8 اذار ترفع منسوب مطالبها وسلام يتمسك باعلان بعبدا والنأي بالنفس
تحاشى الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في اطلالته المتلفزة الاخيرة التطرق الى الاوضاع المحلية، مكتفياً بالحديث عن الملف السوري بعدما قدّم موعد اطلالته التي كانت معلنة في 9 ايار (مايو). فتسارع الاحداث والتطورات في سوريا، حتم تقديم موعد الاطلالة مع الاحتفاظ بموعد التاسع من ايار (مايو) للبحث في الاوضاع المحلية وتحديد الموقف من موضوع تشكيل الحكومة الى صيغة قانون الانتخاب وما يتردد عن تمديد للمجلس النيابي.
على رغم عدم تطرق نصرالله في اطلالته الاولى الى الوضع الداخلي، الا ان ما قاله ترك تأثيره على المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة بين الرئيس المكلف تمام سلام والاطراف السياسية وتحديداً قوى 8 اذار، واعاد البحث الى المربع الاول وساهم في خلط الاوراق وادخال تعقيدات على مشاورات التأليف. ويقول احد نواب تيار المستقبل، «لقد اطلقنا يد الرئيس تمام سلام لتشكيل الحكومة ولم نقدم اي اقتراح وليس لدينا اي مطلب لجهة الاسماء او الحقائب، فطبيعة الحكومة محددة باجراء الانتخابات، وعمرها مرتبط بانتهاء العمليات الانتخابية.
وينصرف سلام لمعالجة مطالب وشروط قوى 8 اذار، وقد ابلغه وفد منها «انها تصر على الثلث المعطل اي 9 مقاعد من اصل 24 على ان يكون التمثيل وفق الاوزان والاحجام، وعلى رفض المداورة في الحقائب وتمسك التيار الوطني بحقيبتي الطاقة والاتصالات وحلفائه بالخارجية والعدلية، وعلى الاصرار على حكومة سياسية تضم نواباً وحزبيين ومرشحين للانتخابات، لانه لا يوجد في الدستور ما يمنع ذلك. ولم يجار الرئيس سلام وفد 8 اذار وابلغه بمواقفه وبالمعايير التي ينطلق منها لتشكيل الحكومة، وحدد المواصفات المفترض توافرها في التوزير: الا يكون مرشحاً ولا حزبياً ولا شخصية نافرة او صدامية. ودعا سلام وفد 8 اذار الى بحث الامر والعودة اليه بموقف موحد. ولم ينتقل البحث في مواضيع اخرى تتعلق بالموضوع الحكومي بحيث اقتصر على حجم التمثيل وحصة قوى 8 اذار فقط على ان يتطرق الى المواضيع الاخرى ذات الصلة بعد الاتفاق على الحصة.
تبريرات
وتعزو اوساط 8 اذار اصرارها على الثلث الضامن الى خشيتها من عودة 14 اذار الى السلطة، خصوصاً ان سلام اعلن ترشحه من بيت الوسط، اضافة الى انه محاط بمستقلين يحاولون معه الالتفاف على قوى 8 اذار مما يخلق هواجس لديها ويحملها على المطالبة بضمانات كافية. وترفض قوى 14 اذار ما يتردد عن صفقة شاملة بين الحكومة وقانون الانتخاب والتمديد لمجلس النواب، سواء كان تمديداً تقنياً او تمديد نصف ولاية، وتطالب بتأليف الحكومة واجراء الانتخابات وفق القانون الذي يتم الاتفاق عليه. الا ان اطرافاً سياسية تربط بين الاتفاق على قانون الانتخاب وتشكيل الحكومة على اعتبار ان اي اتفاق على قانون الانتخاب يسهل التأليف. ويعارض العماد ميشال عون بشدة اي تمديد من رأس السلطة الى اخر ضابط، ويصر على طرح الارثوذكسي على التصويت في 15 الجاري. ويعتبر وزير سابق تاريخ 15 ايار (مايو) محطة مفصلية، فاذا لم يتم الاتفاق على قانون الانتخاب اصبحت البلاد امام خيار التمديد القسري سواء التقني او الاداري لمجلس النواب، والرئيس ميشال سليمان يصر على الاتفاق على قانون الانتخاب قبل اي تمديد على اعتبار ان القانون عندما يتم الاتفاق عليه يحدد تاريخ اجراء الانتخابات واي تمديد يكون محدداً للالتزام بالاستحقاق الجديد. وامام هذه المعطيات يسعى سلام الى حكومة تمثل الجميع لانه يتجنب حكومة ازمة في هذا الوضع ويحاول مع الرئيس سليمان والنائب جنبلاط ايجاد المخارج من الازمة القائمة والدفع الى تشكيل الحكومة سريعاً اذا تجاوب جنبلاط وتخلى عن هواجسه وعن التزاماته الادبية، بان تضم الحكومة كل المكونات السياسية وخصوصاً الثنائي الشيعي الذي يحرص جنبلاط على تمثيله كما يحرص على علاقته المميزة مع الرئيس نبيه بري. ويعزو احد المراقبين عدم تشكيل الحكومة الى غياب كلمة السر كما حصل عام 2008 في مؤتمر الدوحة. ويرى وزير سابق ان سبب تأخير التشكيلة يعود الى حرص الرئيسين سليمان وسلام على التمسك بجنبلاط الذي يحرص على التمسك بدوره ببري، والى عدم ورود كلمة السرالضرورية للانتقال الى التشكيل والتي بات المعنيون ينتظرونها قريباً.
8 اذار تريد الفراغ
على رغم كل هذه المعطيات يستبعد عضو في قوى 14 اذار ان تشارك قوى 8 اذار في الحكومة خصوصاً بعد مواقف نصرالله الاخيرة في شأن التطورات في سوريا. فلو كانت تريد المشاركة لكانت اطلقت يد سلام كما فعلت قوى 14 اذار، بعدما اجمع 124 نائباً من اصل 128 على تسمية سلام. ويؤكد نائب في المستقبل ان 8 اذار ترفع سقف مطالبها لانها لا تريد تشكيل الحكومة ساعية الى الفراغ في المؤسسات لانه يناسبها في هذا الظرف، ويتيح لها طرح المؤتمر التأسيسي الذي ألمح اليه نصرالله في احدى اطلالاته. فلو تم الاتفاق بين قوى 8 اذار والرئيس سلام على الاوزان والاحجام والحصص وتجاوب الاخيرمع كل مطالب قوى 8 اذار للتأليف، فقد يتجدد الخلاف بينهما حول البيان الوزاري.
وأكد نصرالله في اطلالته في 30 نيسان (ابريل) الماضي وجود مقاتلين للحزب في سوريا لحماية لبنانيين في قرى سورية معظمهم شيعة ومقام السيدة زينب. وهذا يعني ان نصرالله اسقط اعلان بعبدا الذي وقع عليه النائب محمد رعد باسم الحزب، وضرب صيغة الطائف وانهى سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها حكومة نجيب ميقاتي وكان الحزب ممثلاً فيها، ولم يلتزم يوماً بهذه السياسة. ويقول وزير سابق ان هذا هو لبنان والجميع يعرف كل شيء وان عبقرية اللبناني قد تستنبط صيغة توافقية تجمع بين اصرار سلام على اعلان بعبدا وعلى سياسة النأي بالنفس ومطالبة الحزب بمعادلة: الشعب والجيش والمقاومة. فالرئيس سلام الذي يسعى الى «حكومة تعمل لا حكومة متاريس وحكومة الناس لا حكومة القوى السياسية»، هل يقبل بالازدواجية في الحكومة في هذا الظرف وضرب اعلان بعبدا الذي يسعى الى ترجمته عبر المؤسسات؟ علماً ان هذا الاعلان اصبح من وثائق الامم المتحدة واعترفت به الجامعة العربية ويدعو المسؤولون الذين يزورن لبنان الى الالتزام به كما اعلن المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف عندما زار لبنان مؤخراً.
ف. ا. ع