس ذلك على الملف السوري بشكل عام.
من حيث المبدأ، كان انقسام الشارع واضحاً، حيث التقى موقف المعارضة مع طروحات العديد من الدول. مقابل حالة من التفاؤل الحذر بنتائج التقارب الاميركي – الروسي في ما يتعلق بتعليق الضربة العسكرية على ارضية وضع السلاح الكيميائي السوري تحت رقابة واشراف الامم المتحدة، وبالتالي تدمير هذا السلاح ضمن برنامج زمني.
وهو الاطار العام الذي كان محل تشكيك من قبل بعض الدول، لكنه في الوقت نفسه محل تحوط اميركي حيث تمسكت الولايات المتحدة بابقاء القرار الذي سيحكم العملية تحت مظلة الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة في تنفيذه. ما يعني اولاً: ان قرار الضربة يبقى قائماً بصورة او بأخرى. وثانياً: ان الولايات المتحدة نجحت في انتزاع موافقة روسية (تراجعت عنها في ما بعد مما اثار الشكوك حول النوايا الروسية) على استخدام الفصل السابع في التعاطي مع الملف السوري. وهو الامر الذي كانت ترفضه روسيا وتهدد باستخدام الفيتو لاسقاطه. وثالثاً: ان الولايات المتحدة حققت ما تريد من مظلة شرعية لاي تحرك مستقبلاً ليس فقط في مجال الضربة المحدودة، وانما في اي ركن او جزئية من جزئيات الملف ككل.
وفي المقابل فقد حققت روسيا ما يمكن ان تفتخر به، خصوصاً تعليق الضربة او تأجيلها، مع ان دبلوماسيتها ترى ان الضربة ألغيت. وانها تصرفت بقدر كبير من الثقة بالموقف السوري، وبالالتزامات التي قطعها النظام بحسن تنفيذ الاتفاق، ما يمكن ان يؤدي الى حالة من ارضاء الغرور، وتقديم نفسها كفاعل رئيسي ومؤثر في الساحة الدولية. وفي الوقت نفسه توسيع دائرة المعنيين مباشرة بالملف، وعدم حصر المواجهة بين الجانبين السوري والاميركي، وعدم الاكتفاء بدور الرافض للاجراءات الاميركية.
غير انها في الوقت نفسه قدمت نفسها بصورة من تراجع عن موقف متشدد يناصر النظام السوري بشكل مطلق، ويبني استراتيجة المناصرة على فرضية تقول انه لا يدافع عن الرئيس وانما عن الدولة. في حين انه فعلاً يدافع عن النظام.
ثغرات عديدة
ويتوقف المحللون هنا عند ثغرات عديدة ابرزها تراجع ملحوظ عن بعض الثوابت ومنها اجازة استخدام الفصل السابع. ومن بعد ذلك تصريحات ايرانية يقال انها كانت جزءاً من «الصفقة» ككل، حيث نقل عن الرئيس الايراني الجديد ان بلاده لا تتمسك بالرئيس الاسد. ما يعني تحولاً لافتاً في سياسة ايران، وفي التحالف الايراني – الروسي الداعم لنظام الاسد.
وفي سياق المواقف، ابدت المملكة العربية السعودية موقفاً متشدداً من الازمة، ففي الوقت الذي لم تعلن عن اي موقف – مباشر – لها حيال المبادرة الروسية حول الاسلحة الكيميائية السورية والتي اسفرت عن اتفاق بين موسكو وواشنطن في جنيف، اعتبر مجلس الوزراء السعودي أن تعنت النظام السوري يصب في صالح المتطرفين.
وطالب المجلس بتعزيز الدعم للمعارضة وبعدم «اختزال» الازمة في جريمة استخدام الاسلحة الكيميائية. وافادت وكالة الانباء الرسمية ان مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز «جدد الدعوة للمجتمع الدولي بضرورة اتخاذ قرارات فاعلة لوقف القتال فوراً وتعزيز الدعم الدولي للمعارضة لتمكينها من مواجهة هجمات النظام الذي يصب تعنته في صالح الحركات المتطرفة».
واستعرض مجلس الوزراء السعودي آخر تطورات الوضع على الساحة السورية والمواقف والمبادرات الدولية بشأنها، وشدد على تأكيد عدم اختزال الازمة في تداعيات جريمة استخدام الاسلحة الكيميائية.
وضمن هذا السياق، يتوقف المدققون عند تشعبات عديدة محورها تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الاميركيين والروس، والذي جمد الازمة السورية عند نقطة معينة لكنه ابقاها تحت استحقاقات الضربة.
ابرز تلك التشعبات، انها ارضت بعض الاطراف، وزادت من حنق اطراف أخرى. وأقنعت البعض فيما اعتبرها البعض الآخر غير مقنعة. وبعثت الامل في نفوس البعض بقرب حل الازمة، ودفعت بآخرين الى التشاؤم.
الا ان المتناقضات بكل تفاصيلها شكلت لوحة من الامل، مفتاحها تعليق الضربة وكسب وقت اضافي لتحديد المسارب الاساسية للازمة، وفرصة اضافية للتعامل مع تقاطعاتها.
ولعل من ابرز ما يميز الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا، وباركه الزعيمان اوباما وبوتين، ووافقت عليه سوريا، انه اول توافق ايجابي على هذا المستوى منذ ان اندلعت الازمة قبل اكثر من عامين. وانها – بحسب ثعلب السياسة الاميركية هنري كسنجر – جاء في توقيت مثالي بخصوص الملف الكيميائي.
ومن ميزات الاتفاق انه استجاب لرغبات دولية بتجاوز الضربة وعدم تنفيذها، حيث تكشفت معطيات على درجة عالية من الخطورة، وتفضي الى قناعات بان تلك الضربة لن تخدم احداً، وان نتائجها السلبية قد تترك اثراً كبيراً والى امد طويل. وفي مقدمة تلك المعطيات التقارير التي تحدثت عن تركيبة المعارضة السورية، والثقل الذي يتمتع به الاسلاميون المتشددون، ونسبة تنظيم القاعدة بينهم.
الجهاديون والاسلاميون
فقد اكدت دراسة اجراها المعهد البريطاني للدفاع «آي. اتش. اس جينز» ان الجهاديين والاسلاميين المتشددين يشكلون تقريباً نصف عديد قوات المعارضة السورية البالغ حوالي مئة الف مقاتل. وان حوالي عشرة آلاف من هؤلاء هم جهاديون يقاتلون تحت ألوية جماعات مرتبطة بالقاعدة، في حين ان 30 الى 35 الفاً آخرين هم اسلاميون يقاتلون في اطار مجموعات مسلحة متشددة.
وبدا واضحاً ان تلك المعلومة التي سربتها المملكة المتحدة على نطاق ضيق جرى تفسيرها من زاوية ان الضربة – فيما لو نفذت – ستقدم دعماً غير مباشر لهذه القوة، ومن خلال اضعاف قوات النظام، الذي تجمع التقارير الامنية على ان الوقت لم يحن بعد لاقصائه، والذي يؤكد هنري كيسنجر ان الخروج الفوري للرئيس الأسد من السلطة قد يؤدي إلى فوضى، يراها المحللون ليست في صالح المنطقة ولا في صالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
في تلك الاثناء، بدا واضحاً ان حالة الارتياح التي سادت غالبية دول العالم على خلفية تعليق الضربة للنظام السوري، لم تفلح في اخفاء الشق الاخر من الحالة، والمتمثل بالانقسام في الرأي في ما يخص اهمية الاتفاق من جهة، والتوقعات المستقبلية من جهة اخرى.
فمن حيث الرأي، بدت واضحة حالة عدم الرضى على نطاق لا يستهان به، وعلى ارضية ان الاتفاق اجتزأ الموضوع الكيميائي، واغفل الركن الرئيسي من الملف، خصوصاً الحرب الدائرة، والتي تودي بحياة المئات يومياً. كما ان الاتفاق اغفل ملف القتلى الذين تشير معلومات رسمية الى ان عددهم تجاوز 120 الف قتيل، وسط تأكيدات بأن التفريق بين من مات بالكيميائي ومن مات بغيره يمكن ان يضعف القراءة لتفاصيل الملف. ويبعدها عن مضمونها الحقيقي.
وفي مقدمة المتحفظين على الاتفاق، المعارضة السورية التي كانت ترى في الضربة المنتظرة ما يمكنها من تعزيز نفوذها، مقابل اضعاف النظام. وهناك العديد من الدول التي ترى في الخطوة تأجيلاً للازمة وليس حلها.
وفي هذا الصدد، سارعت المعارضة السورية إلى رفض الاتفاق، مطالبة بتوسيع الحظر على الأسلحة الكيميائية ليشمل عناصر التفوق العسكري للنظام، لا سيما سلاح الجو والصواريخ.
وتعتقد المعارضة ان الاتفاق الروسي – الأميركي سيدفع بطرفي النزاع إلى مواقف اكثر تصلباً، وأن النظام سيصبح اكثر تشدداً لأنه يعتقد مع حليفه الإيراني أنه قادر على الحسم، والقوى الأخرى ستذهب اكثر نحو نهج جهادي مغلق.
وتشكو المعارضة من عدم وفاء الدول الغربية بوعودها بتسليمها اسلحة نوعية، وهو ما يقول الغربيون انه نتيجة تخوفهم من وقوع هذه الأسلحة في ايدي اسلاميين متطرفين.
وترى انه في حال لم يدعم المجتمع الدولي الجيش الحر والكتائب غير الجهادية تسليحياً سيقوى الجهاديون. وشككت المعارضة في منطقية الفرضية التي يتبناها العالم والتي تنطلق من التذرع بوجود الجهاديين لعدم التدخل او تقديم الدعم. وتشير في ادبياتها الى ذلك هو ما يشجع نمو الحالات المتطرفة.
وفي تفاصيل الاتفاق يرى المحللون ان التقاء المدة الزمنية المحددة للتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية مع انتهاء ولاية الرئيس بشار الأسد يجعل من الاتفاق نقطة مساومة على ترشح الأسد لولاية جديدة.
ويرى بعض رموز المعارضة انه عندما يتم منح الرئيس الاسد صلاحية تدمير الأسلحة الكيميائية، فهذا يعني بقاءه كمحاور للمجموعة الدولية ومنحه كسباً من ناحية المشروعية ليذهب إلى جنيف – 2 بصفة أقوى. وتبدي المعارضة تخوفها من ان يعمد النظام الى التفاوض على التمديد لولاية رئاسية جديدة مقابل تدمير الاسلحة الكيميائية.
«المفتاح الكيميائي»
وفي هذا السياق، يرى مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام ابو عبدالله ان «المفتاح الكيميائي» يمكن ان يكون السر الذي سيفتح كل الابواب المغلقة بما في ذلك اعادة الاعتراف بنظام الاسد، وبشرعنة العمل معه.
وبصورة غير مباشرة، هناك من يرى ان الرئيس الاسد كان اكبر المستفيدين من الاتفاق. وانه يستطيع ان يعظم من حجم استفادته من خلال بعض المعطيات:
اولها: قدرته على الانحناء امام العاصفة، وتكييف قراراته تبعاً لما يستجد من ظروف، ولكن في اللحظة المناسبة. وبالطريقة التي تقنع الطرف الاخر بانه لا يمانع في تقديم كل ما يطلب منه، وفي الالتزام بكل ما يتعهد به.
ثانيها: القناعة الدولية – تقريباً – بان الوقت غير ملائم لتغيير النظام، اما بحكم عدم جهوزية البديل، او لجهة ان النظام القائم يمكن ان يكون الاقل خطراً من البدائل المتاحة. وهذا ما يجري الحديث عنه علانية في ضوء تجذر التيارات المتطرفة ضمن البناء الهيكلي للمعارضة بشكل عام، وللمقاومة بشكل خاص.
ثالثها: قناعة غالبية الدول المحيطة بسوريا، وكلها من اصدقاء الولايات المتحدة بان تغيير النظام راهناً يأتي بسلبيات كثيرة تفوق اية ايجابيات يجري الحديث عنها. فباستثناء الجانب التركي الذي تشير تقارير الى انه يروج للتغيير من زاوية الترويج لنظامه، والرغبة في استثمار ما يحدث لبناء نظام يتحالف معه على قاعدة المصالح المشتركة وصولاً الى نظام «العثمانيين الجدد»، تجمع الدول الاخرى ومنها الاردن والعراق واسرائيل على ان البديل سيكون صعباً.
الفرضية التي تتحدث عن ان الرئيس الاسد سيكون اكبر المستفيدين من الاتفاق، يجري تفسيرها بطرق ووسائل متعددة. لكنها في المحصلة تلامس فرضية اخرى مضمونها ان ذلك يعني التزاماً بكل ما يطلب منه في ما يخص الموضوع الكيميائي.
غير ان البعض يرى ان الامور تبقى معلقة، ولا يمكن احتسابها طبقاً لقانون النوايا، من زاوية عدم ممانعته في تنفيذ ما هو مطلوب منه، ورغبته في تعظيم مكتسباته من الاتفاقية. وفي هذا السياق هناك من ينظر الى المسألة من زاوية نوايا الطرف الاخر.
وفي ذلك قدر من التشكيك في نوايا الولايات المتحدة التي يمكن ان تبالغ في مطالبها، وبما يمكن اعتباره مساً بالسيادة السورية، ومحاولة لخدش تلك السيادة.
فبعض التحليلات يذهب الى الاعتقاد بأن تلبية الرئيس الاسد ونظامه بعض المطالب الاميركية يمكن ان تتطور الى مطالب اخرى، وان تفتح الباب امام متطلبات تعجيزية، اسوة بما حدث في العراق.
ولم يستبعد محللون ان تطلب واشنطن دخول المفتشين الى بعض المقرات الرئاسية، وبعض المواقع التي تعتبرها دمشق سيادية، وسط توقعات بأن الوضع يمكن ان يتفجر في لحظة معينة. الا ان توقعات مقابلة ترى ان دمشق تجاوزت في مكنونات نفسها اية مشاريع حرج وقررت طي الملف بتفاصيله، وصولاً الى «جنيف – 2»، وبالتالي الى مرحلة انتقالية يعتقد انها تبدأ العام المقبل وبعد ان ينهي الرئيس الاسد فترة ولايته الدستورية.
استمرار المواجهات
في مسار مواز، هناك من يرى ان المواجهات مع المعارضة قد لا تتوقف، وقد لا تتأثر بالاتفاق. السبب في ذلك اعلانها مسبقاً رفض الاتفاقية، وتأكيدها انها غير معنية بتطبيقها او اي جزء منها. فقد رفض الجيش السوري الحر الذي يشكل مظلة لغالبية مقاتلي المعارضة السورية – وعلى لسان رئيس اركانه سليم ادريس – الاتفاق. واكد ادريس في مؤتمر صحافي عقده في اسطنبول ان الجيش الحر غير معني بتنفيذ اي جزء من الاتفاقية، وانه مستمر في القتال حتى اسقاط النظام.
وتساءل إدريس خلال المؤتمر الصحافي عما اذا كان يتوجب على الثورة الانتظار حتى منتصف 2014، الى حين تدمير السلاح الكيميائي؟ واتهم «الاصدقاء» باهمال الشعب السوري وغض النظر عن عمليات القتل التي يتعرض لها.
وبينما رحب العديد من الدول الغربية بالاتفاق واعتبرته خطوة مهمة على طريق التخلص من السلاح الكيميائي السوري، وطي الازمة ككل، انضمت كل من تركيا وكندا الى قائمة المشككين في جدوى الاتفاق. وابدى وزيرا خارجية البلدين، احمد داود اوغلو وجون بيرد، في اسطنبول تشكيكهما في عزم دمشق على التخلص من ترسانة اسلحتها الكيميائية.
في المقابل، ورداً على المشككين بنجاح الاتفاق، ابدى الرئيس الاميركي باراك اوباما استعداده لاعطاء فرصة للجهود الدبلوماسية الجارية حول ملف الاسلحة الكيميائية السورية، لكنه حذر من ان الخيار العسكري لا يزال مطروحاً في حال فشلت. وقال اوباما في كلمته الاسبوعية انه لن يسلم بتصريحات المسؤولين الروس والسوريين. وانه سيكون بحاجة الى رؤية خطوات ملموسة تثبت بان الاسد جاد بشأن التخلي عن اسلحته الكيميائية. واكد ان القرار يأتي في ظل تهديد ذي مصداقية بتحرك عسكري اميركي، فسوف «نبقي على مواقعنا العسكرية في المنطقة لابقاء الضغط على نظام الاسد».
وقال اوباما معلقاً على محادثات جنيف بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف لبحث الخطة التي طرحتها سوريا لوضع الاسلحة الكيميائية السورية تحت اشراف دولي بهدف اتلافها: «لقد اوضحنا انه لا يمكن ان يشكل ذلك تكتيكاً يهدف الى المماطلة». وقال ان اي اتفاق يجب ان يتحقق من التزام نظام الاسد وروسيا بتعهداتهما، وهذا يعني العمل على وضع الاسلحة الكيميائية السورية تحت اشراف دولي وصولاً في نهاية المطاف الى تدميرها.
وختم كلمته الاسبوعية بالقول: «ان ذلك سيسمح لنا بتحقيق هدفنا المتمثل بردع النظام السوري عن استخدام اسلحة كيميائية والحد من قدرتهم على استخدامها والتوضيح للعالم باننا لن نقبل باستخدامها».
وفي مجال التحوط، والحرص على ضمانات كافية لـ «حسن التنفيذ»، اعتبر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزيرا الخارجية الاميركي جون كيري والبريطاني وليام هيغ انه من الضروري التوصل الى وضع «قرار قوي وملزم» حول سوريا في مجلس الامن. ودعا المسؤولون الثلاثة خلال لقاء في باريس شارك فيه ايضاً وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الى وضع جدول زمني دقيق لضبط الاسلحة الكيميائية السورية واتلافها.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي تنظيم لقاء دولي واسع بمشاركة الائتلاف الوطني السوري المعارض، خلال الاسبوع «الحالي» في نيويورك لهذا الغرض.
وشدد فابيوس خلال المؤتمر الصحافي المشترك على ضرورة دعم المعارضة، مشيراً الى انه «من اجل التفاوض بشأن حل سياسي، ينبغي ان تكون هناك معارضة قوية». وكشف عن عزم المجموعة تعزيز دعمها للائتلاف الوطني السوري وذلك على هامش اجتماع خاص لصالح المعارضة سينظم في نيويورك بمناسبة انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة.
وحذر فابيوس من ان نظام الاسد سيواجه «عواقب خطيرة» في حال عدم تطبيق القرار المتوقع صدوره عن مجلس الأمن الدولي حول الأسلحة الكيميائية والذي سينص على مثل تلك العقوبات.
من جهته قال وليام هيغ: إن نظام دمشق سيبقى تحت الضغط من اجل ان يطبق هذا الاتفاق بشكل تام.
الاسد فقد شرعيته
في تلك الاثناء، ورداً على توقعات بان الاسد سيكون المستفيد من الاتفاق، وانه سينجح في مد فترة حكمه الى نهاياتها الدستورية، أكد وزير الخارجية الاميركي جون كيري: «إن الاسد فقد اي شرعية تخوله ان يحكم بلاده».
اما بالنسبة الى الحل السياسي الشامل، فقد توالت التأكيدات الغربية انه ما زال بعيداً. وهناك اشارات حول مبررات هذا الاعتقاد، وفي مقدمتها عدم جهوزية البديل الذي يمكن ان يكون موثوقاً، وطغيان عامل التطرف على مجموعة الثوار، ما يعني اضطرار الغرب الى امساك العصا من منتصفها والحفاظ على دعم عادي للثوار. بحيث لا يمكنهم قلب الطاولة على رأس النظام. ولا يمكن النظام من محوهم.
لكن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اكد أن أفضل سبيل لإبعاد الأسد عن السلطة هو أن يؤدي الاتفاق الأميركي – الروسي إلى تسوية سياسية أوسع، معتبراً ان الاتفاق بشأن إزالة الأسلحة الكيميائية في سوريا يمثل مرحلة مهمة، لكنه ليس نقطة النهاية، لافتاً إلى أنه «يتعيّن توقع إمكانية فرض عقوبات في حال عدم تطبيقه».
وفي هذه الاثناء، صدرت تلميحات من طهران توحي بتراجع إيران عن دعم الرئيس السوري بشّار الأسد، وأنها مستعدة لقبول رئيس سوري جديد غيره، وتأتي هذه التلميحات غداة كشف الرئيس الأميركي باراك أوباما عن مراسلات جرت بينه وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية «فارس» عن الرئيس الإيراني حسن روحاني قوله، ان على سوريا أن تعود في المقام الأول إلى الاستقرار، وبعد ذلك سنقبل أي مرشح رئاسي يحصل على غالبية الأصوات في عملية ديمقراطية.
وقال روحاني: إن سوريا الآن في وضع حساس وان النزاع ليس حول شخص رئيس الجمهورية أو طائفة ما، بل القضية أبعد من ذلك، ومن الواضح للجميع أن الغرب خطط للمنطقة كلها ولا يحبذ أن يبقى على وضعه الراهن، حيث يسعى البريطانيون والفرنسيون للعودة الى المنطقة بعد اعوام طويلة.
من هنا يبدو ان الرؤية العامة للحالة محكومة بجملة من التقاطعات، الا انها في المحصلة رهن بمدى تنفيذ الاتفاق. وفي ذلك خيوط عديدة ابرزها مدى التزام الرئيس الاسد بتنفيذ ما ينص عليه الاتفاق، وما يتضمنه قرار مجلس الامن الدولي بهذا الخصوص، الا ان ذلك لن يبعد الطرف الاخر عن المسؤولية. فالقضية محكومة بمدى التشدد المنتظر من قبل الجهات المنفذة لعملية تدمير المواد الكيميائية، والهيئات المكلفة البحث والتأكد منها. ما يعني ان العملية بمجملها قد تبقى غائمة بعض الوقت.
احمد الحسبان