سياسة لبنانية

سلام يعطي مهلة اسبوع لمسعى جنبلاط قبل تشكيل حكومته

بدأت في العشرين من حزيران (يونيو)  الولاية الجديدة الممددة 17 شهراً لمجلس النواب، بعد تعذر اجراء الانتخابات النيابية لاسباب امنية كما ورد في الاسباب الموجبة للقرار الصادر عن المجلس النيابي  باجماع الكتل النيابية، باستثناء التيار الوطني الحر الذي قدم طعناً بالقرار امام المجلس الدستوري كما بادر الرئيس ميشال سليمان الى الطعن متمنياً تقصير الولاية، ليأتي تأجيل الانتخابات تقنياً اي الا يتعدى الاشهر الستة.

التمديد للمجلس النيابي ثبته المجلس الدستوري الذي عجز عن الاجتماع للبت بالطعنين بسبب غياب ثلاثة من اعضائه: قاضيين شيعيين وثالث درزي، بفعل الضغط السياسي عليهم لمنع الدستوري من ابطال قرار التمديد. وتخوفت اوساط الرئيس نبيه بري من ان تكون قوى 14 اذار وتحديداً تيار المستقبل قد تخلى عن الاتفاق – التسوية الذي تم التوصل اليه بين حزب الله وحركة امل والحزب الاشتراكي، وقبل بالطعن نزولاً عند ضغط اميركي، كما سربت اوساط عين التينة. وترك التمديد تداعياته على قوى 8 اذار فانتقد العماد ميشال عون اداء حلفائه في التمديد وانتقد الوزير جبران باسيل تورط حزب الله في سوريا، وتوقف التواصل بين الرابية والضاحية، وغابت اجتماعات قيادات 8 اذار، واعلن عون انه ليس في 8 اذار بل انه مستقل  متحالف مع 8 اذار، وانه  كان في اساس 14 اذار قبل ان «يخطفوها».

توتر العلاقات
ومن تداعيات التمديد توترالعلاقات بين الرئيس نبيه بري والحزب من جهة، والرئيس ميشال سليمان من جهة ثانية، بعد المواقف التي اتخذها من موضوع تورط الحزب في الحرب في سوريا. الا ان الحملة تصاعدت بشكل لافت وصولاً الى الرسائل الصاروخية من بلونه باتجاه بعبدا واليرزة، الى الانتقادات العلنية للرئيس وصولاً الى اتهامه من قبل النائب عاصم قانصو بالخيانة العظمى وطلب محاكمته. وجاء موقف قانصو رداً على رسالة وجهها سليمان الى الامم المتحدة يبلغها بالخروقات السورية من قبل النظام السوري ومن قبل المعارضة للسيادة اللبنانية، ويطلب اعتبار الرسالة  وثيقة من وثائق الامم المتحدة. وحمل سياسيون من قوى 8 اذار على الرئيس سليمان الذي رد على منتقديه بالقول: «ان البادىء اظلم والبادىء هم السوريون. فقد ارسلوا 4 رسائل الى الامم المتحدة فلولا هذه الرسائل لما كنا سلكنا الاسلوب ذاته. لقد كان خيارنا معالجة الامور بالطرق الثنائية، ولسنا نحن من «دوّل» الملف بل هم.
ويؤكد الرئيس سليمان رداً على حملات التجني ان ما يهمه هو صون لبنان وعدم تعريض اي مواطن لبناني للخطر، والواجب يفرض على رئيس الجمهورية السهر على حماية لبنان من كل الاخطار. ويقول وزير سابق ان اقدام الرئيس سليمان على توجيه الرسالة يعود الى «رفض» وزير الخارجية تقديم شكوى ضد سوريا، مبرراً ذلك بان الامر يحتاج الى قرار من الحكومة، وان الوضع بين دولتين شقيقتين يعالج عبر الاتصالات وعبرالاتفاقات الموقعة بين البلدين.

