واشنطن تتهم الصين رسمياً بالتجسس الالكتروني
وكأن كل جبهات العالم لا تتشابه، فالولايات المتحدة اتهمت الصين رسمياً، وضبطاً قواتها المسلحة، بالاعتداء على انظمتها المعلوماتية الحكومية، وعلى المتعاقدين مع البنتاغون، من اجل تحديد الطاقات العسكرية، التي تستطيع استغلالها في اطار ازمة تنشب بين الدولتين: انها المرة الاولى التي تتهم فيها الولايات المتحدة، مباشرة ورسمياً الصين، بالاعتداء عليها معلوماتياً.
وصفت الصين، هذه التهمة التي وردت في تقرير البنتاغون السنوي، عن حالة الاتحاد الدفاعية، بأنها «لا اساس لها، وغير مسؤولة وبلا مردود». وتشدد بكين على ان سياستها العسكرية، تبقى دائماً سلمية ودفاعية».
وانه لمن الواضح ان هذه التهم تزعج بكين في صورة خاصة، بالرغم من ان وتيرة تبادل تهم التجسس الانترنيتي تصاعدت خلال الاشهر الاخيرة. وكان وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، اثار الموضوع خلال الزيارة التي قام بها الى بكين في نيسان (ابريل) الماضي، وكذلك فعل، بعد اسبوع، رئيس الاركان العامة الاميركية، الجنرال مارتين دمبسي خلال محادثاته مع نظيره الصيني، رئيس الاركان العامة وعضو اللجنة العسكرية المركزية، الجنرال فانغ فنجوي الذي تعهد بان يتعاون مع البنتاغون الاميركي، حول السلامة المعلوماتية، لان الصين تعتبر انها هي، ضحية اعتداءات من هذا النوع، بينما طلبت الولايات المتحدة زيادة التعاون في هذا المجال، اضافة الى ان تبادل الاتهامات في صورة رسمية، وعلى هذا الصعيد، لم يمنع من ترجمة كلام رئيس الاركان العامة الصينية، طلباً اميركياً الى الصينيين لتحويل المعلومات التي تجمعها الاقمار الصناعية الصينية فوق افريقيا الى قوات الولايات المتحدة المنتشرة في بقاع افريقية.
دفاع عن القرار
الخبر، الذي نشرته مجلة «وايرد» قد يبدو متناقضاً مع ما سبق، اذ لم يكن مزحة، ولكنه لقي تأكيداً من مساعد وزير الدفاع الاميركي، لشؤون الفضاء دوغ لوفيرو الذي دافع عن القرار امام لجنة الشؤون العسكرية، في البرلمان. «لان لا خيار آخر»، فالقمر الصناعي الصيني «ابستار – 7» الذي اشترته الصين من الشركة الفرنسية «تالس الينيا سبايس»، بـ 128،5 مليون يورو، هو فعلاً الذي يستطيع تأمين التغطية الفضائية بالموجة العريضة. التي يحتاج اليها العسكر الاميركي في افريقيا وتبلغ قيمة الاتفاقية التي عقدتها وزارة الدفاع الاميركية مع شركة هونغ كونغ «اف. ت ساتلايت هولدينغ» عشرة ملايين دولار في السنة.
وقال دوغ لوفيرو: «اننا نعترف بان من شأن الاعتماد على اقمار صناعية صينية دعماً لقواتنا المسلحة، ان يطرح تساؤلات ولكننا نعترف كذلك بأن قواتنا في حاجة الى دعم، وان علينا ان نبحث عن هذا الدعم، حيث نستطيع ان نجده.
وسعى البنتاغون الى طمأنة النواب، حين اكد انه ستجري حماية المعلومات التي تصل عبر القمر آبستار – 7، من «حشرية» الانظمة الصينية الاعتراضية القوية.
وكانت الصين، اجرت، في السنة الماضية، عمليات اطلاق اقمار صناعية، زاد عددها للمرة الاولى عن عدد الاقمار التي اطلقتها الولايات المتحدة. بما فيها تلك التي ساعدتها على وضع قمري الاتصالات شينستات 12، وآبستار – 7، في مدارهما واللذين يسمحان بتأمين تغطية واسعة للقارة الافريقية، حيث يتزايد حجم الاستثمارات الصينية والتواجد الصيني، الذي تعتبره الولايات المتحدة تهديداً. فالقرارات الاميركية التي ستعتمد القمر الصيني في اتصالاتها، تنتمي الى «القيادة الافريقية» التي انشأتها واشنطن لادارة العمليات العسكرية في افريقيا، لمحاربة التطرف الاصولي ومواجهة التغلغل الصيني.
نشاط في افريقيا
ففي افريقيا ينشط عدد متزايد من القوات الاميركية الخاصة، ومخابرات سي. اي. ايه وشركات امنية خاصة، تضاعف عملياتها ضد ما يسمى القاعدة ومجموعات ارهابية وانقلابية وتمردية. كما اطلق البنتاغون، عملية منافسة تزيد قيمتها عن 50 مليون دولار، لتقديم خدمات جوية الى «القوة الخاصة للعمليات المشتركة عبر الصحراء»، التي تشارك في «عمليات كريك ساند» ضد المجموعات القاعدية الناشطة في منطقة الساحل الافريقي، ودعماً للقوات الحكومية في عدد من دول القارة الافريقية، في مواجهة الارهاب. ومن المقرر، ان تعمل الشركة الامنية الخاصة، التي ستفوز بالمناقصة، في شهر آب (اغسطس)، انطلاقاً من قاعدة واغادوغو، في بوركينا فاسو، ضامنة الف ساعة طيران في السنة، بما فيها مهام عالية الخطورة، واجلاء جرحى في 20 دولة افريقية، تشمل مسارح الصومال ومالي، الحربية.
ولسنا، في اي حال، امام التناقض الاول، الذي نواجهه مع «القيادة الافريقية»، فمقر قيادة «القيادة الافريقية» لا يزال في مدينة شتوتغارت الالمانية لانها لم تجد بعد اية دولة افريقية مستعدة لاستقباله.