The Internship يمجد عظمة «غوغل»
في احدى الليالي، كان النجم فينس فون مسترخياً في منزله يتابع برامج التلفزيون. فجأة قدمت احدى المحطات تحقيقاً حول «غوغل»، صوّر داخل ارجاء الشركة وسلّط الضوء على اهميتها وانجازاتها الضخمة وعلى التسهيلات التي ينعم بها موظفوها. انبهر فينس كثيراً بظروف العمل الرائعة التي توفرها الشركة لموظفيها، وعندها خطرت له الفكرة العجيبة!
لقد قرر فينس فون أن يكتب وينتج ويؤدي دور البطولة في فيلم كوميدي يدور داخل ارجاء شركة غوغل، ويجمعه مجدداً بزميله الممثل الشهير اوين ويلسون الذي سبق أن عمل معه في أفلام مثل Zoolander وStarsky and Hutch ونجح معه نجاحاً كاسحاً عندما قدما معاً دور صديقين معتادين على ارتياد حفلات الاعراس من دون دعوة للاستفادة من الطعام وللتحرش بالفتيات في الشريط الكوميدي الشهير Wedding Crashers عام 2005. وهكذا تحوّلت «غوغل» من اشهر شركة تربح من العمل في مجال الاعلان المرتبط بخدمات البحث على الانترنت وتهتم بتنظيم الكم الهائل من المعلومات المتاحة على الويب، الى اشهر بطلة سينمائية في الفيلم الكوميدي The Internship الذي تولى اخراجه شون ليفي المتخصص في تقديم الافلام الكوميدية الخفيفة مثل Cheaper by the Dozen وDate Night وThe Pink Panter وNight at the Museum وغيرها.
عجوزان في عقر التكنولوجيا
فينس فون ليس فقط صاحب فكرة الفيلم ومنتجه وبطله، بل هو ايضاً كاتب السيناريو الذي يروي لنا قصة التقاء عالمين لا يجمعهما اي شيء مطلقاً. الى عالم غوغل التكنولوجي المتطوّر جداًً، سيدخل صديقان عجوزان مقارنة بموظفي هذه الشركة، ينتميان الى المدرسة القديمة بالتقنيات القديمة التي اكل الدهر عليها وشرب. الصديقان بيلي (فينس فون) ونيك (اوين ويلسون) يشبهان «دويك يا دويك»، اي القروي النازل من بلدته الى عاصمة حديثة لم يرها يوماً في حياته. بيلي ونيك في الاربعين من عمرهما وهما يعملان في مجال المبيعات في شركة ساعات. ولكن ساعة التطور والتكنولوجيا والانترنت دقت، مما سيجعلهما يفقدان وظيفتيهما ليجدا نفسيهما عاطلين عن العمل. اسلوبهما التقليدي في البيع من خلال مقابلة الراغبين في الشراء وعقد صداقة معهم، لم يعد ملائماً مع التطور التكنولوجي، فالاسواق العصرية تعتمد على المعلوماتية والكومبيوتر للتسويق والبيع. وهكذا سيقرر الصديقان الالتحاق بقافلة التطور ودخول العصر الرقمي من خلال الانتساب الى شركة «غوغل» كمتدربين، رغم انهما في الاربعين أي عجائز جداً مقارنة بالطلاب العباقرة والنوابغ في مدارسهم وجامعاتهم الذين يلتحقون بـ «غوغل» سنوياً. وللفوز بالعمل بعد نهاية فترة التدريب، على جميع المتدربين ان يشكلوا فرقاً والعمل معاً على انجاح جميع المهمات الموكلة اليهم، وهكذا سينضم الصديقان الى فريق مؤلف من اربعة مراهقين نوابغ، وطبعاً سيحصل تصادم في البدء، قبل ان يبدأ الشباب بتعليم صديقينا كيفية دخول عصر التكنولوجيا، ويبدأ بيلي ونيك تعليم الشباب كيفية رؤية ما هو اهم واعمق من مجرد شاشة كومبيوتر.
التنافس الشديد بين الفرق سيرفع وتيرة المقالب والغاية تبرر الوسيلة، فهل سيتمكن فريق الصديقين من اثبات نفسه والفوز بالعمل؟
هذا ما سيجيبنا عليه الشريط اللافت تحديداً بنجميه الكبيرين اللذين يضفيان ديناميكية بحضورهما الطاغي والكيمياء المتفاعلة دائماً بينهما. بيلي ونيك سيفجران الطرافة والضحك بشخصيتيهما الشبيهتين بمخلوقين ارضيين وجدا نفسيهما فجأة في كوكب غريب – عجيب وهما مضطران الى مواجهة مخلوقات فضائية لا تشبههما بتاتاً. فلو استثنينا فينس فون واوين ويلسون من الشريط، لكنا امام كوميديا عادية جداً تعالج موضوعاً مكرراً جداً في السينما وهو المواجهة الصادمة بين عالمين مختلفين وجيلين مختلفين مع كل ما يفجره هذا الصراع من مواقف مضحكة قائمة على سوء الفهم واختلاف موازين الحكم على الامور. وحدهما فينس فون واوين ويلسون ينقذان نوعاً ما هذه الكوميديا الغارقة في تطويل مبالغ ومواقف متوقعة وكليشيهات معتادة حول الثقة بالنفس، والتفاؤل، وعدم الاستسلام، والايمان بالاحلام ومتابعة الطريق مهما كثرت العراقيل.
الابطال فون وويلسون وغوغل
الطريف ان بطلي الفيلم فينس فون واوين ويلسون يشبهان فعلاً بيلي ونيك من حيث افتقارهما الى المعرفة في مجال التكنولوجيا الحديثة. فينس واوين لا يخجلان من الاعتراف بأنهما «دقة قديمة» وليسا من اتباع التكنولوجيا الرقمية، وقد وجدا صعوبة في تحضير دوريهما. ويلسون اعلن بكل صراحة أنه لا يفهم كثيراً في أمور المعلوماتية وهو لم يتعلم استخدام الانترنت الا منذ فترة قصيرة. أما فينس فون فهو آخر شخص على الكرة الارضية اشترى هاتفاً خليوياً لأنه يكره التكنولوجيا. ولهذا السبب ربما ظهرا طبيعيين جداً في الشريط لأنهما لم يصطنعا عدم المعرفة. ورغم ذلك حاول الممثلان التعويض عن تقصيرهما في هذا المجال قدر المستطاع، وقد استفادا من خبرة كثيرين من الشباب والمراهقين الذين عملوا معهما في الفيلم. وإضافة الى النجمين فينس فون واوين ويلسون، تعتبر غوغل بطلة رئيسية في الشريط الذي يمجّد عظمتها، وقد ظهر مؤسسها سيرجاي برن بلقطتين قصيرتين في الفيلم. ورغم ان احداً لم يذكر مساهمة غوغل في تمويل هذه الكوميديا، الا أن الامر بدا جلياً، فالفيلم يسوّق لهذه الشركة ولاحدث منتجاتها مثل السيارة التي تسير بجهاز تحكم من دون سائق. كما اعتبر الشريط غوغل الجنة على الارض لأنها لا تشبه اي مركز عمل اخر.
في الواقع الامر صحيح، فشركة «غوغل» تحتوي على 25 مطعماً حيث يمكن لجميع الموظفين والعاملين والمتدرجين والمتدربين والزوار الاكل مجاناً 24 ساعة في اليوم و7 ايام في الاسبوع. كما يوجد لديها خدمات مجانية عديدة مثل مدربين رياضيين يهتمون باعطاء الموظفين تمارين متخصصة تناسب كل فرد على حدة، وحصص تدليك يومية لاراحة العاملين من الضغط والتوتر، وامكانية شراء سيارات باسم الشركة لجميع الموظفين. واضافة الى المصاعد الكهربائية تملك غوغل مزالج بين الطبقات تشبه «التوبوغان» الموجود في جميع مدن الملاهي، ومن خلالها يستعيد العاملون طفولتهم وهم ينزلون زحلقة عبرها من طبقة الى أخرى. ايضاً وايضاً العاملون في «غوغل» يستفيدون من ملعب كرة سلة في الهواء الطلق، وصالة بولينغ وحمام سباحة وحائط تسلّق وصالات العاب ودراجات هوائية وسكوتر. كل هذه الاجواء السحرية ظهرت في الفيلم، فقد تم تصوير بعض اللقطات في شركة «غوغل» فعلاً، بينما تم بناء ديكورات مطابقة لداخل الشركة في استديوهات خاصة بعدما زار المخرج الشركة واستمع الى جميع المفردات العلمية المستعملة والتقط عدداً كبيراً من الصور لاعادة ترتيب المكان بأصغر تفاصيله التي وافقت عليها «غوغل».
مايا مخايل