الاقتصادمفكرة الأسبوع

لو اغلق مضيق هرمز

يعتبر المراقبون ان مضيق هرمز هو في رأس قائمة الأهداف التي تملكها ايران في حال ردها على أي هجمات أميركية على أهداف سورية. فما الذي يحدث لو اغلق مضيق هرمز؟

كلما كان موعد «الضربة العسكرية المحدودة» الاميركية لسوريا يقترب كانت الأنظار تتجه صوب مضيق هرمز الذي يعتبر اهم شريان يضخ «الدم الاسود» في جسم العالم، ولطالما مثلت ايران السيف المصلت فوق هذا المضيق، تارة بمرابطة السفن الحربية الايرانية في هذا المعبر، وطوراً بالتهديد بقصف كل جسم يعبر هذا المضيق، ومنذ أيام واسابيع قليلة تسربت معلومات حول اقدام ايران على افتعال تسرب نفطي في مياه المضيق.

تسرب او لا تسرب
وفي هذا المجال أعلن النائب الايراني جواد كريمي ان أكثر من نصف أعضاء البرلمان ايدوا مشروع قانون يهدد بإغلاق مضيق هرمز امام ناقلات النفط، رداً على العقوبات الأوروبية المفروضة والتي ستفرض على الخام الايراني، حيث وقع 150 من بين 290 عضواً على مشروع القانون.
وعلى الرغم من ان البرلمان لا يملك أي سلطة في السياسة الدفاعية والخارجية، حيث يرجع القرار الفصل للزعيم الديني آية الله علي خامنئي، الا ان القانون سيعطي دعماً سياسياً لأي قرار بإغلاق المضيق.
ونقلت مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية في تقرير لها ما اعتبرته دعماً لأي قرار يتخذ بإغلاق المضيق، اذ أشارت الى ان قائد الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري صاغ خطة لاحداث كارثة بيئية في مضيق هرمز لقطع الطريق البحري امام صادرات النفط، بهدف رفع العقوبات الإقتصادية المفروضة على طهران.
وأوضح التقرير ان الخطة تتضمن توجيه ناقلة نفط بحيث تصطدم بالصخور في مضيق هرمز – اهم ممر ملاحي لشحنات النفط في العالم – بغية توقف الشحن مؤقتاً بسبب التلوث لمعاقبة الدول العربية المجاورة المعادية لإيران، ولاجبار الغرب على المشاركة في عمليات تنظيف المياه على نطاق كبير، وربما تعليق العقوبات على طهران.
لكن وسائل اعلام ايرانية اشارت الى ان ايران نفت الاتهامات الموجهة لقوات الحرس الثوري الايراني، والتي أفادت بعزمها على التخطيط لكارثة بيئية في مضيق هرمز، واستغلالها في رفع العقوبات الدولية المفروضة على البلاد. ويأتي هذا النفي في أعقاب ما نشرته صحيفة «دير شبيغل» الالمانية.

لو اغلق المضيق
وفي حال اغلاق المضيق فعلياً، فإن مسار تصدير النفط السعودي سيتعرض للبلبلة، وسيطاول، بحسب محللين واختصاصيين، نحو 40% من الخام السعودي المصدر. وتوقع عضو «جمعية الاقتصاد السعودية عصام خليفة ان تلقي الضربة العسكرية لسوريا بظلالها السلبية على اقتصادات العالم، واقتصادات المنطقة، على المديين القصير والطويل. واشار الى ان اسواق المال العالمية بصفة عامة، والسوق السعودية بصفة خاصة، ستتأثر سلباً على المدى القصير، حيث سيتعرض سوق المال لبعض الخسائر التي بدأت تظهر منذ ايام عدة.
واذا انتقلنا الى التقرير الأسبوعي الصادر عن شركة «الشال» الكويتية للإستشارات لوجدنا «ان التهديد بإغلاق المضيق يتكرر لكنه لم يتحقق ولو لمرة واحدة على مر التاريخ. واذا تم اغلاقه – وذلك لن يحدث – فلن يتم الا لفترة محدودة لن تؤثر كثيراً على امدادات النفط.
وأكد التقرير انه اذا اغلق المضيق فسيكون ضرره أكبر على مستهلكي النفط، اذ من المفترض ان يمنع نحو 17 مليون برميل يومياً من المرور الى الأسواق، تمثل نحو 20% من انتاج النفط العالمي، ونحو 40% من صادرات النفط أو من تجارة النفط العالمية.
وأوضح ان أكبر المتضررين من المستهلكين ستكون دول آسيا أكبر المستوردة لنفط الخليج، وأهمها الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية، وبعضها صديق لإيران. وأكبر الضرر في جانب الدول المنتجة سيقع على ايران نفسها، ثم العراق، رغم منافذ الشمال للأخيرة، بسبب أوضاعهما الصعبة اقتصادياً؛ ولأن معظم احتياجاتهما، ما عدا النفط، مصدرها المضيق نفسه. اما دول الخليج الاخرى فستكون أقل ضرراً بسبب ما لديها من فوائض مالية لتعويض حصيلة الصادرات النفطية لبعض الوقت.
واضاف التقرير ان ايران لن تغلق او تحاول اغلاق الممر، لأن تاريخها، الذي يشمل 8 سنوات من الحرب مع العراق، اضافة الى احداث الصدام العسكري في عام 1988 في الممر مع الولايات المتحدة، لم تقدم دليلاً واحداً على رغبتها في اغلاقه رغم تصريحاتها المتكررة عبر التاريخ بإحتمال اغلاقه.

تحوط
والجدير ذكره، ان بعض دول الخليج تتحوط لأي اغلاق للمضيق من خلال تنويع اجراءاتها في هذا المجال. وعلى هذا الصعيد، أعلن رئيس مجلس ادارة شركة النفط العمانية ناصر الجشمي ان سلطنة عمان تدرس بناء منشأة لتخزين ما يصل الى 200 مليون برميل من النفط الخام بأمان خارج مضيق هرمز، لتكون بذلك أكبر من أي مستودع للتخزين في العالم، ما يمكنها من تجنب تداعيات اغلاق المضيق الذي يمر عبره ما يزيد عن ثلث تجارة النفط المنقولة بحراً الى العالم يومياً.
اما دولة الإمارات، من جهتها، فقد قطعت الطريق على ايران قبل ان تقوم هذه الأخيرة بقطع طريق مضيق هرمز، واسقطت من يدها السلاح الذي يمكن ان تلجأ اليه طهران في حال لجوء الغرب الى منعها من بيع نفطها الى دول مختلفة في العالم. ومنذ ايام قليلة، أعلنت الامارات عن البدء بتصدير اول شحنة نفط عن طريق ميناء امارة الفجيرة التي تقع على الساحل الشرقي للدولة المطل على خليج عمان، اي خارج نطاق الدول التي تطل على الخليج العربي، وتبلغ هذه الشحنة 500 ألف برميل، وتتوجه الى باكستان.
وتأتي هذه الشحنة بعد انتهاء مد وتشغيل خط انابيب «حبشان» الذي بوشر بتنفيذه قبل اربع سنوات لنقل النفط من مناطق سابقة تطل موانئها على الخليج العربي، مثل امارات دبي، والشارقة، ورأس الخيمة، وابوظبي المصدر الرئيسي لنفط البلاد الى مرفأ التصدير في الفجيرة بدون المرور عبر مضيق هرمز.
ويبدو جلياً الهدف الاستراتيجي لهذا المشروع الاماراتي ذي الابعاد الاقتصادية والامنية والسياسية، والذي بدأت بتنفيذه حكومة ابوظبي الممولة للمشروع بكلفة نحو 4،2 مليار دولار، وهي الامارة الغنية بالنفط (تنتج نحو 90% من نفط البلاد). وتلطيفاً لهذا الهدف، اعلن وزير نفط الامارات عن ان هذا المشروع «يهدف الى منح الامارات خيارات أكثر لنقل كميات أكبر من النفط ويمكنها من اختيار أكثر من طريق تجاري».

 


اغلاق مضيق هرمز
استدراكاً منها لقيام ايران بتنفيذ تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز، قامت الولايات المتحدة بتعزيز اسطولها الخامس بإرسال اربع كاسحات الغام الى الخليج.
ويجمع المراقبون على ان المضيق هو اهم ممر لناقلات النفط في العالم حالياً، حيث يعبره يومياً 17 مليون برميل. ويبلغ عرضه نحو 50 كيلومتراً (43 كلم عند أضيق نقطة)، فيما يبلغ عرض ممري الدخول والخروج فيه نحو ميلين بحريين، اي 10،5 كيلومترات، وتعبره يومياً ما بين 20 و30 ناقلة نفط عالمية، وبمعدل ناقلة كل 6 دقائق في ساعات الذروة محملة بنحو 40% من النفط المنقول بحراً على مستوى العالم، وهذا يعادل أقل من النصف بقليل من انتاج «اوبك» اليومي البالغ نحو 32 مليون برميل يومياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق