افتتاحية

اعيدوا ليرة واحدة من الاموال المنهوبة… فنصدقكم

في مشهد اشبه بافلام جيمس بوند البوليسية تم تهريب النواب الى داخل مجلس النواب، تماماً كما حصل لدى اقرار الموازنة، وفي يوم واحد اقتنع النواب الراغبون بالقاء كلمات خلال الجلسة، خصوصاً وانها كانت منقولة على شاشات التلفزة، والغوا اطلالاتهم فصوت مجلس النواب على الثقة بالحكومة ونالت 63 صوتاً من اصل 84، وهي ثقة هزيلة بالنسبة الى ما كانت الحكومات السابقة تحصل عليه. والمهم ليس عدد الاصوات، لان الحراك المدني الذي صعّد معارضته لهذه الحكومة، حجب الثقة عنها، وهذا هو الاهم، ذلك ان التظاهرات الضخمة التي تملأ الشوارع منذ اكثر من مئة وثلاثين يوماً، ضد الطبقة السياسية مطالبة برحيلها، اسقطت الشرعية عن النواب انفسهم، فكيف يعطون مما لا يملكون؟ وما رأي دول الدعم بهذه الحكومة التي رفضها الحراك، وهل لا تزال مستعدة لدعم لبنان وانقاذه من الازمة التي يتخبط فيها؟
وزارة الخارجية الفرنسية وممثل الامم المتحدة في لبنان، والمسؤول الاميركي ديفيد شنكر، كانوا واضحين وصريحين، فاكدوا ان لا مساعدات قبل ان تنفذ الحكومة اصلاحات جذرية ترضي الشعب، وتعيد اليه الثقة المفقودة، فهل ستتمكن الحكومة من اجتياز الامتحان وتحقيق ما هو مطلوب منها؟ خصوصاً في ما يتعلق بشفافية الاقتصاد والوضع المالي ومكافحة الفساد واستقلال القضاء؟ وماذا عن سعر صرف الدولار الذي يسجل في كل يوم ارقاماً تصاعدية؟ وهل ان اللبنانيين لا يزالون قادرين على تحمل هذا الانهيار؟ وما هي التدابير التي ستتخدها الحكومة لضبط الاسعار التي فاقت كل التوقعات، وقد استغل التجار واصحاب السوبرماركات غياب الدولة والرقابة الصارمة، وفرضوا اسعاراً خيالية اصبح نصف الشعب اللبناني ان لم يكن اكثر، عاجزاً عن تحملها. فهل ان حكومة دياب قادرة على اعادة الامور الى نصابها ولجم الجشع، ووقف التدهور الذي بات يهدد بثورة جياع، اذا اندلعت ستقضي على كل ما يصادفها في الطريق؟ والطبقة السياسية سبب هذه الازمة ستكون في طليعة الاهداف للثورة.
نسمع كثيراً وفي كل يوم المسؤولين يرددون معزوفة استرداد الاموال المنهوبة، ولكن خطوة واحدة في هذا المجال لم تتخذ، فهل تعود الاموال بالتصاريح والخطابات والوعود التي تبقى حبراً على ورق؟ دلونا على دولار واحد، لا بل ليرة لبنانية منهوبة عادت الى خزينة الدولة، فنصدقكم. انتم تركضون اليوم وراء صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات المالية طالبين المساعدة، وتترجون الدول الصديقة لدعمكم، فلماذا كل هذا الاذلال؟ ان الحل موجود بين ايديكم ولكنكم لا تجرأون. ان تطبيق القوانين المرعية الاجراء، وهي كافية على حد قول احد النواب، يعيد اليكم المال المنهوب الذي يكفي ويزيد، وهو بمئات المليارات، لاعادة لبنان الى الطريق الصحيح والسليم، فلا تعودون بحاجة الى مد اليد والارتهان للخارج، الذي لم يقرر بعد مساعدتكم، وهو ينتظر تطبيق شروطه. حتى الدول العربية الشقيقة، وفي طليعتها دول الخليج القادرة على المساعدة، هل سمعتم كلمة واحدة منها توحي بالدعم؟ كلا! وهي لا تحجم عن عدم محبة للبنان، بل عن عدم ثقة بالطبقة السياسية التي لا تزال تعمل من وراء الكواليس، عبر وزراء كانت للسياسيين اليد الطولى في اختيارهم، فتقاسموا الحكومة حصصاً كل حسب حجمه، فهل هكذا يتم الاصلاح؟
ثم ان الناس يتساءلون اين الخطة الصريحة والواضحة، للخروج من الازمة؟ ووفق اي روزنامة واي توقيت؟ فعلام تتكلون؟ انكم تطلبون مساعدة صندوق النقد الدولي والخبراء الدوليين، وتنتظرون الفرج من السماء، فعن اي اصلاح ووفق اي خطة تتحدثون؟ هل اعددتم الملفات التي تتضمن المشاريع الملحة والضرورية وفي طليعتها كما ذكرنا استعادة الاموال المنهوبة، وعلى الاقل كشف تهريب الاموال الذي وجه ضربة للوضع الاقتصادي والمالي، واستعادتها الى لبنان، ومعاقبة المسؤولين عن هذا العمل الذي اقل ما يقال فيه انه غير وطني؟
ان معالجة المرض الخطير بالمسكنات لا يجدي ولا يوصل الى اي نتيجة سارعوا الى وضع قانون انتخاب جديد يضمن التمثيل الصحيح، وتجرى انتخابات مبكرة على اساسه، بذلك يتخلص البلد من هذه الطبقة السياسية المهيمنة على حياتنا منذ عقود طويلة ويعاد بناء وطن جديد يكون على مستوى البلدان الراقية، وهذا ما يستحقه الشعب اللبناني بعدما عانى ما عانى من هذه الطبقة السياسية.
واخيراً لا اخراً ان المصارف تلاعبت باموال الناس وبددتها، واضاعت عليهم جنى عمرهم فهل من يحاسب؟ الهذا الحد اصحاب المصارف محميون ولا يجرؤ احد على مساءلتهم؟ ومن يعيد الودائع الى اصحابها قبل ان يفلت الامر من ايدي المسؤولين ويخرج عن السيطرة وعندها تكون الكارثة. فكروا جيداً واعملوا، والا خذوا بنصيحة مطران بيروت للموارنة يوم عيد مار مارون وارحلوا، واتركوا المسؤولية لمن هم اهل لها، او برهنوا على انكم على قدر هذه المسؤولية.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق