سياسة لبنانيةلبنانيات

الفتنة دقت الباب والجنوب التهب والمصير على المحك والدولة غائبة

الاحداث الخطرة وتهديدات الخارج ووجع الناس لم تدفع الى تشكيل حكومة

يبدأ اليوم اسبوع جديد لن يكون مختلفاً عن الايام والاسابيع السابقة الا بزيادة الضربات التي تنهال على المواطنين من كل حدب وصوب في ظل غياب تام للمسؤولين. وكان ينقص هذا الشعب المقهور الهم الامني يضاف الى هموم الكهرباء والماء والدواء، والمستشفيات وغيرها وغيرها، حتى برزت في الاونة الاخيرة ملامح الفتنة التي هي اشبه بالنار في الهشيم تأكل كل ما تصادفه في طريقها.
الاسبوع الماضي توتر الجو في منطقة خلده بين العشائر وحزب الله ووقعت اشتباكات دامية واطلاق نار وكمائن سقط خلالها قتلى وجرحى وتدخل الجيش واستطاع ان يعيد الهدوء الحذر غير ان النفوس بقيت مشحونة والاجواء متوترة، واسباب الخلافات قائمة. وتدخل الوسطاء بين الطرفين واعادوا تهدئة الوضع ومنعوا الفتنة.
ولم تمض ايام حتى اشتعلت في الجنوب واقدم مجهولون على اطلاق صواريخ باتجاه الاراضي المحتلة، فسارع العدو الى الرد متجاوزاً الاعراف واستخدم الطيران لاول مرة منذ العام 2006. وفي اليوم التالي رد حزب الله بعدد من الصواريخ باتجاه مزارع شبعا المحتلة. هذه الاحداث تخللها حادث خطير، اذ اقدم اهالي شويا في قضاء حاصبيا على توقيف عناصر من حزب الله وراجمة صواريخ ومنعوهم من اطلاق النار من بلدتهم خوفاً من الرد الاسرائيلي، وتبع هذا الحادث. سلسلة احداث في صيدا وعاليه كادت تشعل نار الفتنة، لولا تدخل العقلاء لانفجر الوضع الى ما لا تحمد عقباه. كل ذلك ولم نشهد اجتماعاً واحداً بين المسؤولين للتداول في ما جرى. فالى متى هذا الاستخفاف بالبلد وبالمواطنين؟ ولماذا حتى الساعة رغم كل الوعود لم تبحث الاستراتيجية الدفاعية؟ فلو كانت الدولة ممسكة بزمام الامور وبقرار السيادة على اراضيها لتغير مسار الاحداث ولكننا لا نعلم لماذا هذا الغياب ولمصلحة من. اذا كان المسؤولون غير قادرين على بحث الاستراتيجية الدفاعية فلماذا لا يعلنون ذلك على الملأ، وان كانوا قادرين ولا يقدمون فان ذلك يعتبر جريمة بحق الوطن والشعب.
كل هذه الاحداث الخطيرة التي يعتبر كل حدث منها مدمراً للبلاد يضاف اليها الويلات التي تلحق بالمواطنين من انقطاع الكهرباء والمياه والادوية والمسلتزمات الطبية، وضعف العناية الصحية وتردي الاوضاع التربوية وغيرها وغيرها. كل ذلك لم يجعل المسؤولين يحركون ساكناً لتشكيل حكومة تنصرف الى معالجة هذه الكوارث بمساعدة المجتمع الدولي الذي يشترط على المسؤولين قيام هذه الحكومة لتبدأ بالاصلاحات وهو على استعداد للمساعدة على الانقاذ. ففي ظل اي سلطة نحن نعيش؟
بعد الاجتماع الاخير بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف حاول الرئيس نجيب ميقاتي بث اجواء تفاؤلية في محاولة منه لتهدئة الغضب العارم الذي يسود المواطنين من جراء تصرف المسؤولين. واستبشر الجميع خيراً واملوا بان تولد الحكومة خلال ايام. ولكن سرعان ما تبدد هذا التفاؤل وتبين ان الخلاف على الحصص والحقائب والمكاسب لا تزال كما هي، دون ان تكون لدى الاطراف المتخاصمة اي نية في تغيير مواقفها رغم أنين وغضب الداخل ونداءات الخارج واستغرابه من هذه المواقف المضحية بمصالح وطن وشعب خدمة لمآربهم الخاصة.
هذا الاسبوع يعاود الرئيس المكلف زيارة بعبدا، ولكن دون اي تفاؤل باحتمال الحلحلة. فلماذا اذاً يستمر هذا الحوار؟ لقد وعد بان مدة التكليف لن تطول فاما التأليف واما الاعتذار، فهل اصبح هذا الاعتذار قريباً بعدما سدت جميع طرق التأليف؟
والغريب اكثر واكثر هو موقف هذا الشعب الذي يمكن وصفه بالمتقاعس. لقد وعد اهالي ضحايا المرفأ واركان المجتمع المدني بان ما بعد 4 آب لن يكون كقبله، واستبشر اللبنانيون خيراً، لان الشعب وحده قادر على التغيير كما حصل في عدد من الدول العربية، الا ان فألهم خاب لان الامور بقيت على حالها، لا ضغوط شعبية ولا تحركات. وكأن الذكرى وذيولها انتهت مساء 4 آب. حتى في ايران حيث يواجه المتظاهرون بالقمع العنيف تتواصل التحركات رغم سقوط قتلى وجرحى واعتقالات، فلماذا هذا الاستسلام عندنا؟ هل يتبرع احد بالاجابة على هذا السؤال؟
لقد فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات على السياسيين والمعرقلين ولكنها لم تؤثر في مواقف المسؤولين، وها هي الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات على لائحة من الاسماء فهل يساعد كل ذلك على زحزحة المعنيين عن عنادهم؟ اننا نشك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق