«عودة الروح» تفجر ريشة لينا ايدينيان احاسيس
بعد انقطاع سنتين عن الرسم بسبب مشاكل شخصية ومشاكل الحياة، فجرت الفنانة لينا ايدينيان احاسيسها ضمن 33 لوحة زيتية بقياسات كبيرة ومتوسطة وضعتها في متناول الجمهور حتى 23 ايار (مايو) الحالي في غاليري اكزود، الاشرفية – بيروت، تحت عنوان «انفجار الاحاسيس».
على هامش معرضها، تحدثت لينا ايدينيان خلال لقاء مع «الاسبوع العربي» عن مرحلة اعتكافها عن الفن: «لقد مررت في فترة اكتئاب جعلتني اتوقف عن الرسم فشعرت بالحزن وكنت كلما طالت الفترة يتملكني الخوف من الا اقوى على الرسم من جديد، وكانت هذه الفكرة تزيدني حزناً. كان الامر اشبه بالحلقة المفرغة، لكنني استأنفت الرسم بعد الكثير من التشجيع من قبل عائلتي واصدقائي».
عودة الروح
وتشير لينا الى لوحة عنوانها «عودة الروح» التي كانت اول لوحة تنجزها بعد سنتين من الاعتكاف، وعن شعورها في تلك اللحظة قالت: «كنت خائفة جداً كأنني امسك فرشاة الرسم للمرة الاولى، استغرق رسمها لمدة شهر لم اعد اعرف كيف انهيها، كنت سعيدة وخائفة في آن من الا اتمكن من رسم لوحات اخرى بعدها، لكنني في النهاية تغلبت على هذا الشعور واحسست بطاقة كبرى، للعمل وكسرت حاجز الخوف وانهيت باقي اللوحات بالعمل المكثف. وكان ان انجزت خلال 8 اشهر باقي اللوحات.
وهذه اللوحة التي عدت من خلالها الى الرسم اسميتها «عودة الروح» لانني اعتبر ان عودتي الى الرسم مثل عودة الروح اليّ. الحقيقة ان الفن مهم جداً بالنسبة الي ولا شيء اعطاني هذا الفرح الذي اعطاني اياه الفن».
وعن شعورها حين انجزت كل لوحات المعرض؟ تجيب بفرح «حين قمت بصفها كلها جنباً الى جنب كنت غير مصدقة، اعني كان الامر اشبه بالمعجزة هل يعقل انني انا من رسم هذه اللوحات؟».
وفي الواقع، حين نتأمل لوحات لينا ايدينيان المعروضة نلاحظ سريعاً انها اصبحت اكثر نضجاًً، وان هناك تطوراً في الخط السوريالي نفسه الذي اتبعته من البداية، وان الوانها التي لم تزل تدور في فلك الازرق والاحمر صارت اكثر تنوعاً، لان الرسامة صارت اليوم اكثر جرأة في مزج الالوان، وصارت تسيطر اكثر على لوحتها بحكم التجربة والتمرس.
هروب من الواقع
واذا تعمقنا اكثر يتبين لنا ان المجموعة المعروضة كلها تعبر عن المشاعر والاحاسيس، الا ان كل لوحة لها مناسبتها الخاصة وجوّها المختلف، ومما لا شك فيه ان اللوحات بمعظمها تعكس اجواء الحزن الا ان بعضها عبرت فيها الرسامة عن «الامل» والامل الظاهر في اللوحات هو الذي تنشده هي وتبتغيه لذلك تعمل لاظهاره في اعمالها، الا انها في لوحات اخرى لم تستطع ان تخفي حزنها: «في كل الاحوال، الرسم هو طريقة للهروب من الواقع، انها سفرة في الالوان» كما قالت.
وتستوقفنا لوحة بورتريه شخصي للينا عنوانها «حرف ال بالفرنسية»، هذه اللوحة التي تقول انها عزيزة على قلبها لانها تجد نفسها فيها نلاحظ انها تعكس بدورها اجواء الكآبة لكنها تظهر في آن امرأة عنيدة تتحلى بالعنفوان كأنها تقول للكل «انا هنا قبلت التحدي وجاهزة للمعركة». والى جانب هذه اللوحة نجد بورتريه لاولادها تحت عنوان «ابنائي الاحباء» واللوحتان ليستا للبيع.
وبالمناسبة فان لينا ايدينيان لا تهتم بالبيع بقدر اهتمامها بالاشخاص الذين يزورون المعرض للاطلاع كما قالت.
بالاجمال اللوحات كلها معبرة، عميقة تدعو الزائر الى التفكير وهذا ما تريده الفنانة ولا يسوءها ان ترجم احدهم اللوحة بغير ما قصدت، لان كل شخص يراها بحسب نظرته وخبرته. واشارت الى انها كانت تفضل عدم وضع عناوين للوحات كي لا توحي للمشاهد بفكرة معينة، اما هي فتجد صعوبة في التحدث عن اعمالها لانها لو كانت تجيد الكلام لما لجأت الى الرسم لتعبر من خلاله عن نفسها.
اما في ما خص الاسلوب السوريالي الذي اتبعته الفنانة منذ البداية وسارت على خطى سلفادور دالي الذي تعتبره عبقرياً، فهي ليست في وارد تغييره لانه يتيح لها الخروج من الواقع وخلق واقع اخر مختلف وهذا الخط الهمها لتكون اكثر جرأة من الداخل وهي لا تلفتها الامور العادية بل غير الاعتيادية.
الفن والصيدلة
لينا ايدينيان من مواليد 1972 بدأت ترسم منذ طفولتها وهي على مقاعد الدراسة، لكن شاءت الظروف ان تدخل مجال الصيدلة فتخرجت من الجامعة اليسوعية عام 1996 واتخذت من الصيدلة مهنة تعتاش منها بعد ان افتتحت صيدليتها الخاصة، لكنها لم تتخل ابداً عن حلم الرسم حيث كانت ترسم دائماً في اوقات الفراغ الا ان الموهبة عادت تلح الى ان قررت ان تتلقى دروساً خاصة وجدية ومكثفة حول اصول الرسم خلال عامي 2003 و2004، وفي تلك الفترة بدأت مشاركاتها في معارض جماعية في لبنان وسوريا وشعرت انها بفضل الرسم ولدت من جديد ورسمت حول موضوعات المرأة والامومة والامل وغيرها.
وبنظر لينا ايدينيان ان الفن غير بعيد عن الصيدلة لانه ان كان الدواء يشفي من الامراض فان الفنون تساعد الناس على الشفاءايضاً، خصوصاً من الامراض النفسية و«السترس» وتنشر الفرح والامل.
كوثر حنبوري