سياسة لبنانيةلبنانيات

المواطن سقط تحت وطأة الظلم والجشع وحكومة الضرائب اعجز من ايجاد الحلول

فراغ وشغور على مستوى الرئاسة والمجلس النيابي والسراي والبلد نحو هاوية بلا قعر

يمر لبنان في ظروف سياسية واقتصادية كارثية لم يشهد مثلها في تاريخه، لا في زمن السلم ولا حتى في زمن الحروب الكبيرة والصغيرة. فالخلافات والانقسامات الحادة بلغت الذروة والحلول مستحيلة، والافق مسدود بوجه كل المبادرات، والشغور الرئاسي الذي دخل شهره الخامس، دون اي مؤشر على احتمال انهائه بدأ يتمدد الى كل الادارات الاخرى. فتوقف النشاط في البلد، وتعطلت الادارات الرسمية بفعل الاضرابات والاعتصامات التي اصبحت خبز اللبنانيين اليومي. وطاول الشغور المراكز العليا في الدولة فالمجلس النيابي منشغل في خلافاته، يرفض القيام بواجباته وانتخاب رئيس للجمهورية، يعيد الامل بانتظام عمل المؤسسات. كانت الامال معلقة على رئيس المجلس، الذي طالما قام بمبادرات كان لها مفعولها في كثير من الاحيان وكان ينظر اليه على انه الحكم بين الجميع. الا ان موقفه الاخير اسقط عنه هذا الدور، كما تقول المعارضة التي تضيف انه حوّل نفسه الى فريق وتبنى مرشح 8 اذار، وبات يتصرف بالمجلس وفق مصلحة هذا الفريق لا وفق المصلحة العامة، وهددت المعارضة بانها ستعطل اي جلسة يشتم منها ان قوى السلطة امنت الاكثرية لمرشحها. واكدت ان هذه الاكثرية لم تؤمن حتى الساعة، والا كان رئيس المجلس قد وجه الدعوة لعقد جلسة انتخاب. وبناء على هذا الواقع المحزن تغيب جميع الحلول الداخلية، ولم يعد هناك اي امل الا بمبادرة او تسوية تطل من الخارج، على غرار الطائف او الدوحة وهذا غير متوفر حتى الساعة، بعدما يئس العالم من هذه الطبقة السياسية التي لا خير فيها على شعبها وبلدها. ولذلك فاننا سائرون الى مزيد من الانهيار الذي اصبح بلا قعر، وهدد بان نفقد صفة الدولة القائمة، بل مجموعات متناحرة تفتش كل واحدة منها عن مصلحتها، بعيداً عن مصالح المواطنين.
اما حكومة الضرائب اللامسؤولة، فانها تلعب دورها على اكمل وجه، فهي سائرة وراء جلسات لمجلس الوزراء مشكوك بدستوريتها، باعتبار انها حكومة مستقيلة، ودورها يقتصر على تصريف اعمال الضرورة القصوى. وحتى الساعة فشلت في ايجاد الحلول لاي قضية من القضايا الكثيرة التي تعصف بالبلد. وبذلك تصبح المراكز الثلاثة الاولى في البلد شاغرة، رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة.
هذا الجو السياسي الملبد بالغيوم السوداء لا يعني المواطن لا من قريب ولا من بعيد، رغم انه ينعكس على حياته اليومية، ذلك ان حكومة الضرائب قصفته برسوم وزيادات لم يعد لديه اصفار لاحتسابها، وقد فاقت ملايينها بكثير قدرته الشرائية، ودفعته الى مزيد من الفقر والجوع، ففواتير الكهرباء والاتصالات والمياه وكل خطوة نحو اي ادارة في الدولة المعطلة، باتت تشكل عبئاً ثقيلاً، فسقط تحت وطأتها، وحكومة الضرائب ماضية في سياستها التدميرية دون ان تلتفت ولو لحظة الى وضع المواطن، ودون ان تسأل نفسها يوماً، من اين سيألي بالمال لتسديد كل هذه المتطلبات، والمعاشات بالليرة اللبنانية التي افقدوها قيمتها والقوا بها على عتبة الدولار الذي يتربع على عروشها واحتل كل مواقعها. كل ذلك يتم في غياب اي خطة علمية تضع الامور على السكة الصحيحة. وحكومة الضرائب منذ تشكيلها، وكانت تتمتع بالمواصفات الكاملة، لم تقدم شيئاً للمواطن، بل ارهقته بمطالبها، فكيف بها اليوم وهي فاقدة الثقة؟
اخر بدعة اطلت بها حكومة الضرائب كانت اسقاط الليرة اللبنانية وهي احد رموز السيادة، واتباع سياسة «الدولرة» في السوبرماركت والمحلات التجارية وسرعان ما تمددت هذه السياسة لتصل الى الدواء ورغيف الخبر والمستشفيات والمحروقات، وكلها سائرة الى الدولرة. فماذا كانت النتيجة. ما ان تربع الدولار على رفوف السوبرماركت حتى ارتفعت الاسعار اكثر فاكثر على عكس ما وعدت به الحكومة. ذلك ان الجشع المسيطر ولو على حساب حياة المواطنين استغل الغياب الكامل لاي مراقبة او محاسبة، فتسعرت المواد الغذائية والسلع المعيشية الضرورية بالدولار، ولكن ليس وفق السعر الحقيقي، بل وفق الطمع الذي لا حدود له في معظم الاحيان. وهكذا فان السلعة التي يبلغ سعرها دولاراً مثلاً، باتت تسعر بدولارين او ثلاثة، فهبت الاسعار بنسبة مدمرة للمستهلكين الذين اصبحوا عاجزين عن الالتزام ولو بنسبة ضئيلة مما يفرض عليهم. فاين هم المراقبون الذين يدققون في الفواتير الاساسية ويقارنون بينها وبين فواتير السوبرماركت والمحلات التجارية؟ وهكذا ان «الدولرة» التي روجت لها حكومة الضرائب اعطت نتائج عكسية وزادت الاعباء بدل ان تخففها. وللتدليل على صحة هذا الواقع نسأل المسؤولين اللامسؤولين، من هلل للدولرة؟ هل هم المستهلكون ام السوبرماركت والمحلات التجارية وشركات الاستيراد وغيرها. لم تكتف بالتهليل، بل قادت «حملات اقناع» للمواطنين بان الدولرة هي لمصلحتهم وهي حملات كاذبة هدفها التأثير على المستهلك والتخفيف من حدة الاحتجاج.
الى اين يريدون الوصول بالناس، وما هو الهدف من افقارهم وتدميرهم الى هذا الحد؟ هل ان النية هي لدفعهم الى ترك البلد والهجرة التي تسجل ارقاماً قياسية حالياً؟ هل ان المنظومة التي دمرت الجنة واحلت محلها جهنم، تريد ان تبقى وحدها في الساحة. وساعتئذ كيف يمكنها ان تحكم ومن تحكم؟ هل تفرض سطوتها على الفراغ؟ الانفجار الشعبي الكبير اتٍ مهما راهنوا على عدم قدرة الشعب الجائع على التحرك، لان الجوع كافر لا يرحم. فاحذروا غضب الفقير اذا جاع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق