قلق غربي على الامن في لبنان قد يستعجل الحل

هل سينتقل الحريق السوري الى لبنان، ام ان وعي القيادات السياسية والخشية من اية مغامرة غير محسوبة النتائج، والخوف من اشتعال نار الفتنة في المنطقة انطلاقاً من لبنان، قد يبعد عنه هذه الكأس؟ وهل ان ما جرى في صيدا هي عملية موضعية لمعالجة ظاهرة كادت ان تشعل الفتنة، ام انها بداية لخطوات قد يتخذها الجيش لضبط الامن وانهاء الحالات الشاذة ومنع ظهور السلاح وتجاوز الدولة وكأن «حيطها واطي»؟
كثرت الخروقات الامنية في اكثر من منطقة وارتفع منسوب الخطاب السياسي المذهبي، فساهم في تغذية النعرات المذهبية وانعكس على الاوضاع العامة وبات يهدد السلم الاهلي والوحدة الوطنية وينذر بعودة الحرب الى لبنان، وتبين ان هناك من يغذي هذا التوجه لتخفيف الضغط عن سوريا، واسهمت مشاركة بعض اللبنانيين في الحرب في سوريا في تعزيز هذا التوجه. وسبق للمسؤولين السوريين ان لفتوا الحكومات الغربية الى ان استمرار دعمها المعارضة السورية قد تكون له تداعيات على الجوار لا سيما على لبنان. وتوقفت الاوساط الرسمية امام الصاروخ الذي انطلق من بلونة باتجاه بعبدا واليرزه واعتبرته مصادر مسؤولة رسالة نارية الى الرئيس ميشال سليمان والى الجيش، بعد الحملات المبرمجة التي تناولتهما. وقال احد الوزراء ان اطلاق الصواريخ تطور خطير قد يدفع بالبلاد الى هاوية الانفجار والحرب.
الحسم في صيدا
حسم الجيش الوضع في صيدا وانهى الحالة الاسيرية ودخل المربع الامني في عبرا ومنطقة مسجد بلال بن رباح، وفر الشيخ الاسير الى خارج المنطقة بالطريقة ذاتها التي هرب فيها شاكر العبسي من نهر البارد الى سوريا. الا ان روايات كثيرة ترددت حول كيفية وقوع الحادث على حاجز الجيش، الا ان ما اقدمت عليه عناصر الجيش يأتي في سياق المحافظة على هيبة الدولة وانها ليست مكسر عصا، وان الجيش هو اداة الدولة لضبط الامن والمحافظة على الاستقرار. وجرت مناقلات حصلت في صفوف بعض قادة الالوية مؤخراً وتم تزويد القادة العسكريين الجدد بتعليمات واضحة بعدم التهاون في ضبط الامن ومنع ظهور السلاح وقطع الطرقات ومنع الخروقات. ويربط بعض الاطراف السياسيين ما جرى في صيدا في سياق الحرب في سوريا، مشيراً الى ان مقاتلي حزب الله شاركوا في المعارك في سوريا تحت عنوان «الحرب الاستباقية ضد جبهة النصرة»، وفي صيدا انتهت اسطورة الاسير. وان الخطوة قد تعقبها خطوات اخرى كما اقترح الرئيس فؤاد السنيورة بان يتم سحب المسلحين من صيدا وازالة كل المظاهر المسلحة بما فيها المربعات والشقق الامنية وشقق ما يسمى بسرايا المقاومة ومنع كل من يحمل السلاح خارج القوى العسكرية والامنية. واكد وزير في الحكومة ان ما جرى في صيدا لن تكون له تداعيات على الساحة، فالالتفاف حول الجيش بعد الشهداء الذين سقطوا له قد يمنع قيام اية ردة فعل، على انهاء حالة الاسير في صيدا، خصوصاً بعد القرار الحاسم الذي تم اتخاذه في اجتماع امني في بعبدا برئاسة الرئيس ميشال سليمان، اكد خلاله قائد الجيش الذي يحظى بغطاء كامل من السلطة السياسية والقيادات على اختلاف تنوعها، المضي في تنظيف صيدا من المسلحين والذين يعبثون بالامن، وعدم التراجع. لذلك رفض الجيش اية تسوية او مفاوضة او مساومة واصر على تسليم المعتدين على عناصره لسوقهم الى العدالة. وحاول وفد من العلماء السلفيين في طرابلس، واخر من علماء ومشايخ صيدا الدخول على خط الوساطة الا ان الجيش بقي على موقفه مطالباً بتسليم من اعتدى على الجيش. واصدر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية مذكرات توقيف بحق 123 مطلوباً واستمر الجيش في تنظيف المنطقة ودخل المربع الامني للشيخ الاسير وتمركز فيه.
وتخوفت اوساط سياسية من ان تترك خطوة انهاء الحالة الاسيرية تداعيات، بعدما حاولت جهات ادخال العنصر الفلسطيني، الا ان قرار القيادات الفلسطينية بعدم الانجرار الى التدخل احبط المحاولة وكانت اطراف من جند الشام وفتح الاسلام توسعت من خلال التعرض لعناصر حاجز للجيش قريب من محلة التعمير، الا ان قرار قادة المخيم كان لجم اي تورط. واعيد طرح موضوع المخيمات في لبنان من جديد بعدما تحولت الى ملاجىء للتطرف والارهاب. ويقول احد الوزراء ان الموضوع سيكون الموضوع الاساس في المحادثات التي سيجريها المسؤولون مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عند زيارته لبنان.
استعجال الحل
هل الوضع اللبناني مقبل على الانفجار كما يروج البعض ام ان الاوضاع ستبقى تحت المراقبة على رغم تأثر الساحة اللبنانية الشديد بما يجري في سوريا؟ يكشف مسؤول عربي سابق زار لبنان مؤخراً آتياً من واشنطن ان المسؤولين الاميركيين غير مستعجلين على انهاء المعارك في سوريا، ويعتبرون ان ما يجري هو مواجهات بين التطرف السني والشيعي، وان اي حل للازمة لم ينضج بعد. الا ان تقارير من المنطقة هي قيد البحث والتحليل تشير الى ان استمرار الحرب في سوريا قد يترك تداعيات على لبنان اذا لم يتم ايجاد حل سريع. فالوضع في لبنان هش والدولة غير قادرة على مواجهة ضغط الحرب عليها، اضافة الى وجود ما يقارب مليوني نازح سوري في لبنان.
ويضيف المسؤول العربي السابق ان المسؤولين في الادارة الاميركية يولون اهتماماً للوضع الامني في لبنان، وان لم يكن لبنان في سلم الاولويات. وقد تسهم المخاوف من انفجار الامن في لبنان في تكوين عامل ضغط باتجاه البحث السريع عن حلول في «جنيف – 2» المتوقعة خلال الشهر المقبل.
وفي تقرير بعث به ديبلوماسي الى حكومة بلاده معلومات مقلقة حول الوضع في لبنان مع تدفق المسلحين عبر المعابر غير الشرعية في محاولة لنقل الصراع من سوريا الى لبنان تحت عناوين كثيرة، الا ان العنوان الابرز يبقى واحداً. وفي التقرير ان حزب الله وقع في الكمين الذي نصب له من خلال تورطه في المعارك في سوريا مما افقده الغطاء الرسمي والسياسي بعدما اسقطت عنه قوى 14 اذار صفة المقاومة واعتبرته ميليشيا شيعية تابعة للحرس الثوري الايراني تعمل وفق اجندة ايرانية وليس لبنانية. وهذا ما قد يترك مضاعفات محلية عند تشكيل الحكومة بعدما ارتفعت اصوات مطالبة الجيش بازالة السلاح ومنع ظهوره واستخدامه على الساحة تحت اي عنوان. وقد تكون حكومة الرئيس تمام سلام اول حكومة تبادر الى معالجة موضوع السلاح، واضعة الامن في سلم اولوياتها.
ف. ا. ع