أبرز الأخبارسياسة عربية

التمديد لقهوجي تحصيناً للجيش… والنازحون «قنبلة موقوتة»

… من غير المبالغة القول ان خطراً تاريخياً يرقى الى مصاف «الخطر الوجودي» يتهدد لبنان، الدولة والمؤسسات وصيغة الحكم والسلم الاهلي والعيش المشترك. فالعجز المتمادي حتى في «ادارة الازمة» والاستسلام لـ «الموت السريري» الذي يدهم المؤسسات الواحدة تلو الاخرى، وتلاشي اي امل في احداث اختراق ايجابي، والاقرار الاستباقي بحلول الفراغ في رئاسة الجمهورية بعد 10 اشهر، عقب التسليم بأن لا حكومة جديدة في الامد المنظور وتعطيل عمل البرلمان حتى اشعار آخر… كلها مؤشرات انحلال وتفكك شكلت أقصر الطرق لسقوط لبنان في فم المجهول – المعلوم.

هذا الانزلاق المتعاظم نحو الهاوية، التي لا قعر لها، يجري على وقع إقحام لبنان «الوطن الهش» في مشاريع اقليمية تناحرية، مما يجعله ساحة لـ «إحتراب مؤجل» يقترب إنفجار صواعقه تحت وطأة التورط الواسع لـ «حزب الله» في الوحول السورية وتزايد الاخطار الناجمة عن «برميل بارود» النزوح السوري الكثيف في اتجاه لبنان، والانكشاف المطرد للواقع اللبناني تجاه الخارج، لا سيما في ضوء تدحرج «كرة ثلج» الاجراءات العقابية ضد «حزب الله»، الذي ادرج الاتحاد الاوروبي جناحه العسكري على لوائح المنظمات الارهابية، بعد تدابير خليجية تصب في الاطار عينه.
ورغم الانجاز «اليتيم» الذي سجل اخيراً بتأخير تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الاركان اللواء وليد سلمان لسنتين، تفادياً للفراغ الذي كان يتهدد قيادة الجيش، فإن ايجابية الخطوة لم تخف دلالتها السلبية على التسليم بالعجز عن تشكيل حكومة جديدة نتيجة الصراع الحاد في البلاد، وهو الصراع عينه الذي عطل وللمرة الثالثة على التوالي امكان انعقاد جلسة تشريعية للبرلمان، الامر الذي جعل الاطمئنان على الجيش ودوره المحوري، خطوة معزولة عن السياق العام «التوتيري» في البلاد، على وقع المبارزات الكلامية التي كان آخر فصولها اطلالتان في يوم واحد لرئيس الحكومة السابق زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري والامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله.
والاكثر خطراً في «فحص» الحال اللبنانية هو ان الانعدام شبه الكلي لأي مبادرات داخلية او افكار او حتى محاولات لكسر المأزق الذي يزداد تأزماً، يتزامن مع انعدام مماثل لشبكات امان اقليمية او دولية من شأنها حماية لبنان من السقوط، خصوصاً في ظل حال الصدام بين المحاور الاقليمية في شتى الميادين والساحات، وغياب المبادرات الدولية في ظل الانكفاء اللافت للدور الاميركي نتيجة «التردد» الذي يطبع السياسة الخارجية لإدارة الرئيس باراك اوباما، والخلل الناجم عن غياب توافقات بين الكبار على ادارة الازمات الاقليمية المتفجرة.
غير ان ثمة رهانات بدأت تلوح في المدار الخارجي للصراع في لبنان حول امكان تبدل في المزاج الاقليمي والدولي حياله، لا سيما مع الجهود الاميركية التي افضت الى معاودة المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية بعد ثلاثة اعوام من تعليقها، وإشارات
«حسن النيات» التي اطلقها الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني في اتجاه المملكة العربية السعودية، الامر الذي شجع على انتظار «قطرة ضوء» في النفق اللبناني المظلم قد تلوح من تبدلات غير محسوبة في المشهد العام، الذي يبقى مشدوداً الى يوميات الدم المسفوك وعلى نطاق هائل في سوريا.

  القرار الاوروبي وتبعاته
بيروت لم تخرج من «تحت تأثير» قرار الاتحاد الاوروبي بإدراج الجناح العسكري لـ «حزب الله» على لائحته للمنظمات الارهابية وفرض عقوباتٍ عليه دخلت حيز التنفيذ بنشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد، في موازاة كشْف تقارير بلغارية تفاصيل اضافية عن الدو
ر المفترض للحزب في تفجير بورغاس ضد اسرائيليين في تموز (يوليو)  2012 والذي أوقع ستة قتلى و35 جريحاً.
وفي حين كان لبنان الرسمي ينهمك بالتدقيق  في مضمون القرار الاوروبي ومفاعيله القانونية، كانت سفيرة الاتحاد الاوروبي في بيروت انجلينا ايخهورست تواصل تحركها الديبلوماسي ال
مكثّف باتجاه المسؤولين اللبنانيين الرسميين والشخصيات السياسية من مختلف الاتجاهات بعدما كانت التقت ممثلين لـ «حزب الله» بهدف توضيح ملابسات القرار وشرح حدوده، وسط تأكيدها على ان «الاتحاد يملك أدلة دامغة على تورّط حزب الله بجناحه العسكري المتمثّل بالمجلس الجهادي ولجنة الأمن الخارجية بتفجير بورغاس»، مشددة على «اننا ضد الارهاب وليس ضد مفهوم المقاومة»، وأن «علاقة الإتحاد الأوروبي مع حزب الله إستراتجية أي أن التعاون معه مستمر».
واستوقف دوائر سياسية في بيروت مضمون القرار الرسمي للاتحاد الاوروبي الذي تضمّن اللائحة السوداء معدّلة ومحدّثة، اذ بعدما كانت تضم منذ كانون الاول (ديسمبر) 2012، 11 اسماً و25 مجموعة وكياناً، صار عدد المجموعات 26 باضافة الجناح العسكري لـ «حزب الله» اليها. وورد التصنيف «الارهابي» للحزب ضمن اللائحة في فقرتها الثانية المتعلقة بالجماعات والكيانات بتسمية «الجناح العسكري لحزب الله» («مجلس الجهاد» وكل الوحدات التابعة له بما في ذلك منظمة الامن الخارجي)، فيما كان لافتاً من لائحة الأشخاص المدرجة أسماؤهم كإرهابيين تطاولهم لوائح العقوبات، أن بينهم شخصاً من لبنان اسمه حسن عز الدين المعروف بغربايا أو سمير صلوان (مولود في لبنان بتاريخ 1963). علماً بأن اللائحة اكتفت بالإشارة إلى الإسم فقط من دون الصفة أو (الهوية السياسية أو الطائفية لهذا الإسم)، كما ضمّت اسم قاسم سليماني (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني) الذي اقتصر التعريف عنه ايضاً على انه ايراني.
ولفت في البيان الذي صدر عن مكتب بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان اشارته الى أنه «بحسب البند الثاني الفقرة 3 من النظام التنفيذي لمجلس الإتحاد الأوروبي الرقم 714/2013 الصادر بتاريخ 10 كانون الاول (ديسمبر) 2012، والذي يعنى بمكافحة الإرهاب، توصل المجلس الى أن الأشخاص والمجموعات المذكورة في ملحق النظام المذكور، متورطون في أعمال إرهابية وتم إتخاذ إجراءات صارمة بحقهم من قِبَل السلطات المختصة»، موضحاً أن «الملحق ذكّر بأن الأشخاص والمجموعات المعنيين بينهم ما يسمى بالجناح العسكري لحزب الله والمجلس الجهادي ووحدة العمليات الخارجية، وكل الوحدات الموضوعة تحت سلطته»، لافتاً إلى أنه «بإمكان المجموعة المشار اليها أن تتوجه إلى مجلس الإتحاد الأوروبي في أي وقت بطلب إعادة النظر بالقرار وإلحاق الطلب بوثيقة تبرره».
وأوضح البيان أن «نظام الإتحاد الأوروبي الصادر في 27 كانون الاول (ديسمبر) 2001 ينص على تجميد الممتلكات والحسابات المصرفية والموارد الإقتصادية الخاصة بهؤلاء الأشخاص والمجموعات».
وفيما تم التداول في بيروت بتقرير ديبلوماسي افاد ان «ليس هناك لوائح إسمية لمسؤولي الجناح العسكري ومقاتليه في قرار الإتحاد الاوروبي ضد حزب الله، وان كل دولة عضو في الاتحاد يمكنها ان تستقصي بواسطة أجهزة مخابراتها أسماء المطلوبين»، كما اكدت السفيرة إيخهورست أن «القرار الأوروبي لا يستهدف شخصيات محددة وهذا ما أوضحتُه لقيادة حزب الله»، مشيرة الى أن «القرار هو عبارة عن رسالة الى الجناح العسكري لحزب الله وليس الى الشعب اللبناني». وقالت: «إن هناك أدلة دامغة لدى الدول الأوروبية سيكشف عنها لاحقاً وتفسر إتخاذ القرار».
وفي موازاة ذلك، اشارت معلومات الى ان الأمم المتحدة التي زار منسقها في لبنان ديريك بلامبلي مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا أبلغت الى الحزب أن قرار الاتحاد الأوروبي يخص الاتحاد وليس الأمم المتحدة التي تعتبر نفسها غير معنية به، مشددة على أهمية التواصل وضرورته وحيويته بين قوة «اليونيفيل» و«حزب الله».
وتزامن الصخب حول القرار الاوروبي مع قيام صحيفة «24 تشاسا» البلغارية بنشر تقرير اشار الى أن الشريكين المفترضين لمنفذ هجوم بورغاس تلقيا في استراليا وكندا تحويلات مصرفية بنحو مئة الف دولار أميركي، مستندة في «معلوماتها» إلى ما وصفته بـ «أجهزة استخبارات دول شريكة ومؤسسات مالية دولية»، مشيرة إلى ان مصدر الاموال «هو الجناح العسكري لحزب الله، وانها كانت مخصصة لتنفيذ الهجوم في مطار بورغاس، الذي أوقع ستة قتلى و35 جريحاً، وكذلك لمهمات استطلاعية في دول أخرى».
وبحسب تقرير الصحيفة فان ميلاد فرح (32 عاماً) وهو مواطن اوسترالي معروف ايضاً باسم حسين حسين، وحسن الحاج حسن (25 عاماً) الذي يحمل الجنسية الكندية، عبرا الحدود البلغارية بواسطة اوراق ثبوتية صحيحة، لكنهما اقاما في هذا البلد واستأجرا سيارات بواسطة إجازات سوق اميركية مزورة. وقد طبعت هذه الاجازات في بيروت، وفق صحيفة «برسا».
ولفتت الصحيفة البلغارية، الى ان فرح والحاج حسن شاركا نهاية عام 2010 في تدريب عسكري في لبنان، حيث التقيا عضواً مفترضاً في حزب الله حكم عليه اخيراً في قبرص بتهمة الإعداد لتنفيذ هجمات ضد مصالح اسرائيلية.

وافاد التحقيق بوجود علاقة بين الحاج حسن ومنفذ هجوم بورغاس الذي لم تتحدد هويته بعد، لكن عُثر على اثار بيولوجية تابعة له على ادوات تعود للحاج حسن، بحسب الصحيفة.
واعلن المسؤول في وزارة الداخلية البلغارية سفيلتوزار لازاروف لصحيفة «24 تشاسا» ان «التحقيق تقدم»، وأن الشريكين المفترضين المتواريين عن الانظار سيحاكمان في بلغاريا.

مبارزات
لم يحجب القرار الاوروبي الانظار عن أسبوع  «المبارزات الكلامية» الذي توّج مسار الاستقطاب السياسي الحاد بين فريقي 8 و14 آذار حيال العناوين الداخلية والأزمة السورية والذي رسم ملامح المرحلة المقبلة التي تنذر بجولة تشدُّد على صعيد التعاطي مع ملف الحكومة الجديدة وعمل مجلس النواب والحوار الوطني وذلك في ضوء المعطى البارز الذي شكّله تضييق الخناق الدولي على «حزب الله» من خلال نجاح الاتحاد الاوروبي في التوصل الى قرار بإدراج الجناح العسكري للحزب على لائحته للمنظمات الارهابية وهو ما اعتُبر «هدفاً» وإن سياسياً – معنوياً سجّل «في مرمى» المحور الاقليمي الذي يشكّل «حزب الله» جزءاً رئيسياً فيه.
ورغم ان «توافق الضرورة» بين طرفي الصراع في لبنان اتاح تفادي تمدُّد الفراغ المؤسساتي الى قيادة الجيش من خلال قرار تأجيل تسريح العماد جان قهوجي (يحال على التقاعد في ايلول – سبتمبر) لمدة سنتين والذي «غرّد وحيداً» في معارضته العماد ميشال عون، فان «كل شيء» آخر يبقى مادة تجاذب على خط فريقي 8 و14 آذار اللذين يتعاطيان مع العناوين الداخلية على انها ادوات «ربط نزاع» بانتظار «انقشاع الرؤية» في الأزمة السورية باعتبار ان مآلها سيحدّد خريطة النفوذ الجديدة في المنطقة وتالياً مسار الوضع اللبناني الذي ما هو في واقع الحال الا انعكاس لموازين القوى الاقليمية.
وفيما كانت الاجتماعات الرئاسية تتوالى لتدوير زوايا الصيغة التي اعتُمدت للتمديد لقائد الجيش وفق قانون الدفاع بعدما تعذّر حصول الامر من ضمن قانون في مجلس النواب المعطّل او تعيين قائد جديد في الحكومة المستقيلة، شخصت الانظار الى «جمعة الكلام» في الثاني من آب (اغسطس) الذي شهد اطلالة هي الاولى للرئيس الحريري منذ فترة طويلة وذلك خلال ستة إفطارات اقامها تيّار «المستقبل» في كل من بيروت وطرابلس وصيدا، ومناطق لبنانية أخرى.
وتطرّق الحريري في كلمته عبر شاشة عملاقة الى الوضع اللبناني انطلاقاً من مجموعة الثوابت التي حددها «المستقبل» على قاعدة اللاءات الآتية: لا حوار قبل تشكيل الحكومة، لا حكومة سياسية تعطي «حزب الله» غطاء لانخراطه العسكري في سوريا، لا مشاركة في جلسات تشريعية لمجلس النواب وفق جداول اعمال فضفاضة في ظل حكومة تصريف اعمال.
والأكثر اثارة للانتباه كان ردّ الحريري للمرة الاولى شخصياً على الدعوات من اطراف في 8 آذار لعودته الى بيروت وترؤس حكومة وحدة وطنية وهو ما كرره رئيس البرلمان نبيه بري الذي اضاف الى هذه النقطة اقتراح ان تكون حكومة الوحدة الوطنية «مؤتمر حوار». علماً بأن اوساط «المستقبل» كانت قرأت في مبادرة بري «مناورة» ومحاولة لاستدراج الحريري الى «فخ امني – سياسي» لن يؤدي في النهاية الا الى ان «ينفجر بالبلد».
وجاءت مواقف زعيم «تيار المستقبل» بعيد  كلمة القاها في اليوم نفسه الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في الاحتفال الذي اقامه الحزب في ذكرى «يوم القدس العالمي» في الضاحية الجنوبية وركّز فيها على الموضوعين الفلسطيني والسوري من دون ان يُسقط الجانب اللبناني كلياً وإن كان تناوله في شكل مسهب في  اطلالتيه الأخيرتين.
وجاء مشهد «السقفيْن» المتقابليْن ليعكسا الواقع اللبناني الذي عاش فصلاً جديداً في سياق تعطيل المؤسسات مع الفشل في تأمين نصاب الجلسة التشريعية للبرلمان للمرة الثالثة على التوالي نتيجة اعتراض قوى 14 آذار والعماد عون، كل من منطلقاته على جدول اعمالها الذي فجّر ايضاً «اشتباكاً حول الصلاحيات» بين الرئيسين بري ونجيب ميقاتي، ما دفع الاول الى إرجاء الجلسة حتى 20 اب (اغسطس) واعداً بمواصلة الدعوة لعقدها «الى ما شاء الله ووفق جدول الاعمال نفسه».
وسرعان ما اكد هذا المشهد ان مجمل التأزم السياسي والامني بعناوينه المتعددة، يشكل انعكاساً شديد الصلة بالصراع الدائر في سوريا وبـ «الادوار» اللبنانية في مجرياته كـ «حرب» متعددة الاوجه، سواء العلنية او المقنّعة، وخصوصاً بعد الدخول المباشر والواسع لـ «حزب الله» في تلك الحرب، الامر الذي فرض وقائع جديدة في الداخل اللبناني، ومن الخارج حيال دور «حزب الله».
وبدا واضحاً ان التقاطعات اللبنانية الحالية بين الداخل والخارج تختصرها ثلاثية: «الحكومة، الحوار والامن»، وهي العناوين التي لا تزال على الطاولة في مقاربات قوى «8 آذار» ولا سيما «الثنائي الشيعي»، اي حركة «امل» و«حزب الله»، وفي مقاربات مماثلة لقوى «14 آذار»، ولا سيما «تيار المستقبل» الذي كان عقد اجتماعات في جدة برئاسة الحريري ومشاركة اركان تياره من نواب ومستشارين.
وظهر من خلال قراءة ما هو أبعد من المواقف المعلنة، ان المقاربتين لا تلتقيان نتيجة حدة الانقسام والانكماش المتزايد لـ «المساحة المشتركة» بين طرفي الصراع المتكئين على تحالفات اقليمية متقابلة، ما يوحي بانزلاق لبناني متدحرج نحو المزيد من الأزمات والتوترات التي يصعب التكهن بطبيعتها لارتباطها الوثيق بالحرب الدائرة في سوريا ومستقبلها الغامض.


تمديد وتمدُّد
وفي ظل الجمود غير المسبوق في أيّ تحرّك او جهد داخلي متّصل بإحياء جسور الوساطات السياسية، بدت المؤشرات الواضحة للأزمة السياسية في لبنان تنحو في اتجاهات يُستبعد معها الوصول الى ايّ حل وشيك من شأنه ان يبدّل الواقع القائم في الأمد المنظور.
وفي هذا السياق لفتت دوائر مراقبة الى ان المخرج الذي جرى التمديد على اساسه لقائد الجيش ورئيس الاركان اللواء وليد سلمان والذي أُعلن عشية عيد الجيش لا يتصل فقط بالحاجة الملحة الى منع حصول فراغ في اعلى هرمية المؤسسة العسكرية، وانما يكتسب أبعاداً اوسع غير معلنة تتحكم بخلفية إصرار المراجع الرئاسية والعسكرية معاً على جعل التمديد يتجاوز الصيغة الموقتة ولجعل مدته تتجاوز الشهور المتبقية من ولاية رئيس الجمهورية التي تنتهي في ايار (مايو) المقبل.
وبحسب هذه الدوائر فان المشاورات التي جرت بين رئاسة الجمهورية وكل من رئيسي مجلس النواب وحكومة تصريف الاعمال ووزير الدفاع فايز غصن، طاولت ايضاً الجهات الاساسية في البلاد في قوى 8  و14 اذار والنائب وليد جنبلاط وأفضت الى تزكية التمديد الطويل للقيادة العسكرية لسنتين في ما بدا محاولة لطمأنة العماد عون الى ان قهوجي خارج السباق في الانتخابات الرئاسية.
ودلّل هذا الاتجاه في خلفيته على ان ثمة شبه إجماع على وجوب التحوط الطويل لإمكان عدم التوصل الى اختراقات في الأزمة السياسية والذهاب تالياً نحو تحصين وضع الجيش ومنع حصول ايّ اهتزازات فيه، وجعل التمديد بمثابة ضمان يُبقي وضع المؤسسة العسكرية سليماً في الحفاظ على الاستقرار.
واذا كان الجانب الايجابي في هذا الاتجاه أبرز عودة التماسك العام حول الجيش والتسليم بضرورة دعمه سياسياً بعد كل الخضات التي حصلت في الحقبة الماضية، الا ان الجانب السلبي تمثّل في ان التمديد الطويل بدا كخيار إرغامي لا بد منه لان كل القوى تتحسب للاحتمال الواضح وهو العجز التام عن الوصول الى اي تسوية سياسية داخلية بما فيها تشكيل حكومة جديدة.
وفي ضوء هذا الواقع المسدود، استبعدت اوساط واسعة الاطلاع ان يتجاوز مفعول التوافق على الاجراءات التي تحصن وضع الجيش هذا الملف، متوقعة ان تبقى كل معطيات الازمة السياسية على حالها اسوة بما حصل بعد التمديد لمجلس النواب، علماً بأن مسار التمديدات هذا رسم اكثر من علامة استفهام حول بدء سريانه ايضاَ على الاستحقاق الرئاسي.

فؤاد اليوسف
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق