تشكيل الحكومة رهن بتوافق خليجي – ايراني

اعربت الاوساط الدبلوماسية والمراقبة عن مخاوفها من اتساع اطار الأزمة الداخلية في لبنان التي باتت تنذر بتجميد كل الاطر الدستورية وتملي تسويات هشة وموقتة في حين يتعذر التوافق على الملفات الكبيرة كتشكيل الحكومة الجديدة او معاودة الحوار او مواجهة تداعيات الأزمة السورية على لبنان. ووفق الاوساط نفسها فان المخاوف على النظام الدستوري صارت اكثر من واقعية، وخصوصاً في ظل ما أثبتته التطورات الاخيرة من عجز القوى اللبنانية عن التوصل الى اي تسوية داخلية ما لم يكن هناك رعاية خارجية لها.
في الواقع الراهن فان اي اتفاق داخلي حتى ذلك الذي تفرضه عملية تشكيل الحكومة يفترض توافقاً خليجياً وبالتحديد سعودياً مع ايران كي تسلك الامور في لبنان اتجاهاً نحو الانفراج، وهو امر يكاد يكون كالرهان غير المضمون العواقب لان ظروف تقارب سعودي – ايراني لا تزال بعيدة المنال وغير مضمونة. ثم ان الخشية باتت اكبر من ان يشكل الحصار الخارجي على «حزب الله» الذي كانت آخر فصوله ادراج جناحه العسكري على اللائحة الاوروبية للمنظمات الارهابية عاملاً اضافياً من العوامل التي ستدفع بالحزب وحلفائه الى الامعان في شلّ الوضع المؤسساتي والاستحقاقات الدستورية وعرقلة تشكيل الحكومة لابقاء سيف التعطيل والفراغ ورقة ضاغطة على القوى الاخرى والدول المعنية في آن واحد.
وتقاطعت التقديرات في بيروت عند وجود معطيات تشير الى ان الازمة الداخلية الراهنة باتت أكبر من قدرة الافرقاء الداخليين على مواجهتها، لان تورط «حزب الله» في سوريا أحدث ربطاً لا فكاك منه للأزمة الداخلية بمآل الازمة السورية وتطوراتها على نحو لا يمكن معه تصور اي حل الا بالانسحاب الناجز والنهائي للحزب من سوريا. وهذا الامر يكاد يكون من المستحيلات الان والى مدى غير منظور، كما ان الاجراء الاوروبي ضد الحزب سيستتبع حكماً تداعيات بعيدة المدى ليس اقلها ان التمييز بين جناحه العسكري وجناحه السياسي سيجعل الجانب الاوروبي اكثر ارباكاً تجاه الاستحقاقات اللبنانية ومن ابرزها انتخابات الرئاسة ومواجهة تعقيدات اكبر من الاستحقاق النيابي.
تطوران مهمان
وفي موازاة ذلك، انشغل لبنان بتطورين هما:
< تجديد الرئيس الاميركي باراك اوباما لمدة سنة اضافية القرار التنفيذي الذي اصدره الرئيس السابق جورج بوش في آب (اغسطس) 2007 والذي يتناول تجميد موجودات شخصيات لبنانية «تسعى الى تقويض الحكومة اللبنانية الشرعية وتساهم في تخريب حكم القانون بما في ذلك ارتكاب العنف السياسي والترهيب لاعادة السيطرة السورية على لبنان». وشمل القرار آنذاك شخصيات بينها الوزير السابق الموقوف ميشال سماحة وغيره.
واوضح اوباما في رسالة إلى الكونغرس استعادت حرفيّاً النص الذي أُرسِل في الفترة نفسها من العام الماضي لتمديد القرار، أن «بعض الأنشطة الجارية وبينها عمليات نقل أسلحة إلى حزب الله يبدو بعضها أكثر فأكثر تطوّراً، تقوّض سيادة لبنان وتساهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي فيه، وتستمرّ في تشكيل تهديدٍ غير اعتيادي واستثنائي للأمن القومي وللسياسة الخارجية للولايات المتحدة». وأضاف: «لهذه الأسباب، قرّرت أنّه من الضروري تمديد حالة الطوارىء الوطنية في هذا الملف، وهو الإطار القانوني للعقوبات والذي ينتهي مفعوله في الأوّل من آب (اغسطس)».
كما اشارت هذه الرسالة الى «التدخلات السورية في لبنان» لكنها لم تذكر مباشرة النزاع الدائر في سوريا.
وسبق قرار اوباما، الذي جاء على وقع استمرار تفاعلات إدراج الاتحاد الاوروبي الجناح العسكري لـ «حزب الله» على لائحته للمنظمات الارهابية، مثول السفير الاميركي المعين في لبنان ديفيد هيل امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ للنظر في تعيينه والمصادقة عليه.
< قرع وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال مروان شربل «ناقوس الخطر» ازاء ملف النازحين السوريين الى لبنان، اذ حذّر من ان العدد الاجمالي للسوريين في لبنان فاق المليون والمئتي الف سوري (من دون النازحين الفلسطينيين)، وهو مرشح مع نهاية السنة الحالية لأن يتجاوز المليوني نازح، أي ما يوازي نصف عدد سكان لبنان، مشيراً الى أنه اذا استمر الامر على هذا المنوال «فمعنى ذلك اننا مقبلون على كارثة، وهذا يتطلب اجراءات استثنائية».
مجلس الدفاع
كان هذا الملف مدار بحث في الاجتماع الذي عقده المجلس الاعلى للدفاع اللبناني برئاسة الرئيس سليمان حيث عُلم انه تم طرح فكرة اقامة مخيمات للنازحين عند الحدود، لكن من الجانب السوري وبالتنسيق مع السلطات السورية الرسمية. وقال وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور في هذا السياق: «إننا نحضر مع المفوضية العليا للاجئين للتدقيق بمن هو نازح من سوريا وبمن هو غير نازح، كما نحضر للمؤتمر الذي سيعقد في ايلول (سبتمبر) المقبل حول النازحين في لبنان، حيث سيكون هذا المؤتمر مناسبة لطلب المساعدات الضرورية للبنان لتمكينه من تحمل العبء الثقيل الذي يلقيه عليه ملف النازحين».