تشكيل الحكومة
وسط هذه الاجواء استأنف الرئيس تمام سلام المكلف تشكيل الحكومة حراكه بعدما جمد مساعيه  طيلة فترة البحث عن قانون جديد للانتخابات، وعن التمديد للمجلس، بعد فشل الاطراف في الاتفاق على قانون انتخاب جديد. وكما زار سلام الرئيس بري عند اطفاء محركات التأليف زاره عند اعادة تشكيلها للتهنئة بالولاية الممدة، وشكره على استعداده للمساعدة في تذليل العقبات امام التشكيل، وقد وضعه سلام في التصور الذي كونه بنتيجة الاتصالات التي اجراها، مؤكداً انه منذ اليوم الاول وضع مسلمات هي عبارة عن معايير ومواصفات على اساسها سيختار الوزراء، متمسكاً بصيغة ثلاث ثمانات، رافضاً اعطاء الثلث المعطل لاي طرف، مشدداً على تطبيق المداورة وعلى ابعاد الاسماء الصدامية والنافرة، والتزام اعلان بعبدا في البيان الوزاري، وتطبيق سياسة النأي بالنفس قولاً وفعلاً. ويعطي سلام مهلة اسبوع للمسعى الاخير الذي يقوم به النائب وليد جنبلاط لدى السعودية لحملها على الضغط على قوى 14 اذار لتغيير موقفها والقبول بالمشاركة في الحكومة مع حزب الله بعدما رفضت دخول الحكومة مع الحزب متهمة اياه بمخالفة الدستور والقوانين والمواثيق والقرارات الدولية بالمشاركة في القتال في سوريا.
مقابل هذه المواقف رفع حزب الله سقف شروطه مشدداً على المشاركة وفق الاوزان والاحجام اي 45% من المقاعد، ورفض ثلاث ثمانات والمداورة، وطالب بحقيبتي الخارجية والاتصالات. وتقول اوساط المصيطبة ان الرئيس سلام بات على قاب قوسين من التأليف. وانه لن ينتظر طويلاً، ولا يريد ان تستنزف الاطراف السياسية رصيده. فهو سيختار بين الاستسلام للقوى السياسية وترؤس حكومة يختارون اعضاءها، ويوزعون الحقائب بين بعضهم، وحكومة حيادية من 14 وزيراً من بين المشهود لكفاءاتهم ونجاحاتهم، كل في مضمار اختصاصه. وتقول اوساط المصيطبة ان لدى الرئيس سلام لائحة كبيرة باسماء طاقات لبنانية بارزة حققت نجاحاً لا يمكن لاي طرف الاعتراض على مثل هذه النوعية من الوزراء. وترى اوساط سياسية مراقبة ان ما جرى في صيدا قد يستعجل تشكيل الحكومة. والدولة ستوظف ما جرى سياسياً وامنياً بمعنى ان الرئيس سلام قد يبادر منطلقاً من الالتفاف حول الشرعية والدولة والجيش ومن تأييد لمواقف الرئيس سليمان. وقد يضع سلام الجميع امام مسؤولياتهم ولا يمكن للجيش ان يحسم في منطقة دون اخرى وعلى مكونات دون غيرها. وسيحاول سلام استثمار الاجماع النيابي (124 نائباً) الذين كلفوه من دون شروط في التـأليف،  فاذا نجح شكل الحكومة وفق المعايير، واذا فشل سيحتكم الى الرأي العام الذي لمس تأييده العارم، لان سلام لا يريد ان يخسر ثقة الشعب به، وقد تجسدت في التأييد العارم عند تكليفه، لذلك انه مستمر ولن يعتذر وقد يشكل الحكومة مطلع الشهر المقبل اذا لم تطرأ تطورات تؤجل الخطوة. ويطالب ديبلوماسيون المسؤولين بضرورة تأليف الحكومة سريعاً لمواجهة تحديات المرحلة.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق