طارق صادومة ينحت مشاهيره شرقاً وغرباً
ليس امراً مستغرباً ان يختار الفنان التشكيلي والنحات المصري الهولندي طارق صادومة العاصمة اللبنانية بيروت ليطلق منها مجموعته الجديدة من المنحوتات المبهرة ضمن معرض يعد بأن يكون واحداً من اهم الاحداث الثقافية المثيرة خلال هذا العام، ذلك ان منحوتاته بالحجم الكبير، الثلاثية الابعاد، التي هي عبارة عن بورتريهات معاصرة لمشاهير من عالم الفن والمجتمع والاعلام بالاسلوب الواقعي المعروضة في صالة برج بيروت خلال شهر ايلول (سبتمبر) الحالي وفنه عموماً وكما يقول عنه النقاد، يمثل مواجهة او جسر عبور بين الشرق والغرب تماماً مثل بيروتنا التي نتغنى بها كنقطة التقاء بين الشرق والغرب مهد الحضارات، بيروت المدينة المفتوحة و المنفتحة على العالم.
لعل ابرز ما يتميز به فن طارق صادومة انه يظهر الافضل والاسوأ في العالمين: الشرق والغرب، ويوازن بين القدرة والجنس في الشرق الاوسط وتتداخل في منحوتاته العلاقات بين مشاعر متناقضة في توقيت يبدو فيه الشرق الاوسط في حالة غليان.
ينجح النحات في كسر المحرمات والكليشيهات التي تحكم الثقافة باللاوعي حيث عكس الواقع لجمهوره مع اضافة افكاره الخلاّقة بطاقة كبيرة تتحدى القمع والخوف المسيطرين على بعض المجتمعات في المنطقة.
انشودة
يقول طارق صادومة ان الفنان يجب الا يكون بعيداً عن المجتمع الذي يعيش فيه بل ان يسبر غوره كي يرسمه او ينحته على طريقته، ويوضح: «انا انطبعت بالفنين الشرقي والغربي وايضاً بالموسيقى والسينما» ويرى ان الفنان حين يضع فكرة ما نصب عينيه يمكنه ان يطورها بطرق واساليب عدة وبأشكال مختلفة.
وبالفعل فاننا حين ننظر الى منحوتاته، بينها بورتريه للمغني الشهير عبدالله بالخير الصادقة جداً ومنحوتة لجراح التجميل الشهير هراتش ساغبازاريان الذي يحوط عروسه بين ذراعيه كأنه يتحدى كل قواعد الشيخوخة والبشاعة، وغيرهما من المنحوتات، نلاحظ كأنها باجتماعها سوية تطلق باتجاه المتلقي انشودة جمال وقوة واحساس، ونشعر كمتلقين بأننا نشهد ايضاً مواجهة بين الشرق والغرب في منحوتاته.
الحضارة الفرعونية
ومما لا شك فيه ان الفنان استفاد جداً من عودته الى مصر بعد مسيرة مهمة في المشهد الفني الهولندي، اذ نهل من منابع الحضارة الفرعونية العظيمة حسبما يظهر خصوصاً في بعض البورتريهات المستوحاة من تماثيل الالهة والعصور الوسطى. ويستدل على هذا التأثير من خلال الركائز الكبيرة والاسرة والنواويس وهو العائد الى منطقة الشرق الاوسط وهي في حالة غليان ليظهر في فنه كل تعقيداتها وغناها، كل تلك المتعلقة بالعالم العربي اجتماعياً وثقافياً.
ونلاحظ من خلال منحوتاته انه اولى موضوع الاغراء حيزاً مهماً فقدم آلهة الغناء وتماثيل نساء كرمز للقدرة الجنسية، ولم يكتف بالمنحوتات النسائية التي راح يضاعفها احياناً بمنحوتات صغيرة اشبه بالتذكارات التي يشتريها السياح واعمال اخرى اكمل بواسطتها رؤيته الجمالية.
يبقى ان نقول ان النحت رسالة خالدة للمستقبل بالنسبة الى طارق صادومة، المولود في امستردام عام 1979 من والد مصري وقد درس في اكاديمية ريتغلد وتابع دراسته قبل ان يعود ليستقر في مصر، وهو يعيش حالياً بين هولندا ومصر ويجد لذة في التحاور مع شخصياته اثناء العمل ليبرز غناها الداخلي وقيمتها الداخلية والمعنوية، لذة تنتقل الينا عند تأمل منحوتاته.