حين يُقصّر القلب… التأنيب وحده لا يفيد!

كما نُقصّر نحن، في نواح كثيرة، قد يفعل هو مع فارق أن تقصيرنا قد يُعوض أما تقصيره فلا! تقصير القلب أو قصور القلب علة تصيب الجسد وتقصير النفس علة تصيب الروح. أما التقصير في الحياة فعلة قد تجعلنا نعيش ونموت على الهامش! ادارة القصور تكتيك نجحت فيه الجمعية اللبنانية لأطباء وجراحي القلب فاستحقت جائزة الجمعية الأوروبية لأطباء وجراحي القلب… ماذا عن إدارتكم أنتم لهذا النوع من القصور؟ ماذا تعرفون عن قصور القلب؟ البند الأول: القراءة والمعرفة، فلنبدأ اذاً من الأول…
هل تعلمون أن في الجمعية اللبنانية لأطباء وجراحي القلب، كما في الجمعية الأوروبية لأطباء وجراحي القلب، مجموعة «العمل على قصور القلب»؟ هناك، بكلام آخر، مجموعة ليست لها مهمة إلا التوعية وإدارة القصور حين يتجرأ ويدنو من القلب! فالقصور، إذا أهمل، يقتل، والتوعية، إذا تمت، قد تُجنب من القصور والموت. فالقصور حالة يواجه فيها القلب صعوبة في ضخ كمية كافية من الدم لتلبية حاجات الجسم. وحين يُقصر القلب في مهمته هذه يهدر العضو الذي تمتّ إليه كل المشاعر: النجدة!
رئيس مجموعة العمل على قصور القلب في الجمعية اللبنانية لأطباء وجراحي القلب الدكتور هادي سكوري رفع عالياً جائزة الجمعية الأوروبية لأطباء وجراحي القلب. رائع. لكن هل يزيد هكذا تقدير الحماسة على المزيد من العمل من أجل ضخّ الدم في صمامات التوعية الصحية والتثقيف الطبي في هذا المجال؟
ثمة بشر ليسوا في حاجة الى تقدير ليثابروا لكن إذا حصل يفرحون. الطبيبان هادي سكوري، رئيس المجموعة، وسمير أرناؤوط، رئيس الجمعية، فرحا طبعاً ويتابعان في مسيرة يُفترض ألا تتعطل ليبقى القلب يعمل مثل الساعة.
شائع عالمياً
جميل النجاح وجميل التقدير والسؤال: تُرى كيف يعمل القلب؟ متى، بالتحديد، يُقصر؟ وهل هو مرض شائع؟
الدكتور سكوري يؤكد أن مرض القلب شائع عالمياً وهو يصيب 2 في المئة من المسنين في شكل عام، ويُصاب الشخص عادة بهذه الحالة حين يواجه القلب صعوبة في ضخ كمية كافية من الدم لتلبية حاجات الجسم. والقصور لا يعني أن القلب توقف أو على وشك أن يتوقف عن أداء وظيفته بل معناه أنه يجد صعوبة في ضخ الدم كما يجب، وهذا ما قد يتسبب بجملة مشاكل بينها تراكم الدماء والسوائل في الرئتين وتورم القدمين والكاحلين والساقين والإحساس بالتعب وضيق التنفس.
يُصاب في أوروبا سنوياً أكثر من 3،6 مليون إنسان بهذا المرض! وهذا الرقم يجعلنا نُدرج هذا الداء في خانة الوباء الأكثر شيوعاً للاستشفاء لدى المرضى الذين تجاوزت أعمارهم 65 سنة. قوة القلب قد تتدنى عن معدلاتها مع تقدم العمر فلا يعود قادراً على توزيع الأوكسيجين والمغذيات من خلال الدم الى الجسم فيتدنى النشاط ويرتفع منسوب الشعور بالتعب. العمر إذاً عامل لكنه ليس طبعاً الوحيد. فقد يتسبب بهذا النوع من القصور وجود حالات مرضية أخرى، حالية أو سابقة، تضر بالقلب أو تضع عبئاً إضافياً عليه بينها: نوبات قلبية سابقة، انسداد في شرايين القلب، ارتفاع ضغط الدم، خلل في صمامات القلب، مرض في عضلة القلب أو التهاب القلب، اختلالات خلقية في القلب، السكري، الإفراط في تناول الكحول، تعاطي المخدرات، العلاج الكيميائي، كما قد تتسبب بتفاقم هذا القصور إذا وجدت أمراض الكلى وفقر الدم وعدم انتظام ضربات القلب وأنواع معينة من العدوى والالتهابات والخلل في الرئتين أو في الغدة الدرقية.
القصور أنواع
بداية، قد يحاول جسم صاحب القلب المقصّر التكيف مع وضعه الجديد للتعويض عن نقص ضخ الدم، لكن هذه المحاولة لا تدوم طويلاً، فالقلب قد يضعف أكثر وهو يحاول جاهداً تنفيذ ما يلزم. في كل حال القصور أنواع وتحديد النوع قد يلزم فحوصات طبية بينها واحد يُسمى «الكسر القذفي» تُقاس فيه نسبة الانقباض وضخ الدم مع كل نبضة قلب لتحديد نوع القصور. والقصور غالباً نوعان: القصور الانقباضي حيث تضعف قوة انكماش عضلة البطين الأيسر، فيكون الكسر القذفي دون المعدل الطبيعي، ما يؤدي الى عدم ضخ كميات كافية من الدم الغني بالأوكسيجين الى الجسم. وهناك النوع الثاني وهو عبارة عن قصور في القلب مع المحافظة على وظيفة البطين الأيسر، ويكون الكسر القذفي فيه طبيعياً، أي إن القلب ينكمش في شكل طبيعي لكن البطينين لا يسترخيان كما يجب أو يكونان يابسين فلا يعبر فيهما ما يكفي من الدم.
اعراض
يتساءل كثيرون: تُرى بماذا قد نشعر حين يُقصّر القلب في القيام بمهامه؟ هل من أعراض واضحة؟
في الجمعية اللبنانية لأطباء وجراحي القلب تأكيد على أن الأعراض ليست واحدة بل تختلف بين إنسان وآخر، تبعاً لنوع الحالة وخطورتها وحالة المريض وعمره، وبالتالي قد لا يترافق هذا القصور مع أي عارض أو قد يظهر أكثر من عارض، وقد تدوم الأعراض وتستمر وقد تظهر وتختفي! في كل حال، قد تشمل الأعراض ضيقاً أو صعوبة في التنفس، خصوصاً عند الاستلقاء على السرير أو لدى القيام بأي نشاط بسيط، وقد تتسبب هذه الحالة في ايقاظ المصاب ليلاً، في شكل فجائي، ما يؤدي الى اختلال أنماط النوم الطبيعية. عارض آخر قد يظهر يتمثل بسعال أو صفير وقد تحدث زيادة سريعة في الوزن أو تورم الكاحلين أو الساقين أو البطن. وقد يواجه المصاب حالة تعب مزمنة ودواراً أو تشوشاً وصعوبة في التركيز أو حتى الإغماء. وقد يحتاج الى التبول المتكرر في الليل وتصبح نبضات القلب لديه سريعة أو غير منتظمة.
العلاج
ألم تمرّ أسماء وأسماء في أدمغتكم وأنتم تقرأون الأعراض؟ قد يكون هناك من يعنيكم جداً، الى جانبكم يومياً، غير مدرك لا هو ولا أنتم أن قصور القلب يُداهمه! في حالة التقصير الوظيفي قد يفيد التأنيب لكن في حالة قصور القلب أي علاج قد يصلح؟
تختلف الحاجة الى الأدوية بحسب اختلاف الحالة، والطبيب هو وحده من يُحدد، أولاً وآخراً، ما يلزم. والأدوية الموصوفة يفترض أن تخفف من الأعراض وتُحسن من وضع تأزم القلب وتقي من تفاقم القصور حتى ولو لم يكن ناتجاً عن هذه الحالة أي عارض. ويفيد جداً تغيير نمط الحياة. وتذكروا دائماً أن هذا المرض، مرض قصور القلب، قد يصبح خطيراً إذا لم تتم معالجته!
قصور القلب داء. والقلب مضخة إذا قصّر يتعطل المحرك وترتبك المواسير وتتوقف المركبة. والمركبة كي تبقى تسير، بلا أعطالٍ طارئة، تحتاج الى أن تحبوا أنفسكم، بقلوبٍ تخفق، بلا تقصير!.
نوال نصر
ثورة القلب: صمامات تقريباً أصلية!
حين يثور القلب قد يولد الحقد الكبير أو المرض الشديد أو الكراهية الهائلة، لكن حين يثور طب القلب قد تظهر حلول وآفاق! أمراض القلب والأوعية الدموية تعيش ثورة من نوع جديد، هي ثورة الصمامات الطبيعية، مئة في المئة، القابلة للامتصاص في الجسم بديل تلك المعدنية التي كانت تتسبب بانعكاسات مختلفة.
البروفسور في مؤسسة باستور في تولوز – فرنسا جان فاجاديت تحدث، في لقاء في فندق البستان، عن ثورة طب القلب التي تمثلت في انتاج نوع جديد من الصمامات القادرة على تلافي تخثر الدم في الجسم، الذي قد تتسبب به المواد المعدنية التي كانت تُزرع في السابق وبينها مادة النيكل.
قابلية الصمامات الجديدة لتتفاعل ايجاباً في الجسم كبيرة، دون أي حاجة الى تبديلها بعد فترة زمنية كما كان يحصل مع الصمامات الميكانيكية المعدنية، كما أنها تختلف أيضاً عن الصمامات البيولوجية، كونها مصنوعة من مادة تشبه في عملها، بنسبة كبيرة جداً، عمل الصمامات الأصلية في الجسم. وهذه الصمامات الحديثة لا تتطلب تناول أدوية مدى الحياة، كما كان يحصل مع النوعين الأولين، من أجل منع عودة تضيق الصمام أو حدوث تجلط.
ثورة صمامات القلب الجديدة أمل جديد عند مرضى القلب أولاً وعند كل الآخرين الذين يفترض أن يتذكروا دائماً، كلما سمعوا بوجود داء لا دواء له، أن الطب يتطور وغداً، بعد ساعات، قد يكون أحلى بكثير